صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان
رئيس الإمارات العربية المتحدة
صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان،
نحن – الموقعين أدناه – مجموعة من المنظمات غير الحكومية من مختلف أنحاء العالم. نكتب إلى سموكم بشأن ترشح الإمارات العربية المتحدة لانتخابات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن الفترة من 2013 إلى 2015.
بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251المنشئ لمجلس حقوق الإنسان، فإنه عند انتخاب أعضاء جدد للمجلس، يكون على الدول الأعضاء أخذ التالي في الاعتبار (1) إسهام المرشحين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، (2) ما أبدوه تجاهها [حقوق الإنسان] من التزامات طوعية. فضلاً عن ذلك فإن على الأعضاء المنتخبين للمجلس (1) أن يتحلوا بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، (2) أن يتعاونوا مع المجلس تعاوناً كاملاً، (3) يخضعوا للاستعراض بموجب آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال فترة عضويتهم. إننا نرى أنه من الضروري أن تلتزم الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بهذه المعايير.
كما نفهم أنه ليس أمام الإمارات العربية المتحدة مرشحين آخرين على أحد مقاعد آسيا-المحيط الهادئ المُتاحة بالمجلس. ومن ثم نود أن نلفت انتباه سموكم إلى عدّة قضايا ينبغي على الإمارات أن تحسنها على وجه السرعة من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان داخلياً، على النحو الوارد في قرار الجمعية العامة المذكور.
وقف الاعتقالات التعسفية واحترام الحق في المحاكمة العادلة
يعتبر الاعتقال التعسفي لـ 63 شخصاً – بينهم محامين بارزين وقضاة وأساتذة جامعات وقيادات طلابية – غير متسق مع ترشح الإمارات العربية المتحدة لمجلس حقوق الإنسان. ما زالت أماكن ومصائر 61 من هؤلاء المحتجزين غير معلومة. ورغم أن السلطات لم توجه اتهامات رسمية إلى هؤلاء المحتجزين، فإن الصحافة الإماراتية أفادت باعتراف بعض المحتجزين بأنهم أعضاء في “تنظيم سري” يشتمل على “جناح مسلح” يهدف إلى قلب نظام الحكم وإنشاء دولة إسلامية.
لقد حرمت السلطات الحكومية المحتجزين من القدرة على التماس المساعدة القانونية، كما ضايقت وهددت محامين سعوا لتقديم التمثيل القانوني للمحتجزين. وبغض النظر عن أية مخالفات مُدّعاة، فهؤلاء المحتجزين يستحقون احترام حقوق إجراءات التقاضي السليمة واحترام الحق في المحاكمة العادلة حسب تعريف القانون الدولي.
بناءً عليه، فإننا ندعو سلطات الإمارات العربية المتحدة المعنية إلى:
- ضمان الحق في إجراءات التقاضي السليمة لجميع المحتجزين.
- توفير المحاكمات العادلة لجميع المحتجزين، بما في ذلك توفير المساعدة القانونية المناسبة.
- الإفراج عن أي أفراد محتجزين لمجرد ممارستهم لحقهم الأساسي في التعبير سلمياً عن الآراء السياسية.
احترام الحق في حرية الرأي والتعبير
تستمر السلطات الإماراتية في مضايقة أفراد مارسوا حقوقهم في حرية التعبير. قبضت السلطات في أبريل/نيسان 2011 على خمسة نشطاء، في القضية المعروفة بمسمى “الإماراتيون الخمسة”، واتهمتهم بتوجيه الإهانة العلنية لبعض كبار المسؤولين الحكوميين من خلال منتدى على الإنترنت، وجاءت محاكمتهم بعد ذلك أمام المحكمة الاتحادية العليا غير عادلة بشكل بيّن وواضح. ليس للقضية ضدهم أي سند من القانون الدولي، إذ أنها تخرق حقهم في حرية التعبير، كما خرقت الحكومة الحق في حرية التعبير بمنعها الدخول إلى موقع منتدى حوار الإمارات على الإنترنت.
