الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات
يدعو رئيس الجمهورية لحل البرلمان
6 ديسمبر 2010
بيان صحفي في ختام الانتخابات البرلمانية
يأسف الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات أن يعلن للرأي العام أن مطاعن خطيرة باتت تحاصر بقوة مشروعية مجلس الشعب، إذا ما اعتمد تشكيله على النتائج المعلنة للانتخابات البرلمانية بجولتيها في 28 نوفمبر، و5 ديسمبر 2010
فقد حفلت الانتخابات بأوسع قدر من الانتهاكات التي أعادت عقارب الساعة للوراء 15 عاما على الأقل. حيث جرت الانتخابات في مناخ سياسي، شهد تضييقا على الحريات العامة بشكل لا يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فكان من أهم ملامحها التضييق على المجتمع المدني بمفهومه الأوسع، بما فيها من نقابات مهنية وعمالية، والتحرش الإداري والأمني بمنظمات المجتمع المدني، وحرمان حركات الاحتجاج السياسية والاجتماعية من حق التجمع السلمي والتظاهر، واستخدام العنف في مواجهة أنشطتها، كما جرى التضييق على هامش الحرية المسموح به في الصحف والفضائيات.
وقد أهدرت معايير الشفافية على أوسع نطاق، وصار التزوير وتزييف إرادة المواطنين هو القانون الأسمى والناظم لهذه الانتخابات، ساهم في ذلك أيضا إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، واستبداله بلجنة عليا محدودة الصلاحيات يتحكم الحزب الحاكم في تشكيل أغلبيتها، وذلك مع احتفاظ وزارة الداخلية بأهم الصلاحيات في إدارة العملية الانتخابية، مثل القيد في الجداول الانتخابية، والإشراف على مرحلة فتح باب الترشيح، وتحديد وتعديل الدوائر الانتخابية، وإدارة لجان الاقتراع. فشهدت العملية الانتخابية جملة من التدخلات الإدارية والأمنية الفجة، والتضييق على بعض المرشحين المستقلين أثناء تقديم أوراقهم، واستبعاد عدد من المرشحين من الكشوف النهائية، كما شهدت جولتي الانتخابات عنف وبلطجة على مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية وأحيانا رعايتها، مما أسفر عن مقتل ووفاة عدد من المواطنين، واستبعاد مندوبي المرشحين ووكلائهم، وطرد واعتداءات على مراقبي منظمات المجتمع المدني، حتى الذين حصلوا على تصاريح رسمية من اللجنة العليا للانتخابات، لتصبح لجان الاقتراع والفرز مرتعا لتسويد البطاقات الانتخابية وللتلاعب بإرادة الناخبين، سواء لصالح مرشحي الحزب الحاكم، أو حتى لبعض المحسوبين على المعارضة الرسمية، وبخاصة في جولة الإعادة التي شهدت انسحابا رسميا لحزب الوفد والإخوان المسلمين، احتجاجا على تزوير الانتخابات.
لا شك في أن ما تعرضت له النساء كمرشحات على مقاعد المرأة (الكوتا) من غير المنتميات للحزب الوطني من عنف وتعنت إداري ومضايقات أمنية، مما أدى إلى هيمنة الحزب الوطني على تمثيل النساء بداخل مجلس الشعب يساهم في إفشال تجربة الكوتا، والتي عارضها الكثيرون بحجة أنها سوف تؤدي فقط إلى زيادة المقاعد للحزب الوطني بمجلس الشعب وهو ما حدث بالفعل، فضلا عن أنه يساهم في إحباط التقبل المجتمعي للمرأة كفاعل سياسي نظرا لكون الفائزات بمقاعد الكوتا من الحزب الحاكم مما يعني عدم تقديم خطاب سياسي مختلف عن خطاب الحزب الوطني، و يجعل الأمر يبدو و كأنه التمكين السياسي لنساء الحزب الوطني فقط .
كما أن قدرا كبيرا من المطاعن على مشروعية مجلس الشعب الجديد يستمد قوته من عدم احترام اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الداخلية للأحكام الصادرة من القضاء الإداري، الذي ألزمهما بإدراج بعض المرشحين المستبعدين من الكشوف النهائية. كما تجاهلا حكم المحكمة الإدارية العليا، الذي ألزم اللجنة العليا بتطبيق تلك الأحكام، وهو ما أدى إلى بطلان الانتخابات قانونا في عدة دوائر.
