على الرغم من سجل دولة البحرين الطويل والمخجل في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حصل رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان على جائزة ” ضيف الشرف النرويجي” الفخرية بحضور رئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرج، بدعوى “تقدير جهوده لتعزيز السلام والأمن والتسامح والوئام على الصعيدين الإقليمي والعالمي!
هذا التكريم أثار استنكار واستهجان مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR) ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وثماني منظمات حقوقية نرويجية ودولية، عبروا عنه في رسالة مشتركة لرئيسة الوزراء.
الرسالة ناشدت النرويج الامتثال لمبادئ حقوق الإنسان، والضغط على البحرين من أجل تحسين الأوضاع المتردية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الإفراج غير المشروط عن جميع سجناء الرأي.
معالي رئيسة الوزراء،
تعد النرويج في طليعة الدول الداعمة لآليات حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وذلك بدعمها العديد من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني. لهذا نشعر ببالغ القلق إزاء التقارير التي تفيد بأن رئيس وزراء البحرين، خليفة بن سلمان آل خليفة، قد حصل في وجودكم على جائزة “ضيف الشرف النرويجي” الفخرية لعام 2019، بدعوى “تقدير جهوده لتعزيز السلام والأمن والتسامح والوئام على الصعيدين الإقليمي والعالمي!” في حدث نظمته لجنة 14 أغسطس، وذلك في 12 أغسطس الماضي. لذا، فإننا نحن المنظمات الموقعة أدناه، نود التأكيد على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة البحرينية بشكل منهجي، لا سيما ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
البحرين لديها إرث من التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان؛ ومع ذلك، فإنها تنتهز كل فرصة لتبييض وجهها، سواء من خلال الدبلوماسية أو الأحداث الرياضية أو الدعاية المضللة حول تقدم الحكومة في مجال حقوق الإنسان. وفي هذا السياق نشير إلى استمرار حبس اثنين من أبرز المدافعين الحقوقيين البحرينيين، والذين أسسا وقادا مركز البحرين لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان، وساهما في العديد من الأنشطة بمشاركة المنظمات الدولية الرائدة في مجال حقوق الإنسان، وذلك بسبب دفاعهم السلمي عن حقوق الإنسان وممارسة حقهم في حرية التعبير في البحرين، هما عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب.
عبد الهادي الخواجة هو مواطن دانمركي / بحريني مزدوج الجنسية، أسس مركز البحرين ومركز الخليج وكان المدير التنفيذي للأول، كما عمل مع منظمة الخط الأمامي. أُدين وحُكم عليه بالسجن المؤبد في 22 يونيو 2011 بتهم ملفقة تتعلق بانتفاضة 2011. ومنذ اعتقاله، تعرض الخواجة لمعاملة يرثى لها، بما في ذلك الضرب والتعذيب البدني والنفسي والجنسي والحرمان من الخدمات الطبية والحرمان من حقوق الزيارة. وقد احتج على هذه الظروف عدة مرات من خلال إضرابات طويلة عن الطعام.
نبيل رجب، رئيس مركز البحرين وأحد المديرين المؤسسين لمركز الخليج، يقضي حاليًا محصلة أحكام بالسجن تصل لسبع سنوات بسبب تغريدة على موقع تويتر وإجراء مقابلات مع وسائل الإعلام حول دور المملكة العربية السعودية في حرب اليمن وممارسات التعذيب في سجن “جو” في البحرين. تم اعتقال رجب وتعقبه مرارًا وتكرارًا بسبب عمله السلمي في مجال حقوق الإنسان منذ عام 2012. وفي عام 2016، أعيد اعتقاله بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه لأسباب صحية، كما تعرض للتعذيب وللمعاملة المهينة في السجن.
لقد دعت العديد من الحكومات، بما في ذلك حكومتكم، إلى إطلاق سراح نبيل رجب في بيان صدر في يوليو 2017، والذي أعرب عن القلق “بشأن القيود المتزايدة على حقوق الإنسان الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التجمع في البحرين.”
كذلك استهدفت السلطات البحرينية المدافعات عن حقوق الإنسان بسبب فضحهن انتهاكات حقوق الإنسان والعنف والفساد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتعرض بعضهن للاحتجاز والتعذيب. إذ وثقت الجماعات الموقعة أدناه تعذيبًا شديدًا في سجن مدينة عيسى، ما طال أيضا المدافعات عن حقوق الإنسان، هذا بالإضافة على إجبار العديد منهن على العيش في المنفى عقابًا على مواصلة نشاطهن والدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة في البحرين.
أيضًا تُنتهك حرية التعبير بشكل روتيني ويتم تقييد حرية الإعلام بشدة، على نحو يهدد الديمقراطية. ففي عام 2017، تم الإغلاق القسري لصحيفة الوسط المستقلة الوحيدة في البحرين، ورفضت وزارة شئون الإعلام تجديد تراخيص الصحفيين العاملين في وكالات الأنباء الأجنبية، بمن فيهم نزيهة سعيد، من إذاعة مونت كارلو الدولية وفرانس 24، والتي تم تغريمها للعمل دون ترخيص – رغم رفض طلبها بالأساس. كانت نزيهة سعيد قد حرمت من العدالة، وتعرضت للتعذيب في السجن عام 2011. وتفيد مراسلون بلا حدود بأن العديد من الصحفيين، وخاصة المصورين، قد تم احتجازهم، كما لا يُسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بدخول البلاد.