إن القانون الدولي واضح تمام الوضوح في حاجة المسؤولين إلى تحمل قدر أكبر من الانتقادات أكثر من أي مواطن عادي. رغم أن النشطاء الخمسة قد أخلي سبيلهم بعد إدانتهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بقليل، عندما أمر سموكم بتخفيف أحكامهم، فإن السلطات مستمرة في التعرض لهم بالمضايقات، حيث قامت بترحيل أحد الرجال – وهو من فئة البدون – إلى تايلاند في شهر يوليو/تموز، ولم تحقق في تهديدات علنية بالقتل وحملة تشويه سمعة علنية والاعتداء على آخر مرتين مع نية مبيتة للاعتداء.
كما نعرب عن قلقنا إزاء عدم قيام الحكومة بالتحقيق على النحو الواجب في أعمال الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان، وبينهم المواطن الإماراتي أحمد منصور، الذي تعرض لمضايقات واعتداءات وتهديدات بالقتل جراء نشاطه بمجال حقوق الإنسان. وقامت السلطات في أغسطس/آب 2012 بإلغاء تصاريح إقامة مات دوفي، أستاذ الصحافة الأمريكي في جامعة إماراتية، والذي طالب بهامش أوسع لحرية الصحافة في الإمارات وفي المنطقة، وكذلك تم إلغاء إقامة زوجته.
إننا ندعو الحكومة الإماراتية إلى:
- إلغاء أحكام قانون العقوبات وقانون الإعلام التي تجرم إهانة الرئيس.
- حذف السجلات الجنائية لـ “الإماراتيين الخمسة”.
- السماح بعودة الناشط السياسي الإماراتي أحمد عبد الخالق إلى البلاد.
إنهاء استخدام التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
بينما نرحب بانضمام الإمارات العربية المتحدة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)، فإننا نعرب عن قلقنا إزاء الإعلان التالي الذي أُلحق بقرار انضمام الإمارات:
“تؤكد الإمارات العربية المتحدة أن العقوبات القانونية المطبقة بموجب القانون الوطني أو الألم أو المعاناة الناشئة أو الملازمة لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية له، لا تدخل ضمن مفهوم التعذيب المعرف في المادة (1) من الاتفاقية أو ضمن المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الواردة في الاتفاقية”.
إن الألم المبرح الناشئ عن أو المصاحب للعقوبات أو الناتج عمداً – حتى إن كان بموجب قانون وطني – يدخل ضمن مفهوم التعذيب حسب تعريف المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب. لا يسمح قانون المعاهدات الدولية بالتذرع بالقوانين الوطنية كمبرر لعدم مراعاة الالتزامات التعاهدية، ومن ثم فإننا ندعو الإمارات العربية المتحدة إلى سحب هذا الإعلان.
كما ندعو الإمارات العربية المتحدة إلى:
- ضمان المراجعة الكاملة لقوانين الإمارات من أجل ضمان اتساقها مع اتفاقية مناهضة التعذيب، بما في ذلك تعريف التعذيب في قانون العقوبات، وضمان عدم وجود أية مبررات أو حصانة في القانون فيما يخص التعذيب، وضمان استبعاد الأخذ بالأدلة المنتزعة تحت وطأة التعذيب دائماً، والنص على وجوب التحقيق والملاحقة القضائية لأي شخص – أو تسليمه – على الأراضي الإماراتية مشتبه بارتكاب جرائم تعذيب في أي مكان في العالم.
- سحب تحفظ الإمارات العربية المتحدة بموجب المادة 28، ومن ثم الاعتراف بأهلية لجنة مناهضة التعذيب للتحقيق في تقارير التعذيب القابلة للتصديق وإجراء زيارات للإمارات في حالات الضرورة.
تنفيذ التوصيات الأساسية الصادرة عن الهيئات المنشئة بموجب معاهدات حقوق الإنسان
طلبت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري من الإمارات العربية المتحدة توفير المعلومات التالية في ظرف عام فيما يخص ما نفذته الإمارات من ثلاث توصيات أساسية. كانت هذه التوصيات:
- تعزيز حماية جميع العمال الأجانب من خلال فرض تشريعات وسياسات مناسبة بهدف تقليص الانتهاكات.
