فى اجتماعه يوم الخميس الماضى الموافق 4/8/2011 اتخذ مجلس الوزراء قراره الحميد بحل مجلس إدارة “الاتحاد العام لنقابات عمال مصر” بناءً على مذكرة وزير القوى العاملة والهجرة بشأن الأحكام الصادرة ببطلان انتخابات نقابات عمال مصر “2006-2011”..حيث كلف المجــلس الوزير بتنفيذ هذه الأحكام وما يترتب عليها من آثار واستكمال تنفيذ باقى الأحكام وتشكيل لجنة مؤقتة تتولى إدارة الاتحاد لحين إجراء الانتخابات تحت إشراف قضائى، واتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة لتنفيذ ذلك الأمر.
وقد جاء قرار مجلس الوزراء استجابة لمطالبات لم تكف منذ تداعى منظومة الحكم السابقة، وتنفيذاً لأحكام قضائية واجبة النفاذ منذ سنوات، ونزولاً على مقتضيات الانتقال إلى مجتمع ديمقراطى- نتطلع إليه جميعاً- يحترم الحقوق الأساسية لمواطنيه جميعاً.. فى بادرة إيجابية تستحق التقدير وتفتح أبواب التقدم إلى المعالجة الديمقراطية الحاسمة لملف الحريات النقابية- بالغ الإلحاح- بما يكفل للعمال المصريين حقهم- غير المنقوص- فى تكوين نقاباتهم المستقلة بحرية.
إن العمال المصريين الذين حرموا عشرات السنين من حقهم فى تكوين نقاباتهم، والذين استلبت منهم منظماتهم وحركتهم النقابية المستقلة.. العمال المصريون الذين تواترت إضراباتهم خلال السنوات الأربع الأخيرة حتى بلغت معدلاً قياسياً غير مسبوق.. لأنهم- ببساطة- يفتقدون إلى النقابات.. أداتهم فى التعبير عن مصالحهم، والتفاوض بشأنها.. العمال المصريون الذين كانوا يضطرون إلى الاعتصام والمبيت- مع أسرهم وأطفالهم- أمام مجلس الشعب أياماً وشهوراً انتظاراً لمن يسمع صوتهم.. وطلباً لانعقاد لجنة القوى العاملة فى المجلس لبحث قضاياهم المعلقة ومفاوضتهم وصولاً إلى ما يمكن من الحلول والاتفاقات.. العمال الذين سحبوا الثقة من نقابات هذا الاتحاد.. والذين أرسلوا استقالاتهم وطلبوا التوقف عن اقتطاع اشتراكاتهم جبراً- دون جدوى- .. العمال الذين أضافوا مطلب حل اللجان النقابية إلى صدر مطالبهم فى كل إضراب وحركة احتجاجية- دون جدوى- هؤلاء العمال هم الطرف الأصلى والأصيل فى النزاع.. هم أصحاب الحق الذين لا يملك أحد التنازل عنه أو المساومة بشأنه.. حقهم فى تكوين نقاباتهم المستقلة.
إننا إذ نرحب بقرار مجلس الوزراء الصادر عنه يوم الخميس الرابع من أغسطس بتنفيذ أحكام القضاء مع كافة ما يترتب عليها من آثار بما فى ذلك حل مجلس إدارة الاتحاد العام.. نطالب بضرورة استكمال الخطوات الضرورية لتفكيك هذه المؤسسة- على النحو الذى يحول دون إعادة إنتاجها كمؤسسة للقهر والهيمنة- نؤكد أن ذلك لا يعد فقط استجابة لمطالب ثورة الشعب المصرى ونزولاً على توجهاتها الأهم فى تفكيك مؤسسات النظام القديم باعتبارها أركان منظومة الاستبداد والقهر والفساد..وإنما أيضاً تحقيقاً لمطالب العمال المصريين الذين كانوا قد بدءوا العد التنازلى لهذا النظام قبل أربع سنوات.. كما أنه ضرورة لا غنى عنها للخطو صوب العدالة الاجتماعية التى لا يمكن لها أن تتحقق دون تمكين الأطراف الاجتماعية من التعبير عن مصالحها والتفاوض بشأنها.. ودون امتلاك الأدوات التنظيمية اللازمة لإجراء المفاوضة الاجتماعية .. النقابات المستقلة الحقيقية.
إن الانتصار للحريات النقابية، وكفالة حق العمال المصريين فى تكوين نقاباتهم المستقلة لا يمكن له أن يتحقق دون إلغاء كافة القيود القانونية التى تكبل هذا الحق وتحول دون ممارسته.. دون إلغاء قانون النقابات العمالية الحالى سيئ السمعة- رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته- وإقرار قانون الحريات النقابية.. قانون يكفل الحق لا يصادره.. قانون يمكن من تكوين النقابات لا يحظرها..
