على اللجنة الأفريقية ألا تقدم غطاء سياسي للممارسات القمعية الوحشية للحكومة المصرية

In برنامج مصر ..خارطة الطريق, مواقف وبيانات by CIHRS

أرسلت 65 منظمة مجتمع مدني محلية ودولية رسالة إلى السيدة سوياتا ناوغا رئيسة اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إعتراضا على النية في عقد الجلسة العادية القادمة، رقم 64، للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في مصر، وفيما يلي نص الرسالة:

رسالة مفتوحة إلى رئيسة اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب

على اللجنة الأفريقية ألا تقدم غطاء سياسي للممارسات القمعية الوحشية للحكومة المصرية

السيدة سوياتا ناوغا رئيسة اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب:

نكتب إليكم لنحثكم على رفض العرض المقترح بعقد الجلسة العادية القادمة، رقم 64، للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في مصر. إذ أن هذا القرار- حال اتخاذه- يمكن أن يمثل عقبة خطيرة في سبيل مواجهة الانتهاكات الخطيرة الحالية التي تحدث في مصر، في ظل حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

تعاني مصر حاليًا من حملة قمعية غير مسبوقة، هي الأكثر انتشارًا ووحشية على حقوق الإنسان في تاريخ مصر الحديث. وفي مواجهة هذا الواقع، أصبح نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان والإجراءات الخاصة، أكثر انتقادا وأعلى صوتًا تنديدًا بحالة حقوق الإنسان في البلاد. يشمل هذا التصريحات الأخيرة التي تندد وبشدة بإصدار أحكام الإعدام الجماعية مؤخراً للأفراد الذين شاركوا في احتجاجات داخل البلاد، والدعوة النادرة التي أطلقها أصدرها ستة من المقررين الخواص بالأمم المتحدة "بالرد على وجه السرعة" على سلوك الحكومة الذي وصفوه بـ "المروّع". هذا بالإضافة إلى انتقادات مماثلة وجهت من خدمة العمل الأوروبي الخارجي، التابعة للاتحاد الأوروبي.

إن تجاهل الحكومة المصرية المستمر للقانون الدستوري والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان يؤدي لسلسلة من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان (انظر الملحق المرفق بهذه الرسالة). وقد تقاعست السلطة القضائية إلى حد كبير عن محاسبة المسئولين عن تلك الانتهاكات، بل ولعبت المحاكم في حالات عديدة الدور الأكبر كأداة للقمع لصالح السلطات.

فبين الفترة من يوليو 2013 وحتى أغسطس 2018  وثقت المنظمات غير الحكومية المستقلة المصرية  1,520 حالة اختفاء قسري في مصر،  بالإضافة إلى أكثر من 60,000  سجين سياسي يقبعون حاليًا في السجون في ظروف احتجاز مروعة، حيث وثقت لجنة المنظمات غير الحكومية المصرية من أجل العدالة ما لا يقل عن 129 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز خلال عام 2017. كما خلص التقرير السنوي للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 2017 إلى "أن التعذيب ممارسة منهجية في مصر"، وأنه يتغذى على إفلات قوات الأمن من العقاب وعلى تورط الدولة على مستويات عليا، وقد ترقى الممارسة إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

 في هذا السياق المخزي الذي تنتشر فيه ممارسات التعذيب والاختفاء القسري، تواجه الحريات الأساسية في مصر حملة قمع شرسة هي الأكثر شمولية وقمعية، على نحو يهدد استمراره بمصادره أي شكل من أشكال الصحافة المستقلة والمجتمع المدني، وغياب المعارضة والراي الأخر. الأمر الذي تجلى بوضوح خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة مارس الماضي، والتي قيمتها أربعة عشر منظمة إقليمية ودولية أنها فاقدة للحرية والنزاهة، بينما حذرت منظمات حقوقية مصرية من أن الانتخابات أصبحت "تمثيلية" خطرة من المحتمل أن "تزيد من العنف والإرهاب وعدم الاستقرار" في البلاد.