- إتمام وإنفاذ تشريع لحماية الحقوق العمالية الخاصة بعاملات المنازل من أجل منع الانتهاكات ولتمكين عاملات المنازل من تقديم الشكاوى بسهولة في حال التعرض لمثل هذه الانتهاكات.
- الاستمرار في الجهود المبذولة من أجل إتمام إجراءات الجنسية الخاصة بالسكان البدون دون تمييز ومنح الجنسية للأفراد على النحو الملائم واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان المساواة لهم في سوق العمل.
وفي عام 2010 طلبت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة من الإمارات العربية المتحدة توفير المعلومات الآتية في معرض متابعة تنفيذ توصيتين من توصيات اللجنة. وكانت كما يلي:
- تفعيل تشريع بشأن العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الأسري، لضمان اعتبار هذه الظاهرة جريمة يعاقب عليها القانون. تعزيز وتيسير إجراءات شكوى الضحايا من سيدات وفتيات بينهن عاملات منازل وافدات يقعن ضحايا للعنف، حتى يصبح سهلاً لهن التعامل بشكل فوري مع إجراءات الإنصاف والتعويض، وتوفير المأوى وإعادة التأهيل للضحايا، وضمان مقاضاة الجناة وعقابهم على النحو الملائم، مع تنفيذ إجراءات توعية وتثقيف على مستوى البلاد.
- تعزيز تدابير الحماية القانونية للعمال الأجانب من خلال تبني تشريعات وسياسات تهدف إلى منع وقوع الانتهاكات.
لم توفر الحكومة الإماراتية لأي من اللجنتين ما طلبته من معلومات على سبيل متابعة تنفيذ التوصيات، ولم تنفذ التوصيات التي تراها الهيئات المنشئة بموجب معاهدات حقوق الإنسان تدخل ضمن التزام الإمارات بالمعاهدات المنضمة إليها.
حقوق العمال الوافدين
لم تتبن الإمارات العربية المتحدة تعديلات القانون الاتحادي رقم 8 (قانون العمل الإماراتي) ولم تنفذ بعد مسودة جديدة لقانون العمل تعود لسنة 2007. لم تلغ الإمارات نظام الكفالة ولم تعترف بالحق في حرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي للعمال، ولم تقم بعد بحماية مبدأ الإنصاف المساواة في التعويض المادي على العمل.
فيما يخص حقوق عاملات المنازل الوافدات، لم تنفذ السلطات الإماراتية مشروع قانون جديد لعاملات المنازل وبعض الأحكام في مشروع القانون المذكور تبعث على القلق. ينص مشروع القانون الجديد على بعض أوجه التحسن – يوم عطلة أسبوعية واحد، وإجازة سنوية مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين، و15 يوم إجازة مرضية – لكنها أيضاً تعرض العاملة التي تكشف “أسرار” أصحاب عملها للملاحقة القضائية وعقوبات قد تصل إلى الحبس ستة أشهر وغرامة 100 ألف درهم (27000 دولار). كما يفرض مشروع القانون عقوبات جنائية قاسية على من “يشجعون” عاملة المنازل على ترك العمل أو يعرضون عليها المأوى. بينما توفير المأوى للنساء المستحقات للمأوى – حسب تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية صدر عام 2012 – من ضحايا الإتجار بالبشر “لا يتجاوز الخدمات والحد الأدنى من المساعدات المالية مما توفره… مآوى منظمات المجتمع المدني”.
إننا ندعو الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن إلى:
- وضع جدول زمني واضح لإلغاء نظام الكفالة.
- إلغاء المادة 231 من قانون العقوبات التي تعتبر إضراب العمال جريمة وتنص على حبس المخالفين.
- تطبيق الحظر على فرض رسوم استقدام على العمال الوافدين مصحوباً بعقوبات كافية.
