النّيابة العامّة بباريس تفتح تحقيقا قضائيّا حول بيع معدّات التجسس لمصر

In برنامج مصر ..خارطة الطريق, مواقف وبيانات by CIHRS

 

باريس، في 22 ديسمبر2017

بناء على طلب تقدّمت به الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان، والرّابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان بدعم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بفتح تحقيق قضائي حول تورط شركة فرنسية في بيع معدّات تجسس لمصر ، قرر مؤخرًا مكتب النّائب العام لقسم الجرائم ضدّ الإنسانيّة بباريس فتح تحقيق رسمي حول الواقعة، الأمر الذي قد يفضي إلى توجيه تهم التّواطؤ في التّعذيب و الاختفاء القسري لكل من شركة أميسيس الفرنسية- التي أعيدت تسميتها باسم نيكسا تكنولوجي- والنظام الاستبدادي للسيسي على حد سواء، ويبعث برسالة تحذير قويّة لشركات المراقبة و الأسلحة و كذا للسّلطات الفرنسيّة.

كانت المنظمات الثلاث قد تقدمت في 9 نوفمبر 2017 بشكوى ضد شركة نيكسا تكنولوجي الفرنسية، واضطلاعها في القمع واسع النّطاق في مصر تحت نظام السّيسي من خلال بيعها لتكنولوجيا خاصّة بالتجسس. وذلك على خلفية ما ورد من معلومات في التحقيق الصحفي الذي أعده الصحفي أوليفييه تيسكيتوالمنشور في جريدة “تيلي راما” في 5 يوليو 2017.

قرار النائب العام بباريس فتح التحقيق في هذه الواقعة يعطي فرصة للعديد من الضّحايا المصريّين لرفع  دعاوى مدنية بصفتهم مضارين من هذه التقنيات، ويفسح لهم مجال للإدلاء  بشهادتهم أمام النائب العام في فرنسا، كما سيمكّن فتح التحقيق في القضية الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان والرّابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان من مباشرة الدّعوى.

جدير بالذكر أن الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان والرّابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان سبق وقدما شكوى مماثلة ضد الشركة نفسها في 2011، بشأن بيع تقنيات تجسس مشابهة لنظام معمّر القذّافي في ليبيا. وقد  تمكّن ضحايا نظام القذافي في 2013 بمساعدة الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان والرّابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان من المثول أمام قضاة التّحقيق الفرنسيين للإدلاء بشهادتهم في تلك الواقعة، التي تحولت في 2017 لـ “الشاهد الممثّل قانونيّا” للمشاركة في أعمال تعذيب ارتكبت في ليبيا بين عامي 2007 و2011.

من جانبه استنكر ميشال طوبيانا، المحامي و أحد الرؤساء الشرفيين للرّابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان، تواصل بيع معدّات التجسس، وكأنّ شيئا لم يكن، رغم مثول الشركة نفسها للتّحقيق في القضيّة الليبيّة، مشيرًا إلى أن تلك المعدات تعزز الأسطول القمعي للأنظمة المستبدّة. ورغم العديد من المحاذير المحلية والدولية بشأن استخدام هذه التقنيات والمعدات، إلا أن تواطؤ السلطات العمومية المسئولة عن مراقبة تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج يحول دون وقف العواقب الوخيمة لمثل هذه الصفقات، ويسهم في  انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تترتب على تلك الصفقات.

هذا التّحقيق الجديد سيسهم في تسليط مزيد من الضّوء على سياسات نظام السيسي القمعية، وانعكاساتها على المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في مصر  وقوى المعارضة المختلفة، إذ تشهد مصر اليوم عشرات الآلاف من المساجين السياسيّين الّذين يتعرّضون عادة للتّعذيب وظروف اعتقال غير إنسانية ومحاكمات غير عادلة.

يقول بهي الدّين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان:” في السّجون المصريّة حاليّا أكثر من أربعين ألف سجين سياسي سلميّ، كانوا يومًا نسمة الحياة وأمل الحرية الذي انطلق من ميدان التحرير ، ففيما تمعن الشركات في تحقيق الأرباح، تداس التطلّعات الشعبيّة لحياة أفضل تحت أقدام النظام.”

ويضيف باتريك بودوان، المحامي وأحد الرؤساء الشرفيين للفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان:” الشركات الفرنسيّة تسجّل من خلال بيعها لمعدّات التجسس والأسلحة لمصر والشرق الأوسط أرقام مبيعات غير مسبوقة، بينما تتسامح السلطات الفرنسية مع تلك الجرائم بل وتشجعها من خلال توظيف مشتريات تلك الشركات! ويتابع: “إن الحكومة المصريّة تستخدم تلك المعدّات في تعقب المعارضين، فتسجن وتعذب  كلّ من يتجرّأ على المطالبة بالمزيد من الحريّة واحترام سيادة القانون، وعليه فلابدّ من وقف هذه الأعمال الإجراميّة القاتلة والحيلولة دون المضي قدما فيها بكل السبل، وهذا هو جوهر العدالة.”

Share this Post