قدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مذكرة حول أولويات قضايا حقوق الإنسان والإصلاح السياسي إلى وزارة الخارجية المصرية والمفوضية الأوروبية، لأخذها بعين الاعتبار خلال مفاوضات الطرفين حول خطة العمل المشتركة في إطار سياسة الجوار، والتي انتهت جولتها الثالثة أمس في القاهرة في تكتم شديد. قدم المركز المذكرة المفصلة (11 صفحة) إلى الطرفين منذ عشرة أيام في 12 فبراير الماضي.
جدير بالذكر أن خطة العمل المشتركة التي يتفاوض عليها الطرفان تتضمن بابا خاصا بالحوار والإصلاح السياسي. وقد انطلقت المذكرة من أن أي توصيات تتضمنها الخطة لا يوضع جدول زمني لتنفيذها، لن تكون ذات جدوى، واقترحت أن يجري خلال العام الأول التالي لتوقيع خطة العمل، تنفيذ البنود الخاصة بمكافحة التعذيب وإنهاء حالة الطوارئ، وتحسين أوضاع المحتجزين والسجناء، وإطلاق حرية التنظيم الحزبي والنقابي والأهلي والطلابي واستقلال القضاء، ، نظرا لأن أغلب هذه المطالب ومشاريع التعديلات التشريعية الخاصة بها، سبق وأن طالب بها وعلى مدار أكثر من 15 عاما مضت خبراء لجنتي حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية ونادي القضاة وأخيرا المجلس القومي لحقوق الإنسان.
طالبت المذكرة بإعلان الحكومة دون تأخير ووقف العمل بقانون الطوارئ، وعدم تجديد العمل به بعد مايو القادم، أو استبداله بقانون لمكافحة الإرهاب، خاصة وأن مشروع القانون الجاري إعداده يعيد استنساخ قانون الطوارئ. وطالبت المذكرة بإدخال تعديلات على قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية، لوضع حد لتفشي التعذيب، وضمان حق الانتصاف القضائي لضحاياه، وعدم حماية مرتكبيه. وإتلاف أي معدات قابلة للاستخدام لأغراض التعذيب أو إساءة المعاملة في أماكن الاحتجاز والاعتقال والسجون، وإعلان ذلك للرأي العام. وإصدار إعلان رسمي من وزارة الداخلية والنائب العام يحدد فيه المدى الزمني الذي يلتزم فيه كل منهما بالرد على شكاوي التعذيب. وإصدار النائب العام كتاب أبيض يفصل فيه كيف جرى التصرف في آلاف الشكاوى الخاصة بالتعذيب خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، خاصة حالات الوفاة بسبب التعذيب. والسماح بزيارة منظمات حقوق الإنسان للسجون وأماكن الاحتجاز للتحقيق في أحوال السجناء والمحتجزين. وإصدار قانون جديد للسلطة القضائية، يتفق مع المعايير الدولية الخاصة باستقلال القضاء، وضمان استقلال النيابة العامة وإلغاء النص على تبعيتها لوزارة العدل.
كما أوصت المذكرة بإلغاء قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لعام 1977 وتعديلاته لعام 2005، وقانون الجمعيات الأهلية 84 لعام 2002، وقانون النقابات المهنية 100 لعام 1993، والنقابات العمالية 35 لعام 1976، ولائحة الاتحادات الطلابية عام 1979، وإسقاط القيود الأخرى التشريعية والإدارية والأمنية على الحق في إنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ووضع تشريعات جديدة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وتوفير ضمانات استقلال الجامعات عن الوصاية الأمنية والحكومية، وإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر. وأكدت على عدم حصر تعريف منظمات المجتمع المدني بتلك المسجلة وفقاً لقانون الجمعيات إلى أن يتم إصدار تشريع جديد ينظم عمل المنظمات غير الحكومية وفقاً للمعايير الدولية. وبالاستفادة من المشروع البديل الذي سبق أن قدمته ثلاث منظمات حقوقية. وأوضحت المذكرة أن قصر التعامل مع المجتمع المدني على المنظمات المسجلة وفقا للقانون الاستبدادي الحالي خطأ جسيم، ويشكل تراجعا عن الأعراف والتقاليد المعمول بها في هيئات الأمم المتحدة. وشددت المذكرة على أن يتم تجنب الإحالة أو الاستناد في القسم الخاص بالإصلاح السياسي في خطة العمل، إلى التشريعات المصرية، والاستناد دائماً إلى المعايير والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وذلك لتجنب أي خلل أو انتقاص تتسم به هذه التشريعات بالمقارنة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة وأن الدستور يمنح الاتفاقيات الدولية التي تصدق عليها مصر وضعية التشريع الوطني.
من ناحية أخرى طالبت المذكرة بوجود نظام مراقبة ومتابعة فعال ومعايير محددة بشأن قياس مدى التقدم في الوفاء ببنود الخطة، وإشراك المجتمع المدني في متابعة تنفيذها. كما أوصت بإنشاء لجنة فرعية مشتركة تعنى بمتابعة ملف حقوق الإنسان، تكون مفتوحة أمام منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية في مصر وأوروبا. كما تضمنت المذكرة توصيات حول تضييق نطاق تطبيق عقوبة الإعدام تمهيدا لإلغائها، وحرية الفكر والمعتقد وحقوق المرأة، والطفل والمعوقين واللاجئين. وإصلاح النظام الانتخابي، وكفالة الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وتقنين حق منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية في مراقبة الانتخابات، وكذلك الاستعانة بخبرة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في تنظيم الانتخابات.
يذكر أن مفاوضات سياسة الجوار قد بدأت في القاهرة في سبتمبر 2005، وعقدت الجولة الثانية في ديسمبر في بروكسل، وأنه رغم أن الحكومة المصرية وافقت على أن يكون الإصلاح السياسي ضمن المفاوضات حول خطة العمل المشتركة، إلا أنها تتحفظ على الالتزام بخطوات ملموسة، بذريعة أن ذلك يندرج في إطار السيادة الوطنية!
Share this Post