يدعو ائتلاف المنصة جميع أطراف النزاع المسلح في ليبيا، إلى الامتثال التام بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك مبادئ التناسب والتمييز في استخدام القوة، والامتناع فورًا عن استهداف السكان المدنيين، واستهداف المرافق المدنية، واستخدام أسلحة لا تسمح بتمييز الأهداف بدقة وسط أحياء سكنية، وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون. كما يناشد الائتلاف الأطراف المسلحة المتنازعة ضمان وجود ممر آمن للمدنيين، ونقل المصابين والجرحى وتقديم الخدمات الطبية، والالتزام بتحديد أوقات لوقف إطلاق النار للسماح بنقل المدنيين والمحتجزين من الليبيين وطالبي اللجوء والمهاجرين.
في 4 ابريل 2019، وفقا للبيانات المعلنة من الأطراف المتحاربة قامت قوات موالية للحكومة المؤقتة ومجلس النواب المتواجدة في الشرق والجنوب الليبي بالتقدم نحو العاصمة طرابلس تساندها مجموعات مسلحة موالية بهدف معلن من قائدها “خليفة حفتر” بحجة “تطهير” طرابلس من المليشيات المسيطرة عليها، ومن الإرهاب، وأعلن “فائز السراج” رئيس المجلس الرئاسي وأعضاء حكومته رفضه ومقاومته للهجوم ” بالحسم والقوة” والرغبة في رده الى مصادره، وتم التصدي للهجوم وفقا لما هو معلن باستخدام قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني ومجموعات مسلحة متحالفة معها أيضا.
أسفر القصف العنيف وإطلاق النار في العاصمة الليبية خلال الأيام الماضية حسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن إصابة 614 شخصًا ومقتل 147 شخصًا منهم سائق سيارة إسعاف وطبيبين بالإضافة إلى قصف 8 سيارات إسعاف منذ اندلاع العنف وفر الآلاف من منازلهم، بينما حوصر آخرون في مناطق الاشتباكات المسلحة.
كما أكدت منظمة اليونيسيف أن حوالي نصف مليون طفل في طرابلس بالإضافة إلى عشرات آلاف الأطفال الآخرين في المناطق الغربية يتعرضون للخطر المباشر نتيجة اشتداد القتال. ومع تطور الاشتباكات المسلحة إلى استخدام الطيران الحربي ومنصات الصواريخ في محيط طرابلس، خاصة في طريق المطار، قصر بن غشير، وعين زارة ووادي الربيع وسواني بنيادم والعزيزية حيث نزح أكثر من 13500 شخص من منازلهم ، كما يتعرض للخطر ما لا لا يقل عن 1400 من اللاجئين و المهاجرين العالقين في الخطوط الأمامية للاشتباكات داخل مراكز الاعتقال في قصر بن غشير ، غريان وعين زارة ومنهم من وقع اعتقاله في البحر أثناء محاولاتهم الهروب بالعبور بحرا إلى أوروبا وتم إعادتهم إلى ليبيا خلال الشهور الماضية وانزالهم في موانئ ليبية بالمخالفة للقانون الدولي بما لا يجيز إعادة الشخص إلى ميناء غير آمن. وفي جنوب ليبيا تبنى تنظيم داعش ليبيا الإرهابي يوم الثلاثاء 9 أبريل 2019، الهجوم الذي استهدف من خلاله عددًا من المواقع في بلدة الفقهاء، الواقعة ضمن بلدية الجفرة، حيث أسفر الهجوم الإرهابي على سيطرة التنظيم الإرهابي على المدينة لبضع ساعات بعد قتل آمر الحرس البلدي، ورئيس المجلس البلدي وقتل مواطناً ذبحاً وخطف رابع وحرق ثلاثة منازل ومقر الحرس البلدي.
ويشدد ائتلاف المنصة على أن وجود مجموعات مسلحة مصنفة إرهابية أو إجرامية لا يسمح بعقاب جماعي ضد المدنيين بطرابلس وضواحيها ويدعو جميع الأطراف عدم استخدام المدنيين كدروع بشرية، ويؤكد الائتلاف أن مكافحة الإرهاب لا تتم بمعزل عن احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.
تؤكد المنصة أن تلك الانتهاكات قد ترتقي لجرائم حرب، وفقًا للفقرة الثانية من المادة الثامنة لمعاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية. كما أنها تمثل انتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني.
وفي 9 أبريل 2019، ذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت “إن شعب ليبيا عالق منذ فترة طويلة بين العديد من الأطراف المتناحرة حيث تعاني أكثر الفئات ضعفا خطر انتهاكات لحقوق الإنسان “.
