مذبحة إسرائيلية للشعب الفلسطيني في الذكرى الـ70 للنكبة
قتل ما يزيد عن 60 فلسطينياً مدنياً وسقط أكثر من ألفين جريح خلال يومين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية، خلال مواجهة المسيرات الفلسطينية التي انطلقت أحياءًا للذكرى الـ70 للنكبة، واعتراضاً على افتتاح مقر السفارة الأمريكية في إسرائيل بمدينة القدس في 14 مايو، بعدما ضمها الاحتلال عنوة وبشكل غير شرعي. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يدين بأقصى العبارات الاستخدام المفرط والوحشي للقوة من قبل قوات الاحتلال في قمع الاحتجاجات السلمية الفلسطينية، خاصة تلك التي انطلقت في منطقة الحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي شارك فيها مئات الآلاف من سكان القطاع بهدف التذكير بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم، التي خرجوا منها عنوة في 1948. يؤكد مركز القاهرة أن مثل هذه الأعمال الإجرامية الوحشية لم تكن لتحدث لولا تخاذل القوى الإقليمية -وخصوصا الدول الأعضاء في الجامعة العربية- وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومصر، عن القيام بدورها في وقف ومواجهة هذا القمع غير المسبوق والمتصاعد للمدنيين الفلسطينيين. بل على العكس، كانت للحكومتان –مصر والسعودية- خلال الأشهر القليلة الماضية تصريحات رسمية من شأنها تقويض الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، معطية الضوء الأخضر لتصفية القضية الفلسطينية، بغض النظر عن المواقف المعلنة.
فمنذ 30 مارس الماضي، بدأ سكان قطاع غزة – 70% منهم لاجئين- في تنظيم مسيرات أسبوعية تحت عنوان ” مسيرة العودة الكبرى” للمطالبة بحقهم المشروع في العودة لأراضيهم، واحتجاجًا على الوضع الإنساني المتردي الذي يعانون منهم تحت الحصار الخانق المفروض منذ أكثر من عشرة أعوام. وردًا على هذه المسيرات السلمية، فتح جيش الاحتلال خزائن الرصاص الحي في وجوه المتظاهرين السلميين بغرض القتل العمد، واستخدم الذخائر المتفجرة التي تخلف إصابات مستديمة وغالبا ما تؤدي لبتر الأعضاء، مما أسفر بالمجمل عن سقوط 101 قتيل من مارس وحتى الآن.
إن قتل المتظاهرين المدنيين بشكل عمد يعد جريمة حرب حسب القانون الجنائي الدولي، كما أنه يعد من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني،إذ يلزم القانون سلطات الاحتلال في عمليات فرض النظام إلا تلجأ للقوة المميتة إلا في الحالات التي تشكل خطرًا على حياة أفراد الأجهزة الأمنية.
جاءت هذه الأحداث بالتزامن مع افتتاح مبنى السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في حي استيطاني في القدس الشرقية المحتلة، في رسالة أمريكية واضحة التواطؤ مع استمرار حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه والمساندة السياسية الكاملة للاحتلال الاستعماري الممتد لأكثر من نصف قرن.
من سبعين عامًا، أدت النكبة إلى تهجير ما يقرب من مليون فلسطيني وتدمير مئات المدن والقرى الفلسطينية، على يد المجموعات المسلحة اليهودية التي أصبحت فيما بعد الجيش الإسرائيلي، واليوم وبعد سبعة عقود، مازال الشعب الفلسطيني يواجه “النكبة” نفسها، لكن هذه المرة بـ11 مليون لاجئ يعانون من الحرمان والتشريد. منذ 1948 لم تتوقف الانتهاكات ضد الفلسطينيين المهجرين المحاصرين، الذين تم إخضاعهم لنظام الاحتلال الاستعماري في 1967 فسيطر المحتل على ما تبقى و من أرض فلسطين الانتدابية، ومازال يسعى للاستيلاء على المزيد، وتفتيت الفلسطينيين في مناطق سكنية معزولة عن بعضها البعض.
وفي هذا السياق يذكر مركز القاهرة بأن القضية الفلسطينية كانت و لازالت قضية دولية بامتياز، لذا فالمسئولية تبدأ وتنتهي عند الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها لوضع حد لهذه المأساة، من خلال تحملهم واجباتهم القانونية، وامتثالهم لضرورة تطبيق مئات القرارات المؤكدة على حقوق الفلسطينيين، والتي تقدم حلاً عادلأ للنزاع.
وبناء عليه، يدعو مركز القاهرة بشكل فوري مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة حسب اختصاصها إلى إنشاء الآليات اللازمة التي تضمن حماية المدنيين الفلسطينيين، وتحقق المساءلة على الجرائم التي اقترفت بحقهم، بما في ذلك التحقيق في الوقائع الأخيرة على مدى الشهرين الأخيرين، وتحديد هوية الجناة. كما يدعو المركز مكتب النائب العام في المحكمة الجنائية الدولية لإنهاء تحقيقه المبدئي في أسرع وقت ممكن، والمباشرة بالنظر في الجرائم الدولية المرتكبة، كما يدعو المركز جميع الدول الأعضاء في المجتمع الدولي إلى تحمل مسئوليتهم، وأن يعملوا فرديًا أو بشكل جماعي على إخضاع إسرائيل لواجباتها القانونية، وتحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بما في ذلك مراجعة جميع معاملاتهم التجارية والدبلوماسية أو أي علاقات اخرى مع إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال.
صورة : نضال الوحيدي
Share this Post