فيما يبدو أنه حلقةٌ من مسلسل الأحكام بعقوبات مقيدة للحرية فى قضايا النشر .أو واحدٌ من الإجراءات التى استهدفت دار الخدمات النقابية والعمالية منذ مطلع العام الحالى .أصدرت محكمة جنح حلوان برئاسة القاضى محمد رشادحكماً بالحبس لمدة سنة على كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات ، ومحمد حلمى المحامى فى القضية رقم 269 لسنة 2007 جنح مايو.
كان محمد مصطفى إبراهيم عضو الحزب الوطنى ومرشحه فى انتخابات مجلس الشعب السابقة ، ورئيس مجلس إدارة مركز شباب 15 مايو ( فى تشكيله السابق) قد أقام هذه الجنحة بطريق الإدعاء المباشر على كل من كمال عباس ومحمد حلمى على زعم من القول بأنهما قد ارتكبا فى حقه بصفته النيابية العامة (كعضو مجلس إدارة مركز الشباب) جريمتى السب والقذف العلنيين وبطريق النشر فى نشرة كلام صنايعية ( وهى النشرة غير الدورية التى تصدرها الدار ).
الجدير بالذكر أن الحكم الذى صدر فى حق المنسق العام لدار الخدمات-ولم تودع حيثياته حتى الآن-قد مُد أجل إصداره عدة مرات متتالية منذ نهاية مايو الماضى ليصدر فى هذا التوقيت بالذات الذى حفل بأحكام الحبس فى قضايا النشر.
وقد جاء الحكم على خلاف كافة التوقعات المستندة إلى وقائع القضية والمستخلصة من مقدماتها..ذلك أن جميع ما تضمنه الموضوع محل الاتهام كان قد سبق أن تقدم به محمد حلمى عضو مجلس إدارة مركز الشباب مع خمسة أعضاء آخرين إلى كافة الجهات المعنية طالبين التحقيق فى شأنه ومقدمين عليه من الدلائل ما يقطع بجديته..حيث تم تقديم المستندات المؤيدة لذلك أثناء نظر القضية .
والمدهش فى الأمر أن الوقائع التى أشار إليها محمد حلمى فى الموضوع كانت أيضاً محل تحقق اللجنة العامة للتفتيش المالى والإدارى والتى أعدت تقريرها فى هذا الشأن بتاريخ 28/1/2007 منتهية إلى ثبوت عدد من المخالفات المالية والإدارية المنسوبة إلى رئيس مجلس إدارة مركز الشباب ( محمد مصطفى ) والتوصية بوقفه على أن يباشر نائب الرئيس اختصاصاته.
والأمر الأكثر غرابة أن قراراً قد تم إصداره من السيد/ محافظ القاهرة منذ قرابة الشهر بحل مجلس إدارة مركز شباب 15 مايو بناءً مذكرة السيد/ رئيس المجلس القومى للشباب والرياضة التى تضمنت المخالفات المنسوبة للسيد/ محمد مصطفى إبراهيم حيث يكون بذلك قد فقد صفته “النيابية العامة” التى استند إليها فى قضيته.(حيث أنه ليست له صفة نيابية عامة أخرى).
إننا إذن-هذه المرة- أمام حكم بالحبس على مواطنين قاموا بنشر وقائع فساد-لم تثبت صحتها فحسب وإنما ترتب عليها اتخاذ قرارات وتغيير مراكز قانونية..وكأننا بصدد تحصين للفساد من كل نقد أو كشف..فهل يمكن تصديق ذلك؟!!
إن الحكم على كمال عباس المسنق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية ومحمد حلمى المحامى عضو مجلس إدارة مركز شباب 15 مايو ( الذى تقرر حله) نموذجاً جديداً بالغ الدلالة لخطورة عقوبات الحبس فى جرائم النشر ، وللأحكام القضائية التى يمكن أن تصدر بها دون سبب سائغ من القانون ذاته..فيما يثير القلق بشأن التوسع فى استخدام هذه العقوبات وجعلها سيفاً مسلطاً على الرقاب.
إن دار الخدمات النقابية والعمالية إذ تعرب عن قلقها البالغ إزاء صدور مثل هذا الحكم فى حق منسقها العام والمحامى محمد حلمى طه..وجزعها من أن تصبح أحكام القضاء حلقة من سلسلة الإجراءات التعسفية التى تتعرض لها منذ بضعة شهور..تعلن رفضها تطبيق عقوبات الحبس على الصحفيين وغيرهم من المواطنين استناداً إلى مواد قانونية جديرة بالإلغاء لما تنطوى عليه من انتهاك لحرية التعبير وحقوق الإنسان ، ومخالفة للدستور المصرى الذى ينص فى مادته السابعة والأربعين على أن “حرية الرأى مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون ، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى”
إن دار الخدمات النقابية والعمالية وقد استأنفت ذلك الحكم الذى يصعب صدوره على التصديق تطالب مع كافة القوى الديمقراطية المدافعة عن حرية التعبير بإلغاء العقوبات المقيدة للحرية فى قضايا النشر ، وتدعوها إلى التضامن معها فى كل ما تلاقيه من تعسف.
* دار الخدمات النقابية و العمالية
Share this Post