يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الاعتقال التعسفي لقادة المجتمع المدني وتيار المعارضة بالسودان، الدكتور أمين مكي مدني المحامي والمدافع الحقوقي البارز، و فاروق أبو عيسى رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض بالسودان وغيرهم من قادة المعارضة بالبلاد، على خلفية توقيعهم على خارطة الطريق التوافقية المعروفة باسم “نداء السودان”.
إذ قامت قوات الأمن وجهاز المخابرات الوطنية بالسودان باعتقالهم من منازلهم بمدينة الخرطوم في ساعة متأخرة مساء السبت 6 ديسمبر الجاري، واحتجازهم في مكان غير معلوم، وذلك عقب عودتهم من مدينة أديس أبابا، حيث وقع المعتقلون مساء الأربعاء 3 ديسمبر –بعد مباحثات مع عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وقوى المعارضة المختلفة بما في ذلك المجموعات المسلحة– وثيقة “نداء السودان”، والتي تعد بمثابة مذكرة تفاهم توافقية بين كافة القوى الوطنية السودانية؛ تهدف إلى العمل السلمي المعارض للسلطة السودانية، وتوحيد الصفوف في مواجهة القمع والتنكيل بالحقوق والحريات، ووقف الحرب، وتحقيق الديمقراطية.
نصت الوثيقة التي تعد أول اتفاق يجمع بين قوى معارضة وأحزاب سياسية، ومنظمات مدنية، بعد مشاورات مشتركة لأكثر من عام، على تأسيس دولة المواطنة والديمقراطية في السودان، والتزمت بمنح الأولوية لإنهاء الحروب والنزاعات وبناء السلام على أساس عادل وشامل بجانب الالتزام بالحل الشامل بوقف الصراع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وقد شارك بالتوقيع على تلك الوثيقة العديد من رموز تيار المعارضة، كما وقع عليها الدكتور أمين مكي ممثلًا عن المجتمع المدني السوداني، و فاروق أبو عيسى ممثلًا عن الأحزاب السياسية المعارضة.
يُعد الاعتقال استمرارًا لسياسات قمعية طويلة للحكومة السودانية قُيّدت خلالها حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والتنظيم بالسودان. ناهيك عن أن مسئولين كبار في الدولة السودانية –بما فيهم مسئولين أمنيين– مطلوبين أمام العدالة الدولية، من بينهم رئيس الجمهورية عمر حسن البشير، والمطلوب القبض عليه في قضايا متعلقة بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في فترة حكمه للسودان.
ويذكّر مركز القاهرة أن انفصال جنوب السودان عن السودان كان نتاج سنوات من القمع المتواصل لمواطني جنوب السودان، وأن استقرار السودان لن يتم سوى عن طريق احترام دولة القانون والحريات وتطهير المؤسسات الأمنية والسياسية من المسئولين عن الجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب السوداني.
وإذ يبدي المركز بالغ القلق على حالة المحتجزين الصحية، وخاصةً الدكتور أمين مكي، ويستنكر اعتقالهم التعسفي المخالف لكافة المواثيق الدولية؛ فإنه يطالب بسرعة الكشف عن مكان المعتقلين وإطلاق سراحهم فورًا وبدون شروط، ووقف حركة الاعتقالات التعسفية بقوى المعارضة، وإطلاق سراح كافة سجناء الرأي والسجناء السياسيين المحتجزين في السودان.
إن حملة الاعتقالات التي بدأت ضد موقعي الوثيقة، تبرهن على عدم جدية النظام في فتح باب الحوار للحلول السلمية، وتخالف قرار مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي رقم 456 الداعي لمشروع الحل الشامل، والذي شدد على أهمية توسيع دائرة المفاوضات بين الحركة الشعبية شمال السودان والحكومة، وضم ملف دارفور، وقيام حوار وطني جامع بمشاركة القوى السياسية المدنية والمسلحة.
يُذكر أن أمين مكي مدني كان مبعوثًا للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ورئيسًا لقسم حقوق الإنسان في بعثتي الأمم المتحدة في كل من العراق وكوسوفو، وأحد مؤسسي مكتب المفوضية السامية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أيضًا عضو ومؤسس التحالف العربي من أجل السودان ورئيس تجمع مؤسسات المجتمع المدني المستقلة في السودان، وسبق وكان وزيرًا للإسكان في حكومة الائتلاف الديمقراطي من 1985 – 1986، وانتخب عضوًا في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لخمس دورات متتالية.
أما فاروق أبو عيسى المعارض السياسي البارز، فهو رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض بالسودان والأمين العام السابق لاتحاد المحاميين العرب وسكرتير عام منتخب لتجمع الأحزاب السوداني المعارض والذي يضم 13 حزبًا.
Share this Post