تتعرض جماعة الحقوقيين المستقلين في مصر لخطر غير مسبوق، ويأتي فرض المنع من السفر، وتجميد الأموال، إضافة إلى قيام قضاة تحقيق باستجواب بعض العاملين في منظمات غير حكومية، كما حدث مؤخرا، للتدليل على اتجاه نية الحكومة بوضوح إلى ملاحقة الحركة الحقوقية المستقلة بأسرها. إذا سارت الملاحقة في طريقها فإن من شأنها أن تؤدي إلى إغلاق تلك المنظمات غير الحكومية والحكم على العاملين فيها، في تهم يحمل بعضها عقوبة السجن المؤبد. والمنظمات التي تواجه الملاحقة هي من أكثر المنظمات الحقوقية المصرية تمتعا بالمصداقية والاستقلال، وهي الصوت الوحيد الباقي لانتقاد سياسات الحكومة في المجال السياسي والاقتصادي والتنموي والحقوقي. كما أنها هي التي توثق الانتهاكات الحقوقية وتقدم المساعدة القانونية، ومن شأن إغلاق الجمعيات الحقوقية وجمعيات المرأة أن يؤدي إلى تصاعد متسارع في وتيرة الانتهاكات الحقوقية. وقد استمرت المنظمات المصرية غير الحكومية في العمل في بيئة خطيرة منذ قيام قوات الأمن بمداهمة مقرات بعضها في ديسمبر 2011، وملاحقة بعض العاملين فيها والحكم عليهم لاحقا في 2013 بالسجن لمدد تراوحت بين سنة وخمس سنوات.
التطورات المقبلة في الأيام القليلة القادمة
الثلاثاء 22 مارس: سيمثل ثلاثة من العاملين في نظرة للدراسات النسوية أمام قضاة تحقيق بعد تلقيهم استدعاء رسميًا على خلفية القضية 173.
الخميس 24 مارس: ينتظر أن تبت محكمة جنايات الزيتون بالقاهرة في شأن طلب تجميد الأموال المقدم من قضاة التحقيق في القضية 173. لم يتم إطلاع حسام أو جمال على التهم الموجهة إليهما ـ كما أنهما لم يعرفا بموعد الجلسة إلا من وسائل الإعلام. في تلك الجلسة سمح القاضي لمحاميي الدفاع بمراجعة أوراق القضية، لكنه رفض السماح لهم بتصويرها. راجع المحامون طلب تجميد الأموال المقدم من قضاة التحقيق بتاريخ 2 فبراير، فعلموا بما يلي:
تتمثل الأدلة المقدمة ضد حسام وجمال في تحويلات واردة بالعملة الأجنبية إلى حساباتهما الشخصية في البنوك (وقد تم استجواب العاملين في البنوك)
علاوة على جمال عيد، تخضع زوجته وابنته التي في سن 11 عامًا لتجميد الأموال بدورهما.
تمت الإشارة إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وكذلك الشبكة العربية لدراسات حقوق الإنسان، باعتبارهما شركتين مملوكتين للمتهمين، ومن ثم فإنهما تخضعان لأمر تجميد الأموال إذا قرر القاضي هذا.
يسرد طلب تجميد الأموال المقدم من قاضي التحقيق التهم الموجهة إلى حسام وجمال في القضية 173: مواد قانون العقوبات رقم 78، و98 ج ود (تلقي أموال من الخارج) إضافة إلى بنود القانون رقم 84 التي يتم استخدامها لتحديد وضع المنظمة.
الإطار الزمني: قبل أسبوعين قام أحد قضاة التحقيق بإبلاغ أحد المتهمين في المعهد المصري الديمقراطي بفروغهم من استجواب شهود الادعاء، وبأنهم لذلك سينتقلون إلى العاملين في المنظمات، وينوون استجواب مديريها في أبريل، وإحالة القضية إلى المحاكمة في مايو. في محاكمة 2012 بدأ استجواب العاملين في المنظمات جديا في مطلع يناير 2012، بعد مداهمة مكاتبها، وتم توجيه الاتهام إلى المتهمين رسميا، وإحالتهم إلى المحاكمة، في 4 فبراير 2012.
