تدين المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه تنفيذ السلطات المصرية في 13 فبراير الجاري حكم الإعدام بحق ثلاث أشخاص في القضية رقم 938 لسنة 2014 جنايات كرداسة والمقيدة برقم 9 لسنة 2014 كلى شمال الجيزة، المعروفة إعلاميًا بقضية “مقتل اللواء نبيل فراج”، وذلك بعد أيام من تنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاث أشخاص أخرين في القضية رقم 200 لسنة 2014 كلي جنوب المنصورة، المعروفة إعلاميًا بقضية مقتل نجل المستشار، بناء على محاكمات تعسفية افتقرت لمعظم ضمانات المحاكمات العادلة والمنصفة. وتشير إلى أنه وبموجب تنفيذ هذين الحكمين يرتفع عدد المنفذ بهم حكم الإعدام في قضايا ذات طابع سياسي إلي 38 شخصًا منذ يوليو 2013، في حين ينتظر 59 شخصًا على الأقل تنفيذ الإعدام كل يوم، بعد استيفائهم مراحل التقاضي وصدور أحكام نهائية بإعدامهم.
في صباح الأربعاء 13 فبراير أخطرت السلطات أسر كل من محمد سعيد فرج سعد (48 سنة- صاحب متجر بقالة)، ومحمد عبد السميع حميدة (37 سنة- حاصل على دبلوم)، وصلاح فتحي حسن النحاس (43 سنة)، بتنفيذ مصلحة السجون حكم الإعدام بحق ذويهم وضرورة حضورهم لاستلام الجثث، وكانت أحكام نهائية بالإعدام قد صدرت بحقهم في 20 يناير 2018 في قضية مقتل اللواء فراج. وبالمثل في 7 فبراير طالبت مصلحة السجون بسجن برج العرب بالإسكندرية أسر كل من عبد الحميد عبد الفتاح (47 سنة- بكالوريوس علوم)، والطالب أحمد ماهر الهنداوي (24 سنة- كلية الهندسة)، والطالب المعتز بالله غانم (29 عامًا- كلية التجارة) بالحضور لمشرحة “كوم الدكة” لاستلام جثث ذويهم بعد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقهم منذ أكثر من عام في قضية مقتل “نجل المستشار.”
تعود أحداث القضية الأولى للحملة الأمنية التي شنتها قوات من الشرطة والجيش على مركز كرداسة في 19 سبتمبر 2013 بهدف تطهيرها من البؤر الإرهابية، حيث تعرضت القوات خلالها لإطلاق نيران أسفر عن مقتل عدد من أفراد الشرطة بينهم مساعد مدير أمن الجيزة اللواء نبيل فراج. وفي يناير 2014 أحال النائب العام السابق هشام بركات 23 متهمًا لمحكمة الجنايات على خلفية القضية، بتهمة قتل اللواء نبيل فراج وثلاثة من أفراد الشرطة والشروع في قتل آخرين مع سبق الإصرار والترصد، فضلاً عن تهمة التعدي على قوات إنفاذ القانون وإحراز مفرقعات وأسلحة نارية غير مرخصة، والانضمام لجماعة إرهابية . وفي 6 أغسطس2014 قضت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار معتز خفاجي بإعدام 12 متهمًا في هذه القضية، بينما قضت محكمة النقض في 2 فبراير 2015 بإعادة المحاكمة في القضية أمام دائرة جنايات جديدة. وفي المحاكمة الثانية قضت محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار حسين قنديل في 24 سبتمبر 2016 بإعدام 7 متهمين في القضية، وقد قبلت محكمة النقض الطعون المقدمة من 4 منهم وخفضت حكمهم للمؤبد، بينما أيدت إعدام المتهمين الثلاثة في 20 يناير 2018.
أما واقعة مقتل محمد محمود السيد محمود ابن المستشار محمود المورللي في 10 سبتمبر 2014 بمحافظة الدقهلية، فعلى إثرها تم القبض على المتهمين الثلاثة الآخرين في الفترة بين أكتوبر2014 وفبراير 2015. أحالت النيابة القضية لمحكمة جنايات جنوب المنصورة في 4 مارس 2015، والتي أصدرت حكمها بالإعدام على المتهمين في جلسة 17 يوليو 2016. وفي 17 ديسمبر 2017 رفضت محكمة النقض الطعون المقدمة منهم، وقضت بتأييد الإعدام بحق الثلاثة.
