صادق الاتحاد الاوروبي أمس رسميا على ارسال فوري لقوة عسكرية الى شرق تشاد وشمال شرقي افريقيا الوسطى المتضررتين من تداعيات نزاع دارفور (غرب السودان) وانعدام الامن الناجم عن التمرد.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية فان وزراء خارجية الدول الـ27 الاعضاء في الاتحاد المجتمعين في بروكسل أعلنوا في بيان انهم «اتخذوا قرار انطلاق عملية في تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى». وأضاف البيان انه «طبقا للقرار 1778 الصادر عن مجلس الامن الدولي» في سبتمبر (ايلول) 2007 كلف الاتحاد الاوروبي قوة اطلق عليها اسم يوفور تشاد ـ افريقيا الوسطى مهمة «حماية موظفي الامم المتحدة» اي مهمة شرطة الامم المتحدة و300 شرطي مدرب وكذلك «المدنيين المعرضين الى الخطر» و«العاملين في المجال الانساني». وأوكل اليها مهمة «تسهيل وصول المساعدة الانسانية» و«المساهمة في ضمان أمن» المنطقة.
كذلك ستسهر يوفور على امن 241 الف لاجئ سوداني من دارفور في شرق تشاد وثلاثة الاف اخرين في شمال شرقي افريقيا الوسطى وكذلك 179 الف نازح تشادي وعشرين الفا من افريقيا الوسطى داخل بلديهم بسبب اعمال العنف في تلك المناطق. وحددت مهمة قوة يوفور بمدة سنة وقوامها 3700 جندي اكثر من نصفهم فرنسيون والبقية من 13 دولة اوروبية.
ومنذ ان باتت السياسة الاوروبية في مجال الدفاع عملانية عام 2001، تعتبر هذه اكبر عملية عسكرية ينفذها الاتحاد الاوروبي خارج القارة الاوروبية وبدون مساعدة حلف شمال الاطلسي. وواجهت يوفور التي كان مقرر انطلاقها في نوفمبر (تشرين الثاني)، صعوبات في تشكيلها وتوفير بعض الوسائل اللوجستية (النقل الجوي والفروع الطبية) اثر خمسة اجتماعات عقدها العسكريون الاوروبيون.
وتقرر ان تقدم الدول الثلاث الاساسية المشاركة وهي فرنسا (2100 جندي) وايرلندا وبولندا (400 جندي لكل منهما) ـ النواة بثلاث كتائب تنشر في منطقة تضاهي مساحتها الاف الكيلومترات المربعة. والتزمت السويد بارسال 200 رجل الى المقر العام في ابيشي (شرق تشاد). ووعدت عشر دول اخرى، يتوقع ان يؤكد بعضها التزامه، بمختلف المساهمات في يوفور حسب لائحة غير رسمية وهي النمسا وبلجيكا وإسبانيا وفنلندا واليونان وايطاليا وهولندا والبرتغال ورومانيا وسلوفينيا.
ويفترض ان يقدم الجنرال الايرلندي باتريك ناش الذي عين ليقود العملية من مقره العام في ضواحي باريس، الثلاثاء تفاصيل انطلاق تلك العملية. ووضعت تحت أوامر الجنرال الفرنسي جان فيليب غناسيا الذي سيقود العمليات ميدانيا من مقره العام في ابيشي، منذ الاسبوع الجاري وحدة قوامها 15 جنديا نمساويا من طلائع يوفور تغادر الاربعاء متوجهة الى تشاد. وفي مطلع فبراير (شباط) ينضم اليها خمسون جنديا ايرلنديا لحماية العملية على ان تستكمل قوة يوفور كافة جنودها بين فبراير ويونيو (حزيران).
إلى ذلك أصدر القضاء الفرنسي أمس حكما بالسجن 8 أعوام بحق الاعضاء الستة في جمعية «آرش دي زوي»، ليحل محل حكم القضاء التشادي بحقهم القاضي بسجنهم ثمانية اعوام ايضا مع الاشغال الشاقة بتهمة محاولة خطف 103 اطفال في تشاد ادعوا انهم من يتامى دارفور. وحضر جلسة النطق بالحكم في قصر العدل في كريتاي (ضاحية باريس) المدانون اريك بريتو واميلي لولوش والان بيليغا وفيليب فان فينكلبرغ ودومينيك اوبري، في حين غابت ناديا مريمي.
وبسبب عدم وجود عقوبة الاشغال الشاقة في فرنسا، كلفت محكمة الجنح في كريتاي ايجاد العقوبة الموازية للعقوبة التي فرضها القضاء التشادي على المدانين الستة في نجامينا في 27 ديسمبر (كانون الاول). وعند النطق بالحكم علا صراخ اهالي المحكومين الذين هاجموا المحكمة ونعتوا اعضاءها بـ«الاوغاد» و«الحثالة».
اما في قفص الاتهام، فأطلقت اميلي لولوش عبارة لم تسمع جيدا، بينما رفعت يديها في الهواء وشدت قبضتيها. اما سعاد مريمي شقيقة الممرضة الغائبة، فصرخت «هذه مهزلة، اشعر بالعار كوني فرنسية». كما اطلق الجمهور على الصحافيين اوصافا شتى، مثل «الوصوليون» و«القذرون» و«الفاسدون».
واعتبرت المحكمة في حيثيات حكمها ان الحكم الذي صدر في تشاد بإدانة اعضاء جمعية «ارش دي زوي» بتهمة «خطف اطفال بغية المس بوضعهم المدني»، يوازي في القانون الفرنسي وصف «اعتقال واحتجاز قاصرين دون 15 عاما»، وهي جريمة تصل عقوبتها الى السجن المؤبد.
من جهة اخرى، اعتبرت المحكمة ان عقوبة الاشغال الشاقة لثماني سنوات التي اصدرها القضاء التشادي في 26 ديسمبر لا تشكل «انتهاكا فاضحا في تطبيق العدالة». وكان المدعي العام الفرنسي طلب في 14 يناير (كانون الثاني) ابدال العقوبة الصادرة بحق المدانين الستة في نجامينا بعقوبة السجن ثمانية اعوام، معتبرا ان المحكمة غير مخولة النظر في إدانة الفرنسيين الستة او تعديل عدد سنوات العقوبة التي قررها القضاء التشادي. وكان محامو الدفاع استنكروا المحاكمة التي جرت في نجامينا ووصفوها بأنها «مهزلة»، مطالبين برفع «الظلم الرهيب» الذي لحق بموكليهم.
ويتجه الفرنسيون الستة المحكوم عليهم الى طلب العفو من الرئيس التشادي ادريس ديبي، بحسب ما اعلن احد محاميهم. وقال المحامي جان برنار باداري، احد الوكلاء التشاديين للفرنسيين الستة، لوكالة الصحافة الفرنسية في نجامينا «نتجه الى تقديم طلب العفو من الرئيس ديبي بواسطة وزارة العدل التشادية». وأضاف ان «موكلينا وافقوا على هذا الامر». وأوضح المحامي انه «لم يفاجأ» بإصدار القضاء الفرنسي أمس حكما بالسجن ثمانية اعوام. وتابع باداري «يجب التأقلم مع فكرة ان العقوبة نهائية بحيث لا نجعل موكلينا يعتقدون ان العقوبة ستتبدل في فرنسا»، لكنه تدارك ان «موكلينا سيواجهون صعوبة في تحمل» عقوبة القضاء الفرنسي.
Share this Post