صورة من مصراوي

لا إقرار بما حدث ولا عدالة بعد 4 شهور
ينبغي التحقيق في عمليات القتل الجماعي للمتظاهرين وملاحقة الجناة يجب إنشاء لجنة تقصي حقائق كخطوة أولى

In مواقف وبيانات by CIHRS

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان وجهت 13 منظمة مصرية ودولية معنية بحقوق الإنسان الدعوة إلى السلطات المصرية بأن تقر بالمسئولية العامة عن مقتل ما يناهز الألف شخص في القاهرة على أيدي قوات الأمن التي قامت بفض اعتصامي الإخوان المسلمين يوم 14 أغسطس 2013 وأن تحقق بجدية وبشكل مستفيض في هذه الأحداث الدامية–. والمنظمات ال13 هي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، و حملة “وراكم بالتقرير”، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، و مركز قضايا المرأة المصرية، و مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز نظرة للدراسات النسوية، ومؤسسة الكرامة، و المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، ومنظمة العفو الدولية، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش.

صورة من مصراوي

صورة من مصراوي

قالت المنظمات الموقعة أن الحكومة لم تقدم سجلاً علنياً لوقائع ذلك اليوم، ولم يحقق النائب العام حتى الآن مع أفراد قوات الأمن ولا حاسبهم على الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة المميتة. وقد استحدثت مصر وزارة للعدالة الانتقالية إلا أنها إلى الآن لم تتخذ أية خطوات جدية نحو التماس الحقيقة والعدالة فيما يتعلق بمزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن على مدار السنوات الثلاث الماضية.

قال جاسر عبد الرازق نائب مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “لن يوجد أمل في سيادة القانون والاستقرار السياسي في مصر، ناهيك عن قدر من العدالة للضحايا، دون المحاسبة على ما جرى يوم 14 أغسطس فيما قد يعد أكبر حوادث القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث. وتتجاهل الحكومات المصرية المتعاقبة النداءات المطالبة بالعدالة في السنوات الثلاث الماضية، بينما تستمر وحشية الشرطة وحصيلة القتلى الملازمة لها في التصاعد مع كل واقعة”.

وقالت المنظمات إنه يتعين على الحكومة، كخطوة أولى في اتجاه المحاسبة، أن تشكل لجنة فاعلة ومستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في المسؤولية عن وقائع القتل غير المشروع مع النظر في التسلسل القيادي. وينبغي أن تتمتع اللجنة بسلطة استدعاء المسئولين والشهود، وإصدار تقرير وتوصيات علنية، وهي الصلاحيات التي لا يمكن منحها للجنة إلا بقرار من مجلس الوزراء.

في سبتمبر، قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي لصحيفة “المصري اليوم” اليومية إن حصيلة القتلى يوم 14 أغسطس كانت “تقترب من الألف”. وفي 14 نوفمبر أعلنت مصلحة الطب الشرعي عن حصيلة بلغت 726 لإجمالي الجثامين المنقولة إلى المشرحة الرسمية أو المستشفيات، مع استبعاد الجثامين المدفونة مباشرة بمعرفة ذويهم. وجمع المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قائمة من 904 أسماء لأشخاص قُتلوا أثناء تفريق اعتصام رابعة.

وقد وثقت منظماتنا الحقوقية استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن في فض الاعتصامين، والقتل غير المشروع للمتظاهرين العزّل. وقتلت الشرطة ما لا يقل عن 19 سيدة أثناء تفريق اعتصام رابعة، وهذا بحسب تقرير أصدره مركز نظرة للدراسات النسوية في 10 سبتمبر.

