عوضًا عن الإنكار أمام المجتمع الدولي
في تقرير الحكومة المصرية أمام الأمم المتحدة نوفمبر الماضي، ادعت الحكومة الالتزام الكامل بمعايير القانون في كافة عمليات الضبط والقبض والحبس والمحاكمة، مستنكرة ما اعتبرته “معلومات مغلوطة” حول ممارسات انتقامية بحق معارضيها من السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي لقاء إعلامي للمستشار عمرو مروان وزير شئون مجلس النواب والمتحدث باسم وفد الحكومة المصرية أمام الأمم المتحدة قال:” لما نطبق التعريف الخاص بالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري على مصر، هنلاقي أنه مفيش اختفاء قسري، وأي شخص يُقبض عليه، معروف مكان احتجازه، وموعد تجديد حبسه، ومن يروج لغير ذلك منظمات حقوقية في الخارج لتشوية سمعة مصر، وهناك تلاعب بالألفاظ بين المتهم في جريمة والمختفي تماماً.”
وفي هذا السياق، وقبل يومين من جلسة التجديد للباحث العمراني بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات إبراهيم عز الدين والمقررة الأحد 22 ديسمبر الجاري، تجدد المنظمات الموقعة أدناه مطلبها بالإفراج الفوري عنه، وتستنكر استمرار حبسه ومتابعة التحقيقات معه على ذمة القضية 488 لسنة 2019، بدلاً من فتح تحقيق جدي في واقعة إخفاءه لمدة 167 يومًا بعلم جهات أمنية، وتعرضه خلالها لأبشع ممارسات التعذيب والتنكيل، مستنكرة أن تغض النيابة بصرها وتصم أذنيها عن وقائع التعذيب البادية على جسده والواردة في أقواله، وتباشر التحقيق معه حول جرائم وهمية ملفقة.
وتؤكد المنظمات الموقعة أن ما تعرض له الحقوقي عز الدين هو جريمة إخفاء قسري، طبقًا للتعريف الذي اعتمدته الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. فمنذ لحظة القبض عليه صباح 12 يونية الماضي، بعدما اقتحمت قوات تابعة لجهاز أمنى منزله، واقتادته مقيدًا لمكان غير معلوم معصوب العينين، وحتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة صباح يوم 26 نوفمبر؛ بقي عز الدين في مكان غير معلوم، حيث تعرض للاعتداء البدني والنفسي، بعدها تم حبسه في زنزانة انفرادية لعدة أيام، خضع خلالها لاستجواب غير قانوني-معصوب العينين-في غيبة محاميه حول عمله بملف الحق في السكن، ثم توالت ممارسات التجويع، والتهديد والترهيب، والحرمان من النوم بإجباره على رفع يديه بشكل مستمر، وأخيرًا تهديده بالقتل لنزع اعترافات محددة منه.
هذا النمط المتكرر من التنكيل، يدحض ما تحاول الحكومة المصرية ترويجه، إذ أن مثول الأشخاص للتحقيق على ذمة قضايا ذات اتهامات محددة عقب فترات من إخفائهم بمعرفة الأمن، لا ينفي عن محتجزيهم جريمة الإخفاء القسري. كما أن الفترات التي يقضيها المتهمون تحت التعذيب بمقار الأجهزة الأمنية السرية، كفيلة بتبنيهم اعترافات وأقوال انتزعت منهم تحت التهديد والضغط. فبحسب حملة أوقفوا الاختفاء القسري تم توثيق 336 حالة تعرضت للاختفاء القسري لفترات متفاوتة، مثّل معظمهم أمام نيابة أمن الدولة في وقت لاحق على ذمة قضايا مختلفة، بعضها تمت وهم رهن الاختفاء القسري، وفي معظمهم انتزعت الاعترافات تحت وطأة التعذيب.
وفي حالة عز الدين-كغيره-ادعت نيابة أمن الدولة القبض عليه قبل يوم واحد من مثوله أمامها، رغم القبض عليه قبلها بـ 6أشهر، واتخاذ أسرته ومحاميه كافة السبل القانونية للكشف عن مصيره من وقتها، بما في ذلك بلاغ للنائب العام رقم 8077 لسنة 2019، ودعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري رقم ٥٦٠٢٦ لسنة ٧٣ قضائية، اختصمت وزير الداخلية بصفته، وطالبت بالكشف عن مكان احتجاز عز الدين، بجانب تليغرافات للنائب العام وخطابات المجلس القومي لحقوق الانسان، دون جدوى.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز بلادي للحقوق والحريات
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- مبادرة الحرية
- مركز النديم
- كومتي فور جستس
Share this Post