وفي هذا السياق تحذر المنصة أعضاء مجلس الأمن من المخاطر الوخيمة الناجمة عن التغاضي عن تقارير لجنة خبراء مجلس الأمن المكلفة بموجب القرار رقم 1970/2011 وفقا لتقارير يونيو2017، مارس 2016، فبراير 2015 وما كشفت عنه من انتهاكات جسيمة لحظر توريد السلاح والدعم العسكري من دول إقليمية ودولية مثل مصر والأمارات وتركيا، إذ تدعم تلك الدول مجموعات مسلحة في غرب وشرق ليبيا، بينها مجموعات راديكالية مسلحة قريبة من القاعدة والتيار السلفي المدخلي -مثل محمود الورفلي- ممن يزعمون الحرب على الإرهاب بينما ينتهجون ممارسات الإرهابيين ذاتها، دون أدنى احترام للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني الخاصة بالنزاعات المسلحة أو عمليات الاقتتال.
تذكر المنصة أن الاشتباكات المسلحة المستمرة وتعريض حياة المواطنين للخطر خلال أبريل الحالي ليست حادثة منفصلة، ففي 16 يناير 2019، ايضا وقعت انتهاكات جسيمة خلال تجدد الاقتتال في طرابلس بين المجموعات المسلحة، فأسقط عشرات القتلى والمصابين، جاء ذلك بعد يوم واحد من إعلان القائد العام للقوات المسلحة المعين من قبل مجلس النواب في شرق ليبيا عملية عسكرية في جنوب غرب ليبيا ودخوله بقوة إلى مدن الجنوب الليبي، وقد وثقت حالات اعتداء على المدنيين وعمليات انتقامية. كما أعلن عن انتهاء العمليات العسكرية في درنة بعد معارك طاحنة مع مجلس شورى درنة (قوة حماية درنة) بعد حصار المدينة بأكملها.
في 7 يناير 2019، قدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقريرًا لمجلس الأمن عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، جاء فيه“ أنه خلال الفترة بين أغسطس 2018 ويناير 2019 استمرت الجماعات المسلحة في جميع أنحاء ليبيا في ارتكاب انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في مناخ يستمر فيه الإفلات من العقاب، بينما يستمر المدنيون في تحمل عبء تصاعد القتال والعنف. كانت البعثة قد وثقت وقوع 71 ضحية من المدنيين (46 قتيلاً و25 جريحًا) بينهم 8 أطفال وطفلة واحدة لقوا مصرعهم. “ من جانبها وصفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان ليبيا في مارس 2018، بأنها حالة “شبه كاملة من انعدام القانون في جميع أنحاء البلاد، مع إفلات شبه كامل من العقاب حتى بالنسبة لأخطر الجرائم.”
و قد سبق أن ناشد ائتلاف المنصة خلال اجتماعه يوم 4 أبريل بأنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا تبني خارطة طريق لوقف النزاع المسلح في ليبيا وإعادة سيادة القانون، وقد أكد الائتلاف خلال الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، للدول الأعضاء على الحاجة الفورية إلى إنشاء لجنة تقصي حقائق لجمع معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة على نطاق واسع وتوثيق المسؤوليات الجنائية الفردية وسلسلة الأوامر للإعلان عنها في تقارير عامة تكون تمهيدا لوقف الإفلات من العقاب المتفشي في ليبيا ،
يحث ائتلاف المنصة الأطراف على وقف القتال والاستمرار في إجراء حوار شامل يركز بشكل خاص على عملية المساءلة، كخطوة إيجابية نحو حل سلمي للصراع. ويشدد الائتلاف على أن أي قرار طويل الأمد بشأن الوضع الحالي في ليبيا، من قبل الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية والدولية لا يمكن أن يتم من دون الآخذ بعين الاعتبار للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وضمان المساءلة عن الانتهاكات السابقة والحالية.
يناشد ائتلاف المنصة:
- أطراف النزاع المسلح في ليبيا: إلى الامتثال التام بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك مبادئ التناسب والتمييز في استخدام القوة، والامتناع فورًا عن استهداف السكان المدنيين والمنشآت المدنية.
- مجلس الأمن: إلى وضع مواد القرار 2174، الذي اعتمد في عام 2014 حيز التنفيذ، والبدء على نحو فعال في حظر السفر وتجميد الأموال لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. اصدار عقوبات في حق الأفراد والدول التي تنتهك حظر توريد السلاح الى ليبيا. ونداء للدول بعدم التدخل في الشأن الليبي بشكل يشعل الصراع المسلح
- وسائل الإعلام المحلية والدولية: وقف خطاب التحريض والكراهية والدعوة إلى الحرب وتبني خطاب السلام والمصالحة الوطنية.
- مجلس حقوق الإنسان بسرعة التحرك وعقد اجتماع طارئ حول الوضع الليبي وتبني قرار ينشئ لجنة تقصي حقائق وآلية فعالة للتحقيق
- المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية: تكثيف التحقيقات في الانتهاكات المرتبطة بالنزاع المسلح في ليبيا التي تم ارتكابها من قبل القوات المسلحة من الأطراف المتصارعة والذي من شأنه التحقيق وتحرير مذكرات التوقيف ضد مرتكبي تلك الانتهاكات الجسيمة وفقا لتكليف مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية بالقرار 1970 الصادر في 15 فبراير 2011.
Share this Post