ما هي القضية رقم 173؟
تعرف القضية رقم 173 بقضية “التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني”. وكان مجلس الوزراء قد أمر وزير العدل في يوليو 2011 بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للنظر في التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني وتحديد ما إذا كانت تلك المنظمات مسجلة بموجب القانون 84. تم استكمال التقرير في سبتمبر 2011، وإدراجه كجزء من الأدلة المقدمة من النيابة بحق المنظمات في ملاحقة 2012-2013، ولهذا فإن التقرير متاح حاليا في الحيز العام. وتضم الوثيقة تقريرا من قطاع الأمن الوطني، وآخر من جهاز المخابرات العامة، وكلاهما يذكر بالتقريب كل منظمة حقوقية مصرية مستقلة تعمل في مصر، علاوة على المنظمات الدولية التي لوحقت عقب ذلك وصدرت عليها أحكام.
في يونيو 2013، حكمت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات. حكم على المديرين وكبار العاملين بالسجن لمدة 5 سنوات، وكانت معظم الأحكام غيابية، أما العاملين المصريين الذين ظلوا داخل البلاد فقد حصلوا على أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ. كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المعنية، وهي المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد القومي الديمقراطي، وفريدم هاوس، والمركز الدولي للصحافة، ومؤسسة كونراد أديناور.
ما هي التهم الموجهة للمتهمين؟ وما العقوبات التي تحملها؟
تشمل التهم المذكورة في طلب قضاة التحقيق بتجميد الأموال المؤرخ 2 فبراير (وهي نفس التهم الموجهة في محاكمة 2012-13):
المادة 78 من قانون العقوبات، التي عدلها الرئيس السيسي في سبتمبر 2014، فغلظت العقوبة إلى السجن المؤبد في تهم غامضة الصياغة تشمل تلقي الأموال من الخارج “بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها“.
المادة 98(ج)(1) من قانون العقوبات المصري، التي تنص على أن “كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار في الجمهورية المصرية من غير ترخيص من الحكومة جمعيات أو هيئات أو أنظمة من أي نوع كان ذات صفة دولية أو فروعا لها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه. ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة إذا كان الترخيص بناء على بيانات كاذبة. ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من انضم إلى الجمعيات أو الهيئات أو الأنظمة المذكورة وكذلك كل مصري مقيم في الجمهورية المصرية انضم أو اشترك بأية صورة من غير ترخيص من الحكومة إلى تشكيلات مما ذكر يكون مقرها في الخارج“.
المادة 98(د)، “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عل خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من تسلم أو قبل مباشرة أو بالواسطة بأية طريقة أموالا أو منافع من أي نوع كانت من شخص أو هيئة في خارج الجمهورية أو في داخلها متى كان ذلك في سبيل ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 98 (أ) و 98 (أ) مكرر و 98 (ب) و 98 (جـ) و 174 من هذا القانون“.
بموجب المادة 76(2)(أ) من قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002، يعد الإخفاق في التسجيل جنحة تستوجب الحبس حتى 6 أشهر.
من هي المنظمات المعرضة لخطر الملاحقة هذه المرة؟
تمت تسمية 37 منظمة في تقرير لجنة تقصي الحقائق، وهي بالتالي معرضة لخطر الملاحقة. وقد تم استهداف المنظمات التالية في الأسابيع الستة الأخيرة:
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: المنع من السفر وتجميد أموال المدير جمال عيد.
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: الاستدعاء لثلاثة من العاملين (واحد في يونيو 2015 واثنين في مارس 2016)، ومحاولة سابقة لتفتيش المقر بأمر من قضاة التحقيق.
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: المنع من السفر وتجميد أموال المؤسس وعضو مجلس الإدارة حسام بهجت.
- نظرة للدراسات النسوية: الاستدعاء الرسمي لثلاثة من العاملين (اثنين من الإداريين والأخير برامجي) للاستجواب.
- مركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف: تم تسليم أمر بالإغلاق في 17 فبراير، صادر من وزارة الصحة بدعوى “مخالفة شروط الترخيص”.
