عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان على هامش فعاليات الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، المنعقد حالياً في جينيف، لقاءً بعنوان “دفاعًا عن المدافعين: الحاجة المُلحة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي”. سعى المركز من خلاله إلى عرض موجات القمع التي تمارسها الحكومات العربية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، على الصعيد التشريعي والممارسة الفعلية.
ضم اللقاء كل من مارجريت سيكاجايا، المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ومريم الخواجة، القائمة بأعمال رئيسة مركز البحرين لحقوق الإنسان، و باولا سلوان ضاهر، ممثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ومريم الحضري، منسقة محامون من أجل العدالة في ليبيا. وأدار اللقاء جيرمي سميث، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
في البدء قامت مريم الخواجة بمناقشة حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج، وخاصة الطرق التي تم بها استهداف النشطاء البحرينيين، ومقاضاتهم وتعرضهم للاعتقال التعسفي والاحتجاز وحتى التعذيب لعملهم الحقوقي، ومعاقبتهم على تعاونهم مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مثل الناشط عبد الهادي الخواجة، وزينب الخواجة، ونبيل رجب، وسيد يوسف و محمد المسقطي. وتابعت الخواجة حديثها بعرض إشكاليات قانون الجمعيات الأهلية في البحرين، والذي تستخدمه السلطات البحرينية للتضييق على المنظمات التي يعمل بها المدافعون عن حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، يسمح هذا القانون للحكومة بمنع أو إلغاء تسجيل المنظمات –مثلما حدث في حالة مركز البحرين لحقوق الإنسان– كما يسمح لها بحل المنظمة بناءً على أحكام قضائية غامضة يسهل التلاعب بها من قبل السلطات.
من جانبها أعربت باولا سلوان ضاهر عن القلق إزاء مشروعات قوانين الجمعيات المقترحة في مصر، والتي من شأنها –حال تمريرها– تهديد عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر من خلال منح الحكومة والأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة للتحكم في التمويل وأنشطة منظمات المجتمع المدني. وحتى قبل إقرار أي من مشروعات القوانين هذه، تهدف الحكومة المصرية إلى تضييق عمل المجمتمع المدني، فعلى سبيل المثال، تم إجبار “مؤسسة المرأة الجديدة” على تقليص أنشطتها والاستغناء عن بعض العاملين بها نتيجة لرفض الحكومة الموافقة على حصولها على تمويل. كما أن الحكومة المصرية قد قامت بتحذير “المنظمة المصرية لحقوق الإنسان” من التعاون مع المؤسسات الاجنبية. وأشارت ضاهر إلى أن مشروع القانون المقترح بشأن التظاهر من شأنه تقييد المصريين ومنعهم من المطالبة بحقوقهم من خلال التظاهر والإحتجاج السلمي. وأكدت أن الحق في حرية التجمع في مصر مقيد بالفعل، حيث تم قتل ما لا يقل عن 60 متظاهرًا وإصابة المئات في اشتباكات مع قوات الأمن خلال التسعة أشهر المنقضية في مصر.
أما مريم الحضري، فقد أوضحت أنه على خلاف مصر والبحرين، فإن ليبيا –ما بعد الثورة– ليس لديها إطارًا قانونيًا لتقييد المدافعين عن حقوق الإنسان أو المنظمات غير الحكومية. ولكن غياب سيادة القانون في البلاد تسبب في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان باسم الثورة، ويتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يرصدون تلك الانتهاكات إلى تهديدات وحتى إلى اعتداءات جسدية. وذكرت كمثال واقعة اختطاف جمعة القطامي، رئيس حزب التغيير، واحتجازه لمدة ساعات من قبل ميليشيات مسلحة بعد إتهامه للميليشيات بالتورط في جرائم تعذيب وانتهاكات عديدة بحجة أنه يجب الصمت عن الانتهاكات التي تقام باسم الثورة.
وفي النهاية، قامت المقررة الخاصة مارجريت سيكاجيا بمناقشة عملها في الدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك زيارتها إلى تونس مؤخرًا، والتي تعتبر الزيارة الأولى من نوعها لبلد عربية منذ توليها هذا المنصب. وأوضحت سيكاجيا أن قانون الجمعيات الأهلية التونسي –برغم احتياجه لبعض التعديلات– يعد الأكثر تقدمًا وامتثالاً للمعايير الدولية في العالم العربي، وأنه يجب الاحتذاء به من قبل البلدان في المنطقة. كما ناقشت مشروع القرار الذي قامت النرويج بصياغته فيما يخص المدافعين عن حقوق الإنسان وقامت بحث الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان لدعم إقراره في المجلس.
قام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتنظيم هذا اللقاء بالتعاون مع الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، هيومان رايتس ووتش، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، ومحامون من أجل العدالة في ليبيا، ومؤسسة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، ومشروع المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق والقرن الإفريقي.
Share this Post