المنظمات الحقوقية الـ 24 الموقعة أدناه، تعتبر أن تقديم المساعدة لتمهيد الطريق نحو المساءلة وجبر الضرر وتعويض الشعب اليمني، من خلال تجديد وتعزيز التحقيقات الدولية في الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب والتعديات الخطيرة على القانون الدولي الانساني، يمثل ضرورة ملحة على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الاضطلاع بها خلال جلسة المجلس الـ 45 الحالية.
يعاني اليمن من “فجوة عميقة” فيما يتعلق بتحقيق المساءلة، وذلك وفقًا لفريق الخبراء الأمميين البارزين المعنيّ باليمن، الذي أصدر تقريره الثالث في ٩ سبتمبر الجاري. ومع التهديد الحالي المتمثل في خطر جائحة كوفيد-19، والذي يهدد حياة الملايين في جميع أنحاء اليمن، وفي ظل تعثّر محادثات السلام وزيادة الغارات الجوية والقصف العشوائي والهجمات التي تلحق الأذى بالمدنيين، أصبح واقع ملايين المدنيين اليمنيين أكثر قتامة من أي وقت مضى. وأمام مجلس حقوق الإنسان خلال هذه الجلسة الفرصة لتمهيد الطريق نحو مساءلة ذات مصداقية وإنصاف حقيقي للضحايا والناجين في اليمن.
عانى اليمنيّون واليمنيات من انتهاكات جسيمة منذ اندلاع النزاع عام ٢٠١٤، عندما سيطرت جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) والوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء، وقد تصاعدت هذه الانتهاكات عام ٢٠١٥ عندما تدخّل التحالف بقيادة المملكة السعودية والإمارات العربية عسكرياً دعماً للحكومة اليمنية.
جيريمي سميث، مدير مكتب جنيف لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “الأشكال الحقيقية والملموسة للمساءلة والتعويض تعتبر جوهرية إذا أردنا أن ينتهي هذا الكابوس. فمصير الملايين على المحك.”
ومع دخول النزاع عامه السادس، يعيش ملايين اليمنيين دون طعام أو ماء أو مأوى أو رعاية صحية كافية. كما تُعرقل الأطراف المتحاربة تدفق السلع المنقذة للحياة إلى داخل البلاد وحولها، وتهاجم البنية التحتية الحيوية، وتعيد توجيه السلع وعائداتها إلى خزائنها وأنصارها. وبسبب الغارات الجوية، والقصف العشوائي، والاستخدام العشوائي للألغام الأرضية لقي آلاف اليمنيين مصرعهم وأصيب العديد منهم بالأذى، مما أدى لتمزّق النسيج المجتمعي. هذا بالإضافة للقيود المفروضة على حرية التعبير والاحتجاج السلمي وحرية التنقل، واستغلال ذو السلطة للانقسامات السياسية والانقسامات القائمة على الهوية.
ومن أجل تغيير مسار مستقبل اليمن، يجب أن يتغير سلوك الأطراف المتحاربة وسلوك الأطراف الداعمة لها. فحتّى شهر سبتمبر ٢٠٢٠، ما زال الجناة دون عقاب، ولم تواجه الدول المسئولة عن الإنتهاكات أي تبعات، ونادرًا ما اعترفت الأطراف المتحاربة بالأخطاء المرتكبة أو اتخذت إجراءات لحماية المدنيين، كما يتواصل تدفق الأسلحة التي تُستخدم في انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ويستمر حرمان الضحايا من العدالة والتعويض.
في عام ٢٠١٧، شكّل مجلس حقوق الإنسان فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعنيّ باليمن، بهدف التحقيق في انتهاكات القانون الدولي في اليمن، وتحديد الجُناة. وقد جدّد المجلس ولاية فريق الخبراء في عامي ٢٠١٨ و٢٠١٩، رغم معارضة التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
في تقريرهم الثالث، أقر خبراء الأمم المتحدة أن المجتمع الدولي “يستطيع ويتوجب عليه بذل المزيد للمساعدة في سد الفجوة الحادة المتعلقة بالمساءلة عن الجرائم المرتكبة في اليمن”. وقد قدّم الخبراء قائمة بتوصيات محددة، بما فيها توصيات لمجلس الأمن، لإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن. كما دعم فريق الخبراء تشكيل هيئة تحقيق على غرار الآلية الدولية والمحايدة المستقلة الخاصة بسوريا. كما دعا الفريق مجلس الأمن تحديدًا إلى ضمان إبقاء ملف حقوق الإنسان في اليمن على قائمة جدول أعماله، وضمان توفير الموارد الكافية لفريق الخبراء من أجل جمع وحفظ وتحليل المعلومات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم في اليمن.
راضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “بعد أكثر من نصف عقد على اندلاع هذه الحرب الكارثية، يجب على المجتمع الدولي ألا يطلب من اليمنيين بعد الآن انتظار العدالة. أولئك الذين يقصفون حافلات مليئة بالأطفال، ويحكمون على الصحفيين بالإعدام، ويسرقون المساعدات الإنسانية، يجب إخطارهم بأنهم سيخضعون للمساءلة.”
وعلى المدى البعيد، شجّع فريق الخبراء على “إجراء المزيد من الحوار حول إنشاء محكمة خاصة كـ “المحكمة المختلطة” لمقاضاة الأشخاص الأكثر مسئولية،” وأعاد التأكيد على أهمية حق الضحايا في تصويب أوضاعهم، بما فيه الحصول على التعويضات المادية، ودعا أيضًا إلى أن تكون حقوق الإنسان “في صميم أي مفاوضات سلام مستقبلية،” بما في ذلك عدم اتخاذ أي خطوات قد تؤول إلى تقويض الحقوق والمساءلة، “مثل منح العفو الشامل.”
علاوة على ذلك، أعاد فريق الخبراء التذكير بمخاوفه من أن الدول التي تزوّد أطراف النزاع بالأسلحة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قد تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة، وأن هذا الدعم قد يصل حد جريمة مساعدة ودعم الأعمال غير المشروعة دوليًا.
واليوم، تدعو 24 منظمة من منظمات المجتمع المدني اليمنية والإقليمية والدولية المجلس إلى اعتماد تقرير فريق الخبراء، بما في ذلك النتائج التي توصل إليها بشأن المساءلة، وإلى اتخاذ خطوات ملموسة في جلسة المجلس الحالية لتمهيد الطريق نحو عدالة ذات مصداقية لليمن. كما تدعو المنظمات إلى تجديد وتعزيز ولاية فريق الخبراء، بما في ذلك توضيح ولايته فيما يتعلق بجمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها حول أخطر الجرائم الدولية وانتهاكات القانون الدولي المرتكبة في اليمن منذ عام ٢٠١٤، وتوضيح المسئولية. كما تطالب بتكليف فريق الخبراء البارزين بإصدار تقرير خاص يقدم المشورة للدول بشأن الخطوات العملية التي يمكن أتخذها للمساعدة في ضمان العدالة والتعويض لعشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين الذين تضرروا بشكل غير قانوني من قبل الأطراف المتحاربة طوال مدة النزاع.
المنظمات الموقعة:
- مواطنة لحقوق الإنسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المنتدى العربي لحقوق الإنسان (SAF)
- مركز دراسات الأثر الاجتماعي في غانا
- رابطة أمهات المختطفين
- مسيرة الفخر البوسنية الهرسكية، في البوسنة والهرسك
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- مركز الذاكرة والحقيقة والعدالة (حافظة ميركزي)، تركيا
- مؤسسة نداء العدالة للحقوق والتنمية
- مؤسسة رصد لحقوق الإنسان
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مؤسسة ضمير للحقوق والحريات
- لجنة الحقوقيين الدولية (ICJ)
- منظمة باكس (PAX) الهولندية
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- سلام لليمن
- المركز العالمي لمسئولية الحماية
- هيومن رايتس ووتش
- منظمة العفو الدولية
- الحملة ضد تجارة الأسلحة
- أطباء من أجل حقوق الإنسان
- الائتلاف المدني للسلام
- مساءلة لحقوق الإنسان
- منظمة العمل للمسيحيين ضد التعذيب (ACAT-France)
الصورة: خالد عبدالله / رويترز
Share this Post