- المجموعة المتحدة: تم استجواب المدير نجاد البرعي بمعرفة النيابة في 3 مارس 2016، بتهمة “إنشاء كيان بدون ترخيص يدعى المجموعة المتحدة ـ للمحاماة والاستشارات القانونية بنية التحريض على مقاومة السلطات، وممارسة أنشطة حقوق الإنسان بدون ترخيص، وتلقي الأموال من المركز الوطني لمحاكم الدولة، وتعمد نشر معلومات كاذبة بغرض الإضرار بالنظام العام والمصلحة العامة”. وتم أيضا استدعاء محاسب المجموعة المتحدة في 15 مارس.
في 9 أكتوبر 2015 قامت صحيفة اليوم السابع بتسريب نسخة مصورة من طلب قضاة التحقيق على خلفية القضية رقم 173، المقدم إلى مصلحة الضرائب للاستعلام عن التوافق الضريبي لـ 25 منظمة مصرية، بما فيها المذكورة أعلاه وكذلك مركز هشام مبارك للقانون، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومركز الأرض لحقوق الإنسان، ومركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
ما الإجراءات القانونية التي اتخذت خلال الأسابيع الماضية بحق منظمات غير حكومية وتشير إلى توقع الملاحقة؟
الاستدعاء للاستجواب من قبل قضاة التحقيق: قام قاضي التحقيق خلال هذا الأسبوع باستدعاء عاملين من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ونظرة للدراسات النسوية، والمجموعة المتحدة، للمثول أمام قاضي التحقيق في 16 مارس في القضية رقم 173 لسنة 2011. والعاملون المستدعون هم المسؤولون عن الماليات في كل منظمة من المنظمات المذكورة.
المنع من السفر: تم إبلاغ جمال عيد، مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بمنع من السفر في المطار يوم 4 فبراير، فيما كان يحاول مغادرة البلاد، وإبلاغ حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بمنعه في يوم 23 فبراير.
تجميد الأموال: في 17 مارس علم حسام بهجت وجمال عيد أن قضاة التحقيق أمروا بتجميد أموالهما، وأن الأمر ينتظر البت في محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 20 مارس.
أمر بالإغلاق: في 17 فبراير 2016 قامت قوة من الشرطة أرسلتها السلطات المحلية بالتوجه إلى مكتب مركز النديم وتسليم العاملين أمرا بالإغلاق الإداري من قبل وزارة الصحة “لمخالفة شروط الترخيص”. وبعد 4 أيام التقى مديرو مركز النديم ومحاموه مع مسؤولي ووزارة الصحة الذين أبلغوهم بصدور القرار عن مجلس الوزراء.
تقارير إعلامية حديثة، بما في ذلك في صحف مصرية ذات صلات راسخة بمصادر في وزارة الداخلية وداخل قوات الأمن، تربط بين توقيت التصعيد الأخير وقيام منظمات غير حكومية بإرسال خطاب مشترك إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، استباقا لإعلان المجلس رقم 31، وقرار البرلمان الأوروبي شديد الانتقاد.
ما الأسئلة التي وجهت إلى العاملين في المنظمات أثناء الاستجواب؟
لم يحضر أمام قاضي التحقيق في 16 مارس سوى واحد فقط من أفراد المنظمات الستة الذين صدرت بحقهم استدعاءات، وقد تم سؤاله عن علاقة منظمته بغيرها من المنظمات الحقوقية وببعض المدراء بعينهم في منظمة واحدة أخرى على الأقل.
تصاعد التحقيق: تفتيش مقرات المنظمات واستدعاء أفرادها
في أواخر 2014 قام قاضي التحقيق بتعيين لجنة فنية من وزارة التضامن الاجتماعي، مكلفة بتحديد ما إذا كانت تلك المنظمات تعمل كجمعيات أهلية بدون التسجيل بهذه الصفة بموجب القانون 84/2002، وبفحص الوثائق المتعلقة بتمويلها. بدأت اللجنة بالمعهد المصري الديمقراطي، وفي في يناير 2015 أمر القاضي بمنع بعض أفراد المنظمة من السفر، واستدعائهم للاستجواب في مارس 2015.
