المجتمع المدني يواصل الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان رغم التحديات التي تفرضها جائحة كوفيد-19

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة by CIHRS

في الجلسة الـ 44 لمجلس حقوق الإنسان

فرضت جائحة كوفيد-19 تحديات جديدة أمام المشاركة الفعالة للمجتمع المدني في أعمال الجلسة العادية الـ 44 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي انعقدت في الفترة بين 30 يونية و20 يوليو الجاري بمقر المجلس في جنيف، إلا أن  مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وشركائه قد حرصوا على ضمان فعالية المشاركة ومواجهة محاولات الإفراط في تقييد انخراط المجتمع المدني في أعمال هذه الجلسة. إذ قدم المركز في 9 يوليو بيان [1] خلال اجتماع افتراضي بين عدد من منظمات المجتمع المدني ورئيس مجلس حقوق الإنسان حول كيفية مواجهة التحديات المتعلقة بمشاركة المنظمات في الجلسة. كما رحب المركز بالجهود المبذولة لضمان مشاركة أوسع للمجتمع المدني عن بُعد عبر الوسائط الإلكترونية، والتي أتاحت أيضا مشاركة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، من سوريا وفلسطين، ومخاطبتهم المجلس مباشرة.

وبشكل عام ركز المركز خلال هذه الجلسة على أوضاع حقوق الإنسان في كل من فلسطين ومصر وسوريا والسودان والجزائر


[1] ألقت مبادرة الحقوق الجنسية هذا البيان المشترك نيابة عن 20 منظمة غير حكومية، من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.


فلسطين


ركز مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان خلال هذه الجلسة على ممارسات العقاب الجماعي التي تتبعها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تعدي فج على القانون، والتي من أبرز صورها الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 13 عامًا، واحتجاز إسرائيل لجثامين القتلى الفلسطينيين لاستخدمها كورقة مساومة في المفاوضات، محاولاً في مداخلة شفهية أمام المجلس نقل أصوات ضحايا سياسة العقاب الجماعي من الفلسطينيين. كما كانت المداخلة الشفهية المقدمة من نجاح عريقات والدة القتيل الفلسطيني أحمد عريقات تجسيدًا واضحًا لهذه المعاناة. فقد قتلت قوات الاحتلال أحمد عريقات أثناء مروره عند منطقة (حاجز الكونتينر) واحتجزت جثمانه ضمن 63 جثمانًا فلسطينيًا أخر تحتجزهم سلطة الاحتلال. والدة أحمد عريقات ومركز القاهرة وعدد من المنظمات الحقوقية طالبوا [1] المجلس بوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب على هذه الجرائم الجماعية، والتي تُستخدم كأداة لترسيخ والحفاظ على نظام الفصل العنصري. كما وجه المركز وشركاؤه في مداخلة مشتركة[2] دعوتهم للدول الأعضاء لوضع حد للحصار المفروض على غزة، فضلاً عن مطالبة[3] المجلس باتخاذ تدابير تضع حد لسياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية. الأمر الذي لاقى استجابة بعض الدول في بيان مشترك للمجموعة العربية والأفريقية[4].


[1] قدمت نجاح عريقات هذه المداخلة بالنيابة عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مؤسسة الحق، عدالة- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، مركز الميزان لحقوق الإنسان، مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان.
[2] المنظمات الموقعة على هذه المداخلة هي: عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق – القانون في خدمة الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
[3]المنظمات الموقعة على هذه المداخلة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مؤسسة الحق، عدالة- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، مركز الميزان لحقوق الإنسان.
[4] "تدين المجموعة الأفريقية بأشد العبارات سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلي وتطالب إسرائيل بإنهاء كافة أشكال العقاب الجماعي، بما في ذلك الاحتجاز العقابي لجثامين الفلسطينيين المتوفين، وهدم المنازل، وإلغاء الإقامات، والغرامات العقابية، وعرقلة حرية التنقل وغلق الأحياء. إننا نحث المجلس على مطالبة إسرائيل برفع الحصار عن غزة، وهو ما يصل حد العقاب الجماعي ضد مليوني فلسطينيًا."



