قضية جديدة تهدد المزيد من الحقوقيين والنشطاء السياسيين
ترفض المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه استمرار بطش السلطات المصرية في حملتها الأمنية التي بدأت الأسبوع الماضي بحق الصحفيين والمحاميين وقيادات الأحزاب السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث بدأت مساء أمس الأول الأحد 29 سبتمبر ملامح قضية جديدة تعدها الحكومة المصرية للبطش بما بقي من القيادات السياسية والحزبية والحقوقية، بعدما زجت بأكثر من 2000 شخصًا في السجون خلال أسبوع واحد، على خلفية تظاهرات محدودة خرجت منددة بحكم السيسي وبطش أجهزته الأمنية الأسبوع الماضي.
القضية الجديدة والتي لم يتبين بعد عدد وماهية جميع المتهمين فيها، افتُتحت بخطف الناشط السياسي علاء عبد الفتاح عقب تأديته العقوبة المكملة (المراقبة الشرطية) والمقررة بحقه لمدة 5 سنوات إضافية على سنوات حبسه الخمس، لمدة 12 ساعة يوميًا في قسم الدقي، حيث تم اختطافه صباحًا من أمام القسم ونقله لنيابة أمن الدولة العليا، دون معرفة ذويه الذين كانوا بانتظاره خارج أبواب القسم.
وفيما مثّل علاء مساءًا أمام نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، ومعه للدفاع عدد من المحاميين بينهم المحامي الحقوقي محمد الباقر مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، فوجئ الباقر بصدور أمر ضبط واحضار له على ذمة القضية نفسها، إذ ألقت قوات الأمن القبض عليه من داخل مبنى نيابة أمن الدولة أثناء حضوره مع موكله. ووجهت نيابة أمن الدولة لكلاهما اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة إرهابية إيثارية أسست على خلاف القانون- رفضت السلطات تحديد اسمها وهويتها- وتمويل جماعة إرهابية، واساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأمرت بحبسهما 15 يومًا على ذمة القضية، في سجن طرة (2) شديد الحراسة، وهو سجن ظروفه سيئة وممنوع عنه الزيارة.
يعتبر القبض على علاء عبد الفتاح أثناء امتثاله لعقوبة المراقبة، أمر مجافي للمنطق، إذ يقضي علاء 12 ساعة يوميًا في حجز انفرادي بقسم الدقي، الذي قطعًا لم يكن ليطلق سراحه كل يوم لو نما إلى علمه ارتكاب علاء جريمة أخرى أو إخلاله بشروط إطلاق سراحه من السجن، بينما تعد طريقة القبض على محمد الباقر استمرارًا لسياسة التنكيل بالمحاميين أثناء تأدية عملهم في الدفاع عن موكليهم، إذ سبقته قبل أيام المحامية ماهينور المصري التي اختُطفت من أمام مبنى نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، على مرأى من زملاؤها المحامين، عقب التحقيقات مع أحد موكليها. هذا بالإضافة إلى المحامي الحقوقي عزت غنيم مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، والذي اعتقلته السلطات المصرية بداية العام الماضي على خلفية اتهامات واهية، والمحامي إبراهيم متولي مؤسس رابطة أسر المختفيين والذي أٌلقي القبض عليه سبتمبر 2017، من مطار القاهرة قبيل سفره لجنيف لمناصرة قضايا المختفين قسريًا أمام المقرر الخاص المعني بالاختفاء القسري، ومازال كلاهما رهن الحبس الاحتياطي حتى اليوم.
يأتي هذا في الوقت الذي اكتفت فيه نقابة المحامين في بيانها المتأخر الصادر أمس بإدانة وقائع التضييق على المحامين، بينما ترى المنظمات الموقعة أنه كان جدير بالنقابة أن تطالب بالإفراج الفوري عن كل المحاميين المقبوض عليهم أثناء ممارسة عملهم، وضمان تمكين المحاميين من ممارسة عملهم بحرية ودون انتقام.
هذا التصعيد المشين يتزامن مع حملات تحريض وتشهير جديدة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج. فقبل أيام نشرت صحيفة الدستور المقربة من الاجهزة الأمنية تحقيقًا بعنوان ” دكاكين حقوق الإخوان” اتهمت فيه عدد من المنظمات والمراكز الحقوقية – وبينها مركز عدالة الذي يديره محمد الباقر- وعدد من الأحزاب السياسية بتلقي تمويلات من الخارج للعمل على ضرب استقرار الوطن، مطالبًة الجهات المعنية باتخاذ إجراءات حاسمة ضدهم. واليوم الأثنين 1 أكتوبر نشرت الجريدة نفسها تقريرًا بعنوان “قصة 6 أوكار حقوقية تدعم مخطط الجماعة الإرهابية” تضمن ما يشبه محضر تحريات، مستعرضًا اتهامات خطيرة دون أي دليل لـ 6 منظمات حقوقية لأنها أدانت في بيان الخميس الماضي حملات القبض الموسعة بحق مواطنين. هذا بالإضافة إلى عدد من البرامج التلفزيونية التي تمارس الدور نفسه.
المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان تؤكد أن محاولات الترهيب والبطش، والتنكيل المستمر بالجميع دون تمييز، لن تضمن لهذا الوطن إلا مزيد من عدم الاستقرار، ولن يجني منها هذا النظام إلا مزيد من الخصومة والعداوة التي يتسع نطاقها كل ساعة بسبب سياسات القبض العشوائي، والممارسات الانتقامية. لذا تجدد المنظمات مطلبها العاجل بدعوة خبراء الأمم المتحدة والمقررين الخواص المعنيين بوضعية حقوق الإنسان لزيارة مصر للوقوف على المشهد، كما تطالب بتدخل عاجل من المقررين الخواص المعنيين باستقلال القضاء والمحامين، والمدافعين عن حقوق الانسان والاعتقال التعسفي، والسماح لهم بزيارة مصر لتقصي الحقائق. أما الإفراج الفوري وغير المشروط عن كل معتقلي تلك الحملة الأمنية الشرسة التي بدأت منذ 20 سبتمبر الماضي؛ فقد أصبح مطلبًا حتميًا، إذ كانت الحكومة تعي خطورة اللحظة وحجم احتقان الغضب، والضجر الشعبي من هذه الممارسات على نحو يهدد بانفجار وشيك.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- كومتي فور جستس
- مبادرة الحرية
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- مركز النديم
- مركز بلادي للحقوق والحريات
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
Share this Post