- · أحداث التحرير والدعاية الانتخابية:
كان لأحداث التحرير – التي اندلعت في 19 نوفمبر الماضي- بالغ الأثر على العملية الانتخابية، ومن ثم على تغطيتها الإعلامية، فرغم أن وسائل الإعلام كانت قد انصرفت عن الحديث حول الانتخابات والمرشحين، واكتظت الصحف بصور الاشتباكات بين الأمن والمعتصمين، إلا أن تلك الأحداث أتاحت المجال للعديد من التيارات السياسية لكسب قاعدة جديدة من المؤيدين كما أنها أوقعت خسائر لتيارات سياسية أخرى.
تغطية وسائل الإعلام للأحداث عكست توجهاتها إزاء الأطراف المتنافسة في العملية الانتخابية، فرغم الادعاء بوقف الدعاية الانتخابية، إلا أن الوسائل الإعلامية حرصت على استضافة الأحزاب السياسية وممثليها للتعليق على الأحداث وأفسحت لهم المجال للحديث عن مواقف أحزابهم من المجلس العسكري وثوار التحرير ومعتصمي العباسية والداخلية والحكومة وجميعها بلا شك أطراف فاعلة في العملية الانتخابية، ومواقف الأحزاب منها له بالغ الأثر على معدلات التصويت لهذه الأحزاب سواء بالسلب أو الإيجاب كلا حسب توجهه. فقد رصد المراقبون العديد من الوجوه المكررة في القنوات الفضائية للتعليق على الأحداث، وتبادل الاتهامات بين التيارات السياسية بحجة اختلاف مواقفها من الأحداث إلا أن الأمر كثيرًا ما كان ينسحب على الانتخابات، كما أن وسائل الإعلام كانت تختار ضيوفها ومصادرها وفقا لتفضيلاتها في الصراع الانتخابي تتعمد إقصاء كل من يخالف توجهاتها دون أن تكفل له أدنى معايير المهنية التي تضمن حقه في الرد أو في التعبير عن موقفه المغاير من الأحداث. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق هو تعمد بعض القنوات الفضائية المعروفة باتجاهاتها الليبرالية ومهاجمتها المستمرة للتيارات الإسلامية تكرار إذاعة إعلان تحالف الكتلة المصرية توقف حملته الانتخابية احترامًا لشهداء التحرير وحرصًا منه على ألا يخطو إلى البرلمان على جثثهم، ثم تقوم القناة بعدها مباشرة بعرض إعلان حزب الحرية والعدالة وحملته الانتخابية.
- · الدعاية لم تتوقف:
المرحلة الأولى من الاقتراع شهدت انحرافات إعلامية عديدة، يعد أبرزها خرق جميع وسائل الإعلام على اختلاف أنماط ملكيتها ودوريتها لفترة الصمت الانتخابي المقررة قانونًا قبل عملية التصويت بـ 48 ساعة، فقبل التصويت ب24 ساعة نشرت الصحف إعلانات للأحزاب على صفحات كاملة (الأهرام والتحرير 28 نوفمبر إعلان صفحة للكتلة، الأهرام إعلان للسلام الديمقراطي 27 نوفمبر) وكذلك إجراء الحوارات مع رؤساء ومرشحي الأحزاب المختلفة، كما استضافت القنوات الفضائية عدد من المرشحين ورؤساء الأحزاب للحديث عن العملية الانتخابية وتوقعات المشاركة، إلا ن السؤال المطروح في هذا الصدد هو مدى إلتزام وسائل الإعلام المملوكة للأحزاب بفترة الصمت الإعلامي من الناحية القانونية؟ إذ أن هذه الوسائل كثفت من دعايتها في الـ48 ساعة الأخيرة وهو ما يمكن إدراكه بوضوح بالإطلاع على تلك الأعداد من صحيفة الوفد وصحيفة الحرية والعدالة وقناة المصري وغيرها)
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن القنوات الوحيدة التي احترمت فترة الصمت الانتخابي كانت القنوات الدينية، فقد توقفت قناتي الناس والرحمة عن إذاعة الأغنية الخاصة بحزب النور، كما توقف المذيعين عن الحديث عن أحزاب بعينها، الأمر الذي تم خرقه بشكل غير مباشر من خلال اهتمام المذيعين في هذه الفترة بحث المشاهدين على المشاركة في الانتخابات كي “لا يتركوا الساحة لليساريين والليبراليين والفاسدين، وأن يعطوا أصواتهم فقط لمن يطبق شرع الله”.
