الأمم المتحدة تبدأ تحقيق طال انتظاره حول جرائم الحرب المرتكبة في ليبيا

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS

يؤكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن تبني مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة اليوم 22 يونية 2020 قرارًا بشأن تشكيل وإرسال بعثة تقصي حقائق للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في ليبيا يُعد خطوة أولى حاسمة إزاء إنهاء دائرة العنف التي مزقت أوصال ليبيا.

فعلى مدى ثماني سنوات مضت، أحكم أمراء الحرب والمجموعات المسلحة قبضتهم على ليبيا، مرتكبين بشكل منتظم العديد من الفظائع والجرائم الوحشية، في ظل إفلات شبه تام من العقاب، حتى مزقت الفوضى البلاد وأضحى إعادة بناء مؤسسات الدولة، وضمان محاسبة الجناة على المستوى الوطني، في عداد المستحيل.

كان مركز القاهرة قد سلّط الضوء  يوم 18 من الشهر الجاري في مداخلته الشفهية أمام المجلس على أن تصاعد القتال في ليبيا أدى إلى زيادة بنسبة 113% في أعداد القتلى بين المدنيين، خلال الفترة بين الربع الأخير من 2019 والربع الأول من 2020، فضلاً عن توافد التقارير بشأن جرائم الاختفاء القسري، وتعذيب المحتجزين، وتجنيد الأطفال، والإعدام بإجراءات موجزة، وتفجير منازل المدنيين، واستخدام العبوات الناسفة، والقتل خارج نطاق القانون، بما في ذلك الاكتشاف الأخير لثمانية مقابر جماعية في ترهونة.

يقول جيرمي سميث مدير مكتب مركز القاهرة في جنيف: “هذا التحقيق الذي طال انتظاره هو بمثابة إنذار لكل أمراء الحرب وقيادات المجموعات المسلحة في ليبيا، بما في ذلك القوات التابعة للجنرال خليفة حفتر وتلك التابعة لحكومة طرابلس.” متابعًا: ” أخيرًا سيتم جمع الأدلة وتحقيق العدالة.”

القرار الصادر اليوم في ختام الجلسة الـ 43 لمجلس حقق الإنسان، يطالب الأمم المتحدة بـ “إيفاد بعثة تقصي حقائق للتحقيق في الجرائم الدولية التي ارتكبتها كل الأطراف في ليبيا؛ وحفظ الأدلة، بهدف ضمان مثول مرتكبي انتهاكات القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني للمحاسبة.”

لقد كان من المقرر أن يأتي هذا القرار في مارس الماضي، لكنه تأخر بسبب تعليق اجتماعات الأمم المتحدة لمدة 3 أشهر تقريبًا في ظل تفشي جائحة كوفيد-19. ونتيجة لذلك؛ ستواجه بعثة تقصي الحقائق، في ظل الولاية الحالية، جدولا زمنيًا مختصرًا للغاية لإجراء التحقيق، إذ ينبغي أن تقدم تقريرها النهائي للمجلس في مارس 2021.

تقول نداج الأحمر الباحثة المختصة بشئون دول المغرب العربي بمركز القاهرة: “نحن نرحب بتشكيل بعثة تقصي الحقائق، ولكن من الجليّ أن الانتهاء من تحقيق جاد وعميق سيكون أمرًا مستحيلاً في ظل الفترة الوجيزة المقررة لإنجاز هذه المهمة.” وتضيف الأحمر: “على الدول الأعضاء ضمان تجديد هذه الأداة الحيوية للمحاسبة في مارس من العام المقبل. إذ أن الإخفاق في ذلك سيكون بمثابة تشجيع لمجرمي الحرب على متابعة جرائمهم، وسيُضعف من جهود السلام.”

  • مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة – الجلسة الثالثة والأربعون
  • مداخلة شفوية – حوار تفاعلي حول ليبيا، البند 10
  • مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  • 18 يونيو 2020

يلقيها: جيريمي سميث

أشكرك، سيدتي الرئيسة،

يحث مركز القاهرة أعضاء هذا المجلس على تبني القرار المطروح رقم A_HRC_43_L.40، والذي ينشئ بعثة لتقصي الحقائق لتوثيق والتحقيق في تجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي من قبل جميع الأطراف في ليبيا. نكرر الحاجة إلى تعديل الأطر الزمنية للتقرير، وذلك للتعويض عن التأخير الناجم عن تعليق الجلسة الثالثة والأربعين للسماح لبعثة تقصي الحقائق بأن تعمل لمدة عام على الأقل.

تؤكد التطورات الأخيرة في البلاد على الحاجة الملحة إلى إجراء تحقيق دولي مستقل حول ليبيا. على مدى الأشهر الماضية، صعّدت أطراف النزاع من القتال بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة بنسبة 45٪ في الضحايا المدنيين وزيادة بنسبة 113٪ في وفيات المدنيين، وذلك بين الربع الأخير من عام 2019 والربع الأول من عام 2020. تم الإبلاغ عن حالات اختفاء القسري وتعذيب وتدنيس للجثث وإعدام بإجراءات موجزة وقتل غير مشروع واستخدام العبوات الناسفة ضد المدنيين، بالإضافة إلى اكتشاف مقابر جماعية.

كانت هناك أيضا تقارير عن عنف انتقامي قامت به القوات التابعة للحكومة في أبريل ومايو 2020، سبقته هجمات مماثلة من قبل الجيش الوطني الليبي. منذ أبريل 2019 حتى مارس 2020، قُتل 685 وجرح 329. بين 5 و8 يونيو، خارج ساحة معركة سرت الجديدة، تم تأكيد قتل ما لا يقل عن 19 مدنيا، بينهم خمسة أطفال، و 12 جريحا على الأقل، بينما شهد الأسبوع الأول من شهر يونيو موجات جديدة من النزوح والمعاناة لما لا يقل عن 16,000 ليبي. يتعرض عشرات المهاجرين واللاجئين وأكثر من 400,000 نازح داخلياً وبشكل خاص لخطر المزيد من التصعيد.

عبّر فريق الأمم المتحدة العامل المعني باستخدام المرتزقة عن انزعاجه أمس من الاستخدام الواسع النطاق للمرتزقة والمقاتلين الأجانب، بمن فيهم الأطفال، في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكما أبرزت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مناسبات عديدة، فقد “تسبب ضعف النظام القضائي [في ليبيا] وعدم قدرته العمل بفعالية في انتشار الإفلات من العقاب على نطاق واسع، لا سيما فيما يتعلق بالانتهاكات والتجاوزات التي ترتكبها الجماعات المسلحة”.[1] إن تعزيز الأشكال الدولية للعدالة والمساءلة هي في الوقت الحالي الوسيلة الوحيدة الفعالة والمعقولة لمعالجة الانتهاكات والتجاوزات في ليبيا.

لقد طال انتظار إجراء تحقيق دولي بشأن ليبيا في هذه الجرائم. لقد حان الوقت لأن يتحرك هذا المجلس.

أشكرك، سيدتي الرئيسة،

[1]https://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session37/Documents/A_HRC_37_46_EN.docx.

Share this Post