في الجلسة الرابعة لنظر طعنهما على قرار وزير الداخلية حول المنع من السفر
مركز القاهرة ومؤسسة حرية الفكر: القرار تعدي سافر على اختصاص السلطة التشريعية، ومحامي الحكومة: قرار تنظيمي له صفة التشريع
بيان مشترك
شهدت محكمة القضاء الإداري اليوم الثلاثاء20 يونيو رابع جلسات الطعن المقدم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة حرية الفكر والتعبير على قرار وزير الداخلية رقم 2214لسنة 1994 والقرارات التعسفية المعدلة له، وأخرها القرار رقم 1330 لسنة 2014 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر، مطالبين بوقف تنفيذ هذا القرار الذي يتعارض مع الدستور، ويحول مصر لسجن كبير. وانتهت الجلسة بـالحجز للحكم يوم 30 أغسطس القادم.
في هذه الجلسة، قدما مركز القاهرة ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، مذكرة الرد على محامي الحكومة المقدمة للمحكمة في جلسة مايو الماضي، مصحوبة بقائمة للممنوعين من السفر على ذمة القضية 173 لسنة 2011 والخاصة بالمنظمات الحقوقية، والمدرج فيها بهي الدين حسن ومحمد زارع من مركز القاهرة.
في المذكرة شرح الطاعنان كيف أن قرار وزير الداخلية ( كممثل عن السلطة التنفيذية) يخالف المادة 62 من الدستور الحالي –والدساتير السابقة عليه- والتي نصت على الحق في حرية التنقل و الإقامة والهجرة واشترطت أن أي تقييد لهذا الحق يكون بمقتضى قانون (يصدر عن السلطة التشريعية)، ويطبق بموجب قرار قضائي (سلطة قضائية) لمدة محددة. ومن ثم يصبح هذا القرار معدومًا لكونه صادر معيب بعيب الاختصاص، وبحسب المحكمة الإدارية العليا هذا عيب جسيم في الاختصاص، يعرف بـ “اغتصاب السلطة” ويعني تعدي احد السلطات على اختصاص السلطات الأخرى، ويهدر مبدأ الفصل بين السلطات.
كما تطرقت المذكرة لكون القرار المطعون ضده مخالف للقواعد القانونية، ليس فقط لمخالفته للدستور، ولكن لأن التفويض التشريعي الذي استند إليه وزير الداخلية في إصدار القرار، جاء بنص القانون97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر، وهو القانون الذي حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 8، 11 منه- والخاصتان بتفويض وزير الداخلية في إصدار هذا القرار- بناء على أن تنظيم حرية التنقل والمنع من السفر اختصاص أصيل للسلطة التشريعية ولا يجوز تفويض السلطة التنفيذية فيه.
جاء هذا ردًا على إدعاء محامي الحكومة أن القرار المطعون عليه هو مجرد قرار تنظيمي، يدخل ضمن القرارات واللوائح التنظيمية التي تتعدى تنفيذ القوانين إلى تنظيم بعض الأمور التي لم يتطرق لها القانون فتقترب وظيفتها من التشريع. وهو الإدعاء المعيب إذا كان هذا القرار يمثل تقييد واضح للحق الدستوري في التنقل، الذي يشترط تقيده تدخل السلطة التشريعية والقضائية.
كان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة حرية الفكر والتعبير قد أقاما الطعن رقم 14385 لسنة 71 قضائية في ديسمبر الماضي، مطالبين بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية والقرارات المعدلة له بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر، وفي الموضوع بإلغائه.
وقد جاء هذا الطعن بعد إصدار مركز القاهرة ومؤسسة حرية الفكر تقرير مشترك بعنوان ختم عبور في 23 نوفمبر 2016 ، كشف عن توسع الأجهزة الأمنية والقضائية في استخدام المنع من السفر كأداة غير قانونية وغير دستورية للتنكيل السياسي والمعنوي بأصحاب الآراء المعارضة والمستقلة، موثقًا ما يقرب من 80 حالة منع من السفر، في الفترة من يونيو 2014 إلى سبتمبر 2016.
وفي أعقاب صدور التقرير –وخلال شهر نوفمبر فقط- منعت السلطات المصرية خمسة أشخاص آخرين من السفر، بينهم المحامين الحقوقيين مالك عدلي، وأحمد راغب والمدافعتان عن حقوق الإنسان عزة سليمان وعايدة سيف الدولة، والإعلامي عمرو الليثي، بينما استمرت حالات المنع من السفر كوسيلة للتنكيل بالنشطاء والحقوقيين خلال العام الجاري، وكان من بين الممنوعين المحامي الحقوقي نجاد البرعي الذي عرف بقرار منعه من السفر في المطار -لأجل غير مسمى- في يناير الماضي.
هذا التوسع يحول المنع من السفر من إجراء احترازي يصدر بأمر قضائي وفقاً لضوابط صارمة ضد متهمين في قضايا يخشى هروبهم، إلى عقوبة تعسفية تصدر بأوامر أمنية أو قضائية ضد النشطاء السياسيين والحقوقيين والأكاديميين والإعلاميين كعقاب لهم على تبني أراء ومواقف لا تتفق مع توجه النظام الحاكم وأجهزته الأمنية، وذلك استنادًا لقرار وزير الداخلية المخالف للدستور والمطعون عليه،إذ يشترط الدستور أن يكون المنع من السفر بناء على قرارات قضائية ( لا قرارات أمنية) ووفقاً لضوابط محددة ينظمها قانون(لا قرار لا يترقي لمرتبة القانون من وزير ).
وفي هذا الصدد تكرر المنظمتان دعوتها للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة على استخدام صيغة الطعن نفسه، بعد إجراء أية تعديلات عليه، واستخدامه أمام القضاء في رفع طعون مماثلة لإلغاء قرار وزير الداخلية المذكور، كأحد الطرق القانونية للانتصار لآدمية الإنسان المصري، وإنصافًا للدستور ودولة القانون، وإعمالًا لمبدأ حرية الفرد في التنقل.
يذكر أن المحكمة قررت اليوم حجز الدعوى للحكم في 30 أغسطس، بعد ثلاث جلسات انتهت جميعها بالتأجيل، الأولى في 17 يناير والثانية في 7 مارس، وتم تأجيلهما انتظارًا لرد محامي الحكومة، أما الثالثة فكانت في 9 مايو وتم تأجيلها لإعداد الطاعنين الرد على دفاع محامي الحكومة المقدم في تلك الجلسة.
Share this Post