- · استطلاعات الرأي والتأثير على الرأي العام:
الانحراف الأبرز أيضًا كان في استطلاعات الرأي وتقارير “من تنتخب؟” والتي تعتبر انحراف مهني وقانوني أيضًا، إذ لا يجوز لأي وسيلة إعلامية أن تسأل الناخب عمن سينتخب، أو أن تقف على أبواب اللجان لتتحقق من الناخبين حول من انتخبوا، لتخرج بعد ذلك بنتائج ومؤشرات واستطلاعات قطعًا تؤثر على توجهات الرأي العام لاسيما قبيل التصويت أو عقب انتهاء اليوم الأول من التصويت ، ويضاعف من حدة المشكلة أن هذه الانتخابات ستجرى على ثلاث مراحل مما يؤثر على اتجاهات الناخبين في محافظات أخرى في مراحل تصويتية متقدمة وتجدر الإشارة في هذا الصدد لافتقاد تلك البحوث الاستطلاعية أو التقارير الاستطلاعية لأدنى المعايير العلمية لإجراء البحوث والاستطلاعات فالعينة غير شاملة وغير ممثلة وتوقيت كشف النتائج غير قانوني بل ذهب البعض إلى إعلان النتائج صبيحة اليوم الأول للاقتراع في محاولة واضحة للتأثير على الناخبين، وهو ما قامت به صحيفة الحرية والعدالة وصحيفة الوفد عدد 28 نوفمبر، وكذلك قناة الحياة التي عرضت على مدار ثلاثة أيام متتالية دراسة أجرتها منظمة تدعى TNSبالتعاون مع قناة الحياة على 1500 عينة وجاءت نتائجها بأن حزب الوفد سيحصد النسبة الأكبر من المقاعد في البرلمان، بالإضافة إلى إحصائية تم عرضها في برنامج (الحياة الآن) تشير إلى أن 40% من المصريين سوف ينتخبون حزب الوفد. أما القناة الثانية فقد عرضت نتائج لاستطلاع الرأي قبل أيام من الاقتراع يشير إلى حصول الإخوان على 40% من المقاعد البرلمانية وحصول السلفيين على 30%. وعلى قناة دريم في 30 نوفمبر أشار المذيع إلي دراسة جامعية تؤكد فوز الحرية والعدالة بـ49% من الأصوات وأخرى تؤكد اكتساح حزب الإخوان. ولاشك أن مثل تلك الاستطلاعات كانت أبرز أدوات وسائل الإعلام في الدعاية للأحزاب التي تناصرها أو إشاعة القلق في صفوف الأحزاب المنافسة.
- · حملات التوعية والتثقيف:
استمرار حملات التوعية والتثقيف هو المشهد الأكثر إيجابية في التغطية الإعلامية للانتخابات، لاسيما في الساعات الأخيرة قبيل التصويت، فقد تبارت كافة وسائل الإعلام في شرح آلية التصويت وحالات فساد الأصوات وتعليمات التأكد من الأختام وصحة الأوراق، هذا بالإضافة إلى الحث على المشاركة وعدم بيع الأصوات ومازالت القنوات الحكومية الأكثر تفوقًا في هذا الصدد (الفضائية، الثانية، النيل للأخبار) ومن الملاحظ أن الحزب الوحيد الذي ظهرت إعلاناته على هذه القنوات هو حزب السلام الاجتماعي.
