فى اليوم العالمى لحقوق الإنسان(10 ديسمبر) نظّم مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ندوة بعنوان “عندما يكون اغتصاب النساء سلاحا فى دارفور”، والذي سلط الضوء على أوضاع المرأة والانتهاكات الصارخة التى تتعرض لها منذ بداية الحرب على يد كل المتقاتلين فى الإقليم.
وشارك في فعاليات الندوة السفير أحمد حجاج أمين عام الجمعية الافريقية والمفوض الشخصى للرئيس مبارك فى مفاوضات دارفور، وعزة سليمان مديرة مركز قضايا المرأة المصرية، وطارق خاطر مدير جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، وعبده حماد من مؤسسة العمل السودانية، وأحمد حسو إعلامي سوري يعمل بالإذاعة الألمانية, وقد أدار الندوة معتز الفجيري مدير البرامج بالمركز .
فى البداية أكد الفجيري أن وجود القوات الأممية في الإقليم أصبح من أهم مطالب المنظمات الحقوقية العربية؛ للمساهمة في وقف الصراع الدائر هناك ووقف الجرائم التى تتم ضد المدنيين فى الإقليم، مشيرا إلى انسحاب كثير من المنظمات الحقوقية من الاقليم بعد أن أصبح أفرادها هدفا للمليشيات المتصارعة.
واستغرب الفجيري إنكار الحكومة السودانية لحوادث العنف والاغتصاب فى الإقليم، والتي تتحدث عنها كل التقارير الدولية، وبعثات تقصى الحقائق، واستمرارها في رفض دخول القوات الدولية، لافتا إلى ازدواجية المعايير التي يعانى منها العالم العربى واستمرار أجهزة الإعلام العربية في مقارنة الأوضاع في دارفور بما يجرى فى فلسطين وهى مقارنة تظلم أهالي دارفور .
وأضاف أن اتفاق أبوجا للسلام، الموقع في الخامس من مايو الماضي بين حكومة الخرطوم وأحد أكبر فصائل المعارضة في الإقليم، لم يحقق الأمن والسلام في الإقليم، بل إن أغلب المؤشرات والتحليلات تشير إلى اتجاه الأمور إلى الأسوأ، مؤكدا أن الاتفاق منذ توقيعه يحمل بذور فشله حيث لم ينص على آليات واضحة لتنفيذ بنوده، واعتماده على الحكومة السودانية في عملية التنفيذ بشكل يتناقض مع كونها طرفاً أساسيا في الصراع. كما لم تقدم الحكومة أية تصورات ملموسة لنزع سلاح ميليشيات الجنجاويد .
واشار الفجيرى الى ان رئيس بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم يان برونك أشار في أغسطس الماضي، إلى أن تقديرات المنظمة الدولية تشير إلى مقتل نحو 1600 مدني في هجمات متبادلة بين الأطراف المتنازعة في الإقليم في النصف الأول من العام الجاري، وطبقا لتقرير صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة في يونيو الماضي، فقد تعرض نحو 250 ألف شخص للنزوح في النصف الأول من العام الجاري كما ترددت أنباء مؤخرا عن تعرض نحو 1000 آخرين للنزوح اثر هجمات حكومية على شمال دارفور والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين.
ولفت الفجيرى إلى أن الأمر الذي يغفله البعض وعلى رأسهم حكومة الخرطوم، هو أن السودان يستضيف على أرضه قوات أجنبية تابعة للأمم المتحدة الآن، حيث أن هناك 10000 عنصراً تابعين للأمم المتحدة، قادمين بمعظمهم من أكثر من 60 بلداً أفريقياً وآسيوياً، ينتشرون اليوم في وسط السودان وجنوبه كجزء من اتفاقية السلام لعام 2005، والتي وضعت حداً للحرب الأهلية التي استمرت 21 عاماً بين الحكومة وحركة جيش تحرير شعب السودان في الجنوب.
وقال عبده حماد ممثل مؤسسة العمل السودانية أن هناك عدد من القضايا الرئيسية عند الحديث عن ازمة دارفور أبرزها الانتهاكات التى تتعرض لها المرأة فى دارفور، واستخدام الاغتصاب كسلاح فى الصراع هناك، مشيرا إلى أن المرأة السودانية تعرضت لثلاث مراحل من الانتهاكات، المرحلة الأولى وهى مرحلة المجازر التى تمت فى الاقليم وكانت حوادث فردية، أما المرحلة الثانية فكانت فى التسعينات عندما أصبحت قضية دارفور متفجرة وذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية وسياسية، وبدأ تهجير المواطنين من قراهم إلى المدن الرئيسية، وهو ما انعكس ايضا على وضع المراة التى ازدادت متاعبها، وجعلها أكثر عرضة للاغتصاب وانتهاك حقوقها، أما المرحلة الثالثة وهى استخدام الاغتصاب كسلاح ضمن الصراع السياسى وهذا الاستخدام بدا من عام 2003 ومستمر إلى الآن، فهناك حالات اغتصاب جماعية والسلطات الحكومية تنكر ذلك لافتا الى تقرير اللجنة التى شكلتها الامم المتحدة وتحدث عن 700 حالة اغتصاب وقعت فى اربعه شهور فقط بولاية غرب دارفور.
وعن أسباب استخدام هذا السلاح يقول حماد أن المرأة في دارفور لها موقع اجتماعى مميز، والاعتداء عليها يعتبر اعتداء على القبيلة والعشيرة؛ لذلك تم استخدام هذا الاسلوب حتى تكون الحرب فى دارفور أكثر شراسة بين القبائل المتقاتلة، الأمر الثاني أن المرأة في دارفور غير متعلمة ولاتستطيع الشهادة بما حدث لها كما ان مرتكبى الجرائم بناء على شهادات اهل دارفور هم من القوات النظامية ومليشيات الجنجاويد كما ان هناك حالات لجنود ينتمون لقوات الاتحاد الافريقى التى جاءت لتحميهم من هذة الجرائم .
وقال طارق خاطر مدير جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان أن الأزمة الأساسية فى دارفور هى قضية التهميش والفقر واهمال مشاركتهم فى الشان العام ووجود العديد من القوانين المكبلة للحريات بالاضافة الى مشاكل التصحر والجفاف فى دارفور كما ان الحكومة المركزية فى شمال السودان لم تقم بتنمية ولايات دارفور وتفجر الصراع كان بسبب بحث هذة القبائل عن حقوقها .
ودعا خاطر إلى تطبيق المعايير الدولية لمعاقبة مجرمى الحرب خاصة وان اركان جرائم الابادة الجماعية متوفرة وتساءل لماذا لم يتدخل المجتمع الدولى حتى الان بصورة حاسمة لوقف هذة الانتهاكات الاجرامية بحق ابناء دارفور
وشدد على ان قضية دارفور قضية امن قومى بالنسبة لمصر ويجب ان يظهر دور مصرى فاعل فيها سواء على المستوى الحكومى او الشعبى .
ومن جانبها رأت عزة سليمان مديرة مركز قضايا المراة المصرية أن هناك تآمر حدث من الانظمة العربية تجاه ما يحدث فى دارفور كما أن المصريين تعاملوا بعنصرية مع اللاجئين السودانيين في مصر، لافتة إلى أن صناديق الإغاثة الإسلامية التي تجمع ملايين التبرعات من اجل المسلمين المشردين فى العالم لم يسمع لها صوتا يطالب بمساعدة المسلمين فى دارفور ولم يتحدثون فى خطبهم عن المواطنين المطحونين فى الاقليم المنكوب كما لم ياخذ احدا موقفا من الحكومة السودانية التى تغطى على كل هذة الجرائم .
واعترف أحمد حسو المذيع بالإذاعة الألمانية أن قضية دارفور تعانى اعلاميا من نقص المعلومات، وبعد السودان عن اهتمام الاعلام العربى المنشغل بقضايا متفجرة أخرى في فلسطين والعراق ولبنان، وعندما تم تناول الأزمة إعلاميًا كان الاهتمام منصبًا على قضية ازدواجية المعايير لدى العالم الغربي الذي بدا مهتما بقضية دارفور أكثر من باقي القضايا العربية، وهى النقطة التى استغلها النظام السودانى بذكاء شديد، وبدا يركز عليها فى خطابه الرسمي حتى أن معظم الدول العربية دعت النظام السودانى إلى عدم إرسال قوات دولية لدارفور، وبدا الإعلام العربي بعدها في استخدام أكليشيهات ثابتة تصف القوات الدولية بالغزو الجديد والاستعمار الجديد، وهو ما ينم عن عدم اتباع أجهزة الإعلام العربية للمعايير المهنية السليمة عند التعامل مع هذة القضايا .
وأكد السفير احمد حجاج ممثل الرئيس مبارك فى اتفاقات دارفور أن الأمن القومي المصري يجب أان ينتبه إلى ما يحدث فى الجنوب مشيرا الى ان الجميع مشغول فى القضايا المحلية وقال ان دارفور لها خصوصية كبيرة فى علاقتها مع مصر تاريخية منذ كانت سلطنة لم تنضم بعد السودان حيث ضمت اليها غم 1916 بعد مجيىء القوات البريطانية واعترف ان مصر أهملت دارفور خلال 25 عاما الماضية . وأكد أن اتفاقية أبوجا التي وقعت في 5 مايو الماضى اتفاقية جيدة تراعى كل الأطراف.
ورد يوسف سليمان الوزير المفوض بالسفارة السودانية بالقاهرة بأن المنظمات تنطلق فى معلوماتها عن دارفور من معلومات غير دقيقة وهو خطأ في حق منظمات حقوق الانسان المصرية، لأن المنظمات التي تأخذ منها المعلومات بعيدة عن السودان، رغم استطاعتها الذهاب لدارفور والتأكد منها، مضيفًا أن في السودان الآن 150 منظمة دولية يعمل بها 14 ألف متطوع ليس من بينهم سوى اتحاد الاطباء المصريين والباقى من الغرب، وبالتالي الاتهامات التي توجه للحكومة السودانية مبنية على معلومات غير ميدانية والمطلوب قدر من الاتزان وسرد معلومات دقيقة .
Share this Post