اليوم 28 يناير سيتم استعراض سجل دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل مجلس حقوق الإنسان مع استمرار تردي حالة حقوق الإنسان في البلد. بهذه المناسبة تناشد المنظمات الموقعة أدناه الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان الضغط على الإمارات العربية لوضع حد للحملة القائمة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان السلميين والناشطين السياسيين واحترام المعايير الدولية لـ “تعزيز وحماية حقوق الإنسان” التي تلزمها كعضو منتخب جديد في مجلس حقوق الإنسان (قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة 50/251 الفقرة 9).
استمرار الحملة القمعية على حرية التعبير: اعتقال، تعذيب وحملات تشويه وهجوم على الناشطين السلميين
- · الإماراتيون الخمسة وبداية الحملة على حرية التعبير:
أطلقت سلطات الإمارات العربية المتحدة، منذ مارس 2011، حملة شرسة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني والمطالبين بالإصلاحات السياسية، ففي الوقت الذي تعيش فيه دول المنطقة ثورات تطالب بالحقوق المدنية والسياسية، وقّع 132 إماراتيًا عريضة يطالبون فيها جميع أعضاء المجلس الوطني الاتحادي باكتساب الحق في التشريع (المطالبة ببرلمان منتخب يمتلك سلطات تشريعية)، وهو ما أدي لاعتقال ومحاكمة خمسة أفراد أطلق عليهم اسم “الإماراتيون الخمسة” –بمن فيهم الحقوقي البارز أحمد منصور، عضو بلجنة الشرق الأوسط الاستشارية لـ هيومان رايتس ووتش– حيث أُودينوا على خلفية تهمة إهانة رئيس دولة الإمارات علانية –في محاكمة جائرة– ليتم بعد ذلك تخفيف الحكم من طرف الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة آل نهيان ليتم الإفراج عنهم؛ مما يدل على الطبيعة السياسية للمحاكمة.
- · الإماراتيون الستة والستون – اعتقال تعسفي وتعذيب لناشطين سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان
في مارس 2011، طالت حملة جديدة من الاعتقالات ستة وستون فردًا، من ضمنهم حقوقيين ونشطاء سياسيين ظل أغلبهم بمعزل عن العالم لأسابيع قبل أن تسمح السلطات لبعضهم بالاتصال بذويهم. وتعرض عدد كبير منهم للمعاملة السيئة، بل وللتعذيب في بعض الحالات، كما لم يحصل معظمهم على الاستشارة القانونية، وفي جميع الحالات، كانت تجدد فترة اعتقالهم دون مرجعية قانونية لذلك. ولا يزال المعتقلون الستة والستون رهن الاعتقال حتى الآن.
بالإضافة إلى ذلك، تعرضت محاولات المحامين لتقديم المساعدة القانونية للمعتقلين للمضايقات والترهيب من طرف السلطات. بل أن السلطات قامت باعتقال الدكتور محمد الركن والدكتور المنصوري، محاميا مجموعة الإماراتيون الخمسة والذين تم دمجهم في مجموعة الستة والستين المذكورة سالفًا. حيث تم إلقاء القبض على الدكتور الركن بينما كان يحاول الحصول عن معلومات عن أهالي المعتقلين. كما لم تسمح السلطات الإماراتية للعديد من المحامين الأجانب الذين حاولوا تقديم المساعدة القانونية بدخول البلد.
أخر التطورات: إجراءات قانونية هزلية قبل يوم واحد من مراجعة الإمارات العربية المتحدة أمام الاستعراض الدوري الشامل.
أعلن المدعي العام لدولة الإمارات السيد سالم سعيد كبيش، يوم أمس الأحد 27 يناير 2013، أنه “تمت إحالة 94 إماراتي مشتبه فيهم إلى المحكمة الفيدرالية العليا كجزء من المنظمة التي كانت تنوي الاستيلاء على السلطة في البلد”، وذلك بعد مرور ستة أشهر على اعتقالهم وقبل يوم واحد من جلسة المراجعة دون أي إجراءات قانونية لعدد من المعتقلين. تم اتهام بالتواصل مع أفراد ومنظمات وكيانات ومؤسسات تتواجد خارج البلد لتشويه صورة الدولة من أجل “نشر أفكارهم المفبركة عبر تلك المنظمات ووسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية عبر شبكة الانترنت”، و”إطلاق وتأسيس وتسيير منظمة تهدف لمعارضة المبادئ الأساسية لدولة الإمارات ونظامها وحكومتها من أجل الاستيلاء على السلطة”.[1] وتتشابه تلك الاتهامات، إلى حد ما، مع الاتهامات التي تطلقها السعودية ودول خليجية أخرى على المدافعين عن حقوق الإنسان مع تركيزٍ مبالغ فيه على التواصل مع “مؤسسات متواجدة خارج الدولة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت.