استخدمت قلة من المتظاهرين أسلحة نارية في ذلك اليوم، لكن الشرطة أفرطت في رد فعلها بإطلاق النيران العشوائي، وبهذا فقد تجاوزت ما يسمح به القانون الدولي، الذي يقرر أن اللجوء للقوة المميتة لا يجوز إلا في حالات الضرورة القصوى لحماية الأرواح. وقد أخفقت قوات الأمن في تنفيذ العملية على نحو يقلل من الخطر الواقع على الأرواح، بما في ذلك بضمان مخارج آمنة وإصدار أوامر واضحة بعدم استخدام القوة المميتة إلا في حالات الضرورة القصوى لحماية الأرواح، واستخدامها على نحو غير عشوائي.

وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “إن مقتل سبعة من رجال الشرطة أثناء فض اعتصام رابعة لا يبرر هذا الشكل من أشكال العقاب الجماعي لمئات المتظاهرين والاستخدام غير المتناسب للقوة المميتة، على النحو الذي شهدناه ذلك اليوم”.

وقبل عمليتي الفض الجبري في 14 أغسطس، سبق لقوات الأمن استخدام القوة المميتة المفرطة أمام مقر الحرس الجمهوري في مدينة نصر يوم 8 يوليو، حين لقي 61 متظاهراً وفردان من قوات الأمن حتفهم، وفي طريق النصر بالقرب من مقر اعتصام رابعة العدوية يوم 27 يوليو، حينما توفي 95 متظاهراً وفرد واحد من قوات الأمن. وفي أعقاب هذا، استخدمت قوات الأمن النيران العشوائية فأدت إلى مقتل 120 شخصاً بمحيط ميدان رمسيس يوم 16 أغسطس، وعادت إلى استخدام القوة المميتة المفرطة وغير المبررة لتفريق مسيرات مؤيدة لمرسي يوم 6 أكتوبر، مما أدى إلى ما لا يقل عن 57 حالة وفاة.

وعلى مدار العامين ونصف العام الماضيين، تماماً كما كان الحال أثناء حُكم مبارك، وعلى الرغم من أدلة دامغة جمعتها منظمات حقوقية، ظلت وزارة الداخلية تنكر ارتكاب أي خطأ من جانب الشرطة في أية واقعة أدت إلى وفيات. وبعد وقائع القتل في طريق النصر، قال وزير الداخلية محمد إبراهيم: “أؤكد لكم أننا كرجال شرطة لم نرفع السلاح يوماً على صدر أي متظاهر”. كما قال في مؤتمر صحفي بتاريخ 14 أغسطس أن وزارته قد نجحت في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة “دون خسائر”، وأشار إلى “معدل الوفيات العالمي البالغ 10 بالمائة عند فض الاعتصامات غير السلمية”، وهو المعدل الذي ليس له وجود في الواقع. وأخفق أعضاء الحكومة الآخرون في التنكر لهذه التصريحات أو الإقرار بأي خطأ من جانب قوات الأمن، وهذا بحسب المنظمات.

قالت المنظمات إن النيابة قد قامت في كل من تلك الوقائع بالتحقيق بشكل انتقائي مع المتظاهرين وحدهم في أعقاب أية اشتباكات مع قوات الأمن، متجاهلة حصيلة القتلى المتصاعدة بانتظام في صفوف المتظاهرين. وقد احتجزت النيابة أكثر من 1104 من المتظاهرين والمارة على ذمة المحاكمات طوال الأشهر الثلاث الأخيرة، أو على ذمة التحقيق بتهم الاعتداء على أفراد الأمن وأعمال عنف أخرى يومي 14 و16 أغسطس، لكنها أخفقت في التحقيق مع أي رجل شرطة أو محاسبته بتهمة قتل المتظاهرين، بحسب المنظمات. كما أحالت النيابة للمحاكمة الرئيس السابق محمد مرسي وأعضاء آخرين بجماعة الإخوان بتهم متعلقة بقتل ثلاثة وتعذيب 54 من المتظاهرين قرب قصر الاتحادية الرئاسي في 5 ديسمبر 2012، لكنها لم تحقق مع أو توجه الاتهام إلى أي شخص على مقتل ما لا يقل عن سبعة متظاهرين من صفوف الإخوان في اليوم نفسه ولا في مدى مسؤولية ضباط و أفراد الشرطة و الحرس الجمهوري الذين تمت الوقائع في وجودهم.