يتكرر أيضًا استخدام عقوبة الإعدام في البحرين. إذ أُعدم شابان، علي العرب وأحمد الملالي، يوم 27 يوليو، بعد إدانتهما “بالانضمام إلى جماعة إرهابية وارتكاب جرائم قتل وحيازة متفجرات وأسلحة نارية للقيام بأعمال إرهابية.” وقد تم الحكم عليهما ضمن محاكمة جماعية في 31 يناير 2018. وفي ذلك يقول مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية، أن الرجلان أُجبرا على التوقيع على اعترافات تحت التعذيب ومُنعا من حضور محاكمتهما وحُكم عليهما بالإعدام غيابياً، وهو ما أفادت به أيضا عدد من المنظمات الحقوقية. جدير بالذكر أن عمليات الإعدام هذه وقعت قبل ثلاثة أسابيع فقط من حصول رئيس وزراء البحرين على جائزة “ضيف الشرف النرويجي، الأمر الذي يطرح التساؤل عما إذا كانت حكومتكم الموقرة والمنظمات غير الحكومية على دراية بهذه الانتهاكات المشار إليها في البحرين.
نحن المنظمات الموقعة نعرب عن قلقنا بشأن قرار لجنة 14 أغسطس بتقديم هذه الجائزة لرئيس وزراء البحرين، ونحث اللجنة على النظر بعناية أكبر في تاريخ المرشحين، والتشاور مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني العاملة على المستوى الشعبي. كما نشعر بالفزع لأن مركز أوسلو للسلام وحقوق الإنسان اضطلع بتيسير الدعوة لرئيس وزراء البحرين. وما يثير القلق أن الحكومة النرويجية شرعت في مكافأة شخص يجب- على الأحرى- تحميله المسئولية المباشرة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان والحياة الإنسانية في البحرين، خاصة بعد توثيق ممارسات التعذيب على نطاق واسع في السجون البحرينية كما هو موضح بالتفصيل في الشهادة التي كتبها عبد الهادي الخواجة من داخل سجن “جو” سيئ السمعة.
لقد وثقنا انتهاكات ضد العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين تعرضوا لسوء المعاملة (لدى مركز الخليج وحده سجلات عن 74 مدافعًا عن حقوق الإنسان يتعرضون للاضطهاد بسبب عملهم منذ عام 2011) ولا يزال العديد منهم في السجن حتى يومنا هذا. كما وثقنا حالات التعذيب الجسدي والنفسي، والحرمان من الحصول على العلاج الطبي، والحرمان من حقوق الزيارة، والاستخدام الواسع النطاق للحبس الانفرادي داخل سجن “جو”، الذي يضم معتقلين سياسيين وسجناء رأي. كما أنه اعتبارًا من 25 أغسطس 2019، أضرب أكثر من 600 سجين رأي في البحرين عن الطعام احتجاجًا على الظروف غير الإنسانية في السجون.
هذه الانتهاكات المشار لها واقعة ومستمرة. فعلى سبيل المثال، في 26 أغسطس، أفاد مركز الخليج أن المدافع عن حقوق الإنسان، الدكتور عبد الجليل السنكيس، محروم من الرعاية الطبية الكافية لأكثر من عامين، رغم تدهور حالته الصحية، فقط بسبب أنه يرفض ارتداء القيود.
أخيرًا نود تذكير الحكومة النرويجية بتوصياتها المقدمة إلى البحرين خلال الدورة الثالثة للمراجعة الدورية الشاملة للملف الحقوقي في البحرين، ونطلب من مكتب رئيس الوزراء الضغط على السلطات البحرينية من أجل:
- الإفراج في أقرب وقت ممكن عن جميع المحتجزين، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان، جراء ممارسة حقوقهم الأساسية في التعبير والتجمع؛
- التحقيق في جميع مزاعم التعذيب في السجون، ومحاكمة جميع الأفراد الثابت تورطهم في هذه الجرائم؛
- تخفيف جميع أحكام الإعدام، وإعلان وقف تنفيذ هذه العقوبة، والتحرك صوب إلغاءها.
كما نحث نحن الموقعون أدناه مكتب رئيس وزراء النرويج على:
- الإدانة الفورية والمعلنة لتقديم جائزة بناء السلام والديمقراطية الممنوحة في النرويج لرئيس وزراء البحرين
- حث سلطات البحرين على الإفراج دون قيد أو شرط عن سجناء الرأي وإلغاء الأحكام وإسقاط التهم الموجهة إليهم.
ونحث أيضًا لجنة 14 أغسطس على:
- إلغاء الجائزة الممنوحة لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة عن “بناء السلام والديمقراطية.”
- الامتناع مستقبلاً عن تكريم منتهكي حقوق الإنسان.
نتطلع إلى سماع ردكم على مخاوفنا وعلى التواصل معكم أكثر خلال الأسبوع المقبل.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- منظمة القلم الانجليزي
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان)
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- فهرس الرقابة النرويجية
- منظمة نادي القلم الدولي
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان)
Share this Post