- · التركيز على الانتهاكات:
التغطية الإعلامية لمرحلة الاقتراع بشكل عام انصبت حول رصد الانتهاكات والانحرافات في عملية الاقتراع، ورغم أن الأمر يبدو طبيعي ومنطقي إلى حد كبير، فدور الإعلام أن يركز على كل ما هو غير مألوف أو يمثل خرقًا للأصول والقواعد إلا أن اختيار الانتهاكات أيضًا انطوى على انحيازات إعلامية واضحة، فقد استمرت الصحف القومية في هجومها المستتر على التيارات الإسلامية والمعتمد بالأساس على تنفير المواطنين بشكل تدريجي من قوته الغاشمة التي تدلل عليها الصحف القومية دائمًا، ففي استطلاع رأى على الصفحة الأولى لروز اليوسف 28 نوفمبر مانشيت “26 محافظة لا تعرف سوى الإخوان والسلفيين” ورغم أن العنوان يبدو إيجابيًا إلا أن متن الخبر يحمل الكثير من الجمل التي تدلل على استخدام هذه التيارات لوسائل ملتوية للوصول إلى تلك المحافظات، الأمر نفسه انتهجته صحيفة الأهرام في عدد 29 نوفمبر بنشر تحقيق مطول حول الناخبين على أبواب لجان مدن الشروق وبدر بعنوان (ناخبة: لو رشح حزب النور حجرًا لانتخبته) وعلى الرغم من العنوان اللافت وبعض الجمل في المتن ذات الدلالات الايجابية مثل “صرح الكثيرون أنهم سيدلون بأصواتهم للحرية والعدالة أو لحزب النور، حملات هذه الأحزاب الأكثر توغلاً خاصة في المناطق النائية، إحدى الناخبات: ربنا هيرضى عنى لو انتخبت النور” إلا أن الصحيفة حرصت على اختتام التحقيق بلقاء مع إحدى الناخبات من حزب يطالب بدولة مدنية (تعمدت الجريدة عدم ذكر اسمه) تقول أنها تخشى صعود الأحزاب الدينية، وكان تعليق الجريدة أن سكان هذه المناطق النائية هم الأكثر فقرًا وهم لا يعرفون المرشحين ويريدون فقط من يقدم لهم قوتهم و احتياجاتهم دون وعى أو معرفة ببرامج أو خطط.
القنوات المملوكة للدولة -خاصة الفضائية المصرية– انتهجت النهج نفسه في الهجوم على الأحزاب الإسلامية من خلال التركيز على انتهاكاتها وتعمد مقاطعة ضيوفها وعدم إعطائهم المساحة المناسبة للرد ، مع التركيز على استنكار كافة الأحزاب والتيارات السياسية بما فيها السلفيين لتعمد حزب الإخوان استعراض قوته، واستضافة ممثلي الأحزاب المختلفة لنقد الإخوان ، بينما تُعد قناة النيل للأخبار الأقل تحيزًا، والأكثر اهتمامًا بمختلف التيارات السياسية.
بعض الصحف الخاصة أيضًا استمرت في هجومها الواضح على الأحزاب الإسلامية، وكانت المصري اليوم أكثرهم حدة في النقد، فقد جاء مانشيت الجريدة الرئيسي بعد اليوم الأول من الاقتراع “اتهام للإخوان باستخدام الدين والتزوير والحرية والعدالة ترد: لا يوجد دليل” والطريف أن الجريدة وضعت الدليل على بعد 2سم من الخبر في يسار الصفحة الأولى في خبر بعنوان “توصيلة مجانية بشرط أن تكون إخوانيًا”، ثم توالت الانتهاكات التي رصدتها الجريدة للأحزاب الإسلامية في كل صفحات التغطية دون إشارة لأي انتهاك صدر من أي حزب أخر فهو الحزب الوحيد المذكور في التغطية بمساحة سلبية ضخمة وموزعة على كل صفحات الجريدة (الحرية والعدالة يهاجم الأقباط والنور ينشر صور مفبركة للكتلة ص3، اتهامات للحرية والعدالة بتسويد البطاقات ص5، الكتلة يتهم الإخوان ص6، الإخوان يحشدون أنصارهم بالسيارات ص8، الإخوان يتهمون السلفيين بمخالفة اللوائح ودعاية دينية لمرشحي النور والإخوان ص9، الإخوان يخاطبون العالم بالإنجليزية على موقعهم ص12)، يأتي هذا في الوقت الذي وقفت فيه صحيفة الشروق على مساحة إخبارية متقاربة من مختلف التيارات السياسية فتحدثت عن انتهاكات الحرية والعدالة والعدل والنور والكتلة والوفد، وإشادة بدور المجلس العسكري و الناخبين.
