مركز القاهرة يطالب بالإفراج الفوري عن الحقوقي القبطي رامي كامل

In برنامج مصر ..خارطة الطريق, مواقف وبيانات by CIHRS

بعد توظيفها للانتقام من الخصوم السياسيين والصحفيين والحقوقيين تهمة الانضمام لجماعة إرهابية تطارد حتى الأقباط في مصر

يطالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالإفراج الفوري عن رامي كامل، الناشط الحقوقي والمدافع عن حقوق الأقباط في مصر، والتوقف الفوري عن سياسية الانتقام والتنكيل بالحقوقيين المصريين وخاصة المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق الإنسان، كما يطالب المركز بإسقاط كافة التهم الموجهة لرامي على خلفية القضية رقم 1475 لسنة 2019، ويشدد على ضرورة فتح تحقيق فوري حول ما تعرض له من انتهاكات جسيمة وتعذيب منذ لحظة القبض عليه بل وقبلها.

إذ سبق وتم استدعاء رامي لتحقيق غير رسمي في جهاز الأمن الوطني، في 5 نوفمبر 2019، حيث تعرض للضرب المبرح والتعذيب على سبيل الترهيب من أجل وقف نشاطه المكثف على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قضايا الأقباط. كما تعرض لاستجواب حول مصادر معلوماته، وتمت مواجهته بعدد من تدويناته على حساباته الشخصية بشأن قضايا عنف طائفي واستهداف للكنائس، وتهديده بمزيد من التعذيب في حال استمر في نشاطه الدفاعي عن حقوق الأقباط. وبعد 18 يوم فقط من هذه الواقعة تم اعتقاله في 23 نوفمبر من منزله، قبل أيام من سفره للمشاركة في فعاليات الدورة الثانية عشر لمنتدى الأمم المتحدة لشئون الأقليات، الذي عقد في جنيف في 28 و29 نوفمبر 2019. ووجهت له نيابة أمن الدولة اتهامات مزعومة بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها، وتكدير السلم العام من خلال إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة. لينضم بذلك لقائمة الحقوقيين الممنوعين بسبب الاعتقال من المشاركة في فعاليات الأمم المتحدة، وكان أخرهم الحقوقي إبراهيم متولي الذي تم اعتقاله من المطار قبيل سفره لجنيف.

ولما كان المنتدى الأممي في هذه الدورة يركز على (قضايا التعليم وتدريس لغات الأقليات وعلاقتها بحقوقهم) فقد واجهت مصر أسئلة واضحة بشأن القبض على الناشط رامي كامل، باعتباره من أبرز الحقوقيين والباحثين الأقباط المعنيين بحماية الهوية القبطية للمسيحين في مصر، ونشر ثقافتهم، وأول المطالبين بوضع استراتيجية لتدريس اللغة القبطية في المدارس في مصر.

من جانبه أشار المقرر الخاص المعنى بحقوق الأقليات “فيرناند ديفرنس” في كلمته إلى أنه ورغم كثافة المشاركة في المنتدى إلا أنه من المحزن أن البعض لم يتمكن من المشاركة قائلاً: ” أننا نستنكر أنه حتى الآن ثمة أشخاص لا يمكنهم الانضمام لهذا المنتدى، فمازال هناك بعض النشطاء الممنوعين من الحضور خلافًا لروح وجوهر هذا المنتدى، هذا ينبغي أن يتوقف.”  وكان رامي كامل قد سبق وتعاون أيضًا مع المقررة الخاصة المعنية بالحق في السكن الملائم “ليلاني فرحة” خلال زيارتها لمصر في سبتمبر 2018، لاسيما فيما يتعلق بالتواصل مع الأسر المسيحية التي تم تهجيرها في إطار خطط مكافحة الإرهاب أو المهجرة من المناطق الاستثمارية أو المجبرة على الرحيل بسبب تكرار التعدي عليها وتهدديها من الجماعات المتشددة.