وجاء في تصريح المقرر الخاص المعني بحرية التعبير في سنة 2011:
لا يزال القلق يساور المقرر الخاص بشأن تجريم الدول التعبير عن الرأي المشروع عبر الانترنت في إخلال بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، سواء من خلال تطبيق قوانين جنائية قائمة على التعبير عن الرأي عبر الانترنت، أو عن طريق إنشاء قوانين جديدة صيغت خصيصًا لتجريم التعبير عن الرأي عبر الانترنت، وكثيرًا ما تُبرَّر تلك القوانين بحماية سمعة الأفراد أو الأمن القومي أو مكافحة الإرهاب، بيد أنها في واقع الأمر تُستخدم لفرض رقابة على المحتويات التي لا تنال إعجاب الحكومة وكيانات أخرى ذات نفوذ أو تلك التي لا تتفق معها.[2]
السلطات الإماراتية تطلق حملات التشويه:
يبدو أن مصطلح “الأمن القومي” اُستعمل كمبرر من طرف السلطات الإماراتية لخنق المعارضة وقمع النشطاء المطالبين بإصلاحات ديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، حيث أطلقت السلطات الإماراتية حملة تشويه ضد المعتقلين وعائلاتهم مستعملة وسائل الإعلام الرسمية، والتي اتهمتهم بالانتماء إلى فرع الإخوان المسلمين المحلي ومحاولة خلق جناح مسلح يهدف إلى إقامة دولة إسلامية بالإمارات العربية المتحدة. كما قامت السلطات بتجميد الحسابات البنكية للعديد من أسر المعتقلين، مما ضاعف من معاناتهم مع اعتقال ذويهم.
قامت السلطات الإماراتية بعزل نشطاء حقوق الإنسان المعتقلين في الحبس الانفرادي بسبب نشاطهم المشروع في مجال حقوق الإنسان، رغم أن بعضهم ينتمي لجمعية الإصلاح (جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي) وهي حركة سياسية سلمية تطالب بإصلاحات سياسية، في حين أن بقية المعتقلين حقوقيين أو أساتذة قانون جامعيين، محامون ومدافعون عن حقوق الإنسان، كذا قامت سلطات الأمن الإماراتية باعتقال مواطنين آخرين تحت نفس الذريعة ليصل عدد المعتقلين تعسفيًا إلى 93 معتقلاً، بينهم 12 شخصًا يحملون الجنسية المصرية.
هجوم على المدافعين عن حقوق الإنسان:
بالإضافة إلى استمرار اعتقال مدافعين بارزين في مجال حقوق الإنسان الدكتور محمد الركن والدكتور المنصوري، تعرض أحمد منصور، أحد معتقلي “الإماراتيون الخمسة” لاعتداء جسدي على الأقل مرتان خلال الأشهر التسعة الماضية بالموازاة مع حملة تشويه ضده بما فيها شهادات لمسئولين يدعون أنه جاسوس إيراني وتهديدات أخرى عديدة على الشبكة، كما أنه لا يستطيع السفر لتحفظ السلطات على جواز سفره ورفضها إعادته له.
تلجأ السلطات إلى استعمال حظر السفر وسحب الجنسية وحل الجمعيات الحقوقية؛ في محاولة لكتم الأصوات المطالبة بالإصلاحات واحترام الحريات العامة. كذا صدر في شهر نوفمبر 2012 القرار الفيدرالي رقم 5/2012 لمكافحة الجرائم الإلكترونية. وهو قرار يشكل تهديدًا خطيرًا لحرية التعبير والتجمع لأغراض سلمية حيث أنه يقدم تعريفًا للأنشطة عبر الانترنت التي يمكن استخدامها للحد من عمل الناشطين الذين يستخدمون الانترنت للتعبير عن آرائهم. ينص القانون على عقوبات بالسجن على أي شخص قد يعمل على خلق أو تشغيل موقع إلكتروني أو أي وسيلة تقنية للمعلومات، من أجل السخرية أو الضرر بسمعة أو مكانة الدولة أو أي من مؤسساتها. وتخشى منظماتنا أن تكون “مكافحة الجرائم الإلكترونية” مجرد ذريعة لقمع حرية التعبير وسجن الناشطين، متبعةً نهج تهمة “مكافحة الإرهاب” التي استنفذت.
