في اجتماع مع مبعوث الأمم المتحدة بشأن ليبيا وأخر مع المفوض السامي لحقوق الإنسان. ائتلاف جمعيات المجتمع المدني الليبي (المنصة): التغاضي عن مطالب المجتمع المدني بتفعيل آليات دولية للمحاسبة سبب رئيسي لتعثر عملية السلام

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS


في اجتماعين متواليين، التقى أمس9 أكتوبر 2017، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وعدد من ممثلي ائتلاف جمعيات المجتمع المدني الليبي (المنصة)[1]مع كل من غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة بشأن ليبيا، وزيد بن رعد المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وذلك بمقر بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا في تونس.

تناول الاجتماعان أسباب استمرار تردي الوضع الإنساني في ليبيا، وتعثر العملية السياسية ومسار المصالحة. فيما أكد ممثلو “المنصة” على ضرورة وجود آلية دولية للمحاسبة عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من قبل أطراف النزاع المختلفة في ليبيا، في ظل غياب منظومة عدالة وطنية تواجه تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب. كما شدد المجتمعون على ضرورة إلزام السلطات الليبية بوضع استراتيجية واضحة لإعادة بناء المؤسسات الأمنية ودعم حرية التعبير وتكوين الجمعيات ودعم الجهاز القضائي الليبي وعودة النازحين ودعم قطاعي الصحة والتعليم مع مراعاة الفئات المهمشة.

تشهد حالة حقوق الإنسان في ليبيا تدهورًا حادًا- والمسئولة عنه كافة المجموعات المسلحة والعسكرية المتنافسة على السلطة في ليبيا- يتجلى في زيادة الهجمات على منظمات المجتمع المدني المحلية والمدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء الجهاز القضائي والإعلاميين والمدنيين والمهاجرين الأجانب، فضلاً عن تفشي ممارسات الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، وصولًا إلى الهجمات العشوائية على الأحياء السكنية والبنية التحتية للدولة، والقتل خارج نطاق القانون. يأتي ذلك في ظل ارتفاع في وتيرة خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وتوظيف الخطاب الديني من قبل العديد من الأطراف كذريعة للتضييق على النشطاء والمدافعين في مختلف أنحاء البلاد،

من جانبهم سلط أعضاء المنصة الضوء على تأثير هذا الوضع المتردي، وما يحدثه من شلل في عمل السلطات التشريعية والتنفيذية، وتعطيل للحياة اليومية، وتعثر في تقديم الخدامات العامة للمواطنين، بالإضافة إلى تقويض عملية المصالحة الوطنية والحد من نتائجها الإيجابية المنتظرة من جلسات المصالحات المحلية داخل ليبيا وجلسات لجنة الحوار للاتفاق السياسي بدعم من الأمم المتحدة.

تؤمن المنصة بأن تعثر العملية السياسية وتصاعد دوامة العنف في ليبيا  نتائج متوقعة لاستمرار الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة من جهة، وغياب الخطوات الجادة لهيكلة المؤسسات الأمنية في البلاد من جهة أخرى، وتعتبر أنه لا مجال لمحاربة الإرهاب والوصول لتعايش سلمي وسيادة القانون بدون معالجة جادة لهذين العاملين.

كان القرار الأخير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في مارس 2017 بشأن ليبيا قد أوصى مكتب المفوض السامي القائم برصد الانتهاكات على الأرض، والسعي نحو تحديد هوية المتورطين في الجرائم المرتكبة في ليبيا، واعتبره الحقوقيون بمثابة مكسب حقيقي، وخطوة جادة نحو تأمين الحد الأدنى من سبل ردع مزيد من الانتهاكات وحفظ الأدلة اللازمة لتحقيق المساءلة والإنصاف. وفي هذا الصدد يؤكد ممثلو المنصة على الأهمية القصوى لاستمرار مكتب المفوض السامي في القيام بهذا الدور -والتأكد من أن جميع الأطراف في ليبيا على علم به- وإرسال هذه المعلومات للجهات القضائية المختصة بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.

أن تفعيل آليات دولية للمحاسبة سوف تخفف من وطأة الهجمات والعصيان الذي تمارسه المجموعات المسلحة والعسكرية ضد مؤسسات الدولة الوليدة، بما يدعم مبادرات المصالحة المحلية والوطنية، فضلًا عن قدرة هذه الآليات داخل وخارج ليبيا على محاصرة المجموعات المسلحة دوليًا، وإبطال قدرتها على تقويض المبادرات الرامية للحلول السلمية والدائمة.

