أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ورقة بحثية، من إعداد الأستاذ عمرو عبد الرحمن باحث الدكتوراه في جامعة (إسكس) في بريطانيا. تقدّم الورقة قراءة نقدية في طبيعة المعوقات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في مصر، في أعقاب ثورة 25 يناير، في ظل انفراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة المرحلة الانتقالية، وانهماك هذه الإدارة في تهميش وتفتيت القوى الثورية الديمقراطية، وبسط هيمنة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية، بالتزامن مع محاولات إنقاذ بقايا نظام مبارك والحفاظ على بنيته وقيمه المجتمعية وترتيباته المؤسسية وعلى رأسها المؤسسة الأمنية، بالإضافة إلى المخاوف التي تنتاب قطاعات واسعة من أثر صعود الإسلاميين على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
تستعرض الورقة أسباب صعوبة اللجوء لخيار القمع مرة أخرى مع القوى السياسية والنضالات الاجتماعية، كما تشتبك بالتحليل مع اللحظة الفارقة والمرتبكة التي تعيشها القوى الديمقراطية الساعية لبناء دولة مدنية. وترصد الورقة إرهاصات هذه اللحظة مع وقائع انقسام معسكر الثورة على نفسه منذ استفتاء 19 مارس، الذي اندلعت خلاله حالة الاستقطاب الديني المدني في المجتمع المصري، وامتدت تأثيراتها حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، التي شهدت نتائج مرحلتها الأولى صعودًا للقوى الإسلامية، بجناحيها المحافظ والمتشدد، لتحصد ثمار الاستقطاب، وتستكمل ماراثون الانتخابات التي يتوقع البعض أن يحوز فيها الإسلاميين أغلبية تتيح لهم الاستئثار بعملية وإجراءات صياغة الدستور الجديد للبلاد.
وفيما تستعرض الورقة أبعاد التحديات التي يفرضها هذا الصعود للقوى السياسية الدينية، أمام تحقيق شعارات الثورة الرئيسية في الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ فإنها تستكشف جذور الاتجاهات العامة التي تسيطر على المشهد السياسي في اللحظة الآنية، بتعقيداته وتناقضاته التاريخية، كما تقدّم الورقة رؤية للسيناريوهات المطروحة أمام أطراف الصراع العاجزة عن حسم المعركة لصالحها، ولا يقتصر هذا العجز على القوى الديمقراطية وحدها، وإنما يمتد ليشمل القوى الدينية والجيش؛ نتيجة التفاعلات التي وصفتها الورقة بـ “توازن الضعف”.
وفي هذا الإطار تستعرض الورقة أفضل السيناريوهات التي يُفيد تبنيها في تجنّب مخاطر الانزلاق في صراع هوياتي يقضي على المساحة التي يمكن اقتناصها للإبقاء على أسس العيش والفعل السياسي المشتركين؛ بما يحتفظ بفرصة بناء ديمقراطية، حتى لو كانت هشة ومؤقتة، وذلك باعتباره السيناريو الأقل كُلفة، لتجنُّب القضاء على ما تبقى من أسس الدولة المدنية، وفي الوقت ذاته لا توصد الأبواب أمام مساعي تحقيق الديمقراطية الكاملة، وإنقاذ البلاد من الوقوع في براثن السيناريوهات المؤسسة لسلطوية جديدة.
جدير بالذكر أن الورقة هي مقدمة لكتاب، سيصدر قريبًا عن مركز القاهرة، يضم أعمال مؤتمر “التحديات التي تواجه التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية”، والذي عُقد في القاهرة خلال شهر يوليو الماضي.
مرفق نص الورقة البحثية باللغة العربية
Share this Post