مصر: منظمات حقوقية: ندين استغلال جائحة كورونا في مزيد من التعدي على استقلال القضاء تحت مظلة الطوارئ

In برنامج مصر ..خارطة الطريق, مواقف وبيانات by CIHRS

تنويه
جرى تعديل البيان بعد التأكد من تراجع البرلمان عن تعديل المادة 7 التي من شأنها ضم عسكريين- بشكل دائم- لتشكيل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.

تدين المنظمات الحقوقية المستقلة الموقعة على هذا البيان استغلال الحكومة المصرية لجائحة كورونا كمبرر لتعديل قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958،  من ضمنها مادة  من شأنها التوسع في التحقيق ومحاكمة المديين أمام القضاء العسكري. وفي هذا الصدد تعرب المنظمات عن استيائها من استمرار تغاضي وصمت مجلس القضاء الأعلى والهيئات القضائية على هذه التعديلات التي تعصف باستقلال القضاء..

التعديلات الجديدة على قانون الطوارئ (المادة 4)، والتي دخلت حيز النفاذ أمس ٧ مايو بعد موافقة رئيس الجمهورية عليها وإقرارها، جاءت بالأساس لتعزيز سيطرة أفراد القوات المسلحة على المدنيين بمنحهم سلطة الضبطية القضائية ومن ثم تكريس سلطة القبض عليهم واحتجازهم حال مخالفة هذا القانون، ومنح النيابة العسكرية اختصاص التحقيق في الجرائم التي يتم ضبطها بمعرفتهم، وقصر دور النيابة العامة على مجرد الإحالة للقضاء إذا ارتأت ذلك. كما أتاحت التعديلات لرئيس الجمهورية سلطة إسناد الاختصاص بالتحقيق في الجرائم التي تقع بالمخالفة لقانون الطوارئ إلى النيابة العسكرية ،  الأمر الذي يهدر حق المواطن الدستوري في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي.

هذه التعديلات على قانون الطوارئ المطبق بشكل شبه دائم منذ ثلاث سنوات، هي خطوة أخرى جديدة في سبيل التخريب المنهجي لمؤسسة العدالة منذ عام 2013 وحتى الآن، بداية من إصدار قانون بتشكيل دوائر الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وتعيين قضاتها المختارين بعناية، والتحكم في اختصاصها بما يتيح اختيار القضايا التي تحال لها، وصولاً إلى توظيف الملاحقات والأحكام القضائية في الانتقام من الخصوم السياسيين والتنكيل بهم. هذا بالإضافة إلى صدور قانون حماية المنشآت العامة رقم 136 لسنة 2014 الذي أباح التوسع في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، والقانون رقم 77 لسنة 2019الذي أجاز لرئيس الجمهورية التدخل في اختيار رؤساء الهيئات القضائية وتحصين هذا الاختيار في التعديلات الدستورية الأخيرة.

يأتي هذا بالتزامن مع بعض القرارات الاقتصادية التي قد تكون مقدمة لقرارات مستقبلية أكبر، تضيف مزيد من الأعباء على كاهل المواطن المصري الذي تأثر دخله بشكل مباشر وعنيف بسبب وباء كورونا المستجد، ومن قبله بسبب سياسات اقتصادية امتدت لسنوات تسببت في رفع معدل الفقر في مصر لمعدلات غير مسبوقة. الأمر الذي قد يعزز من احتمالية توظيف هذه التعديلات في إطار الطوارئ لمواجهة أية مساعي مشروعة أو انتقادات محتملة لهذه القرارات وإحكام القبضة الأمنية لكبح جماح أية اعتراضات عليها.

فقبل أيام وافق مجلس النواب في 4 مايو على مشروع قانون يفرض “رسم تنمية دولة” 30 قرشًا على كل لتر بنزين، و25 قرشًا على كل لتر سولار. كما أعدت الحكومة مسودة قانون جاهز للعرض على البرلمان يقضي باقتطاع 1% من رواتب موظفي الدولة لمدة 12 شهرًا، لتنمية قطاع الصحة ورفع ميزانيته في مواجهة وباء كورونا. وفي المقابل شهدت الأشهر القليلة الماضية حملات قبض وملاحقات قضائية واسعة– على خلفية انتقادات تتعلق بسياسات الدولة في مواجهة الوباء، وسط تواطئ مستمر من النيابة العامة في حبس المزيد من أصحاب الآراء المعارضة أو الأصوات المستقلة استنادًا إلى تحريات واهية من الأمن الوطني، وعلى خلفية قائمة اتهامات مكررة شبة ثابتة.

أن قانون الطوارئ المطبق بشكل شبه دائم منذ مايو 2017 لا يحتاج لأية تعديلات إضافية لمواجهة جائحة كورونا أو غيرها من حالات الطوارئ والضرورة، بل أن التعديلات الوحيدة التي يتعين إدخالها عليه يفترض أن تمنع التلاعب به حتى لا يتم تطبيقه لسنوات دون توقف، وأن تتمحور حول ضمانات حماية المواطنين من بطش السلطات الأمنية وتعدياتها بحجة حالات الطوارئ.

 

Share this Post