إن التزام مصر بموجب القانون الدولي بتوفير سبل الجبر والانتصاف لضحايا جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان يشتمل على ثلاثة عناصر: عملية لالتماس الحقيقة تتضمن نشر الحقائق بشأن جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، والمحاسبة على جرائم الماضي من خلال الملاحقة الجنائية، وتقديم التعويض الكامل والفعال للضحايا وعائلاتهم، وهو ما يجب أن يتضمن ضمانات فعالة بأن الانتهاكات لن تتكرر.

ووعد الرئيس المؤقت عدلي منصور بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في أحداث العنف يوم 8 يوليو عند دار الحرس الجمهوري ـ التي كانت أولى الوقائع الكبرى الموثقة لاستخدام القوة المفرطة وغير المشروعة في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وفي 17 سبتمبر أعلنت الصفحة الإلكترونية لمجلس الوزراء عن موافقة المجلس في آخر اجتماعاته على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للنظر “فيما وقع من أحداث منذ 30 يونيو”. إلا أن الحكومة لم تتخذ أية خطوات أخرى لتشكيل اللجنة.

وفي 20 سبتمبر أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المعينة من قبل الحكومة في مصر، أنه قام بتعيين أربع فرق لتقصي الحقائق والخروج بتقارير عن أحداث 14 أغسطس: وقائع القتل أثناء فض الاعتصامين، والاعتداء على أقسام الشرطة وقتل أفرادها في القاهرة والمنيا، والاعتداء على الكنائس في ثمانية محافظات على الأقل في أنحاء مصر. إلا أن المجلس القومي لحقوق الإنسان، كأية منظمة حقوقية أخرى، لا يسعه سوى طلب المعلومات من وزارة الداخلية، ولا يملك سلطة الوصول إلى وثائق أو استدعاء مسئولي الأمن للاستجواب، ولهذا فهو ليس بديلاً عن لجنة رسمية لتقصي الحقائق.

وقالت المنظمات إن على رئيس الوزراء الببلاوي إصدار مرسوم بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بحيث تكون مستقلة عن الحكومة والجيش. وينبغي للجنة أن تمتلك سلطة إجبار الشهود على الإدلاء بشهاداتهم، بمن فيهم مسئولي الدولة السابقين والحاليين بغض النظر عن صفتهم الرسمية، وسلطات الاستدعاء والتفتيش والمصادرة، مع خضوعها للمراجعة القضائية.

وعلى اللجنة أن تسعى إلى جمع المعلومات من مصادر متنوعة، تشمل السجلات العامة والسجلات الطبية وسجلات المشارح، وتقارير منظمات حقوق الإنسان ولجان تقصي الحقائق السابقة، بما فيها لجنة تقصي الحقائق المشكلة من طرف الرئيس المعزول محمد مرسي في يونيو 2012، والتي لم تنشر نتائجها رسمياً حتى الآن. كما أن عليها أن تجمع شهادات من الضحايا وأقاربهم ومن المسئولين. وعلى المرسوم الحكومي أن يحدد ضرورة قيام اللجنة بنشر ما تتوصل إليه وإطلاع السلطات القضائية عليه، وإطلاع الضحايا وذويهم، وأي شخص تعرض للضرر نتيجة انتهاك لحقوق الإنسان، على التفاصيل الكاملة.

وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وللمجتمع ككل، الحق في معرفة الحقيقة الكاملة بشأن انتهاكات الحقوق في الماضي. وبعد المعدلات غير المسبوقة من العنف والخسائر التي شوهدت منذ عزل محمد مرسي، ينبغي للتحقيقات أن تقدم إجابات حقيقية، ولا يجوز أن تكون عملية تبييض جديدة لسجل قوات الأمن في مصر. ولا يمكن للسلطات المصرية التعامل مع المذبحة من خلال حملات العلاقات العامة في عواصم العالم، وإعادة كتابة الوقائع وحبس مؤيدي مرسي”.

