يعرب كل من الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب-في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان- ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن بالغ قلقهم إزاء ما جاء في تقارير أصدرتها منظمات حقوقية مصرية تكشف حالات اختطاف واعتداء بدني على نشطاء ومتظاهرين مصريين. ففي غضون الأسبوعين الماضيين فقط، قام مجهولون بارتكاب ثلاث وقائع اختطاف واعتداء على ناشطين ومتظاهرين وذلك وفقًا لشهادات الضحايا أنفسهم و التي تكشف أسباب قوية لضلوع أفراد تابعين للحكومة خلف تلك الأحداث.
ففي 29 نوفمبر/تشرين الثاني تم اختطاف الناشط عبد الرحمن أمين الدين المعروف بين الناشطين بـ(نديم) وهو عضو في مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين. نديم أكد انه بعد خروجه من ميدان التحرير ووصوله لجامعة القاهرة قام مجهولان بجذبه بعنف داخل سيارة “جيب زرقاء” وعصبا عيناه، و كمما فمه، وبعدما وثقا يديه ورجليه قاما بتفتيشه والاعتداء عليه، وانهالا عليه بالشتائم والتهم العشوائية، وبعد ذلك انضم لهما شخص أخر وقام بتفتيشه مرة أخرى. خلال ساعات الليل المتبقية تم تغيير وضعية الاحتجاز، حيث رُبطت يديه و رجليه إلى جبهته، وتُرك مُلقى في أرضية السيارة وفى النهاية تم إطلاق سراح نديم و أُلقي في عرض طريق الإسماعيلية الصحراوي.
في 9 ديسمبر كانت الواقعة الثانية والتي تمثلت أيضًا في اختطاف ناشط أخر من مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين بالإسكندرية هو زياد سالم والذي تم الاعتداء عليه جنسيًا من قِبل رجلين بعد اختطافه وهو في طريقه لمنزله بالقرب من مكتبة الإسكندرية في تمام التاسعة وأربعين دقيقة مساء، حين توقفت سيارة أجرة يستقلها رجلان وسألته عن وِجهته، وبعدما استقلها زياد ودفع الأجرة فوجئ بالسائق يُغير المسار. حاصر الراكبان زياد حيث رفع احدهما سكينًا وصوبه نحو عنقه وسأله عن أسمه، فأخبره زياد باسم مختلق ولكن الرجل أجاب عليه قائلاً “لا أنت أسمك زياد واحنا نعرفك” وبدأ بالاعتداء عليه جنسيًا وهدده بالقتل قائلا “أنتم السبب أن أخويا في السجن” في حين قال الأخر “أنتم دمرتم حياة ابن عمي” ثم بعد ذلك تم إلقاؤه على الطريق السريع بعد أن أخذوا من حقيبته الهاتف الخاص بالخط الساخن لمجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، دون المساس بباقي محتويات الحقيبة التي شملت محفظته، هاتف محمول، جهاز تشغيل موسيقى وميدالية مفاتيح بها دلاية فضية ، فقط سرق هاتف الخط الساخن لمجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين. وقد ذكر زياد أنه سبق وتلقي تهديدات على هاتف الخط الساخن لمجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين ولكنه كان دائمًا يتجاهلها.
أخر الوقائع حدثت يوم الأثنين 12 ديسمبر حيث تم اختطاف عبد الرحمن زين الدين، 19 عامًا، من أمام منزله، ونُقل لشقة مجهولة حيث استجوبه مختطفيه حول أسباب ذهابه لميدان التحرير، ومتظاهرين آخرين في الميدان. أصدقاء عبد الرحمن عثروا عليه مُلقى بميدان العباسية في حالة مزرية وعندما نقلوه للمستشفي تبينوا أثار التعذيب على جسده ، والتي تمثلت في جروح على صدره وكدمات وأثار لصدمات كهربائية بالإضافة إلى جرح في الرأس.
“لعل الغرض من اختطاف عبد الرحمن ليس انتزاع معلومات منه بل محاولة لإرسال تهديد للمتظاهرين وردعهم عن الانضمام للمظاهرات في المستقبل” بتلك الكلمات علقت سلمى سعيد الناشطة و صديقة عبد الرحمن -التي نقلت بشهادته للفيدرالية- على الواقعة التي اعتبرتها مدبرة من جهات أمنية.
إن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يساورهم القلق البالغ من أن تكون مثل هذه الأحداث مقدمة لفصل جديد من عهد بائد -اعتقدوا انه انتهى بسقوط مبارك- شهد العديد من حالات الاختطاف للنشطاء السياسيين وتعرضهم للتعذيب وغيره من دروب المعاملة القاسية بسبب نشاطهم السياسي. كما يطالبون السلطات المصرية بالبدء فورا في تحقيقات مستقلة و نزيهة للكشف عن حقيقة تلك الادعاءات المقلقة وضمان معاقبة مرتكبيها، لاسيما بعد توجيه أصابع الاتهام للسلطات المصرية بالوقوف خلفها.
إن المنظمات الموقعة تؤكد أن مثل هذه الحوادث لا يمكن أن تمر من دون محاسبة، لكونها تنتقص من سلامة النشطاء والمتظاهرين والتي يعتبر حمايتهم مسئولية مباشرة على الحكومة، كما يؤكدون على أن الحق في حرية التعبير، الحق في حرية التجمع و الحق في حرية تكوين الجمعيات هي من الحقوق الأساسية للإنسان و يجب على السلطات المصرية ضمان احترام وتنفيذ تلك الحقوق تحت أي ظرف.
Share this Post