في حضور أكثر من ستين مشاركًا من أعضاء البعثات الدبلوماسية لدول مختلفة، عقد مركز القاهرة أمس ندوة حول مسار الثورة فى مصر ومستقبل الانتخابات البرلمانية، وذلك على هامش فعاليات الجلسة الثامنة عشر لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمقره في جنيف. الندوة التي نظمها مركز القاهرة، ضمت كل من بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ومجدى عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، وأدار الحوار سناء حكيم مدير برنامج الحماية الدولية بمركز القاهرة.
في البداية أشار بهي الدين حسن إلى أن أكثر من نصف مليون مصرى خرجوا للميادين الجمعة الماضية 9 سبتمبر من أجل تصحيح مسار الثورة، بعد أن شعروا بانحراف المسار، وذلك كنتيجة لسلسلة من القوانين القمعية والمحاكمات العسكرية للمدنين. وأضاف بهي إنه رغم هذا الاحتجاج قرر المجلس العسكرى تفعيل قانون تجريم الاعتصام ذو العقوبات الغليظة، والذي يشترط عدم التفاوض مع المعتصمين إلا بعد فض الاعتصام.
أكد بهي على أن ثوار 25 يناير كانت لديهم مطالب محددة ومشروعة تضمن تغيير حقيقي لمصر سياسيًا واجتماعيًا، إلا أن هذه المطالب لم يتحقق منها سوى رحيل شخص مبارك فقط، لتبدأ بعد ذلك سلسلة من الصراعات بين الثوار ومطالبهم من جهة وقمع المجلس العسكري لهذه المطالب من جهة أخرى. ذلك القمع الذي اتخذ أشكال متعددة أشار إليها بهي بقوله “”إن كان التعذيب المنهجى قد تراجع فى معتقلات أمن الدولة، فقد عاد وبشدة فى السجون العسكرية، أما القوانين التي أصدرها المجلس العسكري فجاءت أشد قمعًا من قوانين عهد مبارك””، مضيفًا أن “”الحكومة المصرية لم تجد سبيلاً للتعامل مع الوضع الراهن إلا بمزيد من القمع والتعذيب والمحاكمات العسكرية””.
وعن مستقبل الانتخابات البرلمانية في ظل هذا الوضع، أبدى بهي الدين استيائه من قوانين الانتخاب وقانون تشكيل الأحزاب السياسية اللذان أقرهما المجلس العسكري مؤخرًا واللذان جاءا فى مجملها لخدمة أهداف أعضاء الحزب الوطني المنحل أكثر منها فى مصلحة الأحزاب السياسية الجديدة. وأضاف مجدي عبد الحميد أن تلك القوانين المنظمة للعملية الانتخابية تستهدف اعاقة عمل الكيانات السياسية الصغيرة التي من المفترض أن تخلق مناخ تنافسي فى الانتخابات، مشيرا إلى أن المجلس العسكري لديه طموح سياسي لا يختلف كثيرًا عن طموح تيارات الإسلام السياسي فى السلطة.
وحول مراقبة الانتخابات ومدى قدرتها على ضمان نزاهة العملية الانتخابية، أكد مجدي أن مراقبة الانتخابات لا تعنى مراقبة عملية الاقتراع، وإنما تتضمن مراقبة كافة المتغيرات المصاحبة للعملية الانتخابية سواء قبل بدء الانتخابات أو بعدها أو فى أثناء الاقتراع والفرز، مشيرًا إلى أن “”تزوير الانتخابات لا يتضمن فقط تزوير النتائج أثناء الفرز، وإنما يمكن أن يتخذ التزوير أشكال أخرى مثل استصدار قوانين لدعم قوى سياسية معينة ضد قوى أخرى وهو ما يحدث الآن، ويُنبئ بنتائج غير ديمقراطية لا تعبر عن إرادة الشعب “” كما أبدى مجدي تخوفه من استخدام الانفلات الأمني كمبرر لتأجيل الانتخابات أو الدفع بها إلى نفق مظلم.
ومن القاعة أبدى ممثل الاتحاد الأوروبي اندهاشه وصدمته بشأن قرارا المجلس العسكري بتعديل قانون الطوارئ على هذا النحو، مؤكدًا دعم الاتحاد الأوروبي للاحتجاجات السلمية فى مصر والشرق الأوسط ورفضه للمحاكمات العسكرية للمدنيين. وردًا على سؤال من ممثل الاتحاد الأوروبي حول حقيقة وجود حوار بين المنظمات المصرية والمجلس العسكري، أكد بهي الدين حسن إنه لا يوجد حوار حقيقي بين المجلس العسكري ومنظمات المجتمع المدني، بل على العكس غالبًا ما تأتى قوانين المجلس العسكرى بعيدة عن مقترحات المنظمات ورؤيتها، مستشهدًا بقانون الانتخاب الذي لم تدعمه أية قوة سياسية أو حقوقية فى مصر ومع ذلك أقره المجلس العسكري.
وردًا على مداخلة من القاعة حول حقيقة تواجد الإخوان فى الشارع المصري واحتمالية أن يحظوا بالأغلبية فى الانتخابات، أشار مجدي عبد الحميد إلى أن التحول الديمقراطي الحقيقي يستطيع وحده الكشف عن حقيقة تواجد الإسلاميين فى الشارع، وأضاف بهي إنه لا يتوقع أن يحصد الإخوان أغلبية مقاعد البرلمان مستبعدًا وجود “”صفقة”” بين الإخوان والمجلس العسكري حول الانتخابات كما يدعى البعض مرجحًا أن مصالح مشتركة تجمعهما في هذا الصدد، فكلاهما غير مؤيد للقوى الليبرالية وكلاهما يسعى لعرقلة وصولهم للسلطة، مضيفًا أن الإعلان الدستوري لا يعطى الحق للأغلبية فى تشكيل الحكومة سواء كانوا إسلاميين أو ليبراليين.
Share this Post