سبعون عامًا من السلب والقتل وغياب المساءلة
يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء فشل مجلس الأمن في التصدي للانتهاك الإسرائيلي الجسيم للقانون الدولي الإنساني في 30 مارس الماضي، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 18 فلسطينيا و سقوط ما يزيد عن 1416جريح، بسبب استخدام قوات الاحتلال للقوة المميتة والمفرطة في قمع مظاهرات فلسطينية سلمية في قطاع عزة. كما يدين المركز التخاذل الدولي المستمر عن حماية المدنيين الفلسطينيين وحقوقهم الأساسية المنتهكة يوميًا تحت نظام احتلال عسكري مطول، لا يحظى بأية مساءلة عن انتهاكاته الجسيمة.
في ذكرى يوم الأرض، خرج آلاف الفلسطينيون في مسيرة سلمية نحو الشباك العازل في قطاع غزة، مطالبين بحقهم المشروع في العودة للديار التي أجبروا على تركها منذ عام 1948، إعمالا بقرار الجمعية العامة رقم 194 الصادر في ديسمبر 1948. طالب المتظاهرون بإنهاء الحظر المفروض على قطاع غزة والمستمر منذ 11 عامًا، مهددًا مليوني فلسطيني على الأقل داخل القطاع بأزمة إنسانية حادة، وبدلاً من الالتفات للمطالب الإنسانية المشروعة، لجأت قوات الاحتلال للقوة المميتة المفرطة غير المتناسبة، فقتلت عمدًا وجرحت المئات منهم.
ورغم مطالب حقوقية ودولية عديدة – كان أخرها للأمين العام للأمم المتحدة– بالتحقيق في جرائم القتل العمد للفلسطينيين خلال التظاهرات السلمية، فشل مجلس الأمن في جلسته الطارئة، الأول من ابريل الجاري، في إصدار بيان يدعو فيه لتحقيق نزيه وعاجل بشأن الأحداث الأخيرة الخطيرة، مستجيبًا لمحاولات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية تعطيل مجرد صدور البيان. وعلى الجانب الأخر رفض المسئولون الإسرائيليون التعاون مع أية جهة تحقيق، مجاهرين بأن جنودهم قتلة الفلسطينيون يستحقوا أوسمة شرف لا المثول للتحقيق!
لقد استفادت إسرائيل على مدى سنوات من فشل آليات المساءلة الدولية في وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فبحسب تقرير للمفوض السامي لحقوق الإنسان في 2017 تضمن استعراض شامل للتوصيات الموجهة من قبل المجتمع الدولي لإسرائيل، فإن 27% من تلك التوصيات تتعلق بغياب المساءلة. وفي عام 2016صرح الأمين العام للأمم المتحدة بأن “عدم المساءلة عن الانتهاكات الإسرائيلية السابقة يتسبب في غياب أي تقدم نحو التوصل لحل سياسي، ومن ثم تفاقم الانتهاكات، الأمر الذي يغذي دوامة العنف، ويقوض فرص السلام والأمن المستدامين.” موصيًا بأن يكون التصدي للإفلات من العقاب الأولوية القصوى لدى جميع الأطراف.
إن تعزيز ثقافة قانون الأقوى ينافي بشكل تام كل ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ حفظ السلم والأمن الدوليين التي هي غاية النظام الدولي، فإن لم يضع مجلس الأمن حدًا لتخاذله عن حفظ هذه المبادئ، ستباشر كل الدول الخارجة عن القانون أفعالها الإجرامية دون رادع ولا حياء.
وفي هذا الصدد، يخشى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان من أن استمرار فشل مجلس الأمن دون تدخل حقيقي من قبل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، لن يؤد إلا لتأجج الصراع في الشرق الأوسط وتشجيع الدول والجماعات المسلحة على حد سواء للجوء للعنف كبديل عن القانون في الحماية والعدالة، وعليه يجدد المركز دعوته للدول الأعضاء بالتحرك الفوري والفعال لإنهاء فشل مجلس الأمن، وتشكيل آليات حقيقية للردع والمساءلة، تضمن تحقيق العدالة للضحايا وتحمي مبادئ النظام الدولي، وذلك من خلال:
- الدعوة لاجتماع الجلسة الطارئة الخاصة الـ 10 للجمعية العامة للأمم المتحدة حول “الأفعال الإسرائيلية غير القانونية في القدس المحتلة وباقي الأرض الفلسطينية المحتلة،” وذلك إعمالاً بالقرار 377 أ متحدون من أجل السلام، من أجل تحديد خطوات فعالة تضمن حماية المدنيين الفلسطينيين من استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للقوة المفرطة.
- عقد جلسة طارئة بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لإنشاء آلية تحقيق دائمة في انتهاكات حقوق الإنسان والتعديات الجسيمة على القانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة.
Share this Post