التحرير والدستور كانتا الأكثر تركيزًا على انتهاكات “الفلول وأحزابهم”، بينما تتجاهل المصري اليوم تعريف الأعضاء بأنهم من الفلول أو أعضاء الوطني، وكذا تتجاهل التعريف بأحزابهم كما رصد المراقبون اهتمام الجريدة بأخبار حزب المواطن المصري قبيل الاقتراع، وعلى النقيض تمامًا تحرص الجمهورية كل الحرص على التعريف بأعضاء الوطني وتصر على وصفهم بالفلول.
على مستوى القنوات الفضائية الخاصة مازالت قناة الحياة تتجنب استضافة أعضاء حزب الوفد ومرشحيه على شاشتها بينما تستعيض عن ذلك بالإعلانات المكثفة للحزب وجمل القول التي تكتب دائمًا على شاشة القناة وتتضمن تصريحات حزب الوفد ورئيسه دون أن تكون ذات صلة بالبرنامج أو الضيوف على الشاشة. كما استمرت القناة في هجومها الواضح على أعضاء حزب الحرية والعدالة الأمر الذي تجلى في مقاطعة المذيع لـ”أحمد أبو بركة” وعدم إعطاءه الفرصة للرد على الهجوم الموجه ضد الحزب، وكذلك قطع الخط على أحد المداخلات التلفونية المدافعة عن الإخوان يوم 30 نوفمبر.
تتفق قناة CBC مع قناة الحياة في الهجوم على الإخوان وحزب الحرية والعدالة رغم أنها أقل حِدة في نقد التيار السلفي، إذ تكتفي باستعراض مواقفه من خلال أسئلة تكشف مواقفه من بعض القضايا المحورية مثلما حدث خلال برنامج “لازم نفهم مع مجدى الجلاد على قناة CBC 30 نوفمبر لبحث موقف النور من المرأة، السياحة، الأقباط …الخ. بينما تُعد قناة دريم 2 الأكثر حيادية في تعاملها مع مختلف التيارات السياسية وهى بشكل عام تُولي الناخبين الاهتمام الأكبر.
- · استحضار البعد الطائفي:
استحضرت وسائل الإعلام البعد الطائفي بقوة في تغطيتها للعملية الانتخابية، بل يمكن القول أن الإعلام هو المسئول الأول عن أية مشاحنات أو مصادمات طائفية قد تحدث أثناء العملية الانتخابية، فقد وجدت الصحف والقنوات في صعود الإسلاميين من جهة ووجود قيادات مسيحية في بعض الأحزاب من جهة أخرى مدخلاً أكثر إثارة لتغطيتها للانتخابات، فحرصت على التشديد على فكرة المواجهة بين الكنيسة والإسلاميين، والخوف القبطي من صعود الإسلاميين ومساندة الكنيسة للكتلة لأنها تدعو إلى مدنية الدولة بما يحمى حقوق الأقباط، وقد تجلى هذا الاتجاه حتى قبل بدء التصويت، فقد جاءت عناوين صحيفة التحرير يوم 28 نوفمبر تحمل تأكيدات بمشاحنات طائفية دون سند واقعي، فجاءت عناوين صفحاتها “إسلامية برائحة الفلول، الإخوان يواجهون الكنيسة، الدوائر الطائفية، الإخوان VS الكنيسة”، وفى تغطية اليوم الأول للاقتراع أعطت صحيفة الدستور مساحة كبيرة للأقباط في الانتخابات في أربعة موضوعات مستقلة (تصريحات الأنبا موسى، حوار مع القس فيلوباتير جميل، خبر عن مشاركة الأقباط في الانتخابات، حرص البابا على التصويت بتوكيل رسمي).