ويخشى الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات من أن الاستمرار في إهدار حجية الأحكام القضائية وثيقة الصلة بالعملية الانتخابية، وترك الأمور معلقة بيد برلمان مطعون في مشروعيته، من شأنه أن يطول الانتخابات الرئاسية المفترض إجرائها خلال العام القادم، وكل ما سيسنه البرلمان من تشريعات.
وبناء على ذلك، فإن الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات يدعو السيد رئيس الجمهورية إلى:
أولاً: استخدام صلاحياته الدستورية بموجب المادة 136 من الدستور لحل مجلس الشعب الجديد.
ثانياً: إصدار قرار بقانون بموجب المادة 147 من الدستور بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، قبل الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة. وهى خطوة ضرورية عاجلة على طريق إصلاح النظام الانتخابي، لتأمين الحد الأدنى من ضمانات النزاهة والشفافية في الانتخابات العامة.
ويعتقد الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات أن إصلاح النظام الانتخابي في حده الأدنى يقتضي أن يأخذ التعديل القانوني المقترح بـ:
1- إخضاع العملية الانتخابية برمتها إلى هيئة قضائية مستقلة ودائمة، ينتخب أعضائها بواسطة أعضاء الجمعيات العمومية للمحاكم. ويستوجب ذلك إلغاء هيمنة وزارة الداخلية على إدارة الانتخابات العامة، وأن تؤول صلاحياتها إلى الهيئة القضائية المستقلة، التي تتولى إعداد ومراجعة وتحديث جدول الناخبين، وتقوم بتلقي وفحص طلبات الترشيح والطعون عليها، وتحدد الدوائر الانتخابية ومقار اللجان العامة والفرعية، وتحدد القائمين على الإشراف على تلك المقار. كما تتولى الهيئة القضائية المستقلة وضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية، وتضع الآليات القانونية المناسبة لضمان الالتزام بها، وإعلان النتائج النهائية للانتخابات.
2- إنشاء جهاز للشرطة القضائية يكون تابعا للهيئة القضائية المستقلة ضمانا لتنفيذ تعليماتها.
3- تلتزم الهيئة القضائية المستقلة بتفعيل النصوص القانونية التي تجرم البلطجة والعنف وتضمن ملاحقة ومحاسبة مرتكبي الجرائم الانتخابية، التي لا يجوز أن تسقط بالتقادم.
4- يتعين أن يتضمن القانون قواعد حازمة وملزمة باحترام حجية أحكام مجلس الدولة المتعلقة بالطعون الانتخابية. ويتعين على وجه الخصوص أن ينص القانون صراحة على عدم الاعتداد بأية استشكالات لوقف تنفيذ هذه الأحكام، ما لم تكن مقدمة إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا.
5- يتعين أن يقر القانون بحق منظمات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات في مختلف مراحلها، وأن يضمن القانون تقديم مختلف التسهيلات اللازمة، لتمكين هذه المنظمات من القيام بدورها. كما يتعين أن تدرج في عداد الجرائم الانتخابية حرمان أو إعاقة مراقبي منظمات المجتمع المدني من القيام بمهامهم.
ثالثاً: تشكيل هيئة تحقيق من شخصيات مستقلة تتمتع باحترام ومكانة أخلاقية لا خلاف عليها في المجتمع المصري، لتقصي حقيقة ما حدث في الانتخابات البرلمانية ومرحلة الإعداد لها، واستخلاص الدروس السياسية والدستورية والتشريعية من الكارثة السياسية والأخلاقية التي جرت، ولتجنيب مصر كارثة تقويض دولة القانون والانزلاق في طريق الفوضى.
وأخيراً، يتعين على مجلس الشعب، فور إعادة انتخاب أعضائه، البدء على نحو فوري في إجراء تعديلات دستورية، تستهدف في حدها الأدنى إعطاء قوة دفع أكبر لإصلاح النظام الانتخابي، وتأمين قواعد النزاهة والتكافؤ في الفرص في كل الانتخابات العامة، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية. ويتعين على وجه الخصوص:
1)إعادة النظر في أحكام المادة 76 من الدستور، وأن تخضع إدارة الانتخابات الرئاسية لذات الهيئة القضائية الدائمة والمستقلة.
2) إعادة النظر في أحكام المادة 93 من الدستور مما يؤدي إلى تعزيز دور محكمة النقض في الحكم على سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها، وفي الفصل النهائي في صحة عضوية أعضاء البرلمان.
Share this Post