مركز القاهرة يخشى أن يواجه رامي كامل المصير نفسه الذي آل إليه الناشط القبطي اندرو ناصف، والذي قضت محكمة جنايات الزقازيق في أكتوبر 2017 بحبسه 5 سنوات بتهم تتعلق بالتحريض على الإرهاب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.  ويعتبر أن هذا التوسع المخيف في اتهام النشطاء والمعارضين بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها “الجماعة الإرهابية” حتى ولو كانوا أقباط، يؤكد على دور نيابة أمن الدولة العليا في مصر “كأداة شريرة للقمع” في إساءة استخدام قانون مكافحة الإرهاب بشكل روتيني لملاحقة الآلاف من المنتقدين السلميين للحكومة، وتعطيل ضمانات المحاكمة العادلةحسبما رصدت تقارير حقوقية دولية مؤخرا. كما يؤكد المركز أن القبض على رامي كامل إجراء انتقامي بسبب نشاطه المكثف دفاعًا عن حقوق الأقباط في مصر، على المستويين المحلي والدولي(الأممي)، يضاف لخطط التنكيل والانتقام المستمرة في مصر بحق المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل عام والمتعاونين مع آليات الأمم المتحدة. وعليه يطالب بالإفراج الفوري عنه، والتحقيق في وقائع تعذيبه، ويحمل السلطات المصرية مسئولية سلامته وحالته الصحية، خاصة بعد حرمانه من الأدوية الضرورية له علمًا بانه يعاني من حساسية مزمنة على الصدر. كما يطالب المقرر الخاص المعني بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان بالتدخل العاجل لوقف هذه الممارسات الانتقامية ضد الحقوقيين في مصر.

معلومات خلفية

رامي كامل هو أحد مؤسسي “اتحاد شباب ماسبيرو” ومنسقه الأول، واتحاد ماسبرو هو منظمة حقوقية مسيحية تشكلت في مارس 2011، برز دورها عقب مذبحة ماسبيرو في أكتوبر 2011، والتي راح ضحيتها 26 متظاهرًا مسيحيًا سلميًا بسبب الفض العنيف للتظاهرة من قبل قوات  الجيش . وفي 2013 أسس رامي مؤسسة شباب ماسبيرو للتنمية وحقوق الإنسان، والمسجلة كجمعية حقوقية مصرية معنية بحقوق المسيحيين تحت رقم 9419/2013.

يهتم رامي بشكل خاص برصد وتوثيق الانتهاكات المتعددة التي يتعرض لها المسيحيون في مصر، بما في ذلك وقائع استهداف الكنائس، وغلق بعضها بناء على رغبة المتشددين أو وفق الأوامر الأمنية، ويناهض علانية سياسات الجلسات العرفية والتهجير القسري كحلول أمنية للنزاعات الطائفية، فضلاً عن انتقاداته المستمرة للقوانين المنظمة لشئون الأقباط في مصر  وخاصة القوانين المتعلقة ببناء الكنائس وتقنين أوضاعها، وغيرها من الملفات الحقوقية التي يوليها اهتمامًا خاصًا، سواء بالرصد أو التحليل من خلال المؤسسة التي يديرها، أو بالتعليق من خلال حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

الاستدعاء غير الرسمي الذي خضع له رامي قبل اعتقاله بـ 18 يومًا كان بمثابة رسالة تهديد عنيفة لوقف نشاطه الحقوقي ودفاعه عن قضايا الأقباط. حيث تم استدعائه لمقر الأمن الوطني بالعباسية، ثم تم ترحيله لمقر الأمن الوطني بمدينة نصر، حيث تعرض للتعذيب والضرب المبرح، ولاستجواب غير القانوني حول مصادر معلوماته وبعض منشوراته على حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم أطلق سراحه.

وفي الواحدة والنصف فجر السبت 23 نوفمبر، اقتحمت قوة أمنية منزل الحقوقي القبطي رامي كامل بمنطقة الوراق، وألقت القبض عليه بعد تفتيش منزله ومصادرة هاتفه والكاميرا والكمبيوتر الشخصي. وبعد اختفاء عدة ساعات تعرض فيها رامي للضرب والإهانة، حسبما ورد في أقواله لاحقًا، ظهر رامي في مقر نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، حيث تم التحقيق معه للمرة الأولى في غياب محاميه. ووجهت له اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها، ونشر أخبار كاذبة. الأمر الذي دفع هيئة الدفاع عنه لاحقا إلى تقديم تلغراف للنائب العام ووزير العدل بشأن التحقيق مع موكلهم دون محامي، مطالبة بفتح التحقيق في واقعه إخفاءه وتعذيبه. وفي 24 نوفمبر قضت نيابة أمن الدولة بحبس رامي 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 1475 لسنة 2019، وهي القضية نفسها المحبوس على ذمتها الناشط العمالي خليل رزق، والذي كان آخر من دّون عنهم رامي قبل اعتقاله.

