تعرب المنظمات الموقعة أدناه عن أسفها لخروج القمة العربية بنتائج هزيلة تجاه قضايا العالم العربي، وعلى رأسها قضية الإصلاح السياسي، وتؤكد المنظمات على أن هذه النتائج لم ترق إلى المطالب التي تنادي بها فعاليات المجتمع المدني في العالم العربي بشأن الإصلاح الداخلي والإقليمي، وخاصة مبادرة “الاستقلال الثاني” التي صدرت عن المنتدى المدني الأول الموازي للقمة العربية، -الذي نظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في بيروت مارس الماضي بمشاركة 52 منظمة غير حكومية- بل وتتعارض مع وعود الحكومات العربية التي قطعتها على نفسها قبل القمة. إن هذا التخاذل واستمرار قمع الحكومات العربية للمصلحين يشكل ذريعة لممارسة الضغوط الخارجية ويمنح المشروعية لمبادرات الإصلاح الخارجية.
إن أوضح ما يدل على عدم قدرة القمة العربية على الوفاء بالتزاماتها تجاه قضية الإصلاح السياسي في الدول العربية، هو اكتفاؤها بمجموعة بيانات إنشائية احتوت على نوايا ووعود دون خطط وسياسات والتزامات عملية للإصلاح الديمقراطي في إطار خطة زمنية. وإصرار الحكومات العربية على المماطلة واستهلاك الوقت، بالربط بين تحقيق الإصلاح وحل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال في العراق، كما لو أن تحرير فلسطين والعراق يتطلب استمرار الفساد والتعذيب والاستبداد وتعطيل الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان في العالم العربي!. كما أن خيبة الأمل تزايدت مع إقرار ما يسمى بالميثاق العربي لحقوق الإنسان المعدل، بما فيه من نواقص شديدة وعدم احترام للمعايير الدولية الدنيا لحقوق الإنسان، بما يكرس تدني وضعية شعوب المنطقة مقارنة ببقية شعوب العالم. فالميثاق في الصورة الحالية لا يكفل آلية فعالة لمراقبة وحماية حقوق الإنسان في الدول العربية، ولا يضمن الحق في المشاركة السياسية عبر انتخابات حرة ونزيهة، والحق في تكوين الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية، ويقيّد الحق في الإضراب ويكرس الانتقاص من حقوق المرأة ويتجاهل وجود ودور منظمات حقوق الإنسان!
إن ما يؤكد أن هدف هذه البيانات الإنشائية ليس الإصلاح، بل خداع الرأي العام العربي والمجتمع الدولي، هو ما جرى في عدد من الدول العربية أثناء إعداد مسودة هذه البيانات عن الإصلاح، حيث تصاعد في سوريا قمع المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتي توجت أخيرا باعتقال المحامي أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن حقوق الإنسان وغيره من النشطاء، وتقييد حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع، ومثلما حدث أخيرا في البحرين بتوقيف 20 من دعاة الديمقراطية والتهديد بسحب ترخيص مركز البحرين لحقوق الإنسان، وفشل المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر في التوصية برفع حالة الطوارئ بعد ضغوط حكومية مورست عليه، واعتقال دعاة الإصلاح في السعودية، ورفض الحكومة الجديدة في الجزائر رفع حالة الطوارئ والسماح بالتظاهر، ومحاولة الحكومة التونسية خنق الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بتجميد التمويل الوارد لها، وقمع مظاهرة تطالب بحرية الإعلام.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه جامعة الدول العربية عن ضرورة الانفتاح على المجتمع المدني، رفضت الحكومة التونسية الطلب الذي كان قد تقدم به مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لتنظيم منتدى للمنظمات غير الحكومية مواز للقمة العربية، كما تم تجاهل المطلب الذي تقدم به المنتدى المدني الأول الموازي للقمة العربية بحضور ممثلين عن المجتمع المدني بصفة مراقب في القمة العربية.
