الإمارات العربية المتحدة: مخاوف من استخدام قانون مكافحة الإرهاب للحد من حقوق الإنسان واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان

In دول عربية by CIHRS

إن تحالف المنظمات الغير حكومية الدولية قلق للغاية بشأن تأثير قانون مكافحة الإرهاب في دولة الإمارات العربية المتحدة الذي وافق عليه الرئيس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في أواخر شهر أغسطس 2014. ويدعو التحالف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للعمل من أجل ضمان أن لا يتم استخدام التشريع كأداة لاستهداف وحبس ومضايقة وتخويف وعرقلة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصةً وأن منظمات حقوق الإنسان كانت من بين الذين وردت أسماؤهم في قائمة المنظمات الإرهابية من قبل السلطات في شهر نوفمبر.
يتكون التحالف من المنظمات التي عملت معًا في الماضي على قضايا النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقبعون في السجن منذ عام 2011، بما في ذلك قضيتي الإمارات العربية المتحدة5 “UAE5” والإمارات العربية المتحدة94 ”UAE94”. وهذه المنظمات هي مركز الخليج لحقوق الإنسان، فرونت لاين ديفندرز، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
بتاريخ 15 نوفمبر، أصدر مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة لائحة من “المنظمات الإرهابية” تحت “القانون الاتحادي رقم 7 لعام 2014 المتعلق بمكافحة جرائم الإرهاب”، من بين هذه المنظمات: منظمة الكرامة الدولية الغير حكومية، المنظمات الأمريكية المسلمة، منظمة الإصلاح الإماراتية، فضلًا عن المنظمات الإرهابية المعروفة مثل تنظيم القاعدة وفروعه، داعش، حركة طالبان، وبوكو حرام في نيجيريا.
وهذا يؤكد المخاوف من استخدام قانون مكافحة الإرهاب لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان تحت مظلة “المنظمات الإرهابية”، وتعريضهم للخطر الكبير، الذي قد يصل إلى فقدان حياتهم في حال إدانتهم. بموجب التشريع الجديد، فمن الممكن أن يواجه المدانون عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد وغرامات تصل إلى 100 مليون درهم.
ويتألف التشريع من 68 مادة ويشبه قانون مكافحة الإرهاب الذي أقر في المملكة العربية السعودية في وقت مبكر من هذا العام، والذي استخدم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان مثل محامي حقوق الإنسان البارز وليد أبو الخير، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما في شهر يوليو عام 2014 بتهم متعددة. لا يوجد من بين التهم المزعومة أي رابط بالعنف، ولكنها ترتبط بشفافية بالنقاش والمعارضة المسموح بهما والمحميتان أينما كانت حرية التعبير والفكر محمية.
تتمحور الجرائم الجديدة في قانون مكافحة الإرهاب في الإمارات العربية المتحدة حول تعريف “النتيجة الإرهابية”. حيث يقوم القانون بذلك عن طريق تحديد بأن الجرائم الجديدة تتشكل من الجريمة الحالية وهي التي ترتكب من أجل تحقيق “هدف إرهابي.” ويعرف الهدف الإرهابي بأنه محاولة إحداث نتيجة الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر. وبالمثل، فإن “المنظمة الإرهابية” هي أي شخصين يحاولون إحداث جريمة إرهابية.
وتعرف المادة الأولى العمل الإرهابي على النحو التالي: “إثارة الرعب بين مجموعة من الناس، أو إزهاق الأرواح أو التسبب في أذى بدني جسيم، أو إلحاق ضرر ذي شأن بالممتلكات أو بالبيئة، أو الإخلال بأمن المجتمع، الداخلي أو الدولي، أو معاداة الدولة، أو التأثير على السلطات العامة في الدولة أو دولة أخرى أو منظمة دولية في أدائها لأعمالها، أو الحصول من الدولة أو دولة أخرى أو منظمة دولية على منفعة أو مزية من أي نوع”.
إن مصطلحات هذا التعريف واسعة للغاية. على سبيل المثال “معاداة الدولة” يمكن أن ينطبق على دولة الإمارات العربية المتحدة أو أي على أي دولة أو منظمة دولية أخرى. ويمكن أن يشمل هذا المصطلح الواسع أي نوع من الاحتجاج السلمي يمكن أن تراه “الدولة أو غيرها من الدول أو المنظمات الدولية” عدائي. وبالمثل فإن “إثارة الذعر” لا يقتصر على خلق الخوف من العنف ولكن يمكن تفسيره بجعل مجموعة ضيقة في المجتمع تشعر بالذعر؛ هذا يعني بأنه عندما تطالب جماعة بالتغيير السلمي يمكن أن يسبب ذلك الذعر لأولئك الذين قد يتأثرون سلبا بالتغيير المنشود.