حقوق فئة البدون
طبقاً لمنظمة اللاجئين الدولية، فهناك ما بين 10 إلى 100 ألف بدون يعيشون في الإمارات العربية المتحدة. وبسبب كونهم بدون جنسية، فهم مستمرون في التعرض لمعوقات جسيمة في عدة مجالات، مثل الرعاية الطبية والتعليم، ويعيش الكثيرون منهم في حالة من الفقر. قامت الإمارات في 18 يوليو/تموز بترحيل ناشط مهتم بحقوق البدون إلى تايلاند رغم أنه وُلد ونشأ في الإمارات ولم يغادر البلاد قط. ومن هنا فإننا ندعو الحكومة الإماراتية إلى:
- تبني منهج يراعي حقوق الإنسان لإنهاء مشكلة البدون في الإمارات بما يتسق مع معايير القانون الدولي. يجب الكشف علناً عن خارطة طريق واضحة وجدول زمني بإنهاء حالة البدون في الإمارات العربية المتحدة.
- منح الجنسية للمقيمين منذ فترات طويلة من أصحاب الإثباتات القوية الداعمة لطلب الجنسية، بما في ذلك السكان الذين ليست لهم وثائق تربطهم بدول أخرى والذين تعتبر صلاتهم السكنية والأسرية والاقتصادية و/أو الاجتماعية الأساسية مرتبطة بالإمارات العربية المتحدة.
حرية تكوين الجمعيات
قامت الإمارات العربية المتحدة في أبريل/نيسان 2011 بحل جمعية الحقوقيين، ثم قامت في مايو/أيار 2011 بحل جمعية المعلمين. في مارس/آذار 2012 أغلقت الإمارات مقر مركز البحوث الألماني كونراد أديناور في الإمارات، وأيضاً مقر المعهد الديمقراطي الوطني (ومقره الرئيسي واشنطن). ما زالت المادة 16 من قانون الجمعيات الإماراتي لعام 2008 تحظر على المنظمات غير الحكومية وأعضائها “التدخل في السياسة أو في الأمور التي تمس أمن الدولة ونظام الحكم”. على ضوء توصيات اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري واللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، بشأن حرية تكوين الجمعيات، فإننا ندعو الإمارات العربية المتحدة إلى:
- تحسين التعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني.
- الكف عن إغلاق وحل ومضايقة هذه المنظمات.
التصديق على مواثيق حقوق الإنسان الأساسية وتنفيذها
يدعو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان إلى “التحلي بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان”. بالإضافة إلى التوصيات المذكورة أعلاه فإننا ندعو حكومة الإمارات العربية المتحدة إلى:
- التصديق دون تأخير على مواثيق حقوق الإنسان الأساسية التي لم تدخل الإمارات طرفاً فيها بعد، وهي تحديداً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
- التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 والاتفاقية رقم 98، وهما الاتفاقيتان المعنيتان بحرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي على التوالي، والاتفاقية رقم 189 المعنية بظروف العمل اللائقة لعاملات المنازل.
- سحب التحفظات على المواد 2 (و) و9 و15 (2) و29 (1) باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
التعاون مع إجراءات الأمم المتحدة الخاصة
يدعو القرار المنشئ لمجلس حقوق الإنسان جميع الدول الأعضاء بالمجلس إلى التعاون الكامل مع أصحاب صلاحيات إجراءات الأمم المتحدة الخاصة. في هذا الشأن ندعو الإمارات أن تصدر دون تأخير دعوات لجميع حملة إجراءات مجلس حقوق الإنسان الخاصة. لا سيما وعلى ضوء المزاعم القابلة للتصديق بوقوع أعمال تعذيب في منشآت أمن الدولة، ينبغي أن تصدر الإمارات دعوة فورية للمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
كما نذّكر الإمارات العربية المتحدة بأن التزامها بحقوق الإنسان يستتبعه التزام باتخاذ خطوات ملموسة، تشريعية وغير ذلك من الخطوات، من أجل حماية مبادئ ومعايير قانون حقوق الإنسان.
مع بالغ التقدير والاحترام،
1. المركز الأفريقي لدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ACDHRS)
2. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
3. مبادرة كومنولث حقوق الإنسان (CHRI)
4. مشروع المدافعين عن حقوق الإنسان في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي (EHAHRDP)
5. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR)
6. هيومن رايتس ووتش (HRW)
7. شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان في غرب أفريقيا (ROADDH/WAHRDN)
Share this Post