أهتم رامي كامل اهتمام بشكل خاص بمسألة الهوية القبطية للمسيحيين في مصر، ودافع عن حق المسيحيين في تعلم اللغة القبطية في المدارس باعتبارها لغتهم الأم. ففي يونية 2019 قدم مقترح لوزير التربية والتعليم ورئيس الوزراء من خلال مذكرة رسمية تطالبه بالبدء في وضع خطة زمنية واضحة لتعليم اللغة القبطية في المدارس للطلبة الاقباط، وتطبيق اتفاقية مكافحة التمييز في التعليم(المادة 5)، وبعد شهر  من دون رد أرسل إنذار رسمي لرئيس الوزراء حول القضية نفسها لذا وخلال الدورة الثانية عشر لمنتدى قضايا الأقليات المنعقد بمقر الأمم المتحدة في جنيف خلال يومي 28 و29 نوفمبر، تحت شعار (التعليم ولغات الأقليات وعلاقاتها بحماية حقوقهم)،  واجهت مصر انتقادات مباشرة بشأن عدم تدريس اللغة القبطية في المدارس المصرية للأقباط، والتقاعس عن نشر الثقافة القبطية المسيحية بين جموع المواطنين المصريين بل وتعمد الدولة المصرية الانتقام والتنكيل بالنشطاء الأقباط المهتمين برفع الوعي المصري بالقضايا والمشكلات التي يواجها المسيحين في مصر، بدليل واقعة القبض على الناشط الحقوقي القبطي رامي كامل قبيل المنتدى، رغم أنه أول ناشط قبطي خاطب وزير التعليم بشكل رسمي بشأن تدريس اللغة القبطية وحماية الثقافة القبطية من محاولات طمسها.

يعيش رامي بمنطقة الوراق بمحافظة القاهرة، وهي منطقة محل نزاع مع الدولة المصرية، التي تهدد عدد كبير من سكانها بالإخلاء القسري لصالح مشروع “مثلث ماسبيرو الاستثماري”. ويعد رامي من أبرز النشطاء متابعة ورصد للانتهاكات المرتكبة بحق الأهالي والسكان في منطقته، وخاصة المتعلقة بصرف مستحقات التعويض والسكن البديل، الأمر الذي هيئ له إمكانية التعاون مع المقررة الخاصة المعنية بالحق في السكن الملائم بالأمم المتحدة ليلاني فرحة خلال زيارتها لمصر العام الماضي، والتي حرصت فيها على الزيارات الميدانية لمناطق التهجير سواء في القاهرة أو في محافظات أخرى. هذا بالإضافة إلى تمكينها من التواصل المباشر مع عدد من الأسر المسيحية في محافظات الصعيد، ممن تم تهجيرهم بسبب نزاعات طائفية أو نزولاً على رغبة المتشددين. ورغم أن هذه الزيارة الأممية كانت بناء على دعوة وتصريح من السلطات المصرية، إلا انه وبحسب بيان للمقررة الخاصة المعنية بالحق في السكن ونظيرها المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان في 4 ديسمبر 2018 أكدا فيه تعرض المتعاونين مع المقررة الخاصة أثناء زيارتها لمصر لعمليات انتقامية وترهيب وتهديد من قبل السلطات المصرية، إذ جاء فيه: ” أنّ أشخاصًا مجهولي الهويّة يتبعونهم ويصوّرونهم، كما أنّهم تلقَوا تهديدات هاتفيّة، أو استدعتهم الشرطة للتحقيق معهم. وفُرِض على أحد المحامين الذين التقتهم الآنسة فرحة بعد زيارتها حظر سفر.” وهو ما تكرر بشكل ما مع رامي كامل بمجرد القبض عليه، حيث شنت الصفحات الأمنية على مواقع التواصل الاجتماعي حملات ضارية ضده تتهمه بالعمالة والخيانة والاستقواء بالخارج وتربط بين اعتقاله وبين تعاونه مع المقررة الخاصة.

يحظى الناشط رامي كامل بدرجة جيدة من التعاون والمصداقية لدى الأوساط الكنسية، أهلته من التوسط في حل عدد من النزاعات، منها على سبيل المثال أزمة دير وادي الريان بين رهبان الدير والدولة المصرية. كما أعد وشارك في عدد من التدريبات والورش الخاصة بإعداد وتأهيل الكوادر المسيحية للمشاركة في العمل العام، بما في ذلك المشاركة في انتخابات المحليات أو الانتخابات البرلمانية، أو تصميم وتنفيذ الحملات، وكذا تدريبات حول رصد وتوثيق الانتهاكات.

 

Share this Post