تعلن منظمات حقوق الإنسان الموقعة عن رفضها لمشروع الدستور المطروح للاستفتاء الشعبي بعد غد 12 ديسمبر. وتعرب المنظمات عن بالغ قلقها على مستقبل الحريات وحقوق الإنسان في حال انتهت نتيجة الاستفتاء باعتماد هذا المشروع دستورًا دائمًا للبلاد. من المؤسف أن المصريين بدلاً من أن يحتفلوا اليوم بمرور 64 عامًا على إطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركت مصر في صياغته؛ فإنهم مهددون بأن يصوغ مستقبلهم دستور يرسخ للاستبداد السياسي والديني؛ ويضفي “شرعية دستورية” على الاعتداء على حقوق الإنسان؛ ولا يعترف بالتزامات مصر الدولية في حمايتها. يحدث ذلك في أعقاب ثورة شعبية راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف الجرحى في سبيل التمتع بالحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية.
لقد وضع مشروع الدستور جمعية تأسيسية تفتقر للمشروعية المجتمعية والسياسية والأخلاقية وعليها مطاعن قانونية، وكان واضحًا منذ يومها الأول هيمنة توجهات معادية للحريات العامة وحقوق الإنسان، تسعى لفرض وصاية على حقوق المواطنين الشخصية وحرياتهم في كافة المجالات، بما في ذلك منح غطاء دستوري لتشكيل جماعات تمارس العنف؛ لإجبار المواطنين على اتباع أنماط أخلاقية ومجتمعية خاصة بهذه الجماعات.
للأسف وجدت هذه الجمعية غير المشروعة دعمًا من رئيس الجمهورية، الذي كان ضمن من اعترفوا بأن تشكيل الجمعية غير متوازن؛ لذا أكد في حملته الانتخابية أنه سيعمل على إعادة التوازن لتشكيلها، ولكنه لم يف بوعده، كما لم يف بوعدٍ آخر أطلقه بعد فوزه بالرئاسة، بأنه لن يطرح للاستفتاء دستورًا لا يحظى بالتوافق بين القوى السياسية والمجتمعية.
إن مشروع الدستور يفتح الطريق أمام تأسيس دولة دينية على نمط نظام “ولاية الفقيه” الإيراني، ولكن بمصطلحات “سُنيّة“؛ حيث يحتل الفقيه السُني ممثلاً “بهيئة كبار العلماء” سلطة الوصاية على العملية التشريعية، الأمر الذي يُقوّض أسس الدولة الديمقراطية الحديثة في مصر، ويضع البلاد على طريق فوضى قانونية غير محدودة.
لم يتناول الدستور المقترح أي إشارة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر، كما تمت صياغة مواد الحقوق والحريات بعبارات فضفاضة أو تم إحالة أمر تنظيمها للقانون، كذلك فرضت الجمعية المبادئ الواردة في الباب الأول بالدستور كمرجع لتفسير حقوق الإنسان والحريات العامة؛ الأمر الذي يضع الحقوق والحريات الأساسية في مهب الريح، حيث تخضع “للفقيه” الذي بيده سلطة التفسير. وفيما كانت السلطات والصلاحيات الاستبدادية الهائلة لرئيس الجمهورية أحد الأسباب التي أدت لاندلاع الثورة؛ فإن الدستور المقترح يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات استبدادية لا تقل عن تلك التي تمتع بها الرئيس مبارك، فضلاً عن أنه يُمثل تراجعًا هائلاً فيما يتعلق بضمانات حماية حقوق الإنسان، مقارنة بالدستور الذي أسقطته الثورة.
يُقيّد الدستور المقترح عددًا من الحقوق الأساسية؛ مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية التعبير والحق في التظاهر، ويتيح حل الجمعيات الأهلية ويرفض مبدأ التعددية النقابية، ويقيّد الحق في تداول المعلومات وحرية الصحافة. إذ باتت الصحافة معرضة للغلق والإيقاف والمصادرة والخضوع للرقابة، وكذلك ينشئ الدستور مجلس وطني للإعلام لممارسة الوصاية اليومية على العمل الصحفي والإعلامي. كما يضفي الدستور للمرة الأولى المشروعية على المحاكمات العسكرية للمدنيين، ويضفي حماية دستورية على ممارسة التمييز ضد المواطنين لأسباب سياسية.
يوجه الدستور ضربة قاصمة للمحكمة الدستورية العليا، التي كانت أحد أبرز حصون الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات في مصر قبل الثورة؛ حيث اغتصب حق تحديد قوام المحكمة وعضويتها من جمعيتها العمومية وأخضع تشكيلها لسلطة رئيس الجمهورية، وسمح بأن يضم تشكيلها أعضاء من جهات غير قضائية؛ الأمر الذي قد يتيح للمرة الأولى ضم رجال الدين إلى تشكيل المحكمة.
لكل ما سبق؛ تعلن منظمات حقوق الإنسان المصرية الموقعة عن رفضها القاطع للدستور المقترح:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
- البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان.
- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
- جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء.
- دار الخدمات النقابية والعمالية.
- مؤسسة المرأة الجديدة.
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
- مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان.
- مركز الأرض لحقوق الإنسان.
- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف.
- مركز حابي للحقوق البيئية.
- مركز قضايا المرأة المصرية.
- مركز هشام مبارك للقانون.
- مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت).
- مصريون ضد التمييز الديني.
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي.
- المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
- المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة.
- المركز المصري لحقوق المرأة.
- المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة.
لمزيد من التفاصيل حول مواقف المنظمات الحقوقية من الدستور برجاء الإطلاع على الأتي:
- · لا لدستور إعادة إنتاج الاستبداد السياسي والديني – منظمات حقوق الإنسان ترفض مسودة الدستور
- · الدستور الجديد يقيد الحريات العامة وحقوق الإنسان والمجتمع المدني مطلوب دستور يحمي الحرية، لا المرعوبين من الحرية
- · من أجل دستور شرعي وتوافقي: لا بديل عن جمعية تأسيسية تليق بالمصريين وثورتهم
- · بعد حضور لجلسة التأسيسية للدستور: منظمات حقوقية تبدي تخوفها من جدية الحوار المجتمعي حول دستور ما بعد الثورة
- · مذكرة المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في قضية بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور تؤكد بطلان التشكيل وانحراف قرار مرسى عن المصلحة العامة
- · تعليق على بعض نصوص المسودة الأولية لمشروع الدستور
- · الدستور الجديد… ينسف حرية الصحافة
- · تعليقات مركز هشام مبارك للقانون على مسودة الدستور الصادرة بتاريخ 10/11/2012
Share this Post