محمد سيد سعيد
جريدة البديل، 4 إبريل 2008
هناك أنواع كثيرة من الإضرابات. والدعوة لإضراب عام يوم 6 أبريل أقرب ما يكون للإضراب السياسي منه للإضراب الاقتصادي. ومع ذلك فهو ليس إضرابًا بالمعني الضيق. إنه صورة من صور الاحتجاج الوطني العام. والفارق أن الإضراب مدفوع بمطالب محددة وقابلة للتحقيق بينما الاحتجاج الوطني العام يكون ضد سياسات.
وقد طرحت مختلف جماعات وشبكات الشباب أهدافًا متباينة لهذا الإضراب تشمل كل أخطاء وسياسات نظام مبارك من غلاء وبطالة وتعذيب واستسلام في وجه الأمريكان وإسرائيل.. إلخ.
وبالطبع هناك جذور واحدة لكل جرائم وأخطاء هذا النظام وهي الاستبداد والفساد، أي مسعي الطبقة الحاكمة لاحتكار السلطة بالقوة والاستيلاء على ثروات مصر بالسرقة العلنية وشبه العلنية.
يوم 6 أبريل سيكون أول إضراب سياسي وطني عام منذ أزمة مارس 1954، وكانت المظاهرات الشعبية العارمة في هذا التاريخ الأخير أول حركة شعبية للمطالبة بالديمقراطية وعودة الجيش لثكناته واستئناف الحياة السياسية للبلاد بعد ثورة 1952، ولأن الشعب خسر هذه المعركة ما زلنا حتى الآن نعاني من عسكرة المجتمع ثم هيمنة أجهزة الشرطة على كل مؤسساته وفعالياته وأنشطته دون استثناء واحد.
و«البديل» تؤيد جعل 6 أبريل يومًا للإضراب السياسي العام. ولكني شخصيًا أشفق على هؤلاء الذين يأملون في إضراب وطني عام فعلا بالمعني المادي. فأقصي ما يمكن أن نطمح إليه هو “حالة رمزية تلفت الانتباه” لمحنة مصر السياسية والاجتماعية، في ظل نظام بوليسي لا يتقيد بأي مبدأ قانوني أو أخلاقي. وهذه الحالة الرمزية ستكون مكلفة لأن معدل المشاركة سيكون محدودًا. فعلي مصر أن تناضل طويلا لكي تستعيد ما كانت تتمتع به من حيوية حتى أزمة مارس 1954، ولن يكون ذلك سهلًا وقد يستغرق فترة طويلة من الزمن.
لا نقول ذلك بدافع اليأس وإنما التقدير الواقعي الدقيق للحالة العامة للمجتمع المصري قرب نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة. فبلادنا لا تعاني من الهيمنة البوليسية والاستبدادية وحدها بل أيضًا من استلاب سياسي وفقدان للخبرة وسيطرة روح الأنانية، وأهم من ذلك كله الافتقار لمؤسسات للنضال الجماعي: فلا نقابات عمالية حقيقية ولا أحزاب تستحق اسمها.
سيتعين علينا أن نبني هذه المؤسسات عبر نضالات حقيقية. الطريق طويل، ولكننا في «البديل» نثق أن الشعب سينتصر في النهاية.
Share this Post