تشكل وفاة المخرج الشاب شادي حبش (24 سنة) في محبسه بسجن طرة بالقاهرة في 2 مايو الجاري، دليل إدانة إضافي على مدى استهتار المسئولين عن إنفاذ القانون في مصر بحياة المواطنين وبسيادة القانون، وتفشي نزعات الانتقام من كافة منتقدي النظام الحالي من مختلف الفئات والأعمار، كما تقدم برهانًا جديدًا على مدى تردي أوضاع السجون المصرية ونقص الرعاية الصحية فيها، لا سيما في ظل ما ورد من شهادات تفيد باستمرار استغاثتهم لنجدة زميلهم ساعات طويلة دون جدوى.
ولما كانت واقعة وفاة شادي حبش الثالثة في عنبر 4 بسجن طرة بين سجناء رأي من الشباب في أقل من 10 أشهر (السجين مصطفى قاسم، والسجين عمرو عادل (29 سنة) لا تشكل استثناءً، بل تجسد نمطًا سائدًا في معظم السجون المصرية بل وفي إدارة ملف العدالة في مصر بشكل عام خلال السنوات السبع الأخيرة، تطالب المنظمات الموقعة على هذا البيان بفتح تحقيق جاد ومستقل حول أسباب الوفاة، وحول مسئولية النيابة العامة عن استمرار حبس شادي – وآخرين- أكثر من 26 شهرًا احتياطيًا دون محاكمة بالمخالفة للقانون. كما تجدد المنظمات مطلبها بالسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون المصرية والوقوف على أوضاعها بعد التزايد المخيف في حالات الوفاة المقترنة بالإهمال الطبي في السجون،[1] وتشكيل آلية وطنية من منظمات حقوقية مستقلة تتولى تنظيم زيارات غير معلنة للسجون والتأكد من تطبيقها كافة إجراءات التباعد والنظافة والوقاية المطلوبة لا سيما في ظل تفشي وباء كوفيد 19 القاتل.
وتطالب المنظمات أيضًا بسرعة الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطيًا تخفيفًا للتكدس في السجون في ظل تفشي وباء كورونا، وخاصة المحتجزين على خلفية اتهامات تتعلق بحرية الرأي والإبداع، أو المحتجزين على خلفية قضايا سياسية، بما في ذلك الأفراج عن مصطفى جمال – المتخصص في إدارة صفحات الشبكات الاجتماعية- المحبوس احتياطيًا لأكثر من عامين على ذمة القضية نفسها الخاصة بشادي حبش -رقم 480 لسنة 2018- والمتعلقة بأغنية ساخرة اعتبرت السلطات الأمنية أنها تحمل إساءه للرئيس تستوجب القبض على 7 أشخاص ادعت مشاركتهم في إعدادها.
وفي السياق نفسه، تعرب المنظمات الموقعة عن قلقها البالغ بشأن السلامة النفسية والجسدية لبقية المحتجزين بعنبر 4 بسجن طرة بعدما شهدوا على أكثر من نزيل بينهم دون أن يكترث أحد، مشيرة إلى تجاوز بعضهم المدد القانونية للحبس الاحتياطي بما يحتم الافراج عنهم فورًا، ومنهم الصحفيين حسن البنا مبارك ومصطفى الأعصر.
أن واقعة وفاة شادي حبش تعيد للأذهان أسماء عشرات المبدعين من فنانين ومخرجين ومؤلفين وشعراء وكتّاب وناشرين ومدونين و”يوتيوبر” مهدرة أعمارهم حاليًا في السجون بسبب ممارسة حقهم المشروع في حرية الإبداع، فضلاً عن أخرين تم إخفائهم أو ملاحقتهم قضائيا وأخلي سبيلهم بإجراءات احترازية أو بعد فترات حبس مطولة كوسيلة للترهيب والردع.
فما زال المدون الساخر شادي أبو زيد رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضية جديدة رقم 1956 لسنة 2019، بتهم تتعلق بمشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، عقب إخلاء سبيله – بعد حبس احتياطي 18 شهرًا- من القضية 621 لسنة 2018 في 4 فبراير الماضي، بسبب فيديو ساخر. وكذلك المدون الساخر شادي سرور (25 سنة)، المحبوس منذ ديسمبر الماضي على ذمة القضية 488 لسنة 2019، بسبب نشاطه على موقع اليوتيوب، وهي القضية نفسها المحبوس بسببها الممثل المسرحي وراقص البالية عمرو حنفي (23 سنة)، بتهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة على وسائل التواصل. ومن الكتاب، لا يزال الباحث والكاتب أيمن عبدالمعطي مدير التوزيع بدار مرايا للنشر والتوزيع؛ رهن الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 621 لسنة 2018 منذ القبض عليه في 18 أكتوبر 2018، بينما يقضي الكاتب والناشر خالد لطفي( 37 سنة)، مؤسس مكتبة ودار نشر تنمية حكمًا عسكريًا بالسجن 5 سنوات على خلفية ترجمة ونشر كتاب!
أن واقعة وفاة شادي حبش لن تكون الأخيرة، طالما أصرت السلطات المصرية على تجاهل الدعوات الحقوقية الوطنية والدولية والأممية بالإفراج عن بعض السجناء تخفيفا لتكدس السجون، خاصة المحبوسين احتياطيًا، والمهددين بالإهمال الطبي.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- كوميتي فور جيستس
- مركز النديم
- مركز بلادي للحقوق والحريات
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مبادرة الحرية
[1] بحسب تقرير حقوقي مشترك نشر نهاية العام الماضي، توفي 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز خلال الفترة ما بين يونية 2014 وحتى نهاية 2018، وقد ارتفع هذا العدد ليصل 917 سجينًا ( في الفترة بين يونية 2013 وحتى نوفمبر 2019 ) بزيادة مفرطة خلال عام 2019، بحسب أخر تحديث حقوقي، بينهم 677 نتيجة الإهمال الطبي.
Share this Post