قبل بت قضاة المحكمة الجنائية الدولية في طلب المدعي العام بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور، كسر مرتكبو الجرائم في دارفور حاجز الصمت في فيلم مدته 22 دقيقة كشفوا فيه عن الجرائم التي تم إركابها وكيف تم التخطيط لها وتنفيذها ومن أين تم تمويلها ومن كان المسئول عنها. وقد أعد المادة الفيلمية وتوثيق الشاهدات منظمة إيجيس تراست الدولية بالتنسيق مع عدد من المنظمات الحقوقية من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
فمنذ عام 2003 لقي مئات الآلاف مصرعهم وشُرد الملايين من منازلهم بدارفور، والكثير من هذه العمليات تمت علي أيدي ميليشيات أطلقت عن نفسها اسم “الجنجويد” أي جن علي جواد. ومرة تلو الأخرى ذكر بعض الناجين -والذي أكده مراقبون دوليين- أن عمليات القتل والاغتصاب والنهب وحرق القرى كانت تتم علي أيدي الجنجويد بدعم من الجيش السوداني والقوات الجوية السودانية. ولكن حتى يومنا هذا فالحكومة السودانية دائماً ما تنكر باستمرار مسئوليتها عن تلك المجازر.
ومع ذلك، فإن الاعترافات التي وردت علي ألسنة الشخصيات –والذي يتحدث بعض منهم لأول مرة- بهذا الفيلم تروى حقائق مختلفة تماماً، ومن بين هذه الشخصيات كبير ضباط التموين بالجيش السوداني، قائد بالجنجويد، جندي ومقاتل بالجنجويد. يروون خلال الفيلم دوافع الحكومة السودانية في خلق وتعبئة ميليشيات الجنجويد، وكيف تسترت الحكومة علي الميليشيات بعد أن لفتت تلك المجازر الانتباه الدولي، وعن تسليح وتموين الجنجويد من قِبل الحكومة السودانية، والتنسيق الذي يحدث ما بين الجنجويد والقوات الجوية والجيش السوداني.
بالإضافة إلي كيفية توظيف الاغتصاب كسلاح ضد السكان المدنيين، والجدير بالذكر أن هذه الاعترافات كشفت عن تورط شخصيات علي أعلي مستوي بالسودان علي رأسها الرئيس السوداني عمر البشير وأحمد هارون –وزير الشئون الإنسانية- وعلي عثمان محمد طه -النائب الأول للرئيس- ومن ضمن هذه الاعترافات:
– قائد بالجنجويد / وعضو بقوات الدفاع الشعبية: “إن الحكومة السودانية، دائما ما تدعي عدم وجد إبادات ولا توجد عمليات اغتصاب. أنا من قوات الدفاع الشعبية وأريد أن أروى الحقيقة للعالم.”
– مسئول مالي بالجيش السوداني: ” كإنسان لا أستطيع التعايش مع هذا، فانا أقوم بإعطائهم المال لكي يذهبوا ويقتلوا…”
– قائد بالجنجويد / وعضو بقوات الدفاع الشعبية: “الرئيس السوداني عمر البشير أرسل 4 بليون جنية سوداني إلي قوات الدفاع الشعبية بنيالا لكي تصرف كحوافز”
– قائد بالجنجويد / وعضو بقوات الدفاع الشعبية: “…عندما تُدمر أبار المياه أو تُقطع الأشجار أو تُحرق قرية، هذا معناه أنك تريد طرد المدنيين من القرية. هذه التعليمات تأتي من…الخرطوم”
– جندي مشاه بالجنجويد: “الاغتصاب قد يحدث. الاغتصاب قد يحدث…” ” ما يحدث هو أخذ الفتيات والنساء بعيداً عن مرمى البصر ويبدءون في اغتصابهم”
– جندي بالجنجويد: “إنهم يصرخون ‘اقتلوا العبيد’ و‘أنكحوا العبيد’. يأخذون الفتيات ويغتصبونهن. يقومون بالاغتصاب والتعذيب لكي يغيروا عرق الأطفال، حتى يصبحوا مثلهم”
والجدير بالذكر أنه في سبتمبر 2004 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق منبثقة عن الأمم المتحدة للوقوف علي أوضاع حقوق الإنسان في إقليم دارفور والتي تكونت من شخصيات حقوقية ودبلوماسية دولية وعربية بارزة منهم محمد فايق الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وقد تم إحالة الوضع في دارفور إلي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في مارس 2005 بناءً علي طلب مجلس الأمن، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في إبريل 2007 أولى مذكرات التوقيف المتعلقة بدارفور ضد وزير الدولة السابق للشؤون الداخلية في السودان أحمد هارون وزعيم الجنجويد علي كوشيب، وأخيراً فقد قام لويس اوكامبو -المدعي العام- بتقديم مذكرة تتهم البشير بالإبادة وجرائم الحرب في دارفور وطلب أيضا إصدار أمر باعتقاله وذلك في يوليو 2008.
Share this Post