المدافعون عن حقوق الإنسان السودانيون والدوليون: “ينبغى على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ألا يُسكت ضحايا انتهاكات الحقوق فى السودان”
(17 سبتمبر 2010، جنيف): يبدو أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على وشك إنهاء ولاية خبير الأمم المتحدة المستقل لحقوق الإنسان فى السودان، وذلك خلال دورته الخامسة عشر على الرغم من الوضع الذى يزداد سوءاً لحقوق الإنسان فى هذا البلد. وقد أخفقت مسودة قرار قامت بتمريرها المجموعة الأفريقية في بداية هذا الأسبوع فى تجديد تلك الولاية.
ووفقاً لما جاء على لسان زياد عبد التواب بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان “ليس هذا هو الوقت المناسب لتشيح الأمم المتحدة بنظرها بعيداً وتتظاهر بأن حقوق الإنسان والأزمات الإنسانية فى السودان قد اختفت، حيث يقع عليها التزام قانونى وأخلاقى بالتأكد من أن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان قد اتيحت لهم فرصة التعبير عن أنفسهم وأصبح لهم صوتاً، وكذا بالعمل على وضع حد لتلك الانتهاكات.”
تأتى مراجعة الدورة الخامسة عشر لمجلس حقوق الإنسان لولاية الخبير المستقل فى لحظة حرجة بالنسبة لمستقبل السودان. فالخبير المستقل يلعب دوراً حيوياً‘ إذ يقوم برفع التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان، ورصد تنفيذ اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 وتوصيات مجموعة خبراء الأمم المتحدة بشأن دارفور.
وعلى الرغم من التقرير الأخير الذى نشره الخبير المستقل فى مايو 2010، قد أبرز التقدم فى مجال تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وتوصيات مجموعة خبراء الأمم المتحدة بشأن دارفور، إلا ان التقرير استنتج أن “هناك مشكلات خطيرة خاصة بحقوق الإنسان ولم يتم تسويتها بعد أن خيمت بظلالها على المكاسب الإيجابية المحدوده المتحققة”. فمنذ مايو، ازداد تدهور وضع حقوق الإنسان فى السودان بشدة، فقد تم تجديد الرقابة المسبقة قبل الطباعة منذ مايو-أغسطس 2010، بالإضافة إلى قمع المظاهرات السلمية باستخدام العنف.
ويواجه السودان قدراً هائلاً من التحديات على مختلف المستويات: فيحتمل أن تُرتكب انتهاكات للحقوق عند إجراء استفتاء يناير 2011 القادم بشأن تقرير المصير فى الجنوب ووضع منطقة أبيى المتنازع عليها، وقد تؤدى تلك الانتهاكات إلى حدوث انقسام فى البلاد وإلى اندلاع العنف. كما يستمر انتشار انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع فى دارفور من خلال الهجمات التي يتم شنها على القرى، وازدياد انعدام الأمان فى مخيمات النازحين خلال الأسابيع الماضية، إلى جانب استمرار الافتقار إلى المساعدات الإنسانية. ولا تزال محادثات الدوحة لتحقيق السلام فى دارفور متعثرة، وسيحل محلها قريباً الإستراتيجية الداخلية “السلام من الداخل” بحسب ما أعلنت حكومة السودان. ولا تزال الحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما حرية التعبير والاجتماع، تخضع للقمع فى أرجاء البلاد، كما يتم تضييق الخناق بشكل هائل منذ انتخابات أبريل 2010، حيث سجلت المنظمات الأهلية والخبير المستقل العديد من حالات التحرش بالصحفيين، وأعضاء المعارضة ومؤيديهم، والقبض عليهم واعتقالهم.
وقد صرح مندوب عن هيئة محاميي دارفور قائلاً: ” قد تؤدى الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان بالسودان إلى نشوب حرب أهلية أخرى إذا ما استمر الوضع في التدهور. ولكن يبدو أن المجموعة الأفريقية توجه اهتماماً للمباريات السياسية التي تلعبها فى الوقت الحالى أكثر من حماية المدنيين والتأكد من تحقيق الأمن والسلام على نحو تدريجى للشعب السودانى.”
إن الاستخبارات الوطنية وخدمات الأمن ما زالت يتم منحها سلطات واسعة عبر أنحاء السودان للقبض والاعتقال، ويتم ممارسة القبض التعسفى والتعذيب على نحو منتظم ضد أفراد شعب دارفور، ومناصرى حقوق الإنسان، والصحفيين وأعضاء المعارضة. ويُمنح أعضاء الاستخبارات الوطنية وخدمات الأمن حصانة من خلال قانون الأمن القومى لعام 2010 بالإضافة إلى تشريع آخر تم تعديله خلال الفترة المؤقتة، ولا يزال الإشراف القضائى غائباً. وتظل هناك حاجة إلى تنفيذ برنامج شامل للإصلاح القانونى وفق الالتزامات التي تمليها اتفاقية السلام الشامل. وفى حين أنه قد تمت مراجعة نصوص بعض القوانين الاساسيه وثيقه الصله بالحقوق المدنية والسياسية، الا أن نتائج هذه المراجعة تتناقض مع الضمانات النظرية لتلك الحقوق في الدستور الوطني المؤقت.
وقد قال السيد عثمان حميدة بالمركز الأفريقى لدراسات العدل والسلام “يلعب مجلس حقوق الإنسان دوراً هاماً للغاية فى ضمان وجود بيئة مواتية لاستفتاء يتسم بالسلم والديمقراطية، والخبير المستقل هو آلية الأمم المتحدة الوحيدة التى لها ولاية فى مجال إصدار تقارير عن السودان بكامل أرجائها. ومن شأن تجديد الولاية وتدعيمها التأكيد على التزام مجلس حقوق الإنسان بمعالجة وضع حقوق الإنسان فى السودان أثناء أكثر الأوقات محورية فى تاريخ هذا البلد. ونناشد حكومات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن تتناول الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المنتشرة فى أرجاء السودان، وذلك من خلال تجديد ولاية الخبير المستقل.”
ويتعين على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمجموعة الأفريقية على نحو خاص، أن تقوما بتناول أخطاء حكومة السودان فى مجال معالجة الافتقار إلى حماية المدنيين الذين تم القبض عليهم فى مناطق النزاع والانعدام الدائم للأمن، ولا سيما فى جنوب السودان ودارفور، وكذا الافتقار إلى إمكانية التوصل إلى تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان والقيود المفروضة على حرية التعبير والثقافة السائده التي تكرس الإفلات من العقاب.
مسئولو الاتصال:
المركز الأفريقى لدراسات العدالة والسلام – عثمان حميدة (إنجليزى، عربى) osman@acjps.org
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان – زياد عبد التواب (عربى، إنجليزى، فرنسى)، abdeltawab@cihrs.org
الفيدرالية الدولي لحقوق الإنسان – جلين بايوت (إنجليزى، فرنسى) gpayot@fidh.org
Share this Post