ويتعين على اللجنة، البحث في مسئولية كبار المسئولين في سلسلة القيادة عن التعليمات التي أصدروها، ومدى علمهم باستخدام القوة ضد المتظاهرين ودورهم في التفويض به والسيطرة عليه، أو إخفاقهم في منع السلوك غير المشروع من قبل مرؤوسيهم. كما أن على اللجنة أن تحدد ما إذا كانت هناك أية أدلة على سياسة تقضي بقتل المتظاهرين أو ارتكاب أي جرائم خطيرة أخرى. وعليها أيضاً أن تنظر في إخفاق كبار المسئولين في ضمان الخروج الآمن للمتظاهرين العزل، والمصابين والأطفال، علاوة على ضمان مشروعية استخدام القوة من قبل قوات الأمن. وعلى السلطات أن تعلن عن نتائج التحقيق وتوصياته.

وعلى النائب العام فتح تحقيق محايد وذي مصداقية في مزاعم القتل غير المشروع على أيدي قوات الأمن، مع ضمان عدم التلاعب بالمعلومات الحساسة، وإيقاف المسئولين المشتبه بارتكابهم مخالفات، عن عملهم، طوال مدة التحقيق.

وقد شهد ميدان التحرير والمنطقة المحيطة به منذ نوفمبر 2012 سلسلة من الجرائم الجنسية، حيث تعرضت العديد من السيدات للاعتداء الجنسي، وقد تعرضت بعضهن للاغتصاب، بالأصابع وأدوات حادة. ومن 28 يونيو إلى 7 يوليو 2013 اعتدت تجمعات من الرجال جنسياً –واغتصبت في بعض الحالات– ما لا يقل عن 186 سيدة. وقدم مركز نظرة توصيات إلى الرئاسة والحكومة حول الحاجة إلى دمج قضايا النوع الاجتماعي في آليات العدالة الانتقالية من خلال التركيز على الأسباب الهيكلية لانعدام المساواة بين الرجل والمرأة والتصدي للممارسات التمييزية التي تسهم في إضعاف واستهداف المرأة أثناء فترات الاضطهاد والنزاع.

وقالت مُزن حسن المديرة التنفيذية لمركز نظرة للدراسات النسوية: “لابد أن تشتمل أية عملية لتقصي الحقائق على المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان بناء على النوع الاجتماعي (الجندر) المُرتكبة منذ يناير 2011، والتي تتجاهلها الحكومات المتعاقبة حتى الآن”. وتابعت: “كبداية، على الحكومة أن تتصدى للعنف الجنسي الجماعي بمعدلات غير مسبوقة كالذي شهده ميدان التحرير”.

في السنوات الأخيرة قامت مصر ببعض الجهود التي منيت بالفشل للتحقيق في مقتل متظاهرين على أيدي قوات الأمن. في فبراير 2011، شكل أحمد شفيق، الذي كان رئيس وزراء الرئيس حسني مبارك في ذلك الوقت، لجنة لتقصي الحقائق وعين لها مفوضين مستقلين للتحقيق في مقتل المتظاهرين في يناير 2011. ونشرت اللجنة ملخصاً لنتائجها وتوصياتها في أبريل 2011، فكشفت أن قوات الشرطة هي التي قتلت المتظاهرين، ودعت إلى إصلاحات في القطاع الأمني، لكنها لم تنشر التقرير الكامل.