تتطلب المعايير الدولية وجود صلة لأعمال عنف خطيرة أو التهديد بها؛ لكن هذا القانون لا يتطلب صلة لذلك، الأمر الذي يعتبر تخليًا عن واجب الدولة في السماح بالاحتجاج السلمي القانوني والأنشطة السياسية غير العنيفة الأخرى، يقول الائتلاف. وفقا لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب: “التعريف الواضح للتهديدات هام بشكل خاص في سياق مكافحة الإرهاب،” مشيرًا إلى أن دول مثل النرويج ونيوزيلندا ورومانيا وضحت ذلك ضمن قوانينها المتعلقة بالإرهاب.
هناك بعض مواد في قانون مكافحة الإرهاب في الإمارات العربية المتحدة، قد يتم تطبيقها بطريقة تعسفية لفرض قيود على حقوق الإنسان الأساسية واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. على سبيل المثال، تنص المادة 14 على ما يلي: “يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من ارتكب فعلًا أو امتنع عن فعل من شأنه أو قصد به تهديد استقرار الدولة أو سلامتها أو وحدتها أو سيادتها أو أمنها، أو مناهضًا للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم فيها، أو قصد به قلب نظام الحكم فيها أو الاستيلاء عليه، أو تعطيل بعض أحكام الدستور بطريقة غير مشروعة، أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارس أعمالها، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي”.
كما تمثل المادة 15 اعتداءً مباشرًا على الحق في حرية الرأي والمعتقد والحق في حرية التعبير حيث تنص على: “يعاقب بالسجن المؤقت كل من أعلن بإحدى طرق العلانية عداءه للدولة أو لنظام الحكم فيها أو عدم ولائه لقيادتها”. ومن المرجح أن تستخدم هذه المواد ضد أي شخص يعبر عن المعارضة ضد الدولة أو الداعيين للإصلاح. كما يمكن استخدامها بشكل خاص ضد نشطاء على الانترنت.
على سبيل المثال، حكمت محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي بتاريخ 25 نوفمبر 2014 على المدافع عن حقوق الإنسان والناشط على الإنترنت أسامة النجار بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة قدرها 500,000 درهم إماراتي (حوالي 136,000 $). ووجهت إليه تهمة الانتماء إلى منظمة الإصلاح، الإساءة إلى الدولة عبر تويتر، التحريض على الكراهية ضد الدولة عبر تويتر، ونشر الأكاذيب حول تعذيب والده حسين النجار، الذي يقضي حاليا حكما بالسجن لمدة 11 عامًا بسبب أنشطته في مجال حقوق الإنسان. النجار هو من بين مجموعة تعرف باسم الإمارات العربية المتحدة 94 الذين حكم عليهم في تموز 2013، بتهم من بينها الانتماء إلى منظمة الإصلاح. وحكمت المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي على 56 شخصًا، من بينهم المحاميين البارزين في حقوق الإنسان محمد الركن ومحمد المنصوري بالسجن لمدة 10 سنوات.
ويمكن استخدام المادة 16 ضد المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يلفتون انتباه الهيئات أو المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لقضايا حقوق الإنسان، حيث ينص البند الأول منها على ما يلي: “يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت كل من دخل مقر إحدى البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو مقر إحدى الهيئات والمنظمات الدولية في الدولة أو المصالح الأجنبية بقصد ارتكاب جريمة إرهابية”. وبالمثل تنص المادة 27 على: “كل من يسعى أو يتصل مع دولة أجنبية أو منظمة إرهابية أو مع أي شخص يعمل لصالحهم، لارتكاب أي عمل إرهابي سوف يتم معاقبته بالسجن مدى الحياة “.
ومن المرجح استهداف منظمات حقوق الإنسان، فضلًا عن المدافعين عن حقوق الإنسان بموجب هذا القانون أيضًا. فقد تم تعريف المنظمة الإرهابية بأنها “مجموعة مكونة من شخصين أو أكثر، تكتسب الشخصية الاعتبارية بحكم القانون أو توجد بحكم الواقع، ارتكبت جريمة إرهابية أو شاركت مباشرةً أو بالتسبب في ارتكابها، أو هددت بارتكابها، أو تهدف أو تخطط أو تسعى لارتكابها، أو روجت أو حرضت على ارتكابها، أيا كان مسمى هذه المجموعة أو شكلها أو المكان الذي أسست فيه أو تتواجد فيه أو تمارس فيه نشاطها أو جنسية أفرادها أو مكان تواجدهم”.
