إعلان دمشق.. هل يصلح مدخلا للتغيير في سوريا؟

In صالون بن رشد by CIHRS

في السادس عشر من شهر أكتوبر الماضي أعلنت مجموعة من المثقفين والشخصيات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني السورية عن إصدار “إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي” أكدوا خلاله على ضرورة تعبئة الطاقات السورية في مهمة تغيير إنقاذية تخرج البلاد من صيغة الدولة الأمنية إلى صيغة الدولة السياسية لتتمكن من تعزيز استقلالها ووحدتها ويتمكن شعبها من الإمساك بمقاليد الأمور في بلاده والمشاركة في إدارة شئونها بحرية.
وأكد الإعلان أن إقامة النظام الوطني الديمقراطي هو المدخل الأساسي في مشروع التغيير والإصلاح السياسي ودعا إلى نبذ الفكر الشمولي والقطع مع جميع المشاريع الإقصائية والوصائية والاستئصالية تحت أي ذريعة كانت تاريخية أو واقعية ونبذ العنف في ممارسة العمل السياسي، كما طالب ببناء دولة حديثة يقوم نظامها السياسي على عقد اجتماعي جديد ينتج عنه دستور ديمقراطي عصري يجعل الموطنة معيارا للانتماء ويعتمد التعددية وتداول السلطة سلميا وسيادة القانون في دولة يتمتع جميع مواطنيها بذات الحقوق والواجبات. مشيرا إلى ضرورة إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا وتنظيم الحياة السياسية والإعلام والانتخابات وفق قوانين عصرية توفر الحرية والعدالة والفرص المساوية أمام الجميع.
وقد كان إعلان دمشق حوارا لحلقة نقاشية ساخنة شارك فيها لفيف من الفعاليات السورية -في إطار صالون ابن رشد- وأدارها بهي الدين حسن مدير المركز تحت عنوان “إعلان دمشق.. هل يمثل بوابة للتغيير في سوريا؟” وذكر بهي أن صدور هذا الإعلان تلاه ردود أفعال واسعة سواء داخل سوريا أو خارجها، مرجعا ذلك لكون الإعلان يحمل في طياته –حسب كثير من المراقبين- برنامجا شاملا للإصلاح الديمقراطي في سوريا وأنه وقع عليه عند إعلانه عدد من أهم الفاعليات السياسية الحزبية والمدنية، ثم انضم إليه لاحقا عدد آخر من الفاعليات، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين.
وبدأ الحديث د.رضوان زيادة الكاتب السوري المعروف الذي تحدث عن التطور التاريخي لولادة إعلان دمشق، مشيرا إلى أنه منذ عام 2000 بدأ حراك ونشاط المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في سوريا وبداية ما سمى بـ “ربيع دمشق عبر المنتديات الحوارية والثقافية في عدد كبير من المحافظات السورية.
استطرد زيادة مشيرا إلى أن المنظمات المجتمعية السورية حاولت انتزاع الحق في التعبير و”مأسسة” هذا الحق عبر تشريعات قانونية، لكنها لم تفلح وانتهى “ربيع دمشق” باعتقال عشرة من الناشطين ما زال بعضهم داخل السجون السورية، مضيفا أنه بعد ذلك مر المجتمع المدني السوري بفترة مد وجزر. وأضاف أن سقوط نظام صدام حسين والبعث في العراق في مارس 2003، بدا كلحظة مفصلية أشعرت السوريين بخوف حقيقي حول مستقبلهم مفسرا ذلك بأن الاحتلال الأمريكي جاء للعراق بحجة التحرير، وبدا ذلك صدمة بالنسبة للمثقفين والناشطين العرب عموما والسوريين على وجه الخصوص.
أضاف زيادة أنه هنا بدأ التفكير في نشاط جدي نحو بناء قدرات مجتمع مدني سوري ودخلت المعارضة والمنتديات التي أوقفت –وآخرها كان منتدى جمال الأتاسي- في حوار وجدل داخلي حول ضرورة التوافق على برنامج ما ومن هنا بدأ عمليا التفكير في صياغة وثيقة تتضمن برنامجا للتغيير المرحلي الديمقراطي التدريجي، مشيرا إلى أنه بدأ التفكير جديا في صياغة الوثيقة في مارس 2005من بعد تداعيات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
استطرد زيادة مشيرا إلى أن التجمع الوطني الديمقراطي لعب دورا كبير في احتضان هذه النقاشات والصياغات والحوارات مع الأحزاب الأخرى، سيما لجان إحياء المجتمع المدني والأحزاب الكردية وحزب العمل الشيوعي وغيره من الأحزاب، وصولا إلى الصياغة النهائية للإعلان.