إن الالتزام بمعايير العمل الدولية، وكفالة حق العمال المصريين فى تكوين نقاباتهم المستقلة.. هو استحقاق مؤجل لا سبيل إلى التنصل منه، وهو حال الأداء بصورة بالغة الإلحاح منذ يونيو 2008.. وإذا كان وزير القوى العاملة والهجرة الذى يدرك تماماً ضرورة الوفاء بهذا الاستحقاق بعد رفع اسم مصر من قائمة الحالات الفردية بمؤتمر العمل الدولى المائة تأسيساً على توقع انحياز الحكومة المصرية بعد الثورة إلى خيارات الديمقراطية والشفافية والالتزام .. فإن هذه الحكومة قد باتت مطالبة الآن إلى الانتصار- بكل قوة- لهذا الحق، والإصدار العاجل لقانون الحريات النقابية.
إن درس الثورة البليغ الذى لا يمكن نسيانه.. هو التداعى الدرامى لأركان النظام الذى ظنه رجاله أنه معصوماً من السقوط.. هذا التداعى الذى لم يكن فى واقع الأمر سوى نتيجة منطقية لنقطة اللاتوازن التى كان المجتمع المصرى قد آل إليها، والتى دفعت بالملايين إلى الشوارع عندما بات من المستحيل لها أن تحيا مثلما كانت تعيش من قبل.
إن الانتقال إلى مصر الآمنة الديمقراطية لا يمكن أن يتحقق بغير استعادة قدر من التوازن الاجتماعى.. بغير استعادة المهمشين خارج المجتمع- اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً- إلى داخله لكى يصبحوا أصحاب مصلحة حقيقة استقراره وانتظامه وأمنه.. بغير تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية يضمن لغالبية الشعب المصرى حياة كريمة، وفرصة عمل لائقة.. ويفتح أمام الجميع أبواب الأمل الذى كان قد بدا لهم مستحيلاً..
ولكى يمكن الخطو نحو العدالة الاجتماعية.. نحو قدر من توازن الحقوق والمصالح وفرص الحياة والكسب ينبغى أن نفسح مجالاً لآليات الجدل الاجتماعى ..والمفاوضة الاجتماعية.. أن تتاح إمكانيات التعبير والدفاع عن المصالح، والمفاوضة بشأنها لتحقيق قدر عقلانى رشيد من التوازن بين المصالح المتعارضة..
إن الحكومة المصرية فى تشكيلها الجديد التى قطعت على نفسها عهداً أن تكون أكثر حساسية وأكثر استجابة لتوجهات ثورة الشعب المصرى.. والتى نعتقد ونأمل- مع الكثيرين من المصريين- أنها أكثر فهماً وإدراكا لمضمون وجوهر المجتمع الديمقراطى الذى نستهدفه ونرغب فى الانتقال إليه، والذى لا تستغرقه ترتيبات الانتخابات التشريعية والرئاسية مهما كان من شأن أهميتها.. المجتمع الديمقراطى الذى تتوفر لأبنائه وفئاته وقطاعاته فرص وآليات التعبير عنا مصالحها والدفاع عنها.. فرص وآليات الرقابة على مواردها والمشاركة والتأثير فى القرارات التى يتم اتخاذها فى شأن إدارتها، وتوزيع عوائدها.. المجتمع الذى يكفل آليات المفاوضة الاجتماعية بين أطرافه فيماً يضمن حداً أدنى من التوازن بينها.
إن الحكومة المصرية مدعوة الآن- بكل قوة- إلى الانتصار لحق العمال المصريين فى تكوين نقاباتهم بحرية.. ونحن إذ نتوجه إليها برسالتنا هذه نطالب كافة القوى الديمقراطية بالتضامن مع مطلبنا..وتشديد العمل معنا من أجل اقتضاء هذا الحق..
وجهوا نداءكم معنا
– من أجل الحقوق الديمقراطية للعمال المصريين
– من أجل الإصدار الفورى لقانون الحريات النقابية
الأحزاب الموقعة أبجدياً
– ائتلاف شباب الثورة
– الحزب الاشتراكى المصرى
– الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى
– حزب الجبهة الديمقراطية
– حزب العدل
– حزب المصريين الأحرار
– حزب تحالف الشعب الاشتراكى
– حزب مصر الحرية
المنظمات غير الحكومية الموقعة أبجدياً
– الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
– الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
– المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان
– المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
– المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
– المركز المصري للتنمية وحقوق الإنسان
– المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
– جماعة تنمية الديمقراطية
– جمعية الباحثين بالجامعات والمعاهد المصرية
– دار الخدمات النقابية والعمالية
– مؤسسة الانتماء الوطني لحقوق الإنسان
– مؤسسة المرأة الجديدة
– مركز الجنوب لحقوق الإنسان
– مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
– مركز القاهرة للتنمية
– مركز إشراقة لحقوق المرأة
Share this Post