هذا ومن المتوقع أن تبدأ تحركات مشابهة وعلى نطاق أوسع، من أجل  أن تعديل الدستور المصري لإلغاء حدود فترة الرئاسة والسماح للرئيس السيسي بالترشح لولاية ثالثة في عام 2022.

وفي كل ذلك، تظل مشاركة منظمات المجتمع المدني المصرية وغير المصرية خلال فعاليات جلسة اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب- حال انعقادها في مصر- موضع تساؤل وشك. إذ لدى منظماتنا شكوك جدية في أن تتحقق جميع الشروط والضمانات للسماح للمنظمات غير الحكومية بحضور الجلسة، وفقًا لولايتها وممارساتها، كما أنه لا يمكن ضمان أمن وسلامة المدافعين عن حقوق الإنسان المشاركين في هذه الدورة، وعدم الانتقام منهم، الأمر الذي يؤثر قطعا على الدور الرئيسي المنوط باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن تلعبه في تعزيز التواصل بين تلك المنظمات والسلطات الوطنية المصرية ، من أجل المساهمة في احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في البلاد.

إن غض الطرف عن هذه التهديدات والفظائع المرتكبة في مصر أمرًا مستحيلاً، ونحن إذ نثني وندعم المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت في إدانتها في الآونة الأخيرة لظلم المحاكم المصرية، فإننا نحث اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على الاقتداء بها  واستنكار هذه الانتهاكات، بدلاً من مكافأة السلطات المصرية بالسماح لها باستضافة الدورة العادية الرابعة والستون للجنة الأفريقية في مصر.

فنحن ننأى باللجنة الأفريقية أن تكون شاهد قبر حقوق الإنسان في مصر.

شكراً. لعنايتكم بطلبنا، ويسعدنا إمدادكم بما تحتاجوه من معلومات.

لكم منا أسمى معان الاحترام والتقدير.

الموقعون:

1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
2. الأورومتوسطية للحقوق
3. الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
4. جزيرة بلادي للإنسانية
5. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
6. الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
7. الرابطة التونسية لحقوق الإنسان
8. الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان
9. الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
10.كوميتي فور چستس
11. اللجنة الدولية للحقوقيين
12. مبادرة الحرية
13. مركز النديم
14. مركز حدود للدعم والاستشارات
15. مركز عدالة للحقوق والحريات
16. المفوضية العربية للحقوق السياسية والاجتماعية (نضال)
17. المنظمة المغربية لحقوق الإنسان

18. Action for Community Transformation (ACT-NOW);
19. African Centre for Democracy and Human Rights Studies (ACDHRS);
20. Afrique arc-en-ciel;
21. Afrique Arc-en-Ciel Togo ;
22. Associação Justiça, Paz e Democracia (AJPD) Angola;
23. Association for Human Rights in Ethiopia (AHRE);
24. Associazione Ricreativa Culturale Italiana – (ARCI);
25. Center for Civil Liberties-Ukraine;
26. CIVICUS;
27. CNCD-11.11.11;
28. Coalition of African Lesbians;
29. Independent Commission for Human Rights in Western Sahara;
30. Conectas Direitos Humanos;
31. Consortium for Refugees and Migrants in South Africa (CoRMSA);
32. Defend Defenders (the East and Horn of Africa Human Rights Defenders Project);
33. Dignity;
34. Great Lakes Initiative for Human Rights and Development (GLIHD);
35. Human Rights and Development in Africa (IHRDA);
36. Human Rights Awareness and Promotion Forum- Uganda;
37. Human Rights Concern - Eritrea (HRCE);
38. Human Rights Defenders Network- Sierra Leone;
39. HuMENA for Human Rights and Sustainable Development;
40. Initiative For Equal Right- Nigeria;
41. Initiative for Equality and Non-Discrimination- Kenya;
42. Initiative for Strategic Litigation in Africa (ISLA);
43. International Bar Association’s Human Rights Institute;
44. International Institute for Child Protection;
45. International Lawyers (Geneva);
46. Iranti-South Africa;
47. Kenya Human Rights Commission;
48. Kvinna till Kvinna Foundation;
49. National Coalition for Human Rights Defenders-Uganda;
50. National Coalition of Human Rights Defenders - Kenya (NCHRD-K);
51. National Human Rights Defenders Network Sierra Leone;
52. National Human Rights Defenders Somalia/Somaliland;
53. Network for Solidarity, Empowerment and Transformation for All – NewSETA;
54. Odhikar-Bangladesh;
55. Organization for Women and Children (ORWOCH);
56. Queer Youth Uganda;
57. Réseau des Défenseurs des Droits Humains en Afrique Centrale (REDHAC) ;
58. Réseau Doustourna (Tunis) ;
59. Southern Africa Human Rights Defenders Network;
60. Synergia Initiatives for Human Rights;
61. The Regional Center for Rights And liberties;
62. Uganda National NGO Forum;
63. West African Human Rights Defenders ‘Network (ROADDH/WAHRDN);
64. World Organisation Against Torture (OMCT);
65. Zimbabwe Lawyers for Human Rights.

