د. فيوليت داغر
يتناول هذا الكتاب إحدى القضايا الهامة في المنطقة العربية، ألا وهى الطائفية وذلك بالطبع في علاقتها بحقوق الإنسان وكان النموذج لذلك هو “لبنان” فهو مثال صارخ لما يمكن أن يجنيه المجتمع من كوارث نتيجة سيادة المناخ الطائفي، حيث دفعت لبنان ثمن ذلك 16 عاما من الحروب التي دمرت أساسيات البنية التحتية الاقتصادية، وهجرت 750 ألف مواطن داخل لبنان وتركت قرابة مائة ألف معاق بالإضافة لفقدان 170 ألف قتيل وهدم أحياء وقرى وإحداث كوارث بيئية وتوضح الكاتبة أنه وإن كان التقنين الرسمي في لبنان قد أعطى الطائفية شكلها القانوني، ولكن إلى الآن لم تدخل لأية مؤسسة لبنانية المفاهيم الجمهورية الأساسية حيث مازال الفرد أسير الجماعة العائلية والحجة الرمزية، حتى إنه يمكننا القول بأن نظام العلاقة بين أركان النظام اللبناني هو نظام ديكتاتورية مقنعة، وإن الكاتبة كانت قد حصرت تناولها على الطائفية الدينية وقد أشارت إلى أنها تدخل حيز التعارض مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان عندما تصبح مرجعا حقوقياً يحرر دور الأفراد والجماعات بشكل كلي أو جزئي، وقد أشارت الكاتبة إلى أن اتفاق الطائف قد ورد فيه إلغاء الطائفية السياسية ولكنه لم يوضع موضع التطبيق، كما أن الاتفاق قد أغفل التعرض للبعدين الاجتماعي والتربوي للطائفية واللذين يمثل البحث عن سبل تجاوزهما مسألة ملحة، ذلك أن إلغاء الطائفية بشكل كامل هو وحده الكفيل بضمان حقوق المواطن باختلاف الدين والطائفة.
Share this Post