في يونيو 2015 أحيلت المجموعة المتحدة، وهي من أبرز المنظمات الحقوقية، للاستجواب الذي تم خلاله توجيه أسئلة إلى مديرها عن تمويلها ووضعها القانوني. وفي يونيو 2015، استقبل معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان زيارة من اللجنة لنفس الأسباب، بما فيها النظر في مصادر التمويل. وبعد شهر واحد من هذا، خضع مركز هشام مبارك للقانون لنفس التحقيق. وقد وجد محامو معهد القاهرة الذين اطلعوا على تصاريح التحقيق أن مركز هشام مبارك والمعهد المصري الديمقراطي مستهدفان بدورهما. في ديسمبر 2015 تلقت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مكالمة هاتفية من اللجنة الفنية المذكورة، بغرض التفتيش على ملفات الشبكة، لكن بسبب غياب المدير جمال عيد، تم تأجيل الزيارة التي لم تتم في النهاية. إضافة إلى هذا قام قاضي التحقيق باستدعاء المركز المصري للحق في التعليم للاستجواب في ديسمبر 2015.
من الذي يقف خلف هذه الملاحقة؟
تم تعيين ثلاثة من قضاة التحقيق من قبل محكمة استئناف القاهرة، استنادا إلى طلب من وزير العدل. وتتكون هيئة التحقيق من القضاة هشام عبد المجيد، وأحمد عبد التواب، وخالد الغمري. وهناك عدد من اللجان الفنية التي تتولى مساعدة التحقيق، بما فيها أفراد من وزارة التضامن الاجتماعي، ومصلحة الضرائب المصرية، والبنك المركزي، ووزارة المالية.
وكان وزير العدل السابق أحمد الزند قد قال في مقابلة متلفزة في 28 يناير 2016 إن الملاحقة في قضية التمويل الأجنبي ستتحرك في القريب العاجل. أما فايزة أبو النجا، التي كانت أول من أمر بالتحقيق، فهي الآن مستشارة للأمن القومي.
ما مدى انتشار المنع من السفر كإجراء ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة؟
حتى تاريخه، تم منع ما لا يقل عن 10 من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والمرأة من السفر خارج مصر. ولا يعرف المدافعون عن حقوق الإنسان والمرأة بمنعهم من السفر إلا في المطار، عند محاولة المغادرة، كما أن مسؤولي المطار يداومون على رفض إبلاغهم بسبب المنع، أو حتى رقم القضية أو التهم المحتملة التي يواجهونها.
ويشمل الممنوعون من السفر جمال عيد وحسام بهجت (فبراير 2016) ومحمد لطفي، مدير اللجنة المصرية للحقوق والحريات، الذي كان في طريقه إلى ألمانيا في يونيو 2015، وإسراء عبد الفتاح وثلاثة من زملائها في المعهد المصري الديمقراطي في ديسمبر 2014. طعن العاملون بالمعهد المصري الديمقراطي على قرار المنع من السفر أمام محكمة إدارية لكن المحكمة رفضت الدعوى في يونيو 2015 لأسباب إدارية.
هل تعمل المنظمات الحقوقية المصرية بالمخالفة للقانون أو تحت ستار؟
كلا، فهذه المنظمات مسجلة كشركات ذات مسؤولية محدودة أو غير هادفة للربح، أو كمكاتب محاماة، وكعيادة طبية في حالة واحدة. وتنطبق على هذه المنظمات قوانين العمل والضرائب.
وتعمل المنظمات بشفافية فيما يتعلق بأي تمويل تحصل عليه، بما أنها ملزمة بتقديم عقودها مع مانحيها للبنوك التي تتلقى التحويلات الأجنبية. وقد تمت جميع التحويلات من خلال القطاع المصرفي وتحت رقابة البنك المركزي. ولا تقوم أي من هذه المنظمات بتوليد أرباح، حيث أنها تعتمد على التبرعات وحدها.
وينص القانون الدولي بوضوح، بما أن حرية تكوين الجمعيات هي حق إنساني، على أنه لا يجوز للحكومات الإصرار على التسجيل بموجب أي تشريع معين. كما صرح المقرر الخاص المعني بالحق في حرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع بأن “الحق في حرية تكوين الجمعيات يحمي المنظمات غير المسجلة على قدم المساواة”.