التعذيب:
يبقى اللجوء إلى التعذيب من طرف قوات الأمن مبعثًا للقلق كما هو الشأن لادعاءات بالتعذيب تم رصدها خلال شهر سبتمبر 2012 كما هو الحال لأحمد السويدي وعبد الله الجدني ومصعب خليل عبود، وهي حالات أبلغت عنها المنظمات الموقعة على البيان. هذا بالإضافة إلى الاعتقالات التي طالت أشخاصًا آخرين خلال الحملة الجارية بمن فيهم الدكتور محمد الركن وابنه وصهره الذين تعرضوا للتعذيب.
محاكمات جائرة:
علاوة على الحملة المذكورة أعلاه، تُعبر منظماتنا عن قلقها بشأن العدد الكبير للمحاكمات الجائرة بالبلد. ويستمر اعتقال العديد دون إجراءات قانونية مع إجبارهم على تقديم اعترافات، وفي بعض الحالات الحكم عليهم دون حصولهم على أي ضمانات لمحاكمة عادلة.
التمييز ضد البدون:
برغم تأكيد الإمارات أن جهودًا قد بُذلت لتسوية وضعية البدون منذ منتصف 2008 بتسهيل الحصول على جنسيات أخرى غير الجنسية الإماراتية لكي يقدموا بعد ذلك طلبًا للحصول على رخصة إقامة بدولة الإمارات، فإن هذا الإجراء أثبت عدم جدواه، فبمجرد ما أن يبدأ شخصًا ما بإجراءات الحصول على الجنسية القمرية –حيث أن جزر القمر واحدة من الدول القلائل التي تقبل بإعطاء الجنسية للبدون الإماراتيين مقابل استلامها مبالغ مالية كبيرة من الإمارات– حتى يصبح مهددًا بالترحيل، ويوجد رهن الاحتجاز العديد من البدون في انتظار ترحيلهم إلى جزر القمر.
المجتمع الدولي يدين انتهاكات سلطات الإمارات العربية المتحدة لحقوق الإنسان:
في 17 يوليو، بعد انطلاق الحملة الثانية من الاعتقالات في صفوف الناشطين السلميين مباشرة، طالب روبرت كولفيل، المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، السلطات الإماراتية بـ “ضمان ممارسة المدافعين عن حقوق الإنسان لعملهم دون الخوف من تعرضهم لانتقام، وحثهم على الإفراج على المعتقلين منهم بسبب ممارستهم السلمية لحقوق الإنسان الأساسية”.
كذا أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا[3] صارمًا يدين ويسلط الضوء الوضع المتردي لحقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة واصفًا إياه بـ “الحملة القمعية على المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني”، وطالب البرلمان الأوروبي السلطات الإماراتية “بالإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي بما فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان، كما طالب السلطات الإماراتية أن تقدم المعتقلين المتهمين بخرق القانون للقضاء مع ضمان حصولهم على مساعدة محامين من اختيارهم”.
تطالب المنظمات الموقعة على هذه العريضة السلطات بـ:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن كل معتقلي الرأي والنشطاء الحقوقيين بما فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان، أو تقديم المتهمين بتجاوزهم للقانون للقضاء، مع ضمان حصولهم على محام من اختيارهم.
- وقف اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، وكل من يعبر سلميًا عن رأيه بما في ذلك على الانترنت. والإفراج الفوري وإلغاء الأحكام التي صدرت في حق كل الذين عبروا عن رأيهم بشكل سلمي، وضمان تطابق مرسوم القانون الاتحادي رقم “5” لسنة 2012 بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية مع المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير وإنشاء الجمعيات.
- اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وقف سوء المعاملة والتعذيب بجميع مراكز الاعتقال، والتحقيق في جميع ادعاءات التعذيب من طرف هيئات مستقلة وعادلة، ومحاسبة كل المتورطين في جرائم التعذيب.
- ضمن استقلال القضاء وتطابق جميع المحاكمات مع معايير المحاكمات الدولية العادلة، والإفراج الفوري عن كل المعتقلين تعسفيًا.
- وقف جميع أشكال التمييز ضد البدون بما في ذلك قانون الجنسية.
- ضمان ممارسة كل المدافعين عن حقوق الإنسان لأنشطتهم المشروعة دون خوف من الانتقام أو الاضطهاد أو المتابعات القضائية المفتعلة.
المنظمات الموقعة
- مؤسسة الكرامة.
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
- مركز الخليج لحقوق الإنسان.
- مراسلون بلا حدود.
[1] إحالة 94 متهما على محكمة أمن الدولة العليا في 27 يناير 2013 http://bit.ly/VmsWQ5
[2] التقرير المرفوع من قبل المقرر الخاص المعني بحرية التعبير للجمعية العمومية 16 مايو 2011 http://ap.ohchr.org
[3] قرار البرلمان الأوروبي http://www.europarl.europa.eu
Share this Post