بيان مشترك من 13 منظمة حقوقية
أعربت ثلاث عشرة منظمة حقوقية مصرية عن انزعاجها الشديد من استمرار الحكومة المصرية في إنكار أو تجاهل التقارير المتواترة التي تؤكد احتجاز بضع مئات من الرهائن الأفارقة في سيناء على مدى الأشهر الماضية على يد عصابات من المهربين، وتعرضهم للتعذيب والاغتصاب لإجبار أقاربهم في الخارج على دفع آلاف الدولارات كفدية مقابل إطلاق سراحهم. وطالبت المنظمات المصرية كافة أجهزة الحكومة بالتحرك الفوري لإنقاذ مجموعة من الرهائن المحتجزين حالياً وفقا لالتزاماتها بموجب القانون المصري والدولي.
وكانت تقارير صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين ومنظمات حقوقية دولية على رأسها منظمتا هيومن رايتش ووتش وأطباء من أجل حقوق الإنسان على مدى الأسابيع الماضية قد تضمنت تفاصيل مروعة حول ما يتعرض له الرهائن الأفارقة ـ وأغلبهم من إريتريا وأثيوبيا ـ من فظائع على يد عصابات المهربين. وتتضمن التقارير معلومات متطابقة وردت في شهادات الناجين من حالات احتجاز مماثلة تتحدث عن احتجاز مجموعات من حوالي مئة من الرهائن ومن بينهم عدد من النساء والأطفال في حاويات معدنية أو غرف تحت الأرض في أماكن مختلفة بسيناء، والاعتداء عليهم بالضرب والحرق والجلد بالأسلاك الكهربائية أثناء الاتصال بأقاربهم لتحفيزهم على دفع مبالغ الفدية. وخلال الأسابيع أو الأشهر التي يستغرقها أقارب الرهائن في جمع وتوصيل المبالغ المطلوبة فإن النساء يتم فصلهن عن الرجال واغتصابهن بشكل جماعي ومتكرر على يد محتجزيهم. وقالت منظمة (أطباء من أجل حقوق الإنسان) أن العيادة التابعة لها في إسرائيل قامت بإجراء 165 عملية إجهاض خلال الأشهر العشرة الماضية فقط لمهاجرات أفارقة تعتقد المنظمة أن نصفهن على الأقل حملن نتيجة تعرضهن للاغتصاب على يد المهربين قبل مغادرتهن للأراضي المصرية. كما أشارت التقارير إلى إجبار الرجال والنساء المحتجزين على العمل القسري لساعات طويلة في بناء المنازل أو خدمة المهربين أثناء احتجازهم، مع حرمانهم من الطعام والشراب خلال أغلب ساعات اليوم.
وقد تمكنت المنظمات الحقوقية المصرية من الاتصال بواحد من المحتجزين حاليا ضمن مجموعة من الرهائن في سيناء. وقال اللاجئ الإريتري إنه محتجز داخل حاوية معدنية مع خمسة عشر آخرين من الرهائن على يد مجموعة من البدو لأنه لم يتمكن من دفع المبلغ المطلوب (ما بين ثلاثة آلاف وثمانية آلاف دولار). وأضاف أن المهربين لا يقدمون لهم يومياً إلا قطعتين من الخبز وبعض المياه المالحة للشرب، وأنهم قاموا بنقله عدة مرات بين أماكن احتجاز مختلفة في أنحاء سيناء حيث يتم احتجاز وتعذيب مئات من المهاجرين من إريتريا وأثيوبيا والسودان والصومال، بعضهم لمدد تمتد إلى أكثر من ستة أشهر.
وفي الوقت الذي تتواتر فيه التقارير والتفاصيل حول هذه الفظائع، فإن مسئولي الحكومة المصرية ما زالوا يرفضون الاعتراف بهذه المعلومات أو اتخاذ الإجراءات اللازمة للوصول لهؤلاء الضحايا وإنقاذهم. وكالمعتاد، فقد قام المتحدث باسم وزارة الخارجية حسام زكي بتوجيه الاتهام إلى (جهات مشبوهة) لم يسمها بالمسئولية عن إصدار هذه المعلومات التي اعتبرها المتحدث (زوابع إعلامية). وأضاف المتحدث في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في 20 ديسمبر الجاري: “ناشدنا من لديه معلومات بأن يقدمها للسلطات المصرية .. ولم يتقدم أحد بأي معلومات.. فما المطلوب إذن .. يبدو أن المسألة تتجاوز تلك الزوابع الإعلامية إلى أمور أكبر من ذلك تقف وراءها جهات مشبوهة”.
وطالبت المنظمات المصرية كافة أجهزة الحكومة بالتخلي عن الإنكار غير المسئول للمعلومات المتوافرة والتحرك الفوري للتعامل مع هذه المأساة الإنسانية البشعة. وأكدت المنظمات أن الحكومة ملزمة بموجب قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 الصادر في مايو الماضي بالتعامل مع هذه الأفعال بوصفها جرائم اتجار بالبشر، حيث تتوافر فيها أركان الجريمة الثلاث وهي: التعامل في الأشخاص بما في ذلك التسلم والاستقبال والإيواء، واستعمال القوة أو العنف أو التهديد، وقصد الاستغلال بما في ذلك الاستغلال الجنسي والخدمة القسرية. وتتحمل الدولة بموجب هذا القانون مسئولية معاقبة الجناة وحماية المجني عليهم، بالإضافة إلى تقديم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للضحايا والحفاظ على حقوقهم.
ووفقاً للائحة التنفيذية لقانون مكافحة الاتجار في البشر ـ والتي صدرت في 30 نوفمبر الماضي بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3028 لسنة 2010 ـ فإن على اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر التدخل فوراً لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في هذه الحالة بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى. ويلزم القانون واللائحة التنفيذية إدارات البحث الجنائي والإدارات العامة لمباحث أمن الدولة وأقسام الشرطة بالبحث عن هذه الجرائم, كما يكلف النيابة العامة بالتحقيق فيها.
وفيما يتعلق بحماية الضحايا فإن المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية لقانون الاتجار ألزمت كلا من وزارة الداخلية بتوفير الحماية الجسدية للضحايا، ووزارة الصحة بتوفير الرعاية الصحية والنفسية، ووزارة الخارجية بتولي إجراءات عودة الأجنبي أو غير المقيم إلى وطنه. وشددت المنظمات المصرية على أنه لا تجوز إعادة الأجنبي المجني عليه إلى وطنه إذا كانت حياته أو حريته مهددتين فيه، طبقا لالتزامات مصر بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، والتي انضمت إليها منذ 1981.
وتؤكد المنظمات الموقعة أنها ستواصل العمل من أجل دفع الحكومة إلى تحمل مسئوليتها تجاه هؤلاء الضحايا وإنقاذهم، وكذلك من أجل تقديم الدعم القانوني لهم في المستقبل حتى تتم مقاضاة المسئولين بشكل مباشر أو غير مباشر عن مأساتهم وتعويضهم عنها.
المنظمات الموقعة
1. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
2. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف.
3. مركز هشام مبارك للقانون.
4. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
5. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
6. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
7. مركز قضايا المرأة المصرية.
8. مركز الأرض لحقوق الإنسان.
9. مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
10. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
11. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
12. مؤسسة المرأة الجديدة
13. المركز المصري لحقوق المرأة
Share this Post