استضاف مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حوارا مفتوحا بين المستشار القانوني لوزارة التأمينات والشئون الاجتماعية المستشار محمد الدمرداش و13 منظمة حقوقية حول قانون الجمعيات وتنظيم العمل الأهلي. ناقش الحاضرون الأسس والأطر القانونية المطروحة لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية، وتناول اللقاء ملامح القانون الذي ستطرحه الحكومة خلال العشرة أيام المقبلة بحسب تصريحات الدكتورة وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية. ورغم أن الحكومة لم تبعث للمنظمات الحقوقية بمشروع القانون إلا أن عدد من المنظمات كانت قد تمكنت من الإطلاع عليه من مصادر موثقة.
شهد الاجتماع تباعد واضح في الرأي بين ممثل الوزارة وبين المنظمات الحقوقية، إذ لم يقتصر الخلاف على النصوص القانونية المقترحة فحسب بل تطرق الخلاف إلى الفلسفة القائم عليها القانون.
أكدت المنظمات أن أزمتها مع الوزارة ليست في تغيير الجهة المشرفة على عمل الجمعيات لتكون وزارة العدل بدلاً من وزارة الشئون الاجتماعية، بل إن الخلاف أعمق من ذلك ويتمثل في رفض المنظمات لمنطق السلطة الأبوية الذي تمارسه الحكومة- سواء ممثلة في وزارة الشئون الاجتماعية أو وزارة العدل-على الجمعيات الأهلية.
ناقش الاجتماع المحاور الخاصة بحق تأسيس الجمعيات الأهلية، حدود العلاقة بين الجهة الإدارية والجمعيات الأهلية، حق الجمعية في تنمية مواردها المالية عن طريق المنح والهبات من الجهات الداخلية والخارجية، حق الجمعية في تكوين الشبكات والتحالفات الدولية والمحلية، وكيفية التعامل مع الجمعيات حال مخالفتها للقانون.
عرض المستشار محمد الدمرداش خلال الاجتماع أبرز ما جاء بمشروع القانون موضحاً وجهة نظر الوزارة والتي تتلخص في أنه ربما لا يكون هذا المشروع أفضل الحلول للخروج من الأزمة الحالية بين المنظمات وبين الحكومة، ولكنه خطوة للأمام لا شك قد تمهد لتغيير الإطار التشريعي المنظم لعمل الجمعيات في المستقبل، على حد تعبيره.
على الجانب الآخر، إنتقد ممثلو المنظمات فلسفة القانون وروحه المقيدة للحريات، والتي تمنح جهة الإدارة الحق في التدخل في شئون الجمعيات بشكل فج، ما يعيدنا إلى نقطة الصفر فيما يتعلق بفلسفة تعامل الدولة مع منظمات المجتمع المدني، والقائمة على الوصاية والأسلوب الفوقي الاستعلائي، مؤكدين أن مثل هذا القانون لن يحل أزمة علاقة الحكومة مع المنظمات غير الحكومية في مصر بل سيزيد من تفاقمها.
انتقدت المنظمات أيضا نص القانون على تمثيل أجهزة الأمن في تشكيل أعضاء اللجنة التي ستتولى متابعة ومراقبة التمويلات والمنح التي تحصل عليها المنظمات والجمعيات بحجة “مراعاة مقتضيات الأمن القومي”، كما أنتقدوا سلب القانون حق الجمعيات العمومية تنظيم شئون الجمعيات، وتدخل الجهة الإدارية في عمل الجمعيات عن طريق أعطاء الأولى حق الاعتراض على القرارت التي تصدر من مجالس إدارات الجمعيات، وحق رفض مرشحي مجالس إدارتها.
أخيرا أكدت المنظمات الحقوقية على رفض القيود التي فرضها مشروع القانون المقدم من الوزارة، مؤكدين على ضرورة العمل على تبني قانون ديمقراطي ينظم العمل الأهلي ينطلق من مشروع القانون الذي أعده مركز القاهرة ووافقت عليه 56 منظمة أهلية وجرى مناقشته مؤخرا مع لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان.
جدير بالذكر أن هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه، حيث جرى الأول بمقر وزارة الشئون الاجتماعية بالتنسيق مع مركز القاهرة. وقد اقترحت المنظمات المشاركة في الاجتماع عقد لقاء تشاوري ثالث قبل تقديم مقترح القانون للبرلمان على أن يتم الاطلاع على نص المشروع قبل الاجتماع.
Share this Post