سوريا: شكاوى جنائية حول العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي أمام المحكمة الألمانية

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS

طريق سوريا للعدالة

نحن الموقعون والموقعات أدناه، 46 منظمة وجهة نسوية حقوقية سورية ودولية، و38 فردًا، نرحب بتقدیم أول شكوى جنائية أمام المحكمة الألمانية حول جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في مراكز الاعتقال التابعة للسلطات السوریة.

شارك في تقدیم هذه الشكوى للمدعي العام الألماني سبع ناجیات/وناجین سوریین، فضلاً عن المركز الأوروبي للحقوق الدستوریة وحقوق الإنسان، وشبكة المرأة السوریة، ومنظمة أورنامو.

وفي هذا الصدد نعرب عن دعمنا الكامل لجمیع الناجیات والناجین من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، كما نُعلن تَضامننا الكامل مع النساء والرجال في سوريا الذين أقدموا على هذه الخطوة القانونية.

تشهد المنظمات النسویة العاملة في سوریا على شيوع جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ومع ذلك لا یتم الإبلاغ عن جمیع الحالات، أو تنحصر البلاغات في حالات فردیة، بينما یتم التستر على الحالات الأخرى. ووفقًا لتقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان بعنوان “فقدت كرامتي”، استمر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتیات والرجال والأولاد في سوریا منذ بدء الانتفاضة عام 2011. وقد ارتكبت القوات التابعة للدولة السوریة والمیلیشیات المتحالفة معها جرائم الاغتصاب والانتهاكات الجنسیة ضد النساء والفتیات والرجال أثناء العملیات البریّة والغارات على المنازل وفي نقاط التفتیش ومرافق الاعتقال الرسمیة وغیر الرسمیة.

وفي ضوء استمرار وقوع هذه الجرائم ومحاولات توثیقها خلال النزاع الدائر في سوريا، تعتبر هذه المبادرة القانونیة خطوة بالغة الأهمیة لتحقیق العدالة لضحایا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. لذا نحث السلطات القضائیة الألمانیة على توسیع نطاق تحقیقاتها بمقتضى مبدأ الولایة القضائیة العالمیة، لضمان ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، باعتبارها جرائم ضد الإنسانیة.

یتطلب إجراء تحقیق شامل في جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي موظفین وموظفات مؤهلین/ات بما یكفي من الخبرات والتجارب لدعم الناجیات والناجین. فغالبا لن یتمكن الناجون/یات من الإبلاغ عن تجاربهم/ن بطریقة آمنة ومجدیة إلا إذا توافرت الخبرات المطلوبة، وطُرحت الأسئلة الصحیحة.

هذه التحقیقات لا بد أن تشمل الانتهاكات الهیكلیة والمتوطنة التي تُرتكب بشكل منهجي في جمیع أنحاء سوریا، إذ أن أقتصارها على جرائم جنسية محددة قد يصورها وكأنها أفعال منعزلة ضد أفرادـ عوضًا عن اعتبارها جزءًا من هجمات واسعة النطاق ضد السكان المدنیین، الأمر الذي تعتبر في إطاره جرائم ضد الإنسانیة.

یتعرض الناجون من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وخاصة الناجیات، للتمییز داخل المجتمع على أكثر من صعید وفي شتّى مدارات الحیاة الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة، سواء في حیاتهم/ن العامة أو الخاصة. فضلاً عن معاناتهم جراء م الصدمات النفسیة والتمییز الاجتماعي (وصمة العار) والعنف القائم على النوع الاجتماعي (جرائم الشرف) مدى الحیاة.

ونتیجة لهذا التمییز، تقرر الناجیات ألا تصرحن بما جرى، ولا يلجأن للمسار القانوني لتحقيق العدالة حتى لا يجلبن لأنفسهن ردة فعل قویة من المجتمع. فضلاً عن ذلك، ونظرًا لغیاب الخدمات الكافیة من الأخصائیین في مجالي الدعم والحمایة للناجيات اللاتي يخترن طریق الإنصاف قضائیًا، يمتنعن عن رفع دعاوى قضائية، خشیة تعمیق الصدمة.

لتذلیل هذه العوائق وفتح الطریق أمام الناجیات والناجین من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وإتاحة المجال لوصولهم/ن إلى العدالة، نطالب الدول الأوروبیة وآلیات العدالة الدولیة والمعنیین بسوریا عموما بما يلي:

  1. المساءلة القانونیة عن جمیع الجرائم الدولیة التي ارتُكبت أثناء النزاع السوري، بما في ذلك العنف الجنسي والجرائم المرتكبة على أساس نوع الجنس، أيا كانت الانتماءات السیاسیة لمرتكبیها.
  2. إجراء تحلیل یراعى الاعتبارات الجنسانیة لكافة الجرائم الدولیة المرتكبة في سوریا منذ بدایة التحقیقات، على نحو یستلزم زیادة عدد المتخصصات في شئون نوع الجنس الاجتماعي في كل خطوة من خطوات التقاضي لمساعدة الناجیات على الدفاع عن العدالة. (المزید من ضابطات الشرطة والمحققات الجنائیات والمحامیات والقضاة، إلخ).
  3. زیادة الدعم وخدمات الأخصائیین للناجین والناجیات من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي لضمان قدرتهم على التماس العدالة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
  4. إطلاق مبادرات توعویة وحملات تعبئة للمجتمعات المحلیة لمعالجة التمییز الاجتماعي (وصمة العار) الذي یسبب معاناة أكبر للناجیات والناجین من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ویمنعهم من التماس العدالة.

نحن القائمون/ات على المنظمات النسویة ومنظمات حقوق الإنسان نؤمن أن العدالة التحویلیة[1] (التي تغیر قواعد اللعبة) للناجیات والناجین من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي لن تقتصر على محاسبة الجناة فحسب. إن نضال الضحایا من أجل حقوقهم/ن یتجاوز قاعة المحكمة لیصل كل منزل وكل شارع في سوریا وخارجها.

وإلى أن یحصل الناجیات والناجون على ما یحتاجونه من الرعایة والاحترام والدعم، ستبقى الجرائم الدولیة دون عقاب وستعجز الإنسانیة عن الوفاء بأدنى شروط الانتماء إلیها.

تحقیق السلام الدائم في سوریا مرهون بالمساءلة وبالعدالة التحویلیة.

قائمة الموقعين هنا


[1] * تحدد الضرر وتسمح بالتعافي وتطالب بالمسائلة وتغیير السلوك

Share this Post