    خلفية عن حالة حقوق الإنسان في مصر

    بالتزامن مع تزوير العملية السياسية، صدر مؤخرًا تشريع في مصر يضمن حماية السلطات المصرية من المساءلة عن جرائم سابقة، وتعزيز قوتها السياسية المستقبلية. إذ يعفي القانون الصادر في يوليو 2018 كبار ضباط الجيش من المساءلة عن أي جرائم ارتكبت في الفترة بين يونيو 2013 إلى يناير 2016، والتي تشمل القتل الجماعي خلال عام 2013 ( أحداث رابعة وما بعدها) ويعزز الافلات نهائيا من العقاب. كما وثقت 6 منظمات حقوقية مصرية غير حكومية الحكم الصادر بالإعدام بحق   175 شخصًا خلال العام الجاري فقط، في إحدى عشرة قضية ذات دوافع سياسية، بينهم 75 شخصًا في قضية فض اعتصام ميدان رابعة العدوية من المعتصمون الناجين من القتل، بينما لم توجه المحاكمة اية إدانة للقتلة.

     يتزامن هذا كله مع هجوم من شقين، أحدهما على الإعلام والثاني على المجتمع المدني. فمن جهة تم بالفعل تأميم وسائل الإعلام المصرية أو إخضاعها لقيود أمنية تعسفية، كما أن المنافذ القليلة المتبقية للتغطية الإعلامية التي لا تقع تحت سيطرة الدولة - وسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام الدولية- تتعرض الآن لهجوم ضاري. كما نجحت السلطة في قمع حرية التعبير والصحافة بطريقة أكثر شراسة من خلال قوانين وسائل الإعلام الجديدة شديدة القسوة وقانون الجرائم الإلكترونية الذي يسمح بالمراقبة الجماعية الأمنية لاتصالات المواطنين على شبكة الانترنت دون أمر قضائي.

     وبالمثل تم استخدام التشريعات القمعية لتجميد المجتمع المدني، ففي مايو 2017  صدّق  الرئيس على قانون المنظمات غير الحكومية الصادم رقم 70/2017، والذي سيؤدي تطبيقه لخنق المجتمع المدني المستقل، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الإنمائية والاجتماعية والإنسانية، فضلاً عن تجميد كل أنواع العمل المدني في البلاد، وذلك رغم وعود النظام المصري  المتكررة أمام الفاعليين الدوليين أن النص المتوحش الذي أقره البرلمان لهذا القانون في 2016 لن يصدر بهذا الشكل.

