يستنكر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والخدمة الدولية لحقوق الإنسان بشدة الاعتقال والاحتجاز التعسفي بتهم ملفقة لمحمد المسقطي المدافع البحريني عن حقوق الإنسان.
فقد مَثُّل أمس، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2012، محمد المسقطي، الناشط المعروف في مجال حقوق الإنسان ورئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، أمام النيابة العامة بالبحرين بتهمة المشاركة في مظاهرات غير مشروعة. حيث تم استدعائه إلى قسم شرطة الحورة في اليوم السابق، واحتجز حتى صباح اليوم التالي، وذلك قبل إحالته إلى مكتب المدعي العام. وعلى الرغم من أن النيابة العامة أمرت بالإفراج عنه، فإنه مازال يواجه خطر الملاحقة القضائية في حال قررت النيابة العامة إحالة القضية للقضاء، مما يعد شكلاً واضحًا من الترهيب الممارس ضده.
يخشى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والخدمة الدولية لحقوق الإنسان من أن اعتقال المسقطي والتهم الموجهة ضده لمشاركته في “احتجاجات وتجمعات غير مشروعة” هي على الأرجح محاولة لتخويفه ومعاقبته على مشاركته في العمل مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهو ما يشكل انتقامًا منه لتعاونه مع الأمم المتحدة.
إذ يأتي القبض على المسقطي في أعقاب مشاركته في الدورة الحادية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي عقدت في جنيف قبل شهر، في أيلول/سبتمبر تحديدًا، حيث تلقى الناشط عددًا من التهديدات عبر موقع “تويتر” ومن خلال الصحف المحلية بسبب مشاركته في جلسة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تهديدات باتخاذ تدابير قانونية ضده لدى عودته إلى البحرين. كما تلقى المسقطي في الفترة من 10 إلى 18 أيلول/ سبتمبر عشرات المكالمات الهاتفية من مجهولين تهدد حياته وسلامة عائلته في البحرين.
كان المسقطي قد ألقى في 13 أيلول/سبتمبر مداخلة شفوية أمام المجلس في جنيف، مُطلعًا خلالها أعضاء المجلس على الأعمال الانتقامية التي تُمارس ضده بسبب مشاركته في الدورة. وقال المسقطي””لقد تلقيت أكثر من اثنتي عشرة مكالمة هاتفية من مجهولين تهدد حياتي وسلامة عائلتي لمشاركتي في هذه الفعالية هنا، ومع ذلك، فقد اخترت أن أتكلم اليوم لأن حالتي ليست فريدة من نوعها”.
فضلاً عن ذلك، فإن المسقطي إلى جانب مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان في البحرين، مازالوا جميعًا ضحايا لحملة عقاب منهجية وتشويه للسمعة من قبل وسائل الإعلام المحلية التي تتحكم فيها الحكومة. وتتضمن بعض الدعوات الموجهة في عدد من الصحف الدعوة إلى القبض على الناشطين بتهمة التشهير، والإضرار بسمعة البحرين.
يقول يبجورن بيترسون، مدير الخدمة الدولية لحقوق الإنسان: “على الرغم من النداءات العديدة التي وجهها عدد من المسئولين رفيعي المستوى في الأمم المتحدة إلى البحرين، والتي دعوا فيها إلى الامتناع عما يمكن وصفه باستهداف الدولة المنهجي لنشطاء حقوق الإنسان بسبب تعاونهم مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إلا أن حكومة البحرين تبدو وكأنها تكرس فقط حملتها القمعية ضد النشطاء. وأن التصعيد الحالي للحملة ينبع من غياب واضح للمساءلة في ما يتعلق بغالبية حالات الانتقام المبلغ عنها في السابق، كما ذكرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة خلال حلقة نقاش حول الموضوع نفسه”.
هذا وقد قدم الأمين العام للأمم المتحدة الشهر الماضي تقريرًا إلى مجلس حقوق الإنسان ذكر فيه عددًا من التدابير الانتقامية التي تم اتخذها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين بسبب مشاركتهم في آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة. ونوّه التقرير إلى حملة الترهيب والتشويه التي تقودها الحكومة والتي طالت العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بعد مشاركتهم في جلسة الاستعراض الدوري الشامل الخاص بالبحرين في جنيف في 21 أيار/مايو 2012.
يقول زياد عبد التواب نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “بدلاً من اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، بما في ذلك سجن المدافعين عن حقوق الإنسان لمشاركتهم في الآليات الدولية، فإن حكومة البحرين مازالت ترفض الاعتراف بوجود هذه الانتهاكات بالفعل، فقد قامت الحكومة بالزج بجميع المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين تقريبًا خلال العام الماضي، بمن فيهم السيد عبد الهادي الخواجة، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، وكان أخرهم السيد نبيل رجب”. هذا وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى كلا المدافعين عبد الهادي ورجب في تقريره بوصفهما حالتين من حالات الانتقام.
في الوقت ذاته، أجلت محكمة استئناف المنامة يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر 2012، جلسة الاستماع في القضية المرفوعة ضد نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان، إلى 8 تشرين الثاني/نوفمبر. ورفضت المحكمة أثناء هذه الجلسة الاستماع إلى شهادات شهود النفي. ويقضي رجب حاليًا حكمًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التجمع غير القانوني والإخلال بالأمن العام.
يجدد مركز القاهرة والخدمة الدولية دعوتهما لحكومة البحرين بضمان الإفراج الفوري عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين، بسبب ممارسة عملهم المشروع، وإسقاط التهم الموجهة إليهم.
ونحن ننظر إلى التصعيد الحالي للأعمال الانتقامية ضد الناشطين المحليين لعرقلة تعاونهم مع آليات حقوق الإنسان الدولية بوصفه تهديدًا خطيرًا لآلية عمل منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأكملها. إذ ينبغي على الأمم المتحدة سرعة الرد على هذه الأعمال الانتقامية. كما نطالب المفوضة السامية لحقوق الإنسان بإصدار بيان صحفي تستنكر فيه تلك الأعمال، وتطالب كل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بضمان حماية المدافعين الحقوقيين وتمكينهم من التعامل بشكل أمن مع آليات الأمم المتحدة. كما ندعو مجلس حقوق الإنسان بدوره إلى ضمان سرعة مناقشة مثل هذه الأعمال مع الدول المعنية، بغرض ضمان المساءلة، وعدم تكرار تلك الأعمال وكفالة الحماية الكاملة للمدافعين عن حقوق الإنسان المعنيين.
Share this Post