وفي السياق نفسه، رحب مركز القاهرة وشركاؤه الفلسطينيون بالتقرير الهام  الصادر خلال الجلسة عن المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، والذي يُعد بمثابة اعتراف تراكمي بسياسات العقاب الجماعي غير القانونية التي تفرضها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. وبمشاركة المقرر الخاص وحول مستخلصات تقريره، نظم المركز ندوة إلكترونية في 14 يوليو مع شركائه الفلسطينيين، بعنوان "ثمن الإفلات من العقاب: كيف تستخدم إسرائيل العقاب الجماعي كأداة للهيمنة"، كما شارك ضمن  منظمات فلسطينية وإقليمية ودولية في تنظيم ندوة إلكترونية في 15 يوليو، حول "العقاب الجماعي في غزة: 13 عامًا من الإغلاق غير القانوني والإفلات من العقاب". وشهدت الندوتان مشاركة الدول الأعضاء وممثلي هيئات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وأكاديميين.
وفي هذه الجلسة أيضًا واصل مركز القاهرة وشركاؤه دعوة المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى التحديث السنوي لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن الشركات التجارية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، من أجل ضمان محاسبة هذه الشركات على مساندة الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني طويل الأمد.


مصر


في هذه الجلسة، سلط مركز القاهرة الضوء مجددًا على أزمة حقوق الإنسان غير المسبوقة في مصر، بما في ذلك الحملة القمعية المكثفة على حرية التعبير. وفي هذا الإطار قدم المركز أربع مداخلات شفهية أمام المجلس، تطرق فيها للأوضاع في مصر، وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ترتكبها الحكومة المصرية، كما تطرق المركز[1] للقيود المفروضة على المجتمع المدني والحملات الانتقامية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان.


[1]المنظمات الموقعة على هذه المداخلة هي: التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطن،الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، مشروع شرق أفريقيا والقرن الأفريقي للمدافعين عن حقوق الإنسان، مبادرة الكومنولث لحقوق الإنسان، منتدى آسيا، المركز الأفريقي لدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان و مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان



كانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت قد ذكرت خلال تحديثها العالمي أمام المجلس خلال هذه الجلسة: "في مصر، أشعر بالقلق حيال القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع التجمع السلمي – بما في ذلك ما يتعلق بالنقاش على الإنترنت حول تفشي جائحة كوفيد-19بالإضافة إلى الحملة القمعية على المجتمع المدني وتجميد الأصول والترهيب والاعتقالات التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء السياسيين وأعضاء عائلاتهم." وهو ما ركز عليه مركز القاهرة في أحد مداخلته، مستعرضًا العديد من الأمثلة لهذه القيود المفوضة على حرية التعبير وتعقب الصحفيين والقبض عليهم، فضلاً عن مداهمة مقار المواقع الإلكترونية الصحفية المستقلة، والمحجوب معظمها في مصر دون سند قانوني. كما تطرق المركز أيضا في مداخلة مشتركة[1] إلى خطورة الأوضاع في السجون المصرية لا سيما بالنسبة للسجينات في ظل تفشي جائجة كوفيد-19، مشيرًا إلى احتجاز السجناء في زنازين مكتظة وغير صحية، وحرمانهم من التواصل مع ذويهم بأي وسيلة، ومن الرعاية الطبية المطلوبة على نحو يهدد حياتهم.


[1]المنظمات الموقعة على هذه المداخلة هي: الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، مركز القاهرة لحقوق الإنسان، منظمة نظرة و الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.





لقد استغلت الحكومة المصرية الجائحة لتوسيع نطاق هجومها على الحقوق المدنية والسياسية، والزج بالمزيد من سجناء الرأي إلى السجون، حيث يواجهون خطرًا كبيرًا بالفعل.


سوريا


نيابة عن جمعيات العائلات السورية ومركز القاهرة، قدم أحمد حلمي، الناشط السوري والمؤسس المشارك لمبادرة التعافي لدعم الناجين من الاعتقال وضحايا التعذيب، مداخلته الشفهية[1] أمام المجلس في 14 يوليو، أثناء الحوار التفاعلي مع لجنة التحقيق بشأن سوريا. أحمد، كان رهن الاعتقال في 9 سجون سورية لمدة 3 سنوات، لذا جاءت شهادته أمام المجلس عن أوضاع السجون في سوريا تكشف حقيقة ظروف الاعتقال الوحشية فيها.