وفي يوليو 2012، شكل مرسي لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في العنف ضد المتظاهرين من يناير 2011 وحتى يونيو 2012. كان مرسوم مرسي يأمر هيئات الدولة جميعها بالامتثال لطلب اللجنة للمعلومات، ويمنح اللجنة سلطة مراجعة “ما اتخذته السلطة التنفيذية من إجراءات، ومدى تعاونها مع السلطات القضائية، وأوجه القصور إن وجدت”، وسلطة طلب التعاون من الأجهزة الأمنية التي كانت سابقاً قد منعت الوصول إلى معلومات حاسمة. أنهت اللجنة تقريرها وقدمته إلى مرسي في نهاية ديسمبر 2012، لكنه رفض نشره. وفي أبريل 2012 نشرت صحيفتا “الشروق” المصرية و“الغارديان” البريطانية مسودات لفصول مسربة من التقرير تتعلق بالاستخدام غير المشروع للذخيرة الحية من قبل الشرطة، وتعذيب متظاهرين محتجزين على أيدي أفراد من الجيش.

وقد باءت بالفشل أيضاً جهود ملاحقة قوات الأمن وكبار المسئولين الحكوميين على وقائع القتل غير المشروع للمتظاهرين، بما في ذلك محاسبة شاغلي المناصب العليا المتمتعين بسلطة اتخاذ القرار في سلسلة القيادة.

وبعد أن حققت النيابة العامة مع الرئيس الأسبق حسني مبارك وغيره من كبار المسئولين لدورهم في إصدار الأوامر بقتل المتظاهرين، محكمة جنايات شمال القاهرة حسني مبارك ووزير داخليته السابق لإخفاقهما في حماية المتظاهرين في يناير 2011 بينما برأت مساعدي الوزير الأربعة من تهمة الأمر برد الشرطة على مظاهرات يناير لنقص الأدلة. قالت النيابة إنها لم تحصل على تعاون يذكر من وحدة الأمن القومي بالمخابرات العامة ومن وزارة الداخلية، مما عقد عملية جمع الأدلة. وقالت المحكمة إنها لم تجد دليلا “يثبت أن الجناة في قتل المتظاهرين كانوا من أفراد وضباط الشرطة”. وفي يناير، أسقطت محكمة النقض، وهي أعلى محاكم الاستئناف المصرية، الحكم بإدانة مبارك على أسس قانونية. وبدأت إعادة محاكمته في 13 أبريل.

ومنذ 2011، لم تدن المحاكم أو تحكم بالسجن إلا على ثلاثة من أفراد الشرطة منخفضي الرتبة. وبعد ما يقرب من 3 سنوات من خلع مبارك، لا يوجد سوى اثنين من ضباط الشرطة يقضيان أحكاماً بالسجن على قتل ما لا يقل عن 846 متظاهراً في يناير 2011. وثمة رجل شرطة واحد يقضي حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات لإطلاق النار على متظاهرين أثناء احتجاجات محمد محمود في نوفمبر 2011، حين قتلت الشرطة 51 متظاهراً على مدار خمسة أيام. ولم يلاحق النائب العام أي مسئول شرطي آخر على مقتل المتظاهرين الـ 51.

ويقضي ثلاثة جنود أحكامًا بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين وثلاث على قتل 13 قبطياً أثناء مظاهرة بماسبيرو في القاهرة في أكتوبر 2011. ولم يجر التحقيق في قيام قوات الجيش بإطلاق النار على 14 متظاهراً آخر في تلك الليلة، كما لم يجر التحقيق في أحداث العنف في ديسمبر 2011، حين قامت الشرطة العسكرية بضرب وسحل سيدات، ولا في قيامها بتعذيب متظاهرين في مارس 2011 في لاظوغلي بوسط القاهرة، أو في مايو 2012 في العباسية.

وقد ساهمت تقارير لجان تقصي الحقائق السابقة في التحقيقات الجنائية، ففي مايو 2013 قدمت النيابة العامة مذكرة بأدلة إضافية في إعادة محاكمة مبارك وحبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، استناداً إلى التحقيقات التكميلية التي أجرتها بعد تسلم تقرير لجنة تقصي الحقائق التي عينها مرسي. وقد حصلت مجموعة “وراكم بالتقرير” وهي إحدى حملات الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تضغط من أجل نشر تقرير لجنة تقصي الحقائق الثانية وتنفيذ توصياته، على هذه المذكرة الإضافية ونشرتها، وهي المذكرة التي تعيّن أدلة تفيد باستخدام الشرطة للقوة المميتة في يناير 2011 ضد متظاهرين سلميين، وبأن وزارة الداخلية تلاعبت بمحاضر الذخيرة لإخفاء هذا.