في ختام الاجتماعين، قدم وفد المنصة مجموعة من التوصيات الداعمة لجهود الإصلاح في ليبيا، سواء لمكتب المفوض السامي أو للمبعوث الخاص بالأمين العام، وهي: –

توصيات لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان:

  1. استمرار متابعة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لملف الانتهاكات في ليبيا.
  2. وضع آليات فعالة بالتعاون مع الجمعيات الليبية لمتابعة تنفيذ السلطات الليبية لتوصيات تقرير لجنة التحقيق التابعة للمفوضية السامية والمشكلة بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان فيمارس 2016,
  3. جمع الأدلة وإصدار تقارير عامة عن الانتهاكات الجسيمة المستمرة في ليبيا بشكل يوضح سلسة الأوامر، خصوصا بشأن حالات القتل خارج نطاق القانون والتعذيب والاغتصاب والاحتجاز التعسفي والهجمات العشوائية على الأحياء السكنية والبنية التحتية للدولة، خلال الصراعات الداخلية الدائرة بين المجموعات المسلحة وشبه العسكرية التابعة لسلطات المتنافسة فيما بينها على الشرعية، إذ تصل بعض هذه الانتهاكات لحد جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وذلك وفقًا لقرار مجلس حقوق الإنسان في مارس 2017,
  4. الضغط على السلطات العامة في ليبيا لوضع حد من الممارسات الممنهجة لعرقلة حرية التعبير وتكوين الجمعيات في الشرق والغرب بما يشمل عقبات التسجيل، التتبع الأمني، الخطف، الاحتجاز التعسفي بحق المدافعين وأعضاء المجتمع المدني وانتهاك الحق في التنقل خاصة ضد النساء المدافعات عن حقوق الإنسان،
  5. دعم ومساندة المطالب المتكررة للمجتمع المدني الليبي والمقدمة للجنة تقصي الحقائق في ليبيا خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في مارس 2018,

توصيات للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة:

  1. الضغط على السلطات الليبية الفعلية والرسمية لوضع خطة عملية في صورة مشروع قانون بشأن إستراتيجية وطنية شاملة وشفافة على المدى القصير والمتوسط والبعيد لإعادة بناء المؤسسات الأمنية الوطنية.
  2. النظر في وضع بند شرطي يتعلق برفع حظر تصدير الأسلحة لليبيا، وفق معايير واضحة ودقيقة، ترتبط بإصلاح المؤسسات الأمنية والإعلاء من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وتمتثل للمعايير الدولية، وتحت مراقبة من المجتمع المدني
  3. إدراج كسر دائرة الإفلات من العقاب وإعادة تفعيل نظام القضاء الجنائي الوطني وتحريك آليات المساءلة الدولية، كأولوية لعمل المبعوث الخاص بشأن ليبيا.
  4. الضغط على السلطات الليبية لضمان حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي وحماية النشطاء ومنظمات المجتمع المدني والصحفيين ووسائل الإعلام من الهجمات، وكفالة سلامتهم، وضمان مناخ آمن لهم، والعمل بجديه على مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف في وسائل الإعلام.
  5. تمكين المكونات المحلية والمجتمع المدني من التأثير بشكل فعلي على مفاوضات السلام. وتركزت مخرجات أتفاق “الصخيرات” على مطالب أعضاء المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب بالإضافة لحلفائهم من التكتلات المسلحة، دون يكون أن هناك قاعدة شعبية على المستوى المحلي والوطني تشارك في طرح رؤية لمصالحة وطنية مستدامة.
  6. الضغط على السلطات الليبية للعملعلى سرعة عودة النازحين والمهجرين وتسوية أوضاعهم الأمنية والوظيفية.
  7. الضغط على السلطات الليبية للعمل على سرعة حل إشكاليات ملف المفقودين والنازحين والمهجرين والالتزام بالمدد القانونية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي لتحسين أوضاعهم.
  8. الضغط على مجلس النواب لإعادة النظر في قانون العفو العام، فيما يتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كالقتل والتعذيب والاغتصاب، منعا لإفلات الجناة من العقاب.

[1] تأسس ائتلاف المنصة في 2016. ترتكز رؤية الائتلاف على خلق فضاء للالتقاء والتحاور والتنسيق من أجل تطوير ورفع كفاءة المجتمع المدني الليبي، وتمكينه من القيام بدور فعال في تعزيز الحريات العامة وحقوق الإنسان، ووضع استراتيجية متكاملة للتغيير والتأثير على مختلف الأصعدة. للمزيد حول أهداف عمل المنصة والقواعد المشتركة للعمل بين أعضائها. راجع: ليبيا: البيان التأسيسي لأئتلاف بعض منظمات المجتمع المدني الليبي تحت اسم المنصة

Share this Post