    وقبل وبعد إقرار القانون رقم 70/2017، عانى المجتمع المدني المستقل من الملاحقة الأمنية والقضائية المستمرة من خلال القضية 173 لعام 2011، والتي بموجبها أجبرت الحكومة المصرية منظمات حقوق الإنسان الدولية على إغلاق مكاتبها في مصر، ونجحت في قمع جماعات حقوق الإنسان المصرية. وتشير التطورات الأخيرة للقضية - بما في ذلك إغلاق المنظمات غير الحكومية المصرية وفرض حظر السفر على النشطاء وتجميد أمول الناشطين وأصول منظماتهم- إلى خطة منظمة للقضاء على حركة حقوق الإنسان بأكملها في مصر.

    أن تقاعس اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عن الإدانة الفورية لهذه الانتهاكات من قبل الحكومة قد يؤدي إلى إغلاق المزيد من المنظمات غير الحكومية المصرية، وإصدار مزيد من الأحكام ضد العاملين فيها. إذ تخضع- حتى الآن- ما لا يقل عن 37 منظمة مصرية للملاحقة القضائية في القضية 173. بينهم منظمات تعد الأكثر مصداقية واستقلالية في مصر أحد أهم الأصوات الناقدة الوحيدة المتبقية لسياسات الحكومة السياسية والاقتصادية والإنمائية وحقوق الإنسان. وقد تم بالفعل تجميد أصول 6 منظمات حقوقية ومصادرة أموال 10من نشطاء حقوق الإنسان.

    إن قمع الحكومة المصرية للمجتمع المدني - الأكثر وضوحا من خلال القانون 70/2017 والقضية 173 - يأتي في ظل أزمة اجتماعية اقتصادية طاحنة تعصف حتى بالخدمات الأساسية. فقد أدى تعويم الجنيه المصري في أواخر عام 2016، كجزء من اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، إلى خفض سعر الصرف للجنية من 0.112 إلى 0.057 دولار وارتفع التضخم إلى نسبة 35% تقريبًا.

     كما أدت الأزمة الاقتصادية في مصر إلى العصف بالتحركات العمالية ومساعيها نحو حقوق العمال، إذ لا تزال الإضرابات العمالية مجرّمة في القانون المصري. كما اعتقلت/ادانت السلطات المصرية 180 عاملاً على الأقل في إضرابات واحتجاجات سلمية في أماكن العمل خلال عامي 2016 و2017. كما تشير التقارير إلى أن تدابير التقشف القاسية أثرت بشدة على الفقراء، الذين يشكلون أكثر من ربع السكان - أكثر من 23 مليون شخصًا- حسب الإحصاءات الرسمية.

    وفي ظل استمرار الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، يحرم قانون العمل الأهلي الجديد العديد من المواطنين في مصر من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية الحيوية، فضلاً عن ما قد توفره جماعات المجتمع المدني من مساعدات للتخفيف من وطأة الفقر، ناهيك عن حرمان الناجين من التعذيب والعنف من الوصول للدعم القانوني والطبي والنفسي.

    وفقًا لمعهد كريدي سويس للأبحاث، وصل مُعامل جيني للثروة في مصر إلى رقم مذهل بنسبة 91.7٪  في عام 2017، مما يجعل مصر في المرتبة الثالثة بين أكثر بلدان العالم فقدانا للتكافؤ، ومن المؤسف أن هذه النسبة مرشحة للزيادة.

    يأتي هذا كله في الوقت الذي يعطي فيه الرئيس بقاء نظامه أولوية تفوق تلك الاولويات الخاصة باستقرار الدولة ودعم مواطنيها، الأمر الذي يفسر استمرار وتفشي ممارسات الفساد وسياسات سوء الإدارة، على نحو يزيد من ضجر وقلق المواطنين المصريين، كما يشير الباحثون.  إذ تستمر السلطات في متابعة المشاريع الضخمة مثل التوسع في بناء المجتمعات الحضرية المكلفة والتي لا يمكن الوصول إليها إلا للأثرياء. ويركز النظام على إرضاء قاعدة سلطة السيسي، ولا سيما القطاع الاقتصادي الذي يسيطر عليه الجيش والذي يتسبب تضخم حجمه في مزاحمة القطاع الخاص.