وينص الدستور المصري في المادة 75 على أن “للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار”. وهذا يستوجب تعديل القانون 84/2002 بحيث يتوافق مع النص الدستوري.
هل من شأن تسجيل المنظمات بموجب قانون الجمعيات القمعي رقم 84 أن يحميها من الملاحقة؟
كلا، فقد كان المعهد المصري الديمقراطي من أوائل المنظمات التي امتثلت للإنذار المقدم من وزارة التضامن الاجتماعي في 2014 ـ فتقدمت المنظمة للتسجيل بموجب القانون 84 في أكتوبر، وحصلت على موافقة مبدئية في نوفمبر لفتح حساب مصرفي، وموافقة نهائية على التسجيل في يناير 2015. ومع ذلك فإن هذا لم يمنع قاضي التحقيق من استدعاء العاملين في المعهد المصري الديمقراطي للاستجواب ومنعهم من السفر.
ما هي مشكلة قانون الجمعيات رقم 84 الصادر في عهد مبارك؟
ظلت الجماعة الحقوقية المصرية المستقلة طوال عقود تناضل ضد القانون رقم 84، وتدعو إلى إصلاحه بسبب طبيعة بنوده شديدة القمعية والتسلط. لمزيد من المعلومات يرجى الاطلاع على تحليل المركز الدولي للقانون غير الربحي لبنود ذلك القانون.
ومنذ 2011 وما بعدها، كانت الحكومات المتعاقبة تعد بتعديل القانون رقم 84، وقد قدمت عدة مشروعات. كما أن المنظمات الحقوقية تشاورت مع البرلمان أحيانا أو حاولت التأثير فيه وفي الحكومة في أحيان أخرى بشأن تلك المسودات المختلفة. وفي أواخر 2013 كانت المنظمات غير الحكومية جزءا من لجنة عينتها الحكومة للتشاور بشأن صياغة قانون للجمعيات. وطوال العامين الماضيين قامت المنظمات بدعوة الحكومة المصرية للشروع في حوار مفتوح مع الحركة الحقوقية والإقلاع عن التضييق على المنظمات الأهلية.
ما هي المعايير المرجعية ذات الصلة بموجب القانون الدولي؟
كتب المركز الدولي للقانون غير الربحي:
بموجب المعيار الصارم الوارد في المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فإنه لا يجوز فرض أي قيد على الحق في حرية تكوين الجمعيات، ما لم يكن هذا القيد (1) منصوصا عليه في القانون، و(2) ضروريا في مجتمع ديمقراطي، و(3) لصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وينبغي استيفاء الشروط الثلاثة جميعا وإلا كان القيد باطلا. ولطالما تم تفسير هذه الصياغة على أنها تعني أن “حرية تكوين الجمعيات حق، وليست شيئا ينبغي في البداية أن تمنحه الحكومة لمواطنيها”. وقد وجدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، على سبيل المثال، أن ممارسة لبنان الفعلية المتمثلة في اشتراط الترخيص المسبق قبل أن يتسنى للجمعية البدء في العمل، هي قيد لا مسوغ له على الحق في حرية تكوين الجمعيات بموجب المادة 22. وعلى هذا فإنه لا يجوز إلزام الشخص بتسجيل الجمعية من أجل ممارسة حقه في تكوينها. ثانيا، لا يعد هذا القيد ضروريا في مجتمع ديمقراطي لأي من المبررات الأربعة الواردة في المادة 22. فلا يجوز للحكومة أن تشترط تسجيل الجمعية كنوع بعينه من الكيانات الاعتبارية، في مقابل أنواع أخرى، حيث أنه لا يتضح وجه الضرورة في مجتمع ديمقراطي في إلزام منظمة حقوقية بالتسجيل كجمعية أهلية بدلا من تسجيلها كشركة مدنية. كما لا يتضح كيف تتحقق مصالح الأمن القومي أو النظام العام إلخ، من خلال هذا الإلزام.
إن إعلان الأمم المتحدة بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان، الذي أيدته مصر في 1998، يقرر أن على الدول أن تكفل “لكل شخص، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، الحق في التماس وتلقي واستخدام موارد يكون الغرض منها صراحة هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية” (المادة 13).
Share this Post