Photo: AFP

في الذكرى الثالثة للثورة.. الشرطة المصرية تبدأ عهدًا جديدًا من القمع بقتل العشرات، واعتقالات عشوائية في مختلف المحافظات

In مواقف وبيانات by CIHRS

تدين المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه بشدة ما شهدته مصر في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، يوم السبت 25 يناير 2014، من أحداث عنف دموية كان بطلها الرئيسي هو قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية المصرية. ولا مجال للشك في أن هذا العنف مورس تحديدًا ضد مظاهرات وتجمعات غير مؤيدة للنظام الحاكم دون غيرها بصورة متعمدة ومنهجية، ولا يمكن تبريره بأي خروج عن القانون من قبل المستهدفين به. ففي الوقت الذي فتحت فيه قوات الأمن الميادين والطرق أمام تجمعات ومسيرات المؤيدين للنظام، واجهت كل محاولة لتجمع معارضيه في أي وقفة أو مسيرة بعنف شديد، ففي حين استخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش والرصاص الحي ضد تجمعات المعارضين، فإنها بالتعاون مع قوات الجيش كانت تحمي مسيرات وتجمعات المؤيدين في أماكن أخري بعضها لا يبعد إلا أمتارًا قليلة عن الأولى، في تناقض يبرز بوضوح تعمد قمع الحق في التجمع السلمي لكل من يرفع شعارات مناوئة للنظام، بل وتعمد التنكيل به وصولًا إلى القتل المتعمد خارج إطار القانون.

Photo: AFP

Photo: AFP

في حين لا تتوافر بعد إحصاءات موثقة بالعدد الكلي لضحايا العنف الدموي الذي شهدته عدة محافظات مصرية في مقدمتها القاهرة، فإن التقديرات المتاحة تؤكد سقوط ما لا يقل عن 60 شهيد، أغلبهم لقي حتفه إثر إصابته بالرصاص الحي، الذي استخدمته قوات الأمن لتفريق التظاهرات في خرق متعمد للقانون، ودون الالتزام بقواعد التدرج في استخدام القوة لفض التظاهرات، حتى في حال افتراض وجود أي سند قانوني يبيح فضها في الأساس. ولا سبيل في الوقت الراهن للتأكد من أعداد المصابين، في حين أكدت مصادر أمنية أنه تم اعتقال أكثر من 1000 متظاهر في مناطق متفرقة من الجمهورية واعتقال عديدين من منازلهم. وقد تم التحقيق بالفعل مع عدد منهم بعد انتقال أعضاء النيابة العامة إلى أماكن احتجازهم في أقسام الشرطة دون مبرر قانوني. وشملت الانتهاكات القانونية الممارسة من قبل أفراد وضباط الداخلية التعدي على المحامين الذين حاولوا الوصول إلى المعتقلين أو إلى معلومات عنهم، وتم التعدي بالضرب على بعضهم وتهديدهم بالقتل، كما ألقي القبض على البعض الآخر وتم احتجازهم لعدة ساعات، وبصفة عامة منع بعض المحامين من حضور التحقيق مع المعتقلين برغم تواجدهم أمام الأقسام التي منعوا من الدخول إليها، في خرق إضافي لقانون الإجراءات، ولضمانات التحقيق كما ينظمها الدستور الذي لم يمر على إقراره سوى بضعة أيام.

إن استمرار النظام الحالي في إطلاق العنان للعنف الشرطي ضد معارضيه، وتجاهله المتواصل لأي قيود يفرضها الدستور والقانون، وانتهاكه المتعمد لكافة الحقوق والحريات التي تكفلها المواثيق والعهود الدولية لمواطنيه، يدفع البلاد إلى نفق مظلم من تصاعد العنف والعنف المضاد، ويقوض أي أساس يمكن بناء مستقبل آمن ومستقر عليه. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه أعمال الإرهاب من قبل جماعات تتخذ من العنف المسلح سبيلًا للضغط في سبيل أهدافها السياسية، فإن الأجهزة الأمنية تمعن في تقديم نموذج لاستخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية بدورها، في الوقت الذي لا توجد أي أدلة على استخدامها لأية وسائل فعالة في مواجهة الإرهاب الذي تستخدمه كغطاء لانتهاكاتها المستمرة لكل مظاهر الاحتجاج السلمي.

إن احتكار الدولة للعنف في كل العالم مشروط باحترامها للقانون والمساواة في تطبيقه على كافة المواطنين، ومن الخطير أن تبرر أي دوائر سلوك أجهزة الأمن المنافي للقانون بدعوى أنها تواجه أعمالا إرهابية؛ حيث أن هذا السلوك يهدم أهم أسس الدولة الحديثة وهو حكم وسيادة القانون.

إن المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان، إذ تكرر شجبها لاستخدام العنف من قبل أي طرف لتحقيق غايات سياسية تطالب المؤسسة السياسية الحاكمة على وجه السرعة بالتحقيق فيما شهدته الذكرى الثالثة للثورة من أحداث عنف، من خلال طرف تتوفر له الحيدة والاستقلالية، وتقديم المسئولين عن إراقة دماء المتظاهرين السلميين، وغير ذلك من جرائم وانتهاكات جسيمة إلى العدالة، كما تطالب بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية ممارستهم للحق في التجمع والتظاهر أو العمل السياسي السلمي بشكل عام، والتحقيق في الانتهاكات القانونية التي شابت إجراءات القبض عليهم واحتجازهم والتحقيق معهم في غيبة محاميهم.

وتكرر المنظمات الموقعة المطالبة بوقف السياسات القمعية التي يُصعِّد النظام الحاكم من استخدامه لها بشكل مستمر، كما تعيد التأكيد على أن آليات دولة القمع البوليسية ليس من شأنها استعادة الاستقرار أو تحقيق الأمن، وهي على العكس من ذلك تجعل الأمن والاستقرار غايتين بعيدتي المنال. إن الشعب المصري الذي خرج في مثل هذا اليوم منذ ثلاثة أعوام ساعيًا لانتزاع ما حرم منه طويلًا من حقوق، يستحق ما هو أفضل من إعادة إخضاعه لذات الدولة البوليسية التي ثار عليها، وهو بالتأكيد قد دفع ثمنًا غاليًا في سبيل الحصول على الحياة الكريمة التي هي حق أصيل له. إن الاستجابة لمطالب وتطلعات هذا الشعب هي الضمانة الوحيدة لاستقرار أي منظومة سياسية حاكمة، وتجاهل هذه المطالب والتطلعات هو الوصفة الكارثية لزعزعة أي نظام سياسي والطريق السريع نحو الفوضى وتعريض مقدرات البلاد لمخاطر غير محدودة.

الموقعون

1.      نظرة للدراسات النسوية
2.      الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
3.      المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
4.      مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
5.      المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
6.      مركز هشام مبارك للقانون
7.      مصريون ضد التمييز الديني
8.      مؤسسة حرية الفكر والتعبير
9.      مؤسسة قضايا المرأة المصرية

Share this Post