    تضمن هذه السياسات وغيرها أن تظل جهود الإصلاح الحالية صعبة للغاية وغير كافية للوفاء بوعود الرخاء والتنمية المستدامة  التي قطعها الرئيس على نفسه في 2014 ، متعهدًا بتحقيق الاستقرار الاجتماعي-الاقتصادي والنمو الشامل.

    على الجانب الأخر، يؤدي اعتداء الحكومة المصرية على وسائل الإعلام والمجتمع المدني لمزيد من إغلاق الفضاء السياسي والمجال العام وقمع المعارضة، وغياب خيارات الانتقال السلمي للسلطة في مصر. وقد حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان السابق مراراً وتكراراً من أن "الوحشية والترهيب لأصوات البلاد الأكثر معارضة، ووقف الخدمات الاجتماعية والاقتصادية الحيوية التي توفرها المنظمات غير الحكومية وحجب المعلومات، لا يمكن إلا أن يؤدي لتفاقم الراديكالية وعدم الاستقرار."

    في السياق نفسه أدت الحملة الوحشية من عنف وتجريم وكراهية ضد العشرات على أساس الميول الجنسية بدعوى حضور حفلة موسيقية ورفع علم بشكل سلمي، أو بدعوى استخدام تطبيق مواعدة إلى مزيد من الإساءة لسمعة مصر. وحاليًا تقود الحكومة المصرية حملة مماثلة في الاتحاد الأفريقي لتقويض المنظمات غير الحكومية الأفريقية العاملة في قضايا المثليين.

     إن التدهور الحاد للوضع في مصر المنعكس في عدد من القضايا المفصلية الملحة، يعكس الحاجة القوية لتصدي المجتمع الدولي لتلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فضلاً عن أن  السياسات القمعية للحكومة المصرية تقوض بشكل أكبر قدرة المنظمات غير الحكومية الإفريقية والدولية على حضور جلسات اللجنة والتفاعل معها بشكل فعال.

    لقد أصبح من الصعب تبرير صمت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على حملة الحكومة المصرية المتصاعدة لإسكات المعارضة وسحق المجتمع المدني المستقل. إذ أدى هذا الصمت لسنوات إلى استمرار الإفلات من العقاب وتقديم الضمانات لقوات الأمن المصرية بأنه لن تكون هناك عواقب على ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.

    فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، تعرض الحقوقيون المصريون ومنظمات غير حكومية متعاونة مع آليات حقوق الإنسان الدولية لأعمال انتقامية ممنهجة، من بينها ما وقع في  مارس 2018، رداً على مذكرة أرسلتها سبع منظمات مصرية مستقلة لحقوق الإنسان، بينهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إلى الأمين العام للأمم المتحدة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية في مصر، وعلى إثره دعا مقدم برنامج تلفزيوني السلطات المصرية إلى التعامل مع  بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان] بالطريقة نفسها التي تم التعامل بها مع الجاسوس الروسي،" في إشارة إلى الهجوم بغاز الأعصاب على سيرجي سكريبال في المملكة المتحدة في وقت سابق من الشهر نفسه. كما تم منع محمد زارع، مدير مكتب مصر بمركز القاهرة، من السفر واتهامه بتشويه صورة مصر في الخارج بسبب تنسيقه تقرير المراجعة الدورية الشاملة لمصر أمام الامم المتحدة في عام 2014، الأمر الذي أجبر – مع غيره من الممارسات-  المنظمات المصرية الأخرى على مقاطعة المراجعة الدورية الشاملة لمصر في نوفمبر 2014.  وفي 2017، ألقي القبض أيضًا على المدافع عن حقوق الإنسان المصري إبراهيم متولي وتم منعه من ركوب الطائرة المتجهة لجنيف يوم 10 سبتمبر لحضور الدورة الـ113 لفريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، ما أثار فزع الأمم المتحدة. "متولي" هو منسق رابطة عائلات المختفين قسريًا، ووالد عمرو إبراهيم المختفي منذ القبض عليه يوليو 2013.

    Share this Post