يعرب مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان عن قلقه العميق إزاء قيام السلطات السورية باعتقال المدافع البارز عن حقوق الإنسان والمحامي مهند الحسني رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان “سواسية” –وهى من أبرز منظمات حقوق الإنسان وأكثرها مهنية- مساء الثامن والعشرين من يوليو. ووفقا للمعلومات التي تلقاها مركز القاهرة، فإن مهند كان قد تم استدعائه لعدة مرات من قبل إدارة المخابرات العامة قبيل اعتقاله بيومين، وأن التحقيقات التي أجريت معه قد تناولت مجمل النشاطات الحقوقية التي انخرط فيها مهند الحسني منذ قيامه بتأسيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان منذ نحو خمسة أعوام.
ويعتقد مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان أن الإجراءات التي طالت مهند الحسني على صلة وثيقة بدوره البارز في الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وعلى وجه الخصوص دوره في مراقبة المحاكمات الهزلية التي تطال النشطاء السياسيين، من خلال محاكم أمن الدولة الاستثنائية الخاضعة لسطوة السلطة التنفيذية، وخاصة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
ووفقا للمعلومات التي تلقاها مركز القاهرة يبدو جليا أن أجهزة الأمن السورية كانت قد قررت منذ وقت مبكر التنكيل بمهند الحسني ومعاقبته على نشاطه الحقوقي، وعلى أدائه المهني كمحام. ويشار في هذا الصدد إلى أن مهند قد تعرض مؤخرا في التاسع عشر من يوليو لاعتداء بدني بالقرب من ديوان محكمة أمن الدولة بعد حضوره إحدى جلساتها، حيث انقض عليه احد موظفي ديوان المحكمة، وانتزع منه الأوراق التي دون فيها الحسني ملاحظاته على ما دار بالجلسة، وقام كذلك بتمزيق بعض الأوراق الأخرى. كما لا يخلو من دلالة أن الموظف المعتدي قد أقر أمام رئيس المحكمة بفعلته –عندما اشتكاه مهند- بل قال أنه قد أدى “مهمته” بناء على تكليف من رئيس النيابة العامة بمحكمة أمن الدولة، وهو الأمر الذي لم ينكره رئيس النيابة أيضا؟! وبدلا من محاسبة رئيس النيابة، وتقديم اعتذار للحسني على ما تعرض له من اعتداء يشكل إهانة لكرامته ولكرامة مهنة المحاماة، فإن رئيس النيابة اتهم الحسني بان ما ينشره عن المحاكمات في سوريا يشكل إفشاءً لأسرار خاصة، برغم أن قانون محكمة امن الدولة ذاته يقر بعلنية المحاكمات.
إن مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان إذ يؤكد إدانته الكاملة لاعتقال مهند الحسني، فإنه يعتبر القبض عليه هو رسالة ترهيب لكافة المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يعملون بشجاعة في رصد الانتهاكات اليومية التي تمارسها السلطات السورية بحق مواطنيها، ومحاولة لإسكات أصوات الضحايا، التي تصل إلى شتى أرجاء العالم عبر المنظمات الحقوقية السورية، رغما عن آلة القمع السورية التي لا تتوقف، ورغما عن ترسانة تشريعية تستهدف إرهاب وكتم أنفاس منتقدي الحكومة ومعارضيها والمتطلعين للحرية واحترام حقوق الإنسان.
ويدعو مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان السلطات السورية للإفراج الفوري غير المشروط عن مهند الحسني، ووقف كافة الضغوط التي تمارسها السلطات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، والإفراج عن كل سجناء الرأي، وعلى رأسهم قادة إعلان “دمشق”.
ويشدد مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان على أن استجابة السلطات السورية لمثل هذه المناشدات، يتطلب تضافر جهود الحركة العالمية لحقوق الإنسان ومؤسسات وأجهزة الأمم المتحدة، من أجل أن تعيد سوريا النظر في مختلف الأطر القانونية المنافية لحقوق الإنسان والحريات العامة، ومن أجل أن تضع حدا للممارسات التي تجلب مزيدا من العار على سجل حقوق الإنسان في هذا البلد البائس.
Share this Post