الإمارات العربية المتحدة:
تجاهل صارخ لضمانات المحاكمة العادلة أثناء محاكمة الإماراتيين الأربع وتسعين

In دول عربية by CIHRS

قام كل من مركز الخليج لحقوق الإنسان، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بإرسال بعثة إلى الإمارات العربية المتحدة لرصد ومتابعة المحاكمة التي عقدتها المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي لأربعة وتسعين ناشطًا حقوقيًا، بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان[1]، والمعروفة بمحاكمة الإماراتيين الأربع وتسعين. من بين المدافعين اللذين تجرى محاكمتهم اثنان من محاميّ حقوق الإنسان البارزين، هما الدكتور محمد الركن والدكتور محمد المنصوري. بدأت المداولات في الرابع من مارس/آذار بواقعة سيئة، إذ تم مُنع المراقبون الدوليون للمحاكمة من حضور الجلسة، كما مُنع مراقبون آخرون بينهم ممثلين لمنظمة العفو الدولية من دخول المحكمة من الأساس. لقد أصبح واضحًا أن مداولات المحاكمة تجري في تجاهل صارخ وبيّن للمعايير الدولية المتعارف عليها للمحاكمة العادلة، وهذا في ظل وجود ادعاءات متكررة وقابلة للتصديق عن حدوث وقائع تعذيب ومعاملة سيئة للمتهمين.

تم القبض على الإماراتيين الأربع وتسعين بعد حملة قمعية واسعة استهدفت حرية الرأي والتعبير، وقد وقعت خلال فترة الاثني عشر شهرًا السابقة على المحاكمة.[2] إن من بين المدعى عليهم أعضاء في جمعية الإصلاح (جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي)، وهي حركة سلمية تدعو إلى الإصلاحات السياسية، وآخرون من نشطاء المجتمع المدني، بينهم قضاة، أساتذة قانون، وعدد من المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان. تم تصنيف الاتهامات المنسوبة إليهم بصفتها جرائم أمن دولة، وتُعد أحكام المحكمة الاتحادية العليا نهائية؛ مما يحرم المدعى عليهم من الحق في الطعن على الحُكم النهائي، في خرق واضح للمعايير الدولية.

كانت المحامية البريطانية ميلاني كينكل هي المراقبة المبعوثة من قبل مركز الخليج لحقوق الإنسان،الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، كما سافر إلى الإمارات مراقبون آخرون من عدة دول واختصاصات، بينهم رجال قضاء من تركيا والنرويج وسويسرا والولايات المتحدة، بغية مراقبة هذه الجلسات. ولقد واجهتهم السلطات الإماراتية بإجراءات ادّعت أنها ضرورية للسماح لهم بحضور الجلسات، التي كان من المفترض أن تكون مفتوحة لعموم الجمهور. وتم استيفاء جميع هذه الإجراءات، إذ قام المراقبون بتوفير نسخًا من جوازات سفرهم، وصورًا شخصية، ووثائق باللغة العربية، إلا أنهم مُنعوا من الدخول.

كانت جميع الطرق المؤدية إلى المحكمة تحت سيطرة نقاط تفتيش الشرطة، كما أوقف المراقبين الذين حاولوا الاقتراب من المنطقة سيرًا على الأقدام، حيث تم فحص جوازات سفرهم قبل إبعادهم عن المنطقة. كما كانت هناك دلائل على أنه تم تفتيش الغرف في الفنادق التي أقام فيها المراقبون بينما كانوا في أماكن أخرى بعد إعلان السلطات لإجراءاتها.

أما أقارب المدعى عليهم الذين تمكنوا من حضور المحاكمة، وقابلهم المراقبون بعد الجلسات، فقد أعربوا عن صدمتهم وقلقهم بعد أن رأوا المدعى عليهم. كان بعض المدعى عليهم غير قادرين على الوقوف على أقدامهم بثبات، وبحاجة للمساعدة للتمكن من الوقوف. وفقد العديد من المدعى عليهم وزنًا كثيرًا، وكان أحدهم يتمتم بكلمات غير مفهومة ويبدو غير مدرك لما يدور حوله. و طلب أحمد بن غيث السويدي، وهو أحد المدعى عليهم والذي تشكل اعترافاته جزءً مركزيًا من الأدلة ضد المتهمين، الحماية من المحكمة، قائلاً: “أعرف أن ما أقوله قد يكلفني حياتي، لكنني أنكر الاتهامات وأطلب من المحكمة حماية حياتي وحياة عائلتي”.

كما تحدث الأقارب عن أساليب الاستجواب التي تعرض لها أقاربهم أثناء الاحتجاز، حيث أفادوا بتعرضهم للضرب، الصعق بالكهرباء، والانتهاكات الجنسية. ووصفوا بعض حالات قامت فيها أجهزة الأمن بوضع نساء داخل زنزانات المتهمين بغرض انتهاكهم جنسيًا. إن الحظر الشامل على حضور أي من المراقبين الدوليين يدعم اعتقاد المنظمات المنظمة لبعثة المراقبة بأن السلطات الإماراتية لا ترغب لهم بمشاهدة الحالة البدنية للمحتجزين، خشية أن تدعم هذه المشاهدات ادعاءات التعذيب.

تعرب المنظمات الموقعة على البيان عن قلقها لكون الحكومة الإماراتية بعد تصديقها على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في يوليو/تموز 2012، وتبوئها مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2013 ترى نفسها حاليًا مضطرة لإخفاء أحداث تشهدها محكمتها العليا، وهي تواجه إدعاءات بالغة الجدية وقابلة للتصديق عن وقوع أعمال تعذيب.

يذكر أن هيئة المحكمة قد استمعت في 18 و19 مارس/آذار إلى شهود الادعاء، وهم بالأساس خبراء من قسم التحقيق الجنائي طُلب منهم فحص مختلف المعدات والأجهزة الخاصة بالمحتجزين (حواسب شخصية، هواتف، بطاقات ذاكرة، بطاقات هواتف خلوية، إلخ)، وذلك لمحاولة اكتشاف الصلات بين المدعى عليهم وحركة الإخوان المسلمين.

يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان و مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، سلطات الإمارات العربية المتحدة إلى:

الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع مدافعي حقوق الإنسان، والنشطاء الحقوقيين المحتجزين جراء ممارستهم المشروعة والسلمية لحقوقهم وحرياتهم.

ضمان السلامة البدنية والنفسية وأمن المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء الذين ما زالوا رهن الاحتجاز.

الامتثال لالتزامات البلد بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب من خلال فتح تحقيق فوري وغير منحاز في مزاعم التعذيب، ومعاقبة مرتكبي هذه الأعمال بموجب الاتفاقية عند الاقتضاء.

ضمان أن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي كل الظروف قادرون على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام، وفي حرية من كل تقييد بما في ذلك المضايقة القضائية.

ضمان الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات لجميع المواطنين والمقيمين في الإمارات العربية المتحدة.


[1]  كذلك تدير الفدرالية الدولية والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب برنامجًا مشتركًا مكرسًا لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم، وهو: مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

[2]  انظر المعلومات الواردة في التقرير الخاص بمراقبة المحاكمة على الرابط التالي:

https://cihrs.org/wp-content/uploads/2013/03/uae_94_94_trial_observation_report_arabic_25_03_2013.pdf

Share this Post