وقالت المنظمات إن من الواجب على وزير العدالة الانتقالية إعلان التقارير الكاملة للجان تقصي الحقائق، التي خرجت بها تلك اللجان في فبراير 2011 ويوليو 2012.

وقال أحمد راغب من حملة “وراكم بالتقرير: “إن النضال من أجل المحاسبة هو نضال شامل: ومن حق عائلات المتظاهرين السلميين المقتولين على مدار السنوات الثلاث السابقة، سواء في التحرير أو الاتحادية أو بورسعيد أو رابعة، أن يعرفوا كيف فارق ذووهم الحياة، وأن يشهدوا خضوع قتلتهم للمحاسبة”.

ودعت المنظمات لأن تقوم لجنة تقصي الحقائق أيضاً بصياغة توصيات بإصلاحات قانونية ومؤسساتية تهدف إلى ضمان عدم تكرر انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الماضي. وينبغي لهذا أن يشمل إصلاح المؤسسات الأمنية وتعديل التشريعات الوطنية بحيث تتفق مع القانون والمعايير الدولية. على سبيل المثال، ينبغي إدراج كافة الجرائم الواردة في القانون الدولي كجرائم منفصلة في القانون الوطني، بما فيها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتعذيب والإخفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء.

ويفوض التشريع المنظم للتجمعات العامة، المقدم حالياً من الحكومة، يفوض قوات الأمن صراحة استخدام الأسلحة النارية للدفاع عن “الممتلكات”، خلافاً للقانون والمعايير الدولية التي تشترط استخدام الأسلحة النارية لحماية الأرواح فحسب. ينبغي تعديل التشريعات المنظمة لاستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الشرطة بحيث تتوافق مع المعايير والممارسات الفضلى الدولية، بحسب المنظمات الحقوقية. ويجب إدراج مفهومي الضرورة والتناسب في قانون الشرطة والمراسيم المكملة له، وقصر استخدام القوة المميتة صراحة على المواقف التي ينشأ فيها تهديد جسيم للأرواح أو تهديد بالإصابة الخطيرة.

كما يجب على لجنة تقصي الحقائق أن توصي بإنشاء آلية للفرز، تضمن إعفاء جميع من تثبت عليهم المسؤولية عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وعن جرائم بموجب القانون الدولي، من مناصبهم.

وأخيرًا يتعين على الحكومة المصرية أن تتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، التزاماً بتعهدها بذلك في جلسة سبتمبر أمام مجلس حقوق الإنسان. ولم توفر الحكومة المصرية تأشيرات للمراقبين من مفوضية حقوق الإنسان كان قد تم طلبها في أغسطس.

وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “من المستحيل على الشعب المصري بأسره أن يكتسب الثقة في حكومته الجديدة ونظام العدالة التابع لها ما لم يشهد خضوع المسئولين، بمن فيهم الموجودين في أعلى مستويات القيادة، للمحاسبة على قتل المتظاهرين. ولا يوحي إخفاق السلطات المصرية في الوفاء بوعدها بفحص الحقائق المتعلقة بوقائع القتل هذه، ناهيك عن معاقبة المسئولين، لا يوحي بالثقة في التزامها بالعدالة والحقيقة”.

