كتب: محمد الأنصاري *
فى 2007 خضع خيرت الشاطر لمحاكمة عسكرية «استثنائية» جائرة لا تتحقق فيها ضمانات المحاكمة العادلة، وذلك بموجب قرار إحالة أصدره المخلوع ضده لتصفية حسابات سياسية ليس أكثر. وانتهت المحاكمة بصدور حكم بالسجن لمدة 7 سنوات. ورغم إنكارنا لشرعية تلك المحاكمات فإننا نبقى أمام حكم قضائى نهائى لا يمكن تجاهله، ولو صرح محامى الجماعة عبدالمنعم عبدالمقصود بعدم وجود أى موانع قانونية لترشح الشاطر للرئاسة.
هذا الحكم يعد مانعا قانونيا لترشح الشاطر للرئاسة، حيث إن ــ الشاطر ــ مازال يقضى عقوبة السجن على ذمة القضية رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية، والمعروفة إعلاميا بقضية «ميليشيات طلاب الأزهر» والتى أفرج عنه فيها لأسباب صحية بتاريخ 1/3/2011.
والإفراج الصحى عن سجين لا يمثل مكافأة له، وإنما هو أحد السبل التى تحفظ للمحكوم عليه حياته إذا تعرضت للخطر نتيجة الحبس، وانتفت وسائل المحافظة عليها داخل أسوار السجن، وذلك انتصارا لمبدأ مشروعية العقوبة.
والعلة فى الإفراج الصحى عن المحكوم عليه، هى الجمع بين حق الإنسان فى الحياة ومقتضيات الصالح العام الذى يتطلب ألا يفلت المحكوم عليه من تنفيذ حكم القضاء جزاء على ما ارتكبه من جرائم للردع بوجهيه العام والخاص. وبذلك يكون الإفراج الصحى مقررا لكل محكوم عليه بغض النظر عن نوعية الجريمة التى ارتكبها المسجون أو انتمائه السياسى أو وضعه الاجتماعى. وهذا الإفراج لا يُقصد به إسقاط العقوبة عن المحكوم عليه نهائيا، بل يعنى استمرار العقوبة واستقطاع المدة التى يفرج عنه فيها ــ صحيا ــ من إجمالى المدة المقررة للعقوبة.
ومن ثم لا يستطيع المفرج عنه صحيا العودة إلى الحالة الاجتماعية التى كان عليها قبل صدور الحكم ضده. لأنه يجوز بأمر من النائب العام إذا تبين للأطباء ــ بعد توقيع الكشف الطبى على المحكوم عليه ــ أن الأسباب الصحية التى دعت إلى الإفراج قد زالت، بما يعنى عودة المحكوم عليه إلى محبسه مرة أخرى، وذلك وفقا للمادة 36 من القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون.
وبذلك يكون الشاطر مازال مقيد الحرية، وهذا يمنعه من الترشح لخوض انتخابات الرئاسة، كونه غير متمتع بحقوقه المدنية والسياسية التى اشترطها الإعلان الدستورى فى مرشحى الرئاسة.
●●●
ولعل هذا يؤكد حدوث اتفاق بين المجلس العسكرى والجماعة حول ترشح الشاطر للرئاسة فى مقابل الخروج الآمن للعسكرى، وبعض الصلاحيات فى الدستور القادم ــ وما خفى كان أعظم. ومن مقدمات هذا الاتفاق إصدار المحكمة العسكرية العليا حكما برد اعتبار الشاطر فى القضية رقم 8 لسنة 1995 جنايات عسكرية، والتى حكم عليه فيها بالسجن خمس سنوات، ذلك رغم أن خيرت الشاطر مازال يقضى عقوبة السجن.
فهذا الحكم شابه العوار القانونى فى جميع جوانبه، كونه بنى على مخالفة المادة 541 من قانون الإجراءات الجنائية التى قررت أنه (إذا كان طالب رد الاعتبار قد صدرت عليه عدة أحكام، فلا يحكم برد اعتباره إلا إذا تحققت الشروط المنصوص عليها بالنسبة إلى كل حكم منها، على أن يراعى فى حساب المدة إسنادها إلى أحدث الأحكام).
وبذلك فإنه لا يجوز صدور الحكم برد الاعتبار لمتهم مازال يقضى عقوبة مقيدة للحرية. حيث إن الشاطر مازال مقيد الحرية على ذمة قضية أخرى (القضية رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية)، والتى تنتهى مدة العقوبة فيها فى أبريل 2015. فإذا رغب فى رد اعتباره يتعين عليه أن يتقدم بطلب رد الاعتبار بعد مرور ست سنوات ــ أى عام 2021. ولكى يتمكن الشاطر من الترشح للرئاسة وتقبل أوراق ترشحه، كان عليه أن يتخذ صك العفو من المجلس العسكرى عن القضية التى مازال يقضى عقوبتها حتى تاريخه.
●●●
لقد بات من المؤكد أن وراء إعلان الجماعة ترشيح الشاطر للرئاسة اتفاق صريح بينها وبين العسكرى على إصدار الأخير قرارا بالعفو عن العقوبة التى مازال يقضيها. ذلك لأن الجماعة لم ولن تخاطر بشخص فى قيمة وقامة الشاطر دون إبرام مثل هذا الاتفاق.
نشرت في جريدة الشروق السبت 7 أبريل 2012
Share this Post