شابت المحاكمتين انتهاكات جسيمة أخلت بضمانات المحاكمات العادلة والمنصفة. ففي قضية مقتل اللواء نبيل فراج أشار المتهمون خلال التحقيق والمحاكمة لتعرضهم للتعذيب بعد القبض عليهم وقبل العرض على النيابة لإجبارهم على الاعتراف بارتكاب الواقعة، كما أثبت محامو المتهمين صلاح فتحي النحاس وسعيد فرج – المنفذ فيهما الإعدام مؤخرًا- في مذكرة الطعن الأولى على الحكم أن القاضي فصل في الدعوى دون انتظار نتيجة الكشف الطبي على المتهمين، وذلك رغم عرض المحكمة في جلسة 7 فبراير 2016 أسطوانة تتضمن مقاطع مصورة لاعترافات المتهمين وعلى أجسادهم آثار واضحة للتعذيب وتأكيد المتهمين أنها ناتجة عن اعتداء ضباط الشرطة. ووفقًا لمحامي المتهم صلاح النحاس، استند الحكم للتحريات وحدها دون أن يعززها دليل أو قرينة، رغم ما شاب التحريات وشهادات الشهود من تضارب وتناقض حتى بين أقوال الضباط المشتركين في الواقعة حول مكان ضبط البندقية الآلية (الحرز) الذي نسب لموكله.
وفي قضية مقتل ابن المستشار لم يختلف الأمر كثيرًا، إذ عانى المتهمون أيضًا من انتهاكات جسيمة منذ لحظة القبض عليهم وحتى لحظة صدور الحكم. وتعرض المعتز بالله غانم للإخفاء القسري مدة 25 يومًا بعد القبض عليه من مسكنه بمركز المنزلة في 9 أكتوبر 2014. كما تعرض المتهمون الثلاثة- المنفذ بحقهم الإعدام مؤخرًا- للتعذيب قبل التحقيق لإجبارهم على الإدلاء باعترافات، وبالطبع لم يتمكن فحص وتقرير الطب الشرعي الذي تم إعداده في 7 ابريل 2016 بناء على أمر المحكمة بعد عام كامل من تعذيبهم من إثبات جريمة التعذيب بحقهم. هذا بالإضافة إلى التحقيق مع المتهمين الثلاثة في الجلسات الأولى في غياب محاميهم، الأمر الذي بررته النيابة بـ “مقتضى الضرورة” مع المتهم معتز، و”تأخر الوقت” مع المتهم عبد الحميد، في حين لم تذكر سبب سببا لغياب محامي عن التحقيق مع المتهم أحمد ماهر، في تعدي غير مبرر على أحد أهم ضمانات التحقيق، على نحو يشكك في درجة حياد النيابة أثناء نظر القضية.
كانت 13 منظمة حقوقية قد أرسلت في يناير 2018 خطابًا للأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان تطالبهما بالتدخل الفوري لدى الحكومة المصرية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة عن محاكمات تعسفية غير عادلة، وأرفقت بالخطاب حصرًا بالقضايا المنتظر تنفيذ أحكام الإعدام فيها، وأبرز أنماط الانتهاكات التي أخلت بضمانات المحاكمة العادلة خلال كل قضية. وخلال العام أصدرت الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي والمفوضة السامية لحقوق الإنسان العديد من المطالبات والتوصيات للحكومة المصرية بوقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام التي شهدت زيادة مقلقة في مصر، خاصة خلال عام 2018، ليصل عدد الأحكام الصادرة بالإعدام من يوليو 2013 وحتى اليوم إلي 2532 حكم قضائي علي الأقل، في حين تم تنفيذ العقوبة بحق 165شخصًا على الأقل.
المنظمات الموقعة على هذا البيان تجدد إدانتها الكاملة لتنفيذ هذا الحكم وما سبقه من أحكام بالإعدام بناء على محاكمات أقل ما توصف به أنها مسيسة تفتقر لأبسط معايير المحاكمة العادلة والمنصفة، وتؤكد على موقفها الرافض لعقوبة الإعدام باعتبارها عقوبة تنتهك الحق في الحياة. وتطالب المنظمات الموقعة الحكومة المصرية بالالتزام بالتوصيات التي تبنتها خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام الأمم المتحدة في 2014 بشأن عقوبة الإعدام، والتوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام بدعوى الحرب على الإرهاب، الذي لم يثبت أنها ساهمت في مواجهته، والعمل بدلًا من ذلك على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
المنظمات الموقعة:
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- كومتي فور چستس
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مركز النديم
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- مركز عدالة للحقوق والحريات
-
مركز بلادي للحقوق والحريات
-
مبادرة الحرية
-
المؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية-نضال
Share this Post