الموقعون:
  1. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
  2. هيومن رايتس ووتش.
  3. حملة وراكم بالتقرير – الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون.
  4. منظمة العفو الدولية.
  5. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
  6. مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان.
  7. مركز قضايا المرأة المصرية.
  8. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
  9. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
  10. مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
  11. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
  12. نظرة للدراسات النسوية.
  13. الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

قائمة بالأحداث التي قتلت قوات الأمن فيها متظاهرين منذ يناير 2011:

  1. 6 أكتوبر 2013، مقتل ما لا يقل عن 57 متظاهراً عند تفريق مسيرات متجهة من الدقي ورمسيس إلى ميدان التحرير، مع انتشار قوات للشرطة والجيش، وعدم الإبلاغ عن أية وفيات في صفوف الشرطة، وغياب التحقيق في ارتكاب الشرطة لأية أخطاء.
  2. 16 أغسطس 2013، مقتل ما لا يقل عن 120 شخصاً و اثنين من رجال الشرطة في اشتباكات عند مركز المظاهرات بميدان رمسيس وفي مسيرات على الطريق إليه، لا تحقيق في ارتكاب الشرطة لأية أخطاء.
  3. 14 أغسطس 2013، اعتصام الإخوان المسلمين في رابعة والنهضة، مع انتشار الشرطة، ومقتل ما يصل إلى ألف شخص بحسب تقدير رئيس الوزراء، و9 من رجال الشرطة، وغياب التحقيق في أية أخطاء.
  4. 27 يوليو 2013، أمام المنصة بطريق النصر في القاهرة، مع انتشار الشرطة، ومقتل 95 متظاهراً وشرطي واحد، وغياب التحقيق في ارتكاب الشرطة لأية أخطاء.
  5. 8 يوليو 2013، أمام مقر نادي الحرس الجمهوري في القاهرة، مع انتشار لقوات الجيش، ومقتل 61 متظاهراً وجندي واحد وفرد واحد من الشرطة، وغياب التحقيق في ارتكاب الجيش لأية أخطاء.
  6. 5 يوليو 2013، أمام مقر نادي الحرس الجمهوري بالقاهرة، إطلاق أفراد عسكريين للنيران على 5 متظاهرين وإردائهم، وغياب التحقيق مع أي فرد عسكري.
  7. يناير 2013، أمام سجن بورسعيد، قتلت الشرطة 46 شخصاً على مدار ثلاثة أيام، وقتل اثنان من رجال الشرطة، وبدأ التحقيق دون إحالة أحد للمحاكمة. قتلت الشرطة تسعة أشخاص في السويس. لم يتم فتح ملاحقات قضائية ضد أي من رجال الأمن.
  8. يناير 2013، الشرطة تقتل اثنين من المتظاهرين أثناء مظاهرة أمام قصر رئاسي، ومتظاهر في وسط البلد. لم يتم فتح ملاحقات قضائية ضد أي من رجال الأمن.
  9. نوفمبر 2012، منطقة ميدان التحرير، مقتل شخصين في ذكرى محمد محمود السنوية الأولى.
  10.  ديسمبر 2011، أمام مجلس الوزراء بالقاهرة، مع انتشار قوات للجيش، مقتل 17 شخصاً وغياب التحقيق.
  11.  نوفمبر 2011، شارع محمد محمود، وانتشار الشرطة، مقتل 51 متظاهراً ورجل شرطة واحد يقضي حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات بعد تصويره بالفيديو وهو يطلق الخرطوش على أعين المتظاهرين، وغياب أي تحقيق آخر مع قوات الأمن.
  12.  أكتوبر 2011، ماسبيرو، مقتل 27 متظاهراً قبطياً والحكم على 3 جنود في محاكمات عسكرية بالسجن لمدة 2-3 سنوات لقيادة المدرعات التي قتلت المتظاهرين، وغياب التحقيق في إطلاق النيران الذي قتل 13 من المتظاهرين.
  13.  يناير 2011، القاهرة والإسكندرية والسويس ومدن أخرى، مقتل 846 متظاهراً في الميادين وقرب أقسام الشرطة، وفق أكثر التقديرات تحفظاً، ويقضي اثنان من رجال الشرطة أحكاماً بالسجن.

Share this Post