- · الموقف من الجهات الرسمية:
موقف وسائل الإعلام من المجلس العسكري والحكومة والداخلية واللجنة العليا –الأطراف الرسمية– أثناء العملية الانتخابية أعاد للأذهان “تقسيمة” الوسائل حسب ولائها، فقد اعتبرت الوسائل الإعلامية المملوكة للدولة نجاح الجيش في تأمين العملية الانتخابية فرصة للجيش لاستعادة مؤيديه وأخذت على عاتقها مهمة مد جسور الثقة بين المواطنين والجيش من جديد، فقد عادت الأهرام لسالف عهدها في مدح وتمجيد السلطة وتصوير الأمر على إنه “وردى” خالي من الانتهاكات والانحرافات، فجاءت عناوين صفحتها الأولى بعد اليوم الأول من الاقتراع – عدد 29 نوفمبر- (نجاح كامل لخطة التامين، اختفاء البلطجية، المشير يتفقد اللجان، طائرات عسكرية لنقل القضاة) وجاءت معظم الصور في صفحات التغطية لقوات الجيش وتعليقات الصور (الشعب والجيش والشرطة معًا من أجل مصر، الانتخابات تؤكد أن الشعب والجيش إيد واحدة) أما شعار ملف الانتخابات فكان عبارة عن طابور للمصريين يتقدمه عسكري يمد يده ليفسح لهم الطريق وعلى يده الممدودة كتبت الجريدة اسم الملف “العبور إلى الديمقراطية“.
أما جريدة روز اليوسف فقد أجرت حوار على صفحة كاملة مع اللواء رفعت قمصان للحديث عن نجاح خطة الداخلية فى التأمين، وصفحة كاملة أخرى للحديث عن اللجنة العليا ونجاحاتها في الجولة الأولى وأبرز قرارات رئيسها .أما جريدة الجمهورية فأكثر من 75% من صور التغطية الانتخابية كانت للمجلس العسكري، وصفحة كاملة لدعم حكومة الجنزوري.
وعلى مستوى القنوات الفضائية المملوكة للدولة تتعمد قناة الفضائية المصرية إعادة بث خطاب المشير في أحداث التحرير، وكذلك لقاء المشير مع بعض المواطنين في الشارع في أقصى ساعات ذروة المشاهدة على القناة، و التركيز على انجازات الشرطة في تأمين الانتخابات وسرعة الإجراءات ، كما انفردت قناة النيل للأخبار بحديث خاص مع رئيس اللجنة العليا للانتخابات لشرح مجريات العملية الانتخابية .
على الجانب الأخر بدت الصحف الخاصة متخوفة من الاعتراف بنجاح العسكري، وحريصة على تأكيد طابعها الثوري، فقد اختارت صحيفة التحرير عنوان تغطيتها للانتخابات “شكرا للشهداء” ، والمانشيت الرئيسي “دماء الشهداء تضئ الطريق للديمقراطية” أما حديثها عن المجلس العسكري فجاء بعنوان “نجح الجيش حتى ساعته وتاريخه، هذا مجرد اليوم الأول والرحلة طويلة” بينما أجرت صحيفة الدستور تحقيقا على صفحة 12 بعنوان “منعًا لسقوط مزيد من الشهداء رسائل المثقفين للمجلس العسكري: شكرا أديت مهمتك.
القنوات الخاصة تشابهت إلى حد كبير مع الصحف الخاصة في حرصها على التمسك بالطابع “الثوري” ومناصرة الميدان وهو ما تجلى في موقف “خيري رمضان” على قناة CBC من مراسل العباسية الأمر الذي وصل إلى وقف المراسل عن العمل، ولكن القنوات الخاصة بشكل عام اتفقت مع القنوات الحكومية في اهتمامها بقرارات اللجنة العليا والمؤتمرات الصحفية التي يعقدها رئيسها .