ذكر الدكتور زيادة أن إعلان دمشق واجه عدة انتقادات يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسية أولها جاء من قبل القوميين، بدعوى أن هناك تخفيفاً في سياسة سوريا العروبية والقومية، رغم أن روح البيان أكدت على ضرورة الانتماء للمنظومة العربية بوصفها سياسة مبدئية، والتمييز بين مفهومي الأيديولوجيا القومية والعروبة، مشيرا إلى أن مفهوم الأيديولوجيا القومية قد سقط، في حين يظل مبدأ العروبة القائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان صالحا لدمشق في دورها الوطني والديمقراطي في التغيير.
أضاف زيادة أن الانتقاد الثاني تم توجيهه فيما يخص القضية الكردية رغم أن هناك بعض الأحزاب الكردية، التزمت بالإعلان ووقعت عليه مثل التحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الوطنية الديمقراطية الكردية، مشيرا إلى أن الإعلان أكد على ضرورة إيجاد حل ديمقراطي عادل وشامل للقضية الكردية، ولكن في نفس الوقت ضمن سلامة المتحد الوطني السوري كأرض ووطن وشعب للجميع بدون استثناء.
أما النقد الثالث –حسب زيادة- فيتعلق بعلاقة الإعلان بالأقليات الدينية، مشيرا إلى أن الإعلان أكد -رغم الالتباس الحالي في بعض مواده– على ضرورة الالتزام بحق الأقليات جميعها ودورها في عملية التغيير إضافة إلى احترام مبدأ المواطنة كمبدأ رئيسي في العقد الاجتماعي بين جميع الأطياف.
ورأى زيادة أنه بالرغم من الملاحظات التي يمكن إبداؤها على إعلان دمشق، فإنه أطلق آلية ما أو حراكا ما بين جميع الأطياف حول ضرورة التفكير جديا في عملية التغيير لأن حجم الضغوط الخارجية التي تتعرض لها سوريا تقتضي بناء داخل قوي ومعافى وهذا لا يتم إلا ببناء قدرات المجتمع المدني السوري.
وتناول فايز سارة القيادي في لجان إحياء المجتمع المدني السوري وأحد المشاركين في صياغة إعلان دمشق أطراف الحديث، مشيرا إلى أن صدوره جاء في ظروف غاية في التعقيد وعلى المستويين الداخلي والخارجي، حيث هناك استعصاءات الإصلاح المطلوبة والتي طرقتها قوي المجتمع المدني في سوريا والجماعات السياسية المختلفة، وفي الوقت الذي تراكم فيه هذا الاستعصاء كانت تجري في المنطقة والمحيط الإقليمي لسوريا جملة من التطورات والتغييرات تقود سوريا إلى مزيد من المواجهة مع المجتمع الدولي أو مزيد من الاختلاف مع محيطها الإقليمي، هناك مشكلة لسوريا في لبنان وأخرى في العراق ومشاكل متنامية مع تركيا.. الخ؛ فضلا عن مشكلة السياسة السورية مع الولايات المتحدة ودخول الاتحاد الأوروبي كطرف فيها.
وأضاف سارة أن أهمية الإعلان تكمن أيضا في طبيعة القوى التي شاركت في إنضاجه والقوى التي وقعت عليه لاحقا بعد صدوره في 16 أكتوبر الماضي، مشيرا إلى أن هذه القوى الأساسية التي وقعت على الإعلان كانت تجسد مستوى من الاختلافات القائمة في الساحة السياسية السورية منذ وقت طويل ولم يسبق لها أن دخلت في حوارات جدية ومتشعبة وذات طبيعة وطنية ديمقراطية على مدى تاريخها. وبهذا المعنى فإن توقيعها على إعلان دمشق يمثل إنجازا مهما.