وتجاهلت القمة أعمال القتل واسعة النطاق التي تجري في إقليم دارفور بالسودان، وما يرتكب من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والتي وصلت إلى حد التطهير العرقي على أيدي الميليشيات المدعومة من الحكومة السودانية، وذلك على الرغم مما ورد في التقرير الصادر عن بعثة تقصي الحقائق الموفدة من الجامعة العربية، والذي يؤكد وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في دارفور من جانب الإدارة السودانية المحلية. إن عدم اضطلاع القمة بواجبها هنا يمكن أن يكون مبرراً إضافياً للتدخل الخارجي في دارفور. ورغم إدانة الحكومات العربية لممارسات قوات الاحتلال في العراق، وعلى وجه الخصوص ما ارتكب من جرائم تعذيب وحشية لسجناء عراقيين على أيدي القوات الأمريكية والبريطانية، لم تفتح القمة ملف الاتفاقيات والترتيبات الثنائية التي عقدها ثلث أعضاء الجامعة العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لحماية الجنود الأمريكيين من الملاحقة القضائية، وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية في حال ارتكابهم جرائم حرب، وهو ما يطعن في مصداقية أي وعود صدرت عن القمة العربية بزعم إنصاف شعب العراق وضحايا انتهاكات القوات الأمريكية.
ومع تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وجرائم الحرب التي ارتكبت أخيرا في رفح في حق المدنيين الفلسطينيين، اكتفت القمة بإدانتها دون الالتزام بخطوات محددة للعمل على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتوفير حماية دولية للفلسطينيين. إن الاختبار الحقيقي لمدى جدية الحكومات العربية في دعم الشعب الفلسطيني يتجاوز التصريحات الصحفية والإنشائية الموجهة للاستهلاك المحلي -والتي لا يترتب عليها أي التزام- ويتمثل في تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين والتخفيف من معاناتهم، واحترام حقوق اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة ووقف ممارسات التمييز ضدهم، وتفعيل أدوات الضغط على الإدارة الأمريكية لوضع حد لتحيزها الصارخ لإسرائيل، ومحاولتها التملص من أن يكون عام 2005 موعداً لإعلان قيام الدولة الفلسطينية.
لقد فشلت القمة العربية فشلا ذريعا، حتى في محاولتها امتصاص ضغوط الرأي العام الداخلي والمجتمع الدولي من أجل الإصلاح، وتأكدت أن مهمة الإصلاح لن تبدأ ما لم تضطلع بها الشعوب العربية، وخاصة الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات حقوق الإنسان وباقي مؤسسات المجتمع المدني دون المراهنة على الوعود الإنشائية للحكومات العربية.
المنظمات الموقعة
1. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
2. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
3. البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان (مصر)
4. المركز السعودي لحقوق الإنسان (لندن)
5. فيدرالية التونسيين من أجل حق المواطنة عبر ضفتي المتوسط (باريس)
6. الجمعية العراقية لحقوق الإنسان
7. مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان (اليمن)
8. المركز المصري الاجتماعي الديمقراطي
9. مركز الخليج لحرية الصحافة (عمان)
10. ملتقى المجتمع المدني (اليمن)
11. الرابطة الليبية لحقوق الإنسان (ألمانيا)
12. المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (لبنان)
13. منظمة الحق (فلسطين/ رام الله)
14. مركز شمل (فلسطين/ رام الله)
15. الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان
16. لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس (باريس)
17. لجان الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا
18. الشبكة العراقية لثقافة حقوق الإنسان والتنمية
19. الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان
20. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
21. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء (مصر)
22. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (غزة/ فلسطين)
23. الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
24. مركز دراسات التنمية البديلة (مصر)
25. جمعية حقوق الإنسان في سوريا
26. المنظمة المغربية لحقوق الإنسان
27. الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب
28. مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان
29. مركز الدراسات السودانية
30. مركز البحرين لحقوق الإنسان
31. مركز الميزان لحقوق الإنسان (فلسطين/ غزة)
32. جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات/ عدل (لبنان)
33. الرابطة التونسية لحقوق الإنسان
34. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (مؤسسة إقليمية/دولية)
Share this Post