- · المرأة في العملية الانتخابية:
استعادت المرأة مكانتها إلى حد كبير في التغطية الإعلامية للعملية الانتخابية بعد أن تم تجاهلها بشكل ملحوظ في فترة الدعاية وفتح باب الترشيح، إلا أن هذا انعكاسًا لواقع فرضت فيه المرأة نفسها على الساحة الانتخابية سواء كمرشحة أو ناخبة، فقد أشادت كل وسائل الإعلام بحرص المرأة المصرية على التصويت رغم الصعوبات المناخية والتخوفات من البلطجة والتدافع والزحام. إلا أن قوة المرأة ككتلة تصويت في العملية الانتخابية كانت محل إغراء كثير من وسائل الإعلام فمن المؤسف أن تقوم قناة المحور مساء ليلة الاقتراع بعمل استطلاع رأى يحمل سؤال للسيدات “لمن ستعطى صوتك للمنتقبة، أم للمحجبة أم للمتبرجة” وتعتذر المذيعة عن هذا التقسيم وتبرره بأنه للأسف تقسيم موجود في الشارع، ثم تقول بعد عرض التقرير أنها حرصت على استضافة مرشحة محجبة، وأخرى “يسارية” في الاستديو للحديث عن تأثير مظهر السيدة في العملية الانتخابية؟
- · القنوات الدينية:
مازالت القنوات الدينية على نهجها في مهاجمة الأخر إلى حد التكفير والاتهام بالانحلال والفساد، كما أنها مازالت تصر على إقصاء الأخر على اعتباره العدو الأخطر، الأمر الذي تتبادله القنوات المسيحية والإسلامية على حدٍ سواء، ورغم الإشارة إلى التزام تلك القنوات بفترة الصمت القانونية، إلا أنها أثناء مرحلة الدعاية ارتكبت العديد من الانتهاكات وصلت إلى حد الفتاوى على قناة الناس والرحمة حيث جاء على قناة الناس على لسان أحد مذيعيها “من سينتخب حزب النور يكسب صدقة جارية لمائة عام ومن لن ينتخبه يكسب سيئة لمائة عام”.
اشتركت القنوات الدينية مع غيرها في تقارير “تنتخب مين؟” إلا أن المعايير والاختيارات كانت على هذه القنوات مختلفة، فقد أفتى شيوخ قناتي الناس والرحمة بـ “إنك لو انتخبت أحد مفسدي الحياة السياسية السابقين فقد أثمت، ولكن انتخب من يطبق شرع الله ويخاف على البلد، ذوى الأيادي المتوضئة الأيادي البيضاء”.
ركزت كلا القناتين على الانتهاكات التي وقعت أثناء العملية الانتخابية ولكن كلا من منظوره، فلم ترى قناة الكرمة المسيحية في اليوم الانتخابي الأول سوى انتهاكات حزب الحرية والعدالة والسلفيين والمصادمات التي وقعت بينهم وبين الأقباط في بعض الدوائر. بينما ركزت قناة الناس على قيام حزب المصرين الأحرار بتوزيع “لعب أطفال” في بعض الدوائر، وانتهاكات حزب الحرية.
وقد دافعت قناة الناس عن استخدام الأحزاب الإسلامية للشعارات الدينية وقال أحد شيوخها “شئ عظيم ومشرف للشعب المصري انه يمشى ورا ناس بتكلمه باسم الدين، دة أفضل ما يمشى ورا كلام العلمانيين اللى مش عارفين هيودونا على فين”.
وقد استعانت القنوات الدينية برجال الدين للحث على الانتخاب قائلين “حق الكنيسة علينا وحق ربنا علينا إننا ننزل ننتخب“، وكذا طالب شيوخ قناة الناس المسلمين بالتصويت حتى “لا يتركوا المجال لليساريين والليبراليين والمنحرفين“.
Share this Post