ويمكن استخدام هذا التعريف الغامض لتسمية منظمات حقوق الإنسان كمنظمات إرهابية وإخضاعها لأحكام قاسية تحت بنود القانون الجديد. حيث تحدد المواد 21-26 الجرائم المتصلة بالمنظمة الإرهابية. حيث تنص المادة 21 بأنه يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار أو تولى قيادة تنظيم إرهابي. كما يمنح القانون الصلاحيات لإغلاق المنظمة ومصادرة ممتلكاتها وأموالها. وتنص المادة 22 على العقاب بالسجن المؤبد أو المؤقت لكل من سعى للانضمام أو الالتحاق بتنظيم إرهابي. وبالمثل تنص المادة 23 على العقاب بالسجن المؤبد أو المؤقت “لكل من أكره أو حمل شخصًا على الانضمام أو الالتحاق أو المشاركة أو البقاء في تنظيم إرهابي”. ويخشى بأن تستخدم هذه المواد والأحكام القاسية كوسيلة لإعاقة عمل المنظمات المشروعة في مجال حقوق الإنسان، فضلا عن ردع الناس عن العمل في مجال حقوق الإنسان.
أما المادتين 40 و41 يمكن أن يكون لهما عواقب وخيمة على المدافعين عن حقوق الإنسان. حيث تنص المادة 40 على: “تتوفر الخطورة الإرهابية في الشخص إذا كان متبنيًا للفكر المتطرف أو الإرهابي بحيث يخشى من قيامه بارتكاب جريمة إرهابية”. وتتضمن المادة أيضًا على: “يقدم مركز المناصحة إلى النيابة تقريرًا دوريًا كل ثلاثة أشهر عن الشخص المودع، وعلى النيابة رفع هذه التقارير إلى المحكمة مشفوعةً برأيها، وعلى المحكمة أن تأمر بإخلاء سبيل المودع إذا تبين لها أن حالته تسمح بذلك”.
أما المادة 41 تنص على بأن المحكمة: “تحكم بإخضاع من توافرت فيه الخطورة الإرهابية، وللمدة التي تحددها المحكمة، لتدبير أو أكثر من التدابير الآتية:
أ‌. المنع من السفر
ب‌. المراقبة
ت‌. حظر الإقامة في مكان معين أو منطقة محددة.
ث‌. تحديد الإقامة في مكان معين.
ج‌. حظر ارتياد أماكن أو محال معينة.
ح‌. منع الاتصال بشخص أو أشخاص معينين.
يعاقب الخاضع للتدابير بالحبس مدة لا تزيد عن سنة إذا خالف التدبير الذي أمرت به المحكمة” (المادة 41، البند الرابع).
أحكام المادة 49 أيضًا مثيرة للقلق لأنها تسمح بتمديد الاعتقال التقديري للمتهم، بحيث يمكن اعتقال أي شخص لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر.
يعرب التحالف عن قلقه الشديد إزاء التشريعات الجديدة، وعلى وجه الخصوص الأحكام المبينة أعلاه. حيث من الممكن استخدام القانون للحد من العديد من الحقوق الأساسية للإنسان، وبالأخص حرية التعبير وحرية الرأي والمعتقد. كما يعبر التحالف عن قلقه بأن يتم استخدام هذا القانون بشكل تعسفي لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك نشطاء الانترنت ومنظمات حقوق الإنسان والداعيين إلى الإصلاح –سواء كانوا داخل دولة الإمارات العربية المتحدة أو الذين يسافرون إلى خارج ويقدمون التقارير إلى الهيئات الدولية– ويعرضهم إلى أحكام قاسية.
ويعتقد التحالف بأنه ينبغي إعادة النظر في القانون وتحديد التعاريف بشكل أوضح لضمان وجود قانون قوي وعملي لمكافحة الإرهاب للمساهمة في خلق مجتمع سلمي يحترم فيه الترويج وحماية حقوق الإنسان. وأخيرا، يحث الائتلاف السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة على ضمان قدرة جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام تحت جميع الظروف وبدون وجود قيود على عملهم بما في ذلك المضايقة القضائية. إن المنظمات الموقعة أدناه تدعو مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى التحرك بسرعة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة، لاسيما أولئك الذين تعاونوا مع الأمم المتحدة للكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الإمارات، وتطالب بإجراء تحقيق من قبل مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.

الموقعون:
• الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
• مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
• فرونت لاين ديفندرز
• مركز الخليج لحقوق الإنسان

Share this Post