قال أحمد: " كضحايا سوريين، يمكننا أن نشهد على أن واقع مراكز الاعتقال هو أكثر وحشية وترويعًا مما يمكن وصفه في أي تقرير للأمم المتحدة. تخيّلوا مدن بأكملها من السكان الذين عُذبوا حتى الموت وقتلوا؛ وحيث لا يزال مصير الآلاف من المختفين قسريًا مجهولاً؛ والألم الذي لا يمكن وصفه والذي تعانيه العائلات التي فقدت أحبائها أو ما زالت تبحث بلا أمل عن إجابات."

من جانبها دعت المنظمات الحقوقية – ومن بينها مركز القاهرة-  الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى التصويت لصالح قرار بشأن السجن والاعتقال التعسفي في سوريا، واتخاذ خطوات عملية لضمان إطلاق سراح المعتقلين، والكشف عن مصير ومكان المختفين قسريًا. كما رحب مركز القاهرة والشركاء بتجديد ولاية لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا، وولاية التقرير بشأن السجن والاحتجاز التعسفي، والذي يفترض أن تقدمه لجنة التحقيق بشأن سوريا للمجلس خلال الجلسة الـ 46.


[1]المنظمات الموقعة على هذه المداخلة هي : مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، منظمة تعافي، جمعية عائلات الحرية، رابطة عائلات قيصر، ومنظمة الضحايا السوريين.



السودان


في 13 يوليو 2020، وعلى هامش فعاليات الجلسة، شارك مركز القاهرة في رعاية ندوة إلكترونية عامة حول الأوضاع في السودان، تحت عنوان "السودان في مفترق طرق: ما هو دور مجلس حقوق الإنسان؟" نظم الندوة المركز الأفريقي لدراسات السلام والعدالة والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان. وخلال الندوة، سلط المتحدثون الضوء على القضايا ذات الأولوية التي ينبغي على السلطات السودانية معالجتها، وتقييم التحديات التي تواجهها السلطات الانتقالية. كما تناولوا بشكل تفصيلي المجالات التي تحتاج لدعم المفوضية السامية لحقوق الإنسان والدول الأعضاء بالمجلس، لضمان عملية انتقالية ناجحة. وشدد المشاركون على أهمية تعاون الحكومة الانتقالية مع المجتمع المدني والحركات الاجتماعية؛ لخلق نظام حكم يمثّل بالفعل شعار الثورة السودانية: "الحرية والسلام والعدالة".

وفي بيان ختام الجلسة، رحبت المنظمات- ومن بينها مركز القاهرة- بتأسيس المكتب القطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في السودان، ودعت السلطات السودانية إلى الإسراع في عملية إصلاح قطاعي العدالة والأمن، استجابة لمطالب المحتجين، كما دعت المجلس لضمان مواصلة الرصد والإبلاغ عن ما يحدث في السودان من انتهاكات لحقوق الإنسان.



الجزائر


دعا مركز القاهرة وشركاؤه المجلس ودوله الأعضاء إلى مواجهة حملة القمع المتصاعدة ضد المجتمع المدني الجزائري، بما في ذلك استغلال الحكومة الجزائرية لجائحة كوفيد-19 والتوسع في الاعتقالات المتزايدة وفرض قيود جديدة على حرية التعبير والتجمع السلمي. جاء ذلك في مداخلة مشتركة[1] أثناء الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص المعني بحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وأيضًا في مداخلة شفهية لمركز القاهرة أمام المجلس أثناء الحوار التفاعلي مع المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت.


[1]ألقى البيان المشترك التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين ، الخدمة الدولية لحقوق الإنسان ، مشروع المدافعين عن حقوق الإنسان في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي ، مبادرة الكومنولث لحقوق الإنسان ، منتدى آسيا، المركز الأفريقي لدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان



كان خبراء الأمم المتحدة، بما في ذلك المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، قد أطلقوا ثلاث نداءات عاجلة خلال الفترة بين 30 مارس و16 أبريل 2020، بشأن الاعتقالات التعسفية والعنيفة، والمحاكمات الجائرة الانتقامية للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين والصحفيين في الجزائر. ومع ذلك، يظل المجلس صامتًا رافضًا التطرق لحملة القمع على المجتمع المدني الجزائري. الأمر الذي دفع منظمات المجتمع المدني- ومن بينها مركز القاهرة- للتعبير في بيانها الختامي للجلسة عن أسفها واستنكارها لغياب الجزائر عن مناقشات المجلس.   



Share this Post