وأكد سارة أن الإعلان كان نصا مفتوحا حيث ترك للجماعات والشخصيات المختلفة أن تبدي ملاحظاتها، وبالتالي ترك المؤسسون للإعلان فرصة أمام إجراء تعديلات هيكلية، وربما جوهرية في الإعلان طبقا لما يجري الاتفاق عليه في النقاش بين الجماعات المختلفة التي يعنيها ويهمها موضوع الإعلان مضيفا أن الإعلان وطبقا لما تمخضت عنه ردود الفعل الأولى من صدور إعلانات مختلفة أيدت أو عارضت أو أبدت ملاحظات حيال مضمون الإعلان، وأنه سيأخذ بعين الاعتبار من الناحية التنفيذية جملة هذه الملاحظات ويدخلها –حتى لو لم يتقدم أصحابها إلى الهيئة المؤقتة للمناقشة- أو يدخل عليها إضافات جديدة.
ولفت إلى وجود هيئة مؤقتة تتولى عمليا متابعة الإعلان، وتتولى إقامة حوارات مع بقية الأطراف سواء تلك التي ترغب في الانضمام للإعلان أو تكتفي بإبداء ملاحظات حوله، مضيفا أنه سيتم لاحقا انتخاب لجنة دائمة ستكون بمثابة المركز الرئيسي للمعارضة السورية التي يمثلها الإعلان في شتى أطيافها.

لحظة فاصلة

وانتقل الحديث إلى الدكتور الطيب تيزيني أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق والمفكر المعروف الذي أشار بداية إلى أن لحظة سقوط بغداد كشفت للناس أن ما كان يعتقد أنه ثابت للأبد قد تهدم في لحظات في مشهد مأساوي للوطن العربي كله، وضح له فيه أن هناك أشياء كثيرة كانت غائبة بل مغيبة وشيئا فشيئا بدأ الأمر يتضح. وفي مقدمة ذلك أن العراق أسس لنمط من الاستبداد الذي يكاد يكون مغلقا بشكل كامل ولا يمكن اقتحامه من الداخل ومن ثم كان لابد أن يأتي الاختراق من الخارج.
أضاف تيزيني قائلا إن فتح الدائرة العراقية لم يأت من الداخل في وقت كان فيه كثير من المثقفين السوريين يلوحون للنظام السوري بأن يبدأ بفتح الدائرة من الداخل قبل أن يأتي فتحها من الخارج على أيدي الأغيار الغزاة، موضحا أن النظام السوري ظل عنيدا في موقفه في العلاقة مع الشعب في وقت كان فيه الشعب ينتظر مبادرات حاسمة على مختلف الأصعدة أو على الأقل على الصعيد السياسي بوصفه المدخل الأساسي للدفع نحو عملية إصلاح وطني ديمقراطي.
أضاف تيزيني أن الشعب السوري ذا التاريخ الطويل والعريق لا يطمح إلا إلى ما يسد ثلاث مسائل هى الكفاية المادية والحرية والكرامة وهى المسائل التي لم يستجب لها، مما خلق حالة من الاستفزاز في أوساط الناس، دون أن تتاح لهم إمكانية التعبير عنه في وقت لم يدرك فيه النظام السوري أن هناك ضرورات لم يعد من المقبول تجاهلها إطلاقا إلا إذا تمت التضحية بالبلد.
واعتبر تيزيني أن إعلان دمشق مثَّل محاولة متقدمة لضبط الموقف والتأكيد على أن الإصلاح الديمقراطي وحده هو الذي يجذب سوريا لبر الأمان.
وعدد تيزيني مجموعة من الملاحظات على إعلان دمشق ذكر في بدايتها أنه تحدث عن السلطة السياسية فحسب، أو عن احتكار هذه السلطة دون الالتفات لاحتكارات أخرى كاحتكار الثروة الذي أدى إلى نهب أموال هائلة ودفعها للخارج، مضيفا أن الإعلان تناول ثنائية الإسلام والعروبة فيما تقوم سوريا على “موزاييك” رائع الألوان ويحتوي على كل الأطراف الحضارية التي نشأت على أرضها.
أضاف تيزيني أنه يجب التأكيد على أن كل الأديان موجودة في سوريا وبالتالي فلا فضل لدين على آخر؛ بما يدعو للمطالبة بالأخذ بالعلمانية التي تسهم في ضبط العلاقة بين السلطة السياسية والأديان. ورأى أن خروج سوريا من عنق الزجاجة يقتضي الأخذ بخطوتين أساسيتين أولاهما الاستجابة للشرعية الدولية بما يحمي البلاد من مزالق عظمى كما حدث في بلدان عربية أخرى، وثانيها الانخراط في عملية إصلاح وطني ديمقراطي يكون النظام الحاكم طرفا فيها في مصالحة وطنية بين الجميع.

مخاوف

وبدأ أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن حقوق الإنسان بسوريا حديثه بالتأكيد على أنه لا يريد التقليل من الإعلان، لكنه عبر عن خشيته أن يكون هذا الإعلان قدم تم “سلقه” بالفعل تحت هاجس وضغط لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الحريري وأن النظام السوري قد أصبح قاب قوسين من الانهيار. وأشار إلى أن الإعلان يعد استثناء بالفعل وقد صدر في مناخ ضاغط وزخم سياسي مذهل وإيقاع في الحياة السياسية لم يكن موجودا بها حتى قبل الستة أشهر الماضية.
وأضاف أن تداعيات الإعلان أعمق بكثير وأوسع انتشارا من إعلانات سابقة، وقد خلق حوارا وحيوية ودينامية حوله وصدرت الكثير من الإعلانات بعده تعارضه في مواقع وتؤيده في أخرى، إذ أن الإعلان قد خلق دينامية في غاية الخطورة بدأت تتنامى شيئا فشيئا حيث ولدت شعورا لدى الأقليات بأنه –الإعلان- يعبر عمن وقع عليه فقط وليس جل المجتمع السوري؛ فيما ولد خشية لدى الأقليات بأنه إذا ما استطاع أصحاب هذا الإعلان الوصول للسلطة فإنهم سيقومون بمتابعة عملية الإقصاء والقمع لهذه الأقليات.
وذهب نعيسة إلى أن الشارع الكردي يغلي تماما من جراء هذا الإعلان وأن هناك أكثر من 400 مقال تم نشرها تنتقد الإعلان وبعضها حمل إيحاءات طائفية لم تكن موجودة قبل صدوره بما يخشى معه من أن ما ورد بالإعلان يحيل لاقتتال طائفي، مؤكدا أنه حتى هذه اللحظة لم تتم مراعاة أية ملاحظات تم إبداؤها على الإعلان، ولم يتم تغيير أية كلمة فيه رغم وعود سابقة بالاستجابة لهذه الملاحظات.
انتقد نعيسة النص في الإعلان على أن “الإسلام دين الأكثرية وعقيدتهم”، مشيرا إلى أنه بذلك لينتهك واحدا من أهم حقوق الإنسان وهو حرية العقيدة، مؤكدا في نفس الوقت أن الأهم في هذا النص أنه يريد أن يثبت ويؤكد أيضا أن العقيدة الإسلامية هى التي ستحكم الدولة القادمة -التي يزعمون- حسب تعبيره- أنها ستكون دولة ديمقراطية، مشيرا إلى أن هذا النص يحمل إشارة بأنه لن تكون هناك عقيدة إلا عقيدة الإسلام وقال نعيسة إن الإعلان تحدث عن “نحن” و”الآخرين” رغم تأكيده على احترام عقائد الآخرين بما حمل معنى أن هذا الوطن بصيغة الـ “نحن” بمشاركة هامشية من “الآخرين” وتساءل نعيسة: هل هؤلاء الآخرون ضيوف على سوريا حتى يحترم الـ “نحن” عقيدتهم وهل من المعقول أن يظن أن سوريا بموروثها الثقافي والتاريخي الكبير قد صنعتها الأكثرية فقط؟
وقال نعيسة إن الإعلان بدا له أقرب لـ “العدمية السياسية” في نصه مثلا على رفض التغيير الذي أتي محمولا من الخارج، مشيرا إلى أن المعارضة السورية غير قادرة على إحداث تغيير في الاتجاه السياسي العام للدولة وأن القوة الوحيدة التي لا تزال تستطيع التأثير وحدها في هذا الاتجاه هى السلطة الحاكمة، رغم كل التداخلات الخارجية وفي وقت يتفق فيه الجميع على أن هذه السلطة غير قادرة على تقديم أي تنازل لتحقيق الإصلاح والتغيير حيث ينكر الإعلان على الخارج أن يكون هناك تغيير يأتي منه فكيف –والتساؤل لنعيسة- سيتم التغيير في داخل سوريا ما لم تكن هناك قوى خارجية تدفع السلطة في اتجاه إجراء هذه التغييرات؟
ورأى نعيسة أن الحديث عن القضية الكردية في الإعلان يأتي بمثابة “ضحك على الناس” حيث يتحدث عن حقوق حصل عليها بالفعل غالبية الشعب الكردي دون حديثه عن الجديد الذي يقدمه الإعلان لهذا الشعب خالصا، غير أن تناول هذه القضية بنى على نوايا غير طيبة.
وفي تعقيبه الختامي أشار د. رضوان زيادة إلى أنه يفترض في أية قراءة لأية ورقة أن تكون على محمل الرغبة في التعاون من أجل التغيير وليس الممانعة في تحقيق ذلك وقال إنه بالتأكيد هناك نواقص، لكن المهم هو إطلاق الدينامية بين جميع الأطراف والأطياف.
وقال إن المعترضين على ما جاء بالإعلان بشأن القضية الكردية لم يذكروا الحقوق التي كان مطلوبا ذكرها فيه، مؤكدا إصرار جميع الموقعين على الإعلان على أن الأكراد جزء من النسيج الوطني السوري.
وعبر زيادة عن اعتقاده بأن عبارة “الإسلام دين الأكثرية” مقحمة بالفعل، مشيرا إلى أن الجميع يعلم مدى التدين في المشرق العربي ولا يمكن تجاهل ذلك وإطلاق إعلان أشبه “بالإعلان النخبوي”.
كذلك أكد فايز سارة أن إعلان دمشق ليس نصا مقدسا مشيرا إلى وجود آليات للعمل فيه تتضمن تكليف وفود بالحوار مع مختلف القوى في سوريا حول محتويات الإعلان دون معارضة لصدور أية إعلانات أخرى، لأنها ستزيد من قوة إعلان مشق وتبين القضايا المختلف والمتفق عليها بشكل أكثر وضوحا.
وأوضح أن هناك تسعة أحزاب كردية وقعت على الإعلان وعلى النص المتعلق بالأكراد دون أن تطلب تغيير حرف واحد فيه. وقال إن الإعلان لا يملك خيارات نهائية وإنما يشير إلى تحديات تواجه سوريا ويحاول استنهاض حالة داخلية لإقامة مستوى من التوازن في الوضع الداخلي بما يساعد قوى المعارضة إذا ما حاولت تنمية قوتها على أن ترسم المستقبل المقبل لسوريا.
وعاد أكثم نعيسة لانتقاد الإعلان مشيرا إلى دعوة الإعلان لتوحيد كل قوى المعارضة في ظله بما يعني عدم الاستفادة من تاريخ طويل في ظل الاستبداد والسقف الواحد والحزب الواحد والقائد الواحد. وقال إنه من الطبيعي أن يكون هناك اصطفاف، واصطفاف مناقض له وإنشاء إعلان آخر يتجاوز الملاحظات على هذا الإعلان.
وجدد التأكيد على أن إعلان دمشق مغلق في مجمله وأن واضعيه لو أرادوا التغيير فيه لغيروا، معلنا رفض التوقيع عليه إلا إذا تم تغيير كل نصه، وقال إن هناك إعلانا آخر هو إعلان حلب سيتم إصداره وهو مناقض تماما لإعلان دمشق، حيث الثاني ديني والأول –إعلان حلب- علماني.
وعدد الدكتور الطيب تيزيني مجموعة جديدة من الملاحظات، مشيرا إلى أن الإعلان تضمن خلطا فيما يتعلق بالعلاقة بين الإسلام كمنظومة للعقيدة والإسلام السياسي، وأنه كان من الأفضل الحديث في خطاب سياسي عن التيارات السياسية الإسلامية دون الحديث في الأيديولوجية الدينية.
وأكد أن الخارج لا يصنع داخلا ما بما يستوجب عدم الرهان على الخارج إلا بقدر أن له فضلا في أنه استطاع أن يحدث شرخا في نظم تكاد تكون غير قابلة للانفتاح من داخلها.
وقال تيزيني إنه بالنسبة لحزب البعث فهو قوى هائلة تعيش الأزمة ويوجد بداخله من يطالب بالإصلاح الديمقراطي بما يستوجب عدم إغماض العين عن ذلك، مؤكدا على ضرورة الدعوة لتأسيس مؤتمر وطني ديمقراطي يجمع كل السوريين الذين ينضوون تحت شرطين مهمين أولهما الإقرار بتعددية غير مشروطة، وثانيهما أن يكون هناك إجماع على مشروع إصلاح وطني ديمقراطي يجعل سوريا قادرة على مواجهة التحديات الراهنة.

Share this Post