فى محاضرة عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مساء الخميس 8 سبتمبر حول النظام الانتخابي الجديد ، قام المحاضر أحمد فوزي-المحامى وأمين عام الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية- بمناقشة قانون الانتخابات الجديد و توضيح ما يعتريه من غموض.
فى البداية أشار أحمد فوزي إلى إنه من المفترض أن أية انتخابات تؤثر فى مستقبل البلاد، إلا أن الانتخابات التي تقبل عليها مصر من غير المتوقع أن تؤثر على سياسة الحكم فيها، أو تُحدث أي تغيير فى سياستها، منتقدًا ذلك الغموض المبالغ فيه المحيط بالعملية الانتخابية سواء على مستوى آلية الانتخابات أو نتائجها قائلاً “إحنا بنتكلم عن انتخابات لا عارفين هدفها إيه ولا هتتعمل ازاى؟”، هذا وقد أكد فوزي أن وظيفة هذا البرلمان ليست وضع الدستور كما يدعى البعض، إذ لا يوجد نص قانوني حتى الآن يقول أن الأعضاء المنتخبين بالبرلمان سوف يشكلون لجنة وضع الدستور. كما أشار فوزي إلى أن هذه الانتخابات تأتى فى سياق غامض، فقبيل بدء فتح باب الترشيح لم يستقر المجلس العسكرى على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية حتى الإعلان الدستوري لم يقدم أى شرح لمهام البرلمان أو الرئيس فى المرحلة المقبلة.
بدء فوزي محاضرته باستعراض القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، لافتًا النظر إلي أن مصر هي الدولة الوحيدة فى العالم التي تمتلك أربعة قوانين لتنظيم العملية الانتخابية، مما يتيح المجال للتناقض واللبس والخلط والتلاعب أيضًا. كما ناقش فوزي فى معرض حديثه المعايير الدولية التي تنظم الانتخابات فى العالم حيث تنص المواثيق الدولية على وجوب وضع القانون الانتخابى قبل الانتخابات بفترة زمنية لا تقل عن عام، وذلك حتى تتمكن الأطراف الفاعلة فى العملية الانتخابية -الناخب والمرشح- من استيعاب القانون وتطويع آلياته، بينما فى مصر يسعى المجلس العسكري لعقد الانتخابات ولكنه يتعامل معها كما يتعامل مع الأسرار الحربية على نحو سرى للغاية.
رفض فوزي أيضًا تعديل المجلس العسكري لقانون الانتخابات قائلاً “نحن لم نكن بحاجة لتعديل القانون، وإنما لتغييره”، منتقدًا تعديل المجلس العسكري لقانون صدر عام 1972-1973 حيث لم يكن فى مصر وقتها إلا حزب واحد يهيمن على الحكم، و تسائل فوزي عن علاقة المجلس العسكري بتحديد موعد الانتخابات، أو بقبول الرقابة الدولية من عدمه؟ معتبرًا ذلك تعدى على اختصاص اللجنة العليا للانتخابات.
وعن النظام الانتخابي، اعتبر المحاضر أن مصر جمعت بين أسوأ ما فى النظام الفردى ونظام القائمة فى قانون واحد، بحيث يصبح النظام الانتخابي المصري هو الأسوأ على الإطلاق، معتبرًا أن اتساع الدوائر –وفقًا للقانون المقترح– سلب من النظام الفردي أهم مميزاته والمتمثلة فى سهولته، والقائمة المغلقة المكونة من أربعة أفراد فقط سلبت من نظام القائمة أهم مميزاته وهى إتاحة الفرصة للتنوع والتمثيل العادل لكل فئات المجتمع. معتبرًا أن هذا النظام قضى علي فرصة تمثيل المرأة فى البرلمان وقلل من فرص الأقباط فى التمثيل العادل داخل مجلسي الشعب والشورى.
اهتم فوزي بالتأكيد على الفرق بين الانتخابات الحرة و النزيهة، موضحًا إمكانية أن تكون الانتخابات القادمة انتخابات حرة لكنها لن تكون نزيهة فى ظل سلسلة من الانتهاكات أبرزها استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين، كما استنكر فوزي حالة التخبط التي يعيشها الشعب حاليًا حيث إنه بالرغم من أن الانتخابات على بعد أسبوعين إلا أن المواطنين حتى الآن لا يعرفون الدوائر التي سيقومون بالتصويت فيها ناهيك عن المرشحين أنفسهم.
ومن القانون والنظام الانتخابي إلى اللجنة العليا للانتخابات، انتقد أحمد فوزي تشكيل اللجنة العليا وعدم وضوح اختصاصها، كما أن اللجنة العليا للانتخابات لا تمتلك الصلاحيات اللازمة لإدارة العملية الانتخابية، كذا رئيسها وموظفيها، كذلك انتقد عدم وجود جهاز مالي و إداري مستقل للجنة العليا مؤكدًا “لو أن الدولة لا تمتلك الإرادة السياسية لإقامة انتخابات نزيهة فلن تكون الانتخابات القادمة نزيهة و لو شكلت اللجنة المعنية بها من ملائكة”.
و في نهاية المحاضرة و ردًا على أسئلة الضيوف وجه المحاضر كلمة للمجلس العسكري قائلاً “كنا نستطيع أن نجنى أكثر بكثير من الثورة، والمسئول الرئيسي عن عدم حدوث ذلك هو المجلس العسكرى ومجموعة من الثوار أساءوا للثورة” مؤكدًا أن التعديلات والقوانين التي وضعها مبارك بشأن العملية الانتخابية -على قدر سوءها- كانت أفضل من تلك التي وضعها المجلس العسكري، والتي من شأنها أن تنفر المواطنين من الانتخابات وعمليات التصويت.
كما أبدى الحضور تخوفهم الشديد من إجراء الانتخابات فى ظل هذا الغياب الأمني، وهو ما علق عليه فوزي “اللي معاه بلطجية